للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(مَوَاقِيتُ الْإِحْرَامِ) أَيْ الْمَوَاضِعُ الَّتِي لَا يَتَجَاوَزُهَا الْإِنْسَانُ إلَّا مُحْرِمًا (ذُو الْحُلَيْفَةِ) لِلْمَدَنِيِّ (وَذَاتُ عِرْقٍ) لِلْعِرَاقِ (وَجُحْفَةُ) لِلشَّامِيِّ (وَقَرْنٌ) فِي الْمُغْرِبِ بِسُكُونِ الرَّاءِ وَفِي الصِّحَاحِ بِفَتْحِهَا لِلنَّجْدِيِّ (وَيَلَمْلَمُ) لِلْيَمَنِيِّ (لِأَهْلِهَا) أَيْ لِأَهْلِ هَذِهِ الْمَوْضِعِ (وَلِمَنْ مَرَّ بِهَا) مِنْ أَهْلِ خَارِجِهَا

(وَجَازَ تَقْدِيمُهُ) أَيْ الْإِحْرَامُ (عَلَيْهَا) أَيْ الْمَوَاقِيتِ (لَا تَأْخِيرُهُ عَنْهَا لِقَاصِدِ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ جَازَ (دُخُولِ مَكَّةَ وَلَوْ لِحَاجَةٍ) أَيْ لِلْحَجِّ أَوْ لِلْعُمْرَةِ أَوْ لِحَاجَةٍ أُخْرَى قَيَّدَ بِقَصْدِ الدُّخُولِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَقْصِدْ ذَلِكَ لَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يُحْرِمَ قَالَ فِي النِّهَايَةِ اعْلَمْ أَنَّ الْبَيْتَ لَمَّا كَانَ مُعَظَّمًا مُشَرَّفًا جُعِلَ لَهُ حِصْنٌ، وَهُوَ مَكَّةُ وَحِمًى وَهُوَ الْحَرَمُ وَلِلْحَرَمِ حَرَمٌ وَهُوَ الْمَوَاقِيتُ حَتَّى لَا يَجُوزُ لِمَنْ وَصَلَ إلَيْهَا أَنْ يَتَجَاوَزَ إلَّا بِالْإِحْرَامِ (إلَّا أَنْ يَكُونَ) الْقَاصِدُ (مِنْ دَاخِلِ الْمِيقَاتِ فَلَهُ) إذَا كَانَ مِنْ دَاخِلِ الْمِيقَاتِ وَخَارِجِ مَكَّةَ فَالْمِيقَاتُ لَهُ (الْحِلُّ) الَّذِي بَيْنَ الْمَوَاقِيتِ وَبَيْنَ الْحَرَمِ (وَلِمَنْ بِمَكَّةَ لِلْحَجِّ الْحَرَمُ وَلِلْعُمْرَةِ الْحِلُّ) ؛ لِأَنَّ الْحَجَّ فِي عَرَفَاتٍ وَهِيَ فِي الْحِلِّ فَإِحْرَامُهُ مِنْ الْحَرَمِ

ــ

[حاشية الشرنبلالي]

الْخَمْسَةِ رَفَضَهَا، وَعَلَيْهِ دَمٌ وَإِنْ مَضَى عَلَيْهَا صَحَّ وَلَزِمَهُ دَمٌ لِلْجَمْعِ بَيْنَهُمَا إمَّا فِي الْإِحْرَامِ أَوْ الْأَفْعَالِ الْبَاقِيَةِ كَمَا فِي الْبُرْهَانِ وَمِمَّا اخْتَارَهُ الْكَمَالُ مِنْ الْعُمْرَةِ لِلْمَكِّيِّ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ، وَإِنْ لَمْ يَحُجَّ وَبِهِ يُزَادُ عَلَى أَنَّ الْعُمْرَةَ تُكْرَهُ فِي خَمْسَةِ أَيَّامٍ لِلْمَكِّيِّ وَغَيْرِهِ.

[مَوَاقِيتُ الْإِحْرَامِ]

(قَوْلُهُ مَوَاقِيتُ الْإِحْرَامِ) الْمَوَاقِيتُ جَمْعُ مِيقَاتٍ وَهُوَ الْوَقْتُ الْمُعَيَّنُ اُسْتُعِيرَ لِلْمَكَانِ الْمُعَيَّنِ كَمَا فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ ذُو الْحُلَيْفَةِ لِلْمَدَنِيِّ) أَقُولُ فَإِنْ جَاوَزَ الْمَدَنِيُّ أَوْ مَنْ هُوَ فِي حُكْمِهِ ذَا الْحُلَيْفَةِ إلَى الْجُحْفَةِ فَأَحْرَمَ عِنْدَهَا فَلَا بَأْسَ بِهِ، وَالْأَفْضَلُ أَنْ يُحْرِمَ مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ وَلَا دَمَ عَلَيْهِ فِي الْأَظْهَرِ وَرُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ عَلَيْهِ دَمًا كَمَا فِي الْفَتْحِ وَقَالَ فِي الْبُرْهَانِ يُسْتَحَبُّ عَلَى ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ لِلْمَارِّ عَلَى مِيقَاتَيْنِ أَوْ بَيْنَهُمَا أَنْ يُحْرِمَ مِنْ أَوَّلِهِمَا وَقِيلَ يَجِبُ اهـ.، وَالْحُلَيْفَةُ بِضَمِّ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَالْفَاءِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَكَّةَ نَحْوُ عَشْرِ مَرَاحِلَ أَوْ تِسْعٍ وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَدِينَةِ سِتَّةُ أَمْيَالٍ وَقِيلَ: سَبْعَةٌ وَهُوَ أَبْعَدُ الْمَوَاقِيتِ وَبِهَذَا الْمَكَانِ آبَارٌ تُسَمِّيهِ الْعَوَامُّ آبَارَ عَلِيٍّ قِيلَ:؛ لِأَنَّ عَلِيًّا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَاتَلَ الْجِنَّ فِي بَعْضِهَا وَهُوَ كَذِبٌ مِنْ قَائِلِهِ ذَكَرَهُ الْحَلَبِيُّ فِي مَنَاسِكِهِ كَذَا فِي الْبَحْرِ (قَوْلُهُ وَذَاتُ عِرْقٍ) بِكَسْرِ الْعَيْنِ وَسُكُونِ الرَّاءِ لِأَهْلِ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ مِنْ مَكَّةَ قِيلَ وَبَيْنَهَا وَبَيْنَ مَكَّةَ مَرْحَلَتَيْنِ (قَوْلُهُ وَجُحْفَةَ) بِضَمِّ الْجِيمِ وَسُكُونِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَاسْمُهَا فِي الْأَصْلِ مَهْيَعَةُ نَزَلَ بِهَا سَيْلٌ جَحَفَ أَهْلَهَا أَيْ اسْتَأْصَلَهُمْ فَسُمِّيَتْ جُحْفَةَ وَبَيْنَهَا وَبَيْنَ مَكَّةَ ثَلَاثُ مَرَاحِلَ، وَعَلَى ثَمَانِيَةِ مَرَاحِلَ مِنْ الْمَدِينَةِ، وَهِيَ قَرْيَةٌ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالشَّمَالِ مِنْ مَكَّةَ مِنْ طَرِيقِ تَبُوكَ، وَهِيَ طَرِيقُ أَهْلِ الشَّامِ وَنَوَاحِيهَا الْيَوْمَ، وَهِيَ مِيقَاتُ أَهْلِ مِصْرَ وَالْمَغْرِبِ وَالشَّامِ قِيلَ: إنَّ الْجُحْفَةَ قَدْ ذَهَبَتْ أَعْلَامُهَا وَلَمْ يَبْقَ مِنْهَا إلَّا رُسُومٌ خَفِيَّةٌ لَا يَكَادُ يَعْرِفُهَا إلَّا بَعْضُ سُكَّانِ تِلْكَ الْبَوَادِي فَلِذَا - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - اخْتَارَ النَّاسُ مِنْ الْمَكَانِ الْمُسَمَّى بِرَابِضٍ وَبَعْضُهُمْ يَجْعَلُهُ بِالْغَيْنِ احْتِيَاطًا؛ لِأَنَّهُ قَبْلَ الْجُحْفَةِ بِنِصْفِ مَرْحَلَةٍ أَوْ قَرِيبٍ مِنْ ذَلِكَ كَذَا فِي الْبَحْرِ (قَوْلُهُ وَقَرْنٌ فِي الْمُغْرِبِ بِسُكُونِ الرَّاءِ) أَيْ وَفَتْحِ الْقَافِ وَهُوَ جَبَلٌ مُطِلٌّ عَلَى عَرَفَاتٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَكَّةَ نَحْوُ مَرْحَلَتَيْنِ مِيقَاتُ أَهْلِ نَجْدٍ (قَوْلُهُ وَفِي الصِّحَاحِ بِفَتْحِهَا) قَالَ الْكَمَالُ وَخَطِئَ أَيْ صَاحِبُ الصِّحَاحِ بِأَنَّ الْمُحَرَّكَ اسْمُ قَبِيلَةٍ إلَيْهَا يُنْسَبُ أُوَيْسٌ الْقَرَنِيُّ (قَوْلُهُ وَيَلَمْلَمُ) مَكَانٌ جَنُوبِيُّ مَكَّةَ وَهُوَ جَبَلٌ مِنْ جِبَالِ تِهَامَةَ عَلَى مَرْحَلَتَيْنِ مِنْ مَكَّةَ لِلْيَمَنِ كَمَا فِي الْبَحْرِ (قَوْلُهُ وَلِمَنْ مَرَّ بِهَا) أَقُولُ فَإِنْ كَانَ فِي بَحْرٍ أَوْ بَرٍّ لَا يَمُرُّ بِوَاحِدَةٍ مِنْ هَذِهِ، الْمَوَاقِيتِ الْمَذْكُورَةِ قَالُوا عَلَيْهِ أَنْ يُحْرِمَ إذَا حَاذَى آخِرَهَا وَيُعْرَفُ بِالِاجْتِهَادِ وَعَلَيْهِ أَنْ يَجْتَهِدَ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِحَيْثُ يُحَاذِي فَعَلَى مَرْحَلَتَيْنِ إلَى مَكَّةَ كَذَا فِي الْفَتْحِ

[تَقْدِيم الْإِحْرَامُ عَلَى الْمَوَاقِيتِ]

(قَوْلُهُ وَجَازَ تَقْدِيمُهُ) أَيْ الْإِحْرَامُ عَلَيْهَا أَيْ الْمَوَاقِيتِ الْمُرَادُ بِالْجَوَازِ الْحِلُّ وَإِلَّا فَالصِّحَّةُ لِلْإِحْرَامِ عَلَى الْمِيقَاتِ، وَمَحَلُّ الْجَوَازِ مَا إذَا كَانَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ وَمَا إذَا أَمِنَ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ مَحْظُورِ الْإِحْرَامِ وَإِذَا انْتَفَتْ الْأَفْضَلِيَّةُ لِعَدَمِ مِلْكِ نَفْسِهِ هَلْ يَكُونُ الثَّابِتُ الْإِبَاحَةَ أَوْ الْكَرَاهَةَ رُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ مَكْرُوهٌ كَمَا فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ أَوْ لِحَاجَةٍ أُخْرَى) أَيْ كَالتِّجَارَةِ وَمُجَرَّدِ الرُّؤْيَةِ أَوْ لِلْقِتَالِ وَدُخُولُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِغَيْرِ إحْرَامٍ يَوْمَ الْفَتْحِ كَانَ مُخْتَصًّا بِتِلْكَ السَّاعَةِ (قَوْلُهُ قَيَّدَ بِقَصْدِ الدُّخُولِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَقْصِدْ ذَلِكَ لَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يُحْرِمَ) أَيْ بِأَنْ قَصَدَ الْآفَاقِيُّ مَوْضِعًا مِنْ الْحِلِّ دَاخِلَ الْمِيقَاتِ كَخُلَيْصٍ وَجُدَّةَ فَإِذَا حَلَّ بِهِ الْتَحَقَ بِأَهْلِهِ فَلَهُ أَنْ يَدْخُلَ مَكَّةَ بِلَا إحْرَامٍ، وَيَنْبَغِي أَنْ لَا تَجُوزُ هَذِهِ الْحِيلَةُ لِلْمَأْمُورِ بِالْحَجِّ؛ لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِحِجَّةٍ آفَاقِيَّةٍ وَإِذَا دَخَلَ مَكَّةَ بِغَيْرِ إحْرَامٍ صَارَتْ حَجَّتُهُ مَكِّيَّةً فَكَانَ مُخَالِفًا كَذَا فِي الْبَحْرِ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْقَاصِدُ مِنْ دَاخِلِ الْمِيقَاتِ. . . إلَخْ) احْتِرَازٌ عَمَّا لَوْ كَانَ خَارِجَ حَدِّ الْمِيقَاتِ فَيَشْمَلُ الَّذِي فِي الْمِيقَاتِ كَاَلَّذِي بَعْدَهُ إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا فِي نَصِّ الرِّوَايَةِ (قَوْلُهُ فَلَهُ الْحِلُّ) أَيْ فَالْحِلُّ مِيقَاتُهُ يُحْرِمُ مِنْهُ بِمَا أَرَادَهُ مِنْ حَجٍّ وَعُمْرَةٍ وَيَجِبُ عَلَيْهِ الْإِحْرَامُ مِنْهُ قَبْلَ دُخُولِهِ أَرْضَ الْحَرَمِ، وَإِنْ عَجَّلَهُ مِنْ دَارِهِ فَهُوَ أَفْضَلُ (قَوْلُهُ وَلِمَنْ بِمَكَّةَ) أَرَادَ بِهِ مَنْ هُوَ بِالْحَرَمِ لَا خُصُوصَ السَّاكِنِ بِمَكَّةَ فَلَوْ قَالَ وَلِمَنْ بِالْحَرَمِ لَكَانَ أَوْلَى (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْحَجَّ فِي عَرَفَاتٍ) أَقُولُ عَدَلَ عَنْ عِبَارَةِ الْهِدَايَةِ حَيْثُ قَالَ

<<  <  ج: ص:  >  >>