للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(بَلْ الْجَانِي) وَلَوْ صَدَّقَ الْعَاقِلَةُ الْجَانِي لَزِمَتْهُمْ الدِّيَةُ؛ لِأَنَّهَا تَثْبُتُ بِتَصَادُقِهِمْ وَالِامْتِنَاعُ كَانَ لِحَقِّهِمْ وَلَهُمْ وِلَايَةٌ عَلَى أَنْفُسِهِمْ فَتَجِبُ عَلَيْهِمْ.

(وَمَنْ لَيْسَ لَهُ دِيوَانٌ وَلَا حَيٌّ فَعَاقِلَتُهُ بَيْتُ الْمَالِ) فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَقَالَ عِصَامٌ رَوَى مُحَمَّدٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ يَجِبُ فِي مَالِ الْجَانِي وَلَا يَجِبُ فِي بَيْتِ الْمَالِ بِالْإِجْمَاعِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ (وَلَا عَاقِلَةَ لِلْعَجَمِ) فِي الْخُلَاصَةِ لَوْ كَانَ الرَّجُلُ مِنْ الْعَجَمِ عَنْ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيِّ أَنَّ الْأَئِمَّةَ اخْتَلَفُوا فِيهِ قَالَ بَعْضُهُمْ لَا عَاقِلَةَ لِأَهْلِ الْعَجَمِ وَهُوَ اخْتِيَارُ الْفَقِيهِ أَبِي جَعْفَرٍ قَالَ وَبِهِ كَانَ يُفْتِي شَيْخُ الْإِسْلَامِ ظَهِيرُ الدِّينِ الْمَرْغِينَانِيُّ.

(كِتَابُ الْآبِقِ) لَا يَخْفَى مُنَاسَبَتُهُ لِكِتَابِ الْجِنَايَاتِ وَتَوَابِعِهَا وَهُوَ مَمْلُوكٌ فَرَّ مِنْ مَالِكِهِ قَصْدًا

(نُدِبَ أَخْذُهُ لِقَادِرٍ عَلَيْهِ) لِأَنَّ فِيهِ إحْيَاءَ مَالِيَّتِهِ وَلِلْمَالِ حُرْمَةٌ كَالنَّفْسِ وَإِعَانَةً لِمَوْلَاهُ (وَاخْتُلِفَ فِي) (الضَّالِّ) قِيلَ أَخْذُهُ أَفْضَلُ إحْيَاءً لَهُ لِاحْتِمَالِ الضَّيَاعِ وَقِيلَ تَرْكُهُ أَفْضَلُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَبْرَحُ مَكَانَهُ فَيَلْقَاهُ مَوْلَاهُ، وَإِنْ عَرَفَ الْوَاجِدُ بَيْتَ مَوْلَاهُ فَالْأَوْلَى أَنْ يُوَصِّلَهُ إلَيْهِ (فَيَأْتِيَ) أَيْ الْآخِذُ (بِهِ) أَيْ بِالْآبِقِ (إلَى الْقَاضِي فَيَحْبِسَهُ) تَعْزِيرًا لَهُ وَلِأَنَّهُ لَا يُؤْمَنُ مِنْ الْآبِقِ ثَانِيًا، وَلِهَذَا لَا يُؤَجِّرُهُ إنْ كَانَ لَهُ مَنْفَعَةٌ وَيُنْفِقُ عَلَيْهِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ وَيَجْعَلُهَا دَيْنًا عَلَى مَالِكِهِ فَيَأْخُذُهُ مِنْهُ إذَا جَاءَ أَوْ مِنْ ثَمَنِهِ إذَا بِيعَ، وَلَا يُحْبَسُ الضَّالُّ؛ لِأَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ التَّعْزِيرَ وَلَا يَأْبَقُ، وَإِنْ كَانَ لَهُ مَنْفَعَةٌ آجَرَهُ وَأَنْفَقَ عَلَيْهِ مِنْ أُجْرَتِهِ (إلَى مَجِيءِ مَوْلَاهُ فَإِذَا جَاءَ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ) أَنَّهُ لَهُ (قِيلَ عَلَى الْقَاضِي وَقِيلَ عَلَى مَنْ نَصَّبَهُ الْقَاضِي) لِحِفْظِ الْأَوَابِقِ وَنَحْوِهَا (يُحَلِّفُهُ) أَيْ الْقَاضِي أَوْ مَنْ يُنَصِّبُهُ الْمَوْلَى (بِاَللَّهِ مَا أَخْرَجَهُ عَنْ مِلْكِهِ) بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ (فَيَدْفَعُهُ إلَيْهِ. قِيلَ) يَدْفَعُهُ (بِالْكَفِيلِ) لِزِيَادَةِ الِاحْتِيَاطِ (وَقِيلَ لَا) لِكَوْنِ الدَّفْعِ بَعْدَ الْإِثْبَاتِ (وَإِنْ لَمْ يُقِمْهَا) عَطْفٌ عَلَى أَقَامَ الْبَيِّنَةَ (وَأَقَرَّ) أَيْ الْعَبْدُ (أَنَّهُ عَبْدُهُ أَوْ وَصَفَ) الْمَوْلَى (عَلَامَتَهُ وَحِيلَتَهُ دَفَعَهُ) الْقَاضِي (إلَيْهِ بِالْكَفِيلِ، وَإِنْ) (أَنْكَرَ الْمَوْلَى إبَاقَهُ) مَخَافَةَ أَخْذِ الْجُعْلِ مِنْهُ (يَحْلِفُ) بِاَللَّهِ مَا أَبَقَ (وَيُدْفَعُ) إلَيْهِ (فَإِنْ طَالَ مَجِيئُهُ) أَيْ مَجِيءُ الْمَوْلَى (بَاعَهُ الْقَاضِي، وَإِنْ عَلِمَ مَكَانَهُ) لِئَلَّا يَتَضَرَّرَ الْمَوْلَى بِكَثْرَةِ النَّفَقَةِ (وَأَمْسَكَ ثَمَنَهُ وَأَنْفَقَ عَلَيْهِ) أَيْ الْآبِقِ (مِنْهُ) أَيْ الثَّمَنِ (وَدَفَعَ الْبَاقِيَ إلَيْهِ) أَيْ إلَى الْمَوْلَى (إنْ أَثْبَتَ) أَنَّ لَهُ بِالْبَيِّنَةِ (أَوْ بَيَّنَ الْحِلْيَةَ وَالْعَلَامَةَ وَلَيْسَ لَهُ) أَيْ لِلْمَوْلَى (فَسْخُهُ) أَيْ فَسْخُ بَيْعِ الْقَاضِي؛ لِأَنَّ بَيْعَهُ بِأَمْرِ الشَّرْعِ كَحُكْمِهِ لَا يُنْقَضُ، وَإِنْ زَعَمَ الْمَوْلَى أَنَّهُ كَانَ كَاتَبَهُ أَوْ دَبَّرَهُ لَمْ يُصَدَّقْ عَلَى نَقْضِ الْبَيْعِ كَذَا فِي فَتَاوَى الْمَسْعُودِيِّ.

(وَلِمُوَصَّلِهِ) خَبَرٌ لِقَوْلِهِ الْآتِي أَرْبَعُونَ دِرْهَمًا (إلَيْهِ) أَيْ لِرَادِّ الْآبِقِ إلَى مَوْلَاهُ سَوَاءٌ كَانَ الْآبِقُ عَبْدًا (مَحْجُورًا أَوْ مَأْذُونًا أَوْ مُدَبَّرًا أَوْ أُمَّ وَلَدٍ) لِأَنَّهُمْ مَمْلُوكُونَ فَيَحْصُلُ بِهِ إحْيَاءُ الْمَالِيَّةِ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ بِخِلَافِ الْمُكَاتَبِ؛ لِأَنَّهُ أَحَقُّ بِمَكَاسِبِهِ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَمْلُوكٍ يَدًا كَمَا سَيَأْتِي (مِنْ مُدَّةِ سَفَرٍ أَوْ أَكْثَرَ) يَتَعَلَّقُ بِالْمُوَصِّلِ (أَرْبَعُونَ دِرْهَمًا، وَإِنْ لَمْ يَعْدِلْهَا) أَيْ وَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ أَقَلَّ مِنْهُ (إنْ أَشْهَدَ أَنَّهُ أَخَذَهُ لِلرَّدِّ) وَإِنْ لَمْ يُشْهِدْ فَلَا شَيْءَ لَهُ كَمَا سَيَأْتِي.

(وَ) لِمُوَصَّلِهِ (مِنْ أَقَلَّ

ــ

[حاشية الشرنبلالي]

قَوْلُهُ وَلَوْ صَدَّقَ الْعَاقِلَةُ الْجَانِيَ لَزِمَتْهُمْ الدِّيَةُ) قَالَ الزَّيْلَعِيُّ وَكَذَا إذَا أَقَامَ الْبَيِّنَةَ وَلِيُّ الْجِنَايَةِ أَوْ الْمُقِرُّ اهـ فَتُقْبَلُ الْبَيِّنَةُ مَعَ الْإِقْرَارِ هُنَا (قَوْلُهُ وَمَنْ لَيْسَ لَهُ دِيوَانٌ وَلَا حَيٌّ فَعَاقِلَتُهُ بَيْتُ الْمَالِ) ذَكَرَ فِي كِتَابِ الْوَلَاءِ مِنْ الْأَصْلِ أَنَّ بَيْتَ الْمَالِ لَا يَعْقِلُ مَنْ لَهُ وَارِثٌ مَعْرُوفٌ سَوَاءٌ كَانَ مُسْتَحِقًّا لِلْمِيرَاثِ بِأَنْ كَانَ حُرًّا مُسْلِمًا أَوْ لَمْ يَكُنْ بِأَنْ كَانَ كَافِرًا أَوْ عَبْدًا فَقَالَ: لَوْ أَنَّ حَرْبِيًّا مُسْتَأْمَنًا اشْتَرَى عَبْدًا مُسْلِمًا فِي دَارِ الْإِسْلَامِ فَأَعْتَقَهُ ثُمَّ مَاتَ مُعْتِقُهُ فَمِيرَاثُهُ لِبَيْتِ الْمَالِ؛ لِأَنَّ مُعْتَقَهُ رَقِيقٌ فِي الْحَالِ وَلَوْ جَنَى هَذَا الْمُعْتَقُ فَعَقْلُ جِنَايَتِهِ يَكُونُ عَلَيْهِ وَلَا يَكُونُ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ؛ لِأَنَّ لَهُ وَارِثًا مَعْرُوفًا وَهُوَ الْمُعْتِقُ وَإِنْ كَانَ لَا يَسْتَحِقُّ مِيرَاثَهُ لِأَجَلِ الرِّقِّ وَهُوَ الصَّحِيحُ. اهـ.

[كِتَابُ الْآبِقِ]

(كِتَابُ الْآبِقِ) (قَوْلُهُ فَيَأْتِي أَيْ الْآخِذُ بِهِ أَيْ بِالْآبِقِ إلَى الْقَاضِي) يَعْنِي إنْ شَاءَ، وَإِنْ شَاءَ حَفِظَهُ بِنَفْسِهِ (قَوْلُهُ فَيَحْبِسُهُ) لَيْسَ الْمُرَادُ حَبْسُهُ ابْتِدَاءً بَلْ إذَا رَفَعَهُ إلَيْهِ لَا يَقْبَلُهُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ ثُمَّ يَحْبِسُهُ كَمَا فِي التَّبْيِينِ (قَوْلُهُ وَلِمُوَصَّلِهِ. . . إلَخْ) شَامِلٌ لِمَا لَوْ كَانَتْ أَمَةً يُوَلِّدُهَا فَلَهُ جُعْلٌ وَاحِدٍ مَا لَمْ يَكُنْ وَلَدُهَا مُرَاهِقًا فَيَجِبُ ثَمَانُونَ دِرْهَمًا (قَوْلُهُ وَلِمُوَصَّلِهِ مِنْ أَقَلَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>