للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَا يُمْكِنُهُ أَخْذُهُ.

(وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ) هُوَ مُنْقَطِعُ الْغُزَاةِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ أَيْ الْفُقَرَاءُ مِنْهُمْ وَمُنْقَطِعُ الْحَاجِّ عِنْدَ مُحَمَّدٍ أَيْ الْفُقَرَاءُ مِنْهُمْ وَإِنَّمَا أُفْرِدَ بِالذِّكْرِ مَعَ دُخُولِهِ فِي الْفَقِيرِ أَوْ الْمِسْكِينِ لِزِيَادَةِ حَاجَتِهِ بِسَبَبِ الِانْقِطَاعِ (وَابْنُ السَّبِيلِ) هُوَ الْمُسَافِرُ سُمِّيَ بِهِ لِلُزُومِهِ الطَّرِيقَ فَجَازَ لَهُ الْأَخْذُ مِنْ الزَّكَاةِ قَدْرَ حَاجَتِهِ، وَإِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ فِي بَلَدِهِ وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ فِي الْحَالِ وَلَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ أَكْثَرَ مِنْ حَاجَتِهِ فَأُلْحِقَ بِهِ كُلُّ مَنْ غَابَ عَنْ مَالِهِ، وَإِنْ كَانَ فِي بَلَدِهِ (وَتُصْرَفُ إلَى كُلِّهِمْ أَوْ بَعْضِهِمْ تَمْلِيكًا) أَيْ لَا بِطَرِيقِ الْإِبَاحَةِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَا يَجُوزُ إلَّا أَنْ تُصْرَفَ إلَى ثَلَاثَةٍ مِنْ كُلِّ صِنْفٍ

(لَا إلَى بِنَاءِ مَسْجِدٍ) أَيْ لَا يَجُوزُ أَنْ يَبْنِيَ بِالزَّكَاةِ مَسْجِدًا؛ لِأَنَّ التَّمْلِيكَ شَرْطٌ فِيهَا وَلَمْ يُوجَدْ وَكَذَا بِنَاءُ الْقَنَاطِيرِ وَإِصْلَاحُ الطُّرُقَاتِ وَكَرْيُ الْأَنْهَارِ وَالْحَجُّ وَالْجِهَادُ وَكُلُّ مَا لَا تَمْلِيكَ فِيهِ (وَكَفَنِ مَيِّتٍ وَقَضَاءِ دَيْنِهِ) وَلَوْ قَضَى دَيْنَ حَيٍّ وَالْمَدْيُونُ فَقِيرٌ، فَإِنْ قَضَى بِغَيْرِ أَمَرَهُ كَانَ مُتَبَرِّعًا وَلَا يُجْزِئُ مِنْ زَكَاةِ مَالِهِ وَلَوْ قَضَى بِأَمْرِهِ جَازَ كَأَنَّهُ تَصَدَّقَ عَلَى الْغَرِيمِ فَيَكُونُ الْقَابِضُ كَالْوَكِيلِ فِي قَبْضِ الصَّدَقَةِ (وَثَمَنِ مَا يُعْتَقُ) أَيْ لَا يَشْتَرِي بِهَا رَقَبَةً تُعْتَقُ لِانْعِدَامِ التَّمْلِيكِ فِيهَا

(وَلَا) إلَى (مَنْ بَيْنَهُمَا وِلَادٌ) أَيْ أَصْلُهُ وَإِنْ عَلَا وَفَرْعُهُ وَإِنْ سَفَلَ (أَوْ زَوْجِيَّةٌ) أَيْ لَا يُعْطِي زَوْجٌ زَوْجَتَهُ وَلَا زَوْجَةٌ زَوْجَهَا لِلِاشْتِرَاكِ فِي الْمَنَافِعِ عَادَةً

(وَمَمْلُوكِ الْمُزَكِّي) أَيْ مُدَبَّرِهِ وَمُكَاتَبِهِ وَأُمِّ وَلَدِهِ (وَعَبْدٍ أَعْتَقَ) الْمُزَكِّي (بَعْضَهُ) ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ مُكَاتَبِهِ (وَعَبْدٍ أَعْتَقَ الشَّرِيكُ الْمُعْسِرُ حِصَّتَهُ) يَعْنِي إذَا كَانَ الْعَبْدُ بَيْنَ اثْنَيْنِ فَأَعْتَقَ أَحَدُهُمَا وَهُوَ مُعْسِرٌ نَصِيبَهُ لَمْ يَجُزْ لَلشَّرِيك الْآخَرِ دَفْعُ زَكَاتِهِ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ يَسْعَى لَهُ فَصَارَ كَمُكَاتَبِهِ وَقَالَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ حُرٌّ مَدْيُونٌ عِنْدَهُمَا قَالَ فِي الْهِدَايَةِ وَلَا إلَى عَبْدٍ قَدْ أُعْتِقَ بَعْضُهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْمُكَاتَبِ عِنْدَهُ وَقَالَا: يَدْفَعُ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ حُرٌّ مَدْيُونٌ وَاتَّفَقَ شُرَّاحُهُ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ قَدْ أُعْتِقَ بَعْضُهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَبْنِيًّا لِلْفَاعِلِ وَيَرْجِعُ

ــ

[حاشية الشرنبلالي]

يُمْكِنُهُ أَخْذُهُ) يَعْنِي لَا يَقْدِرُ عَلَى أَخْذِهِ الْآنَ كَمَا إذَا كَانَ نِصَابًا مُؤَجَّلًا أَوْ غَيْرَ مُؤَجَّلٍ وَالْمَدْيُونُ مُعْسِرٌ أَوْ مُوسِرٌ جَاحِدٌ وَلَا بَيِّنَةَ عَادِلَةً وَحَلَّفَهُ الْقَاضِي أَمَّا لَوْ كَانَ مُوسِرًا مُقِرًّا أَوْ جَاحِدًا وَثَمَّةَ بَيِّنَةٌ عَادِلَةٌ أَوْ لَمْ تَكُنْ وَلَمْ يَرْفَعْهُ إلَى الْقَاضِي فَلَا يَحِلُّ لَهُ أَخْذُ الزَّكَاةِ كَمَا فِي قَاضِي خَانْ (قَوْلُهُ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ) أَقُولُ كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَعْدِلَ عَنْ اللَّامِ إلَى فِي كَمَا وَرَدَ بِهِ النَّصُّ كَذَلِكَ فِي بَاقِي الْأَرْبَعَةِ الْأَخِيرَةِ وَهُوَ الْمُكَاتَبُ وَالْغَارِمُ وَابْنُ السَّبِيلِ لَمَّا قَالَ فِي الْكَافِي وَغَيْرِهِ إنَّمَا عَدَلَ عَنْ اللَّامِ إلَى فِي فِي الْأَرْبَعَةِ الْأَخِيرَةِ لِلْإِيذَانِ بِأَنَّهُمْ أَرْسَخُ فِي اسْتِحْقَاقِ التَّصَدُّقِ عَلَيْهِمْ مِمَّنْ سَبَقَ ذِكْرُهُ؛ لِأَنَّ فِي لِلْوِعَاءِ فَنَبَّهَ عَلَى أَنَّهُمْ أَحِقَّاءٌ بِأَنْ تُوضَعَ فِيهِمْ الصَّدَقَاتُ (قَوْلُهُ: هُوَ مُنْقَطِعُ الْغُزَاةِ. . . إلَخْ)

قَالَ فِي الظَّهِيرِيَّةِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ قِيلَ طَلَبَةُ الْعِلْمِ وَكَذَا فِي الْمَرْغِينَانِيِّ وَقَالَ السُّرُوجِيُّ قُلْتُ بَعِيدٌ، فَإِنَّ الْآيَةَ نَزَلَتْ وَلَيْسَ هُنَاكَ قَوْمٌ يُقَالُ لَهُمْ طَلَبَةُ عِلْمٍ. اهـ. قُلْتُ وَاسْتِبْعَادُهُ بَعِيدٌ؛ لِأَنَّ طَلَبَ الْعِلْمِ لَيْسَ إلَّا اسْتِفَادَةَ الْأَحْكَامِ وَهَلْ يَبْلُغُ طَالِبُ عِلْمٍ رُتْبَةَ مَنْ لَازَمَ صُحْبَةَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِتَلَقِّي الْأَحْكَامِ عَنْهُ كَأَصْحَابِ الصُّفَّةِ فَالتَّفْسِيرُ بِطَالِبِ الْعِلْمِ وَجِيهٌ خُصُوصًا قَدْ قَالَ فِي الْبَدَائِعِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ جَمِيعُ الْقُرَبِ فَيَدْخُلُ فِيهِ كُلُّ مَنْ سَعَى فِي طَاعَةِ اللَّهِ وَسَبِيلِ الْخَيْرَاتِ إذَا كَانَ مُحْتَاجًا. اهـ. ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ الْخِلَافَ بَيْنَ الصَّاحِبَيْنِ إنَّمَا هُوَ فِي التَّفْسِيرِ وَلَا خِلَافَ فِي الْحُكْمِ لِلِاتِّفَاقِ عَلَى أَنَّهُ إنَّمَا تُعْطَى الْأَصْنَافُ كُلُّهُمْ بِشَرْطِ الْفَقْرِ إلَّا فِي الْعَامِلِ فَمُنْقَطِعُ الْحَاجِّ الْفَقِيرِ يُعْطَى بِالِاتِّفَاقِ كَمَا فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ: وَابْنُ السَّبِيلِ هُوَ الْمُسَافِرُ. . . إلَخْ) كَذَا فِي التَّبْيِينِ ثُمَّ قَالَ وَالْأَوْلَى أَنْ يَسْتَقْرِضَ إنْ قَدَرَ عَلَيْهِ وَلَا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ لِاحْتِمَالِ عَجْزِهِ عَنْ الْأَدَاءِ ثُمَّ لَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِمَا فَضَلَ فِي يَدِهِ عِنْدَ قُدْرَتِهِ عَلَى مَالِهِ كَالْفَقِيرِ إذَا اسْتَغْنَى وَالْمُكَاتَبِ إذَا عَجَزَ وَمِثْلُهُ فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ تَمْلِيكًا) أَيْ لَا بِطَرِيقِ الْإِبَاحَةِ مُسْتَغْنًى عَنْهُ بِمَا قَدَّمَهُ أَوَّلَ كِتَابِ الزَّكَاةِ

[بِنَاء الْمَسَاجِد مِنْ مَال الزَّكَاة]

(قَوْلُهُ: لَا إلَى بِنَاءِ مَسْجِدٍ. . . إلَخْ) الْحِيلَةُ فِي جَوَازِ مِثْلِهِ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِمِقْدَارِ زَكَاتِهِ عَلَى فَقِيرٍ ثُمَّ يَأْمُرَهُ بَعْدَ ذَلِكَ بِالصَّرْفِ إلَى ذَلِكَ الْوَجْهِ فَيَكُونُ لِصَاحِبِ الْمَالِ ثَوَابُ الزَّكَاةِ وَلِلْفَقِيرِ ثَوَابُ هَذَا التَّقَرُّبِ كَمَا فِي الْبَحْرِ عَنْ الْمُحِيطِ (قَوْلُهُ وَفَرْعُهُ) أَقُولُ وَلَوْ مِنْ زِنًا وَكَذَا لَا يَدْفَعُ إلَى وَلَدِهِ الَّذِي نَفَاهُ كَمَا فِي الْفَتْحِ

(قَوْلُهُ أَوْ زَوْجِيَّةٌ) أَقُولُ وَكَمَا لَا يَدْفَعُ إلَى مَنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ قَرَابَةُ وِلَادٍ أَوْ زَوْجِيَّةٍ كَذَلِكَ لَا يَدْفَعُ إلَيْهِمْ صَدَقَةَ فِطْرِهِ وَكَفَّارَتِهِ وَعُشْرِهِ بِخِلَافِ خُمُسِ الرِّكَازِ، فَإِنَّهُ يَجُوزُ دَفْعُهُ لَهُمْ كَمَا قَدَّمْنَاهُ إذْ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ إلَّا الْفَقْرُ كَمَا فِي الْفَتْحِ

(قَوْلُهُ: وَمَمْلُوكِ الْمُزَكِّي) أَقُولُ وَكَذَا مَمْلُوكُ مَنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ قَرَابَةُ وِلَادٍ أَوْ زَوْجِيَّةٍ لِمَا قَالَ فِي الْبَحْرِ وَالْفَتْحِ وَأَنَّ الدَّفْعَ لِمُكَاتَبِ الْوَلَدِ غَيْرُ جَائِزٍ كَالدَّفْعِ لِابْنِهِ (قَوْلُهُ: أَيْ مُدَبَّرِهِ وَمُكَاتَبِهِ وَأُمِّ وَلَدِهِ) أَقُولُ جَعْلُهُ الْمَمْلُوكَ شَامِلًا لِلْمُكَاتَبِ صَرِيحًا كَمَا هُوَ مَفْهُومُ إطْلَاقِ ابْنِ كَمَالٍ بَاشَا وَصَدْرُ الشَّرِيعَةِ مُخَالِفٌ لِمَا قَالَهُ فِي بَابِ الْحَلِفِ بِالْعِتْقِ أَنَّ الْمَمْلُوكَ لَا يَتَنَاوَلُ الْمُكَاتَبَ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَمْلُوكٍ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهُ مَالِكٌ يَدًا. اهـ.

وَلَمَّا كَانَ مُغَايِرًا لَهُ قَالَ فِي الْكَنْزِ وَعَبْدِهِ وَمُكَاتَبِهِ (قَوْلُهُ: وَاتَّفَقَ شُرَّاحُهُ. . . إلَخْ) .

أَيْ مُعْظَمُ شُرَّاحِهِ وَإِلَّا فَقَدْ ذَكَرَ لَهُ الْكَمَالُ تَوْجِيهًا فَقَالَ قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ حُرٌّ مَدْيُونٌ إمَّا أَنْ يَكُونَ لَفْظُ أَعْتَقَ مَبْنِيًّا لِلْفَاعِلِ أَوْ لِلْمَفْعُولِ فَعَلَى الْأَوَّلِ لَا يَصِحُّ التَّعْلِيلُ لَهُمَا بِأَنَّهُ حُرٌّ مَدْيُونٌ إذْ هُوَ حُرٌّ كُلُّهُ بِلَا دَيْنٍ عِنْدَهُمَا؛ لِأَنَّ الْعِتْقَ لَا يَتَجَزَّأُ عِنْدَهُمَا فَإِعْتَاقُ بَعْضِهِ إعْتَاقُ كُلِّهِ وَعَلَى الثَّانِي لَا يَصِحُّ تَعْلِيلُهُ عَدَمَ الْإِعْطَاءِ بِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْمُكَاتَبِ عِنْدَهُ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>