للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَفِي مَوْضِعِ الْجُلُوسِ عَلَى السَّرِيرِ، فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ لَا يَكُونُ مُسْتَعْمِلًا لَهَا عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ، بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَتَّقِ مَوْضِعَهَا وَكَذَا الْإِنَاءُ الْمُضَبَّبُ بِالذَّهَبِ أَوْ الْفِضَّةِ وَالْكُرْسِيُّ الْمُضَبَّبُ بِأَحَدِهِمَا هَذَا كُلُّهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: يُكْرَهُ كُلُّهُ وَقَوْلُ مُحَمَّدٍ يُرْوَى مَعَ أَبِي حَنِيفَةَ وَيُرْوَى مَعَ أَبِي يُوسُفَ وَهَذَا الِاخْتِلَافُ فِيمَا إذَا تَخَلَّصَ، وَأَمَّا الْمُمَوَّهُ فَلَا بَأْسَ بِهِ بِالْإِجْمَاعِ رُوِيَ أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ وَقَعَتْ فِي مَجْلِسِ أَبِي جَعْفَرٍ الدَّوَانِقِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ، وَأَئِمَّةُ الْعَصْرِ حَاضِرُونَ فَقَالَتْ الْأَئِمَّةُ يُكْرَهُ وَأَبُو حَنِيفَةَ سَاكِتٌ فَقِيلَ لَهُ مَا تَقُولُ فَقَالَ إنْ وَضَعَ فَاهُ مَوْضِعَ الْفِضَّةِ يُكْرَهُ وَإِلَّا فَلَا فَقِيلَ لَهُ مِنْ أَيْنَ لَك فَقَالَ أَرَأَيْت لَوْ كَانَ فِي أُصْبُعِهِ خَاتَمٌ فِضَّةٌ فَشَرِبَ مِنْ كَفِّهِ أَيُكْرَهُ ذَلِكَ فَوَقَفَ الْكُلُّ فَتَعَجَّبَ أَبُو جَعْفَرٍ مِنْ جَوَابِهِ وَهَذَا الْجَوَابُ أَيْضًا يُؤَيِّدُ مَا ذَكَرْنَا.

(وَقَبِلَ قَوْلُ كَافِرٍ وَلَوْ) كَانَ (مَجُوسِيًّا شَرَيْت اللَّحْمَ مِنْ مُسْلِمٍ أَوْ كِتَابِيٍّ فَحَلَّ أَوْ) شَرَيْته (مِنْ مَجُوسِيٍّ فَحَرُمَ) قَالَ فِي الْكَنْزِ وَيُقْبَلُ قَوْلُ الْكَافِرِ فِي الْحِلِّ وَالْحُرْمَةِ وَقَالَ الزَّيْلَعِيُّ هَذَا سَهْوٌ؛ لِأَنَّ الْحِلَّ وَالْحُرْمَةَ مِنْ الدِّيَانَاتِ وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْكَافِرِ فِي الدِّيَانَاتِ، وَإِنَّمَا يُقْبَلُ فِي الْمُعَامَلَاتِ خَاصَّةً لِلضَّرُورَةِ أَقُولُ لَيْسَ السَّاهِي صَاحِبَ الْكَنْزِ؛ لِأَنَّ مُرَادَهُ بِالْحِلِّ وَالْحُرْمَةِ مَا يَحْصُلُ فِي ضِمْنِ الْمُعَامَلَاتِ لَا مُطْلَقُ الْحِلِّ وَالْحُرْمَةِ كَمَا تُوُهِّمَ بِدَلِيلِ أَنَّهُ قَالَ فِي الْكَافِي وَيُقْبَلُ قَوْلُ الْكَافِرِ فِي الْحِلِّ وَالْحُرْمَةِ حَتَّى لَوْ كَانَ لَهُ أَجِيرٌ مَجُوسِيٌّ أَوْ خَادِمٌ مَجُوسِيٌّ فَأَرْسَلَهُ لِيَشْتَرِيَ لَهُ لَحْمًا فَاشْتَرَى وَقَالَ اشْتَرَيْته مِنْ يَهُودِيٍّ أَوْ نَصْرَانِيٍّ أَوْ مُسْلِمٍ وَسِعَهُ أَكْلُهُ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ ذَلِكَ لَمْ يَسَعْهُ أَكْلُهُ ثُمَّ قَالَ وَأَصْلُهُ أَنَّ خَبَرَ الْكَافِرِ فِي الْمُعَامَلَاتِ مَقْبُولٌ بِالْإِجْمَاعِ لِصُدُورِهِ عَنْ عَقْلٍ وَدِينٍ مَانِعٍ مِنْ الْكَذِبِ وَمِسَاسِ الْحَاجَةِ إلَى قَبُولِهِ لِكَثْرَةِ الْمُعَامَلَاتِ وَكَوْنِهِ مِنْ أَهْلِ الشَّهَادَةِ فِي الْجُمْلَةِ فَظَهَرَ أَنَّ مُرَادَهُ مَا ذَكَرْنَا وَالْعَجَبُ أَنَّهُ بَعْدَمَا اعْتَرَضَ عَلَيْهِ بِهَذَا الِاعْتِرَاضِ نَقَلَ مَحْصُولَ كَلَامِ الْكَافِي وَكَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَقُولَ بَدَلَ الِاعْتِرَاضِ أَرَادَ بِالْحِلِّ وَالْحُرْمَةِ مَا يَحْصُلُ فِي ضِمْنِ الْمُعَامَلَاتِ وَيُجْعَلُ كَلَامُ الْكَافِي قَرِينَةً عَلَيْهِ فَلْيُتَأَمَّلْ. .

. (وَ) قُبِلَ (قَوْلُ فَرْدٍ، وَلَوْ كَافِرًا أَوْ أُنْثَى أَوْ فَاسِقًا أَوْ عَبْدًا فِي الْمُعَامَلَاتِ) لِأَنَّهَا تَكْثُرُ بَيْنَ أَجْنَاسِ النَّاسِ فَلَوْ شُرِطَ شَرْطٌ زَائِدٌ أَدَّى إلَى الْحَرَجِ فَقُبِلَ قَوْلُهُ مُطْلَقًا دَفْعًا لِلْحَرَجِ.

(وَ) فِي (التَّوْكِيلِ) بِأَنْ أَخْبَرَ أَنِّي وَكِيلُ فُلَانٍ فِي بَيْعِ هَذَا حَيْثُ يَجُوزُ الشِّرَاءُ مِنْهُ.

. (وَ) قُبِلَ (قَوْلُ الْعَبْدِ وَالصَّبِيِّ فِي الْهَدِيَّةِ وَالْإِذْنِ) كَمَا إذَا جَاءَ بِهَدِيَّةٍ وَقَالَ أَهْدَى إلَيْك فُلَانٌ هَذِهِ الْهَدِيَّةَ يَحِلُّ قَبُولُهُ مِنْهُ أَوْ قَالَ أَنَا مَأْذُونٌ فِي التِّجَارَةِ يُقْبَلُ قَوْلُهُ (وَشُرِطَ الْعَدْلُ فِي الدِّيَانَاتِ) الْمَحْضَةِ (كَالْخَبَرِ عَنْ نَجَاسَةِ الْمَاءِ، فَإِنْ أَخْبَرَ بِهَا مُسْلِمٌ عَدْلٌ، وَلَوْ عَبْدًا قُبِلَ) قَوْلُهُ (وَتَيَمَّمَ) السَّائِلُ (أَوْ) أَخْبَرَ بِهَا (فَاسِقٌ أَوْ مَسْتُورٌ تَحَرَّى) وَعَمِلَ بِغَالِبِ ظَنِّهِ (فَالْأَحْوَطُ الْإِرَاقَةُ فَالتَّيَمُّمُ فِي غَلَبَةِ صِدْقِهِ وَالتَّوَضُّؤُ وَالتَّيَمُّمُ فِي غَلَبَةِ كَذِبِهِ) رَجُلٌ.

(دُعِيَ إلَى وَلِيمَةٍ فِيهَا مُنْكَرٌ وَعَلِمَهُ لَمْ يَحْضُرْ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ أَوْ حَدَثَ بَعْدَ حُضُورِهِ، فَإِنْ كَانَ مُقْتَدٍ، فَإِنْ قَدَرَ عَلَى الْمَنْعِ مَنَعَ وَإِلَّا خَرَجَ أَلْبَتَّةَ وَغَيْرُهُ) أَيْ غَيْرُ الْمُقْتَدِي (إنْ قَعَدَ وَأَكَلَ جَازَ) فَإِنَّ إجَابَةَ الدَّعْوَى سُنَّةٌ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ لَمْ يُجِبْ الدَّعْوَةَ فَقَدْ عَصَى أَبَا الْقَاسِمِ» فَلَا تُتْرَكُ لِاقْتِرَانِ الْبِدْعَةِ مِنْ غَيْرِهِ كَصَلَاةِ الْجِنَازَةِ لَا تُتْرَكُ لِأَجْلِ النَّائِحَةِ.

ــ

[حاشية الشرنبلالي]

تَلَقِّيه بِالْيَدِ ضَعِيفٌ لِمَا قَالَ فِي الِاخْتِيَارِ يَجُوزُ الشُّرْبُ فِي الْإِنَاءِ الْمُفَضَّضِ إذَا كَانَ يَتَّقِي فَمُهُ مَوْضِعَ الْفِضَّةِ وَقِيلَ يَتَّقِي أَخْذَهُ بِالْيَدِ. اهـ. وَمِثْلُهُ فِي الْجَوْهَرَةِ وَالْهِدَايَةِ

(قَوْلُهُ: وَفِي التَّوْكِيلِ) ظَاهِرُ عَطْفِهِ عَلَى الْمُعَامَلَاتِ مُغَايَرَتُهُ لَهَا وَهُوَ فَرْدٌ مِنْهَا قَالَ فِي الْجَوْهَرَةِ يُقْبَلُ فِي الْمُعَامَلَاتِ قَوْلُ الْفَاسِقِ مِثْلَ الْوَكَالَاتِ وَالْمُضَارَبَاتِ وَالْإِذْنِ فِي التِّجَارَةِ وَهَذَا إذَا غَلَبَ عَلَى الرَّأْيِ صِدْقُهُ أَمَّا إذَا غَلَبَ عَلَيْهِ كَذِبُهُ فَلَا يُعْمَلُ بِهِ. اهـ.

(قَوْلُهُ: كَالْخَبَرِ عَنْ نَجَاسَةِ الْمَاءِ) كَذَا لَوْ أَخْبَرَهُ عَدْلٌ بِأَنَّهُ ذَبِيحَةُ مَجُوسِيٍّ لَا يَحِلُّ أَكْلُهُ وَلَكِنْ لَا يُرَدُّ بِقَوْلِهِ عَلَى بَائِعِهِ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ.

[دُعِيَ إلَى وَلِيمَةٍ فِيهَا مُنْكَرٌ وَعَلِمَهُ]

(قَوْلُهُ: دُعِيَ إلَى وَلِيمَةٍ فِيهَا مُنْكَرٌ وَعَلِمَهُ لَمْ يَحْضُرْ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ مُقْتَدٍ أَوْ غَيْرُهُ.

(قَوْلُهُ: وَغَيْرُهُ أَيْ غَيْرُ الْمُقْتَدِي إنْ قَعَدَ وَأَكَلَ جَازَ) هَذَا إذَا كَانَ الْغِنَاءُ وَاللَّعِبُ فِي ذَلِكَ الْمَنْزِلِ لَا عَلَى الْمَائِدَةِ فَإِنْ كَانَ عَلَى الْمَائِدَةِ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَقْعُدَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَلا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} [الأنعام: ٦٨] .

(قَوْلُهُ: فَإِنَّ إجَابَةَ الدَّعْوَةِ سُنَّةٌ. . . إلَخْ) تَعْلِيلٌ لِمَا إذَا كَانَ غَيْرَ مُقْتَدٍ وَلَمْ يَكُنْ اللَّهْوُ عَلَى الْمَائِدَةِ وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ قَبْلَ حُضُورِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ إجَابَةُ الدَّعْوَةِ إذَا كَانَ هُنَاكَ مُنْكَرٌ وَفِي جُلُوسِ الْمُقْتَدَى بِهِ فَتْحُ بَابِ مَعْصِيَةٍ وَشَيْنُ الدِّينِ كَمَا فِي الْبُرْهَانِ وَالْكَافِي.

<<  <  ج: ص:  >  >>