للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَوْمَ عَرَفَةَ فِي مَوْضِعٍ تَشَبُّهًا بِالْوَاقِفِينَ بِعَرَفَاتٍ (لَيْسَ بِشَيْءٍ) وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ فِي غَيْرِ رِوَايَةِ الْأُصُولِ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ وَالصَّحِيحُ هُوَ الْأَوَّلُ (وَيَجِبُ تَكْبِيرُ التَّشْرِيقِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ} [البقرة: ٢٠٣] وَالتَّشْرِيقُ فِي اللُّغَةِ تَقْدِيدُ اللَّحْمِ وَعَنْ الْخَلِيلِ التَّكْبِيرُ التَّشْرِيقُ فَالْإِضَافَةُ لِلْبَيَانِ فَقِيلَ التَّسْمِيَةُ بِتَكْبِيرِ التَّشْرِيقِ وَقَعَتْ عَلَى قَوْلِهِمَا؛ لِأَنَّ شَيْئًا مِنْ التَّكْبِيرِ لَا يَقَعُ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ عِنْدَهُ كَمَا سَيَأْتِي وَيَجُوزُ أَنْ يُقَالَ بِاعْتِبَارِ الْقُرْبِ أُخِذَ اسْمُ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ هِيَ الثَّلَاثَةُ بَعْدَ يَوْمِ النَّحْرِ وَأَيَّامُ النَّحْرِ هِيَ يَوْمُ الْعِيدِ وَيَوْمَانِ بَعْدَهُ فَالْأَوَّلُ مِنْ الْأَرْبَعَةِ نَحْرٌ بِلَا تَشْرِيقٍ وَالرَّابِعُ تَشْرِيقٌ بِلَا نَحْرٍ وَالِاثْنَانِ نَحْرٌ وَتَشْرِيقٌ وَالتَّكْبِيرُ قَوْلُهُ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَاَللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ أَصْلُ ذَلِكَ مَا رُوِيَ «أَنَّ جِبْرِيلَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لَمَّا جَاءَ بِالْقُرْبَانِ خَافَ الْعَجَلَةَ عَلَى إبْرَاهِيمَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فَقَالَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ فَلَمَّا رَآهُ إبْرَاهِيمُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - قَالَ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَاَللَّهُ أَكْبَرُ فَلَمَّا عَلِمَ إسْمَاعِيلُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بِالْفِدَاءِ قَالَ اللَّهُ أَكْبَرُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ» فَبَقِيَ فِي الْآخَرَيْنِ وَاجِبًا (مَرَّةً) بِأَنْ يَقُولَ مَا نَقَلْنَاهُ مِنْ أَوَّلِهِ إلَى آخِرِهِ مَرَّةً وَهُوَ احْتِرَازٌ عَنْ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ فَإِنَّ التَّكْبِيرَ عِنْدَهُ ثَلَاثُ مَرَّاتٍ اللَّهُ أَكْبَرُ وَلَا يَزِيدُ عَلَيْهَا وَلَهُ فِي التَّهْلِيلِ بَعْدَهُ قَوْلَانِ.

(مِنْ فَجْرِ) يَوْمِ (عَرَفَةَ) بِلَا خِلَافٍ بَيْنَ عُلَمَائِنَا فِيهِ لِاتِّفَاقِ كِبَارِ الصَّحَابَةِ عَلَيْهِ (إلَى عَصْرِ الْعِيدِ) فَيَكُونُ التَّكْبِيرُ عَقِيبَ ثَمَانِ صَلَوَاتٍ (فَوْرَ) مُتَعَلِّقٌ يَجِبُ أَيْ عَقِيبَ (فَرْضٍ)

ــ

[حاشية الشرنبلالي]

قَوْلُهُ يَوْمَ عَرَفَةَ) أَقُولُ عَرَفَةُ اسْمُ الْيَوْمِ فَالْإِضَافَةُ بَيَانِيَّةٌ وَعَرَفَاتٌ اسْمُ الْمَكَانِ.

(قَوْلُهُ لَيْسَ بِشَيْءٍ) ظَاهِرُ مِثْلِ هَذَا اللَّفْظِ أَنَّهُ مَطْلُوبُ الِاجْتِنَابِ أَيْ فَيُكْرَهُ فِعْلُهُ لِمُقَابَلَتِهِ بِقَوْلِهِ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ فِي غَيْرِ رِوَايَةِ الْأُصُولِ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ فَيَكُونُ مَكْرُوهًا فِي رِوَايَةِ الْأُصُولِ.

(قَوْلُهُ وَالصَّحِيحُ هُوَ الْأَوَّلُ) أَيْ أَنَّهُ يُكْرَهُ، وَكَذَلِكَ قَالَ الْكَمَالُ وَالْأَوْلَى الْكَرَاهَةُ؛ لِأَنَّ الْوُقُوفَ عُهِدَ قُرْبَةً فِي مَكَان مَخْصُوصٍ فَلَا يَكُونُ قُرْبَةً فِي غَيْرِهِ. اهـ.

قُلْتُ وَهَذَا لَا يُفِيدُ الْكَرَاهَةَ فَيَنْبَغِي أَنْ يُعَلَّلَ بِمَا فِي الْكَافِي مِنْ قَوْلِهِ بَعْدَ مَا ذَكَرَ وَلَا يَجُوزُ الِاخْتِرَاعُ فِي الدِّينِ اهـ. ثُمَّ قَالَ الْكَمَالُ، وَلِأَنَّ فِيهِ حَسْمًا لِمَفْسَدَةٍ اعْتِقَادِيَّةٍ تُتَوَقَّعُ مِنْ الْعَوَامّ وَنَفْسُ الْوُقُوفِ وَكَشْفُ الرُّءُوسِ يَسْتَلْزِمُ التَّشَبُّهَ، وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ وَالْحَقُّ أَنَّهُ إنْ عَرَضَ الْوُقُوفُ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ بِسَبَبٍ يُوجِبُهُ كَالِاسْتِسْقَاءِ مَثَلًا لَا يُكْرَهُ أَمَّا قَصْدُ ذَلِكَ الْيَوْمِ بِالْخُرُوجِ فِيهِ فَهُوَ مَعْنَى التَّشَبُّهِ إذَا تَأَمَّلْت وَمَا فِي الْجَامِعِ التُّمُرْتَاشِيِّ لَوْ اجْتَمَعُوا لِشَرَفِ ذَلِكَ الْيَوْمِ جَازَ يُحْمَلُ عَلَيْهِ بِلَا وُقُوفٍ وَكَشْفٍ. اهـ.

قُلْتُ، وَكَذَلِكَ يُحْمَلُ مَا ذَكَرَهُ الْكَافِي بِقَوْلِهِ وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ لَيْسَ بِسُنَّةٍ، وَإِنَّمَا هُوَ حَدَثٌ أَحْدَثَهُ النَّاسُ فَمَنْ فَعَلَهُ جَازَ. اهـ.

(قَوْلُهُ وَيَجِبُ تَكْبِيرُ التَّشْرِيقِ. . . إلَخْ) أَقُولُ وَهُوَ اخْتِيَارُ الْأَكْثَرِ، وَقِيلَ سُنَّةٌ لِمُوَاظَبَةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْمُرَادُ مِنْ الْآيَةِ ذِكْرُ اسْمَ اللَّهِ عَلَى الذَّبِيحَةِ نَسْخًا لِذِكْرِهِمْ عَلَيْهَا غَيْرَهُ كَمَا فِي الْبُرْهَانِ وَالْفَتْحِ لَكِنْ قَالَ الْكَمَالُ دَلِيلُ السُّنَّةِ أَنْهَضُ.

(قَوْلُهُ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ) هِيَ أَيَّامُ التَّشْرِيقِ وَالْأَيَّامُ الْمَعْلُومَاتُ هِيَ أَيَّامُ الْعَشْرِ عِنْدَ الْمُفَسِّرِينَ كَمَا فِي الْبُرْهَانِ، وَقِيلَ كُلٌّ مِنْهُمَا أَيَّامُ التَّشْرِيقِ، وَقِيلَ الْمَعْلُومَاتُ يَوْمُ النَّحْرِ وَيَوْمَانِ بَعْدَهُ وَالْمَعْدُودَاتُ أَيَّامُ التَّشْرِيقِ كَمَا فِي الْبَحْرِ.

(قَوْلُهُ وَعَنْ الْخَلِيلِ التَّكْبِيرِ) أَقُولُ وَنَصْبُهُ كَمَا قَالَهُ الْكَاكِيُّ قَالَ الْخَلِيلُ بْنُ أَحْمَدَ التَّشْرِيقُ التَّكْبِيرُ، وَإِنْ كَانَ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ تَقْدِيدِ اللَّحْمِ وَالْقِيَامِ فِي الْمَشْرِقَةِ كَمَا نَقَلَهُ صَاحِبُ الصِّحَاحِ وَغَيْرُهُ اهـ. .

وَفِي الْبَحْرِ قَالَ النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ يُطْلَقُ التَّشْرِيقُ عَلَى رَفْعِ الصَّوْتِ بِالتَّكْبِيرِ. اهـ.

(قَوْلُهُ فَالْإِضَافَةُ بَيَانِيَّةٌ) أَقُولُ وَبِهِ جَزَمَ الْكَمَالُ فَقَالَ الْإِضَافَةُ بَيَانِيَّةٌ أَيْ التَّكْبِيرُ الَّذِي هُوَ التَّشْرِيقُ فَإِنَّ التَّكْبِيرَ لَا يُسَمَّى تَشْرِيقًا إلَّا إذَا كَانَ بِتِلْكَ الْأَلْفَاظِ فِي شَيْءٍ مِنْ الْأَيَّامِ الْمَخْصُوصَةِ فَهُوَ حِينَئِذٍ مُتَفَرِّعٌ عَلَى قَوْلِ الْكُلِّ أَيْ التَّعْبِيرُ بِتَكْبِيرِ التَّشْرِيقِ مُتَفَرِّعٌ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَصَاحِبَيْهِ.

(قَوْلُهُ أَيَّامُ التَّشْرِيقِ هِيَ الثَّلَاثَةُ. . . إلَخْ) أَقُولُ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.

وَقَالَ الْكَمَالُ وَعَلَى هَذَا أَيْ عَلَى مَا قَدَّمْنَاهُ عَنْهُ فَمَا فِي الْخُلَاصَةِ لَا يَصِحُّ فَإِنَّ التَّشْرِيقَ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ يَجِبُ أَنْ يُحْمَلَ عَلَى التَّكْبِيرِ أَوْ الذَّبْحِ أَوْ تَشْرِيقِ اللَّحْمِ لِإِظْهَارِهِ لِلشَّمْسِ بَعْدَ تَقْطِيعِهِ لِيَتَقَدَّدَ وَعَلَى كُلٍّ مِنْهَا يَدْخُلُ يَوْمُ النَّحْرِ فِيهَا إلَّا أَنْ يُقَالَ التَّشْرِيقُ بِالْمَعْنَى الثَّالِثِ لَا يَكُونُ فِي الْأَوَّلِ ظَاهِرًا. اهـ.

(قَوْلُهُ وَالتَّكْبِيرُ قَوْلُهُ اللَّهُ أَكْبَرُ. . . إلَخْ) ، كَذَا فِي الْكَافِي وَغَيْرِهِ.

(قَوْلُهُ أَصْلُ ذَلِكَ مَا رُوِيَ. . . إلَخْ) ، كَذَا فِي الْعِنَايَةِ وَغَيْرِهَا نَصُّ الْفُقَهَاءِ أَنَّهُ مَأْثُورٌ عَنْ الْخَلِيلِ وَلَكِنْ قَالَ الْكَمَالُ لَمْ يَثْبُتْ عِنْدَ أَهْلِ الْحَدِيثِ ذَلِكَ، وَقَدْ تَقَدَّمَ مَأْثُورًا عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ عِنْدَ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ وَسَنَدُهُ جَيِّدٌ اهـ.

(قَوْلُهُ فَلَمَّا عَلِمَ إسْمَاعِيلُ) كَذَا صَرَّحَ فِي الْعِنَايَةِ بِأَنَّ الذَّبِيحَ إسْمَاعِيلُ وَلَمْ يُصَرِّحْ بِهِ فِي الْكَافِي بَلْ قَالَ فَعُلِمَ الذَّبِيحُ.

وَقَالَ فِي الْبَحْرِ فِيهِ اخْتِلَافٌ بَيْنَ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ فَطَائِفَةٌ قَالُوا بِأَنَّهُ إسْمَاعِيلُ وَطَائِفَةٌ بِأَنَّهُ إِسْحَاقُ وَالْحَنَفِيَّةُ قَائِلُونَ بِالْأَوَّلِ وَرَجَّحَهُ الْإِمَامُ أَبُو اللَّيْثِ السَّمَرْقَنْدِيُّ فِي الْبُسْتَانِ اهـ.

(قَوْلُهُ فَبَقِيَ فِي الْآخَرَيْنِ وَاجِبًا) أَقُولُ اقْتَصَرَ عَلَى الْقَوْلِ بِالْوُجُوبِ اتِّبَاعًا لِلْأَكْثَرِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ، وَإِنْ قَالَ فِي الْعِنَايَةِ فَبَقِيَ فِي الْآخَرَيْنِ إمَّا سُنَّةً أَوْ وَاجِبًا.

[التَّكْبِير فِي عِيد الْأَضْحَى]

(قَوْلُهُ فَوْرَ فَرْضٍ) أَيْ عَيْنِيٍّ

<<  <  ج: ص:  >  >>