للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِاخْتِلَافِ الْمَكَانِ بِسَيْرِهَا.

وَفِي الْقُنْيَةِ إذَا سَيَّرَهَا رَاكِبُهَا لَا يُجْزِئُهُ الْفَرْضُ وَلَا التَّطَوُّعُ (وَهُوَ) أَيْ الْعُذْرُ (أَنْ يَخَافَ فِي النُّزُولِ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ دَابَّتِهِ مِنْ سَبُعٍ أَوْ لِصٍّ أَوْ كَانَ فِي طِينٍ لَا يَجِدُ مَكَانًا جَافًّا أَوْ) كَانَ (عَاجِزًا) لِكِبَرِ سِنِّهِ أَوْ ضَعْفِ مِزَاجِهِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ (أَوْ دَابَّتُهُ جَمُوحٌ لَوْ نَزَلَ لَا يَرْكَبُ بِغَيْرِ مُعِينٍ) ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ (أَوْ) كَانَ (فِي الْبَادِيَةِ عَلَى الرَّاحِلَةِ وَالْقَافِلَةُ تَسِيرُ) فَإِنَّهُ يَخَافُ عَلَى نَفْسِهِ وَثِيَابِهِ لَوْ نَزَلَ، كَذَا فِي الْكَافِي (وَيَنْزِلُ لِلْوِتْرِ) وَعِنْدَهُمَا لَا كَالسُّنَنِ.

(بَابُ الصَّلَاةِ فِي السَّفِينَةِ)

الْأَصْلُ فِيهَا مَا رُوِيَ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا بَعَثَ جَعْفَرَ بْنَ أَبِي طَالِبٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إلَى الْحَبَشَةِ أَمَرَهُ أَنْ يُصَلِّيَ فِي السَّفِينَةِ قَائِمًا إلَّا أَنْ يَخَافَ الْغَرَقَ» وَعَنْ سُوَيْد بْنِ غَفَلَةَ قَالَ سَأَلْت أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - عَنْ الصَّلَاةِ فِيهَا فَقَالَ إنْ كَانَتْ جَارِيَةً فَصَلِّ قَاعِدًا، وَإِنْ كَانَتْ رَاسِيَةً فَصَلِّ قَائِمًا (يَتَوَجَّهُ الْمُصَلِّي فِيهَا الْقِبْلَةَ) بِأَنْ يَدُورَ إلَيْهَا (كَيْفَمَا دَارَتْ) السَّفِينَةُ (عِنْدَ الِافْتِتَاحِ وَفِي الصَّلَاةِ) ؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ الِاسْتِقْبَالُ مِنْ غَيْرِ مَشَقَّةٍ بِخِلَافِ الدَّابَّةِ إذْ لَا يُمْكِنُهُ الِاسْتِقْبَالُ إلَى الْقِبْلَةِ مَعَ سَيْرِ الدَّابَّةِ (الْقَادِرُ عَلَى الْقِيَامِ) فِي السَّفِينَةِ (وَ) الْقَادِرُ عَلَى (الْخُرُوجِ) عَنْهَا (صَلَّى قَاعِدًا فِيهَا) لَفٌّ وَنَشْرٌ أَيْ الْقَادِرُ عَلَى الْقِيَامِ فِيهَا صَلَّى قَاعِدًا وَالْقَادِرُ عَلَى الْخُرُوجِ عَنْهَا صَلَّى فِيهَا (جَازَتْ) تِلْكَ الصَّلَاةُ يَعْنِي أَنَّ الْقَضَاءَ لَا يَلْزَمُ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ الْعَجْزُ وَاسْوِدَادُ الْعَيْنِ وَالْغَالِبُ كَالْكَائِنِ لَكِنَّهُ تَرَكَ الْأَفْضَلَ (وَالْأَفْضَلُ الْقِيَامُ) فِي الْأَوَّلِ (وَالْخُرُوجُ) فِي الثَّانِي (لَا تَجُوزُ) الصَّلَاةُ (قَاعِدًا فِي الْمَرْبُوطَةِ فِي الشَّطِّ) بِالْإِجْمَاعِ (إلَّا أَنْ يَدُورَ رَأْسُهُ) فَحِينَئِذٍ تَجُوزُ.

(لَا يَقْتَدِي أَهْلُ سَفِينَةٍ بِإِمَامٍ فِي) سَفِينَةٍ (أُخْرَى) لِاخْتِلَافِ الْمَكَانِ (إلَّا أَنْ يَقْتَرِنَا) فَحِينَئِذٍ تَجُوزُ لِاتِّحَادِ الْمَكَانِ حُكْمًا بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَا عَلَى الدَّابَّتَيْنِ (الْمُقْتَدِي عَلَى الشَّطِّ وَالْإِمَامُ فِيهَا) أَيْ فِي السَّفِينَةِ (أَوْ بِالْعَكْسِ لَوْ) كَانَ (بَيْنَهُمَا مَانِعٌ مِنْ الِاقْتِدَاءِ) كَالطَّرِيقِ أَوْ طَائِفَةٍ مِنْ النَّهْرِ (لَمْ يَجُزْ) الِاقْتِدَاءُ (وَإِلَّا جَازَ) .

(بَابُ الْمُسَافِرِ)

ــ

[حاشية الشرنبلالي]

(قَوْلُهُ وَعِنْدَهُمَا كَالسُّنَنِ) تَقَدَّمَ أَنَّهُ يَنْزِلُ لِسُنَّةِ الْفَجْرِ.

[بَابُ الصَّلَاةِ فِي السَّفِينَةِ]

(قَوْلُهُ الْقَادِرُ عَلَى الْقِيَامِ. . . إلَخْ) أَيْ حَالَ جَرَيَانِهَا.

(قَوْلُهُ جَازَتْ تِلْكَ الصَّلَاةُ) هَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وَقَالَا لَا يَجُوزُ الصَّلَاةُ فِيهَا قَاعِدًا إلَّا مِنْ عُذْرٍ وَهُوَ الْأَظْهَرُ وَالْعُذْرُ كَدَوَرَانِ الرَّأْسِ وَعَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَى الْخُرُوجِ كَمَا فِي الْبُرْهَانِ.

(قَوْلُهُ وَالْأَفْضَلُ الْقِيَامُ فِي الْأَوَّلِ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَا كَرَاهَةَ فِي صَلَاتِهِ قَاعِدًا عِنْدَ الْإِمَامِ.

وَقَالَ الْكَمَالُ فَإِنْ صَلَّى قَاعِدًا وَهُوَ يَقْدِرُ عَلَى الْقِيَامِ أَجْزَأَهُ، وَقَدْ أَسَاءَ.

(قَوْلُهُ لَا تَجُوزُ الصَّلَاةُ قَاعِدًا فِي الْمَرْبُوطَةِ بِالشَّطِّ بِالْإِجْمَاعِ) أَقُولُ حِكَايَةُ الْإِجْمَاعِ فِي الْمَرْبُوطَةِ عَلَى الصَّحِيحِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ عَلَى الْخِلَافِ وَمَفْهُومُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ جَوَازُ الصَّلَاةِ فِي الْمَرْبُوطَةِ قَائِمًا مُطْلَقًا وَهُوَ ظَاهِرُ الْهِدَايَةِ وَالنِّهَايَةِ وَالِاخْتِيَارِ.

وَفِي الْإِيضَاحِ فَإِنْ كَانَتْ مَوْقُوفَةً فِي الشَّطِّ وَهِيَ عَلَى قَرَارِ الْأَرْضِ فَصَلَّى قَائِمًا جَازَ؛ لِأَنَّهَا إنْ اسْتَقَرَّتْ عَلَى الْأَرْضِ فَحُكْمُهَا حُكْمُ الْأَرْضِ فَإِنْ كَانَتْ مَرْبُوطَةً وَيُمْكِنُهُ الْخُرُوجُ لَمْ تَجُزْ الصَّلَاةُ فِيهَا؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ تَسْتَقِرَّ فَهِيَ كَالدَّابَّةِ اهـ بِخِلَافِ مَا إذَا اسْتَقَرَّتْ فَإِنَّهَا حِينَئِذٍ كَالسَّرِيرِ، كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. اهـ. وَاخْتَارَهُ فِي الْمُحِيطِ وَالْبَدَائِعِ اهـ.

وَتَقْيِيدُهُ بِالْمَرْبُوطِ بِالشَّطِّ احْتِرَازًا عَنْ الْمَرْبُوطَةِ فِي لُجَّةِ الْبَحْرِ، وَالْأَصَحُّ إنْ كَانَ الرِّيحُ يُحَرِّكُهَا شَدِيدًا فَهِيَ كَالسَّائِرَةِ وَإِلَّا فَكَالْوَاقِفَةِ كَمَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. اهـ.

(قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَدُورَ رَأْسُهُ فَحِينَئِذٍ يَجُوزُ) أَقُولُ وَهُوَ بِالْإِجْمَاعِ وَأَرَادَ بِالصَّلَاةِ قَاعِدًا كَوْنَهَا بِرُكُوعٍ وَسُجُودٍ؛ لِأَنَّهَا لَا تَجُوزُ بِالْإِيمَاءِ فِيهَا اتِّفَاقًا فَرْضًا كَانَتْ أَوْ نَفْلًا كَمَا فِي الْمِعْرَاجِ عَنْ الْمُحِيطِ.

[إقتداء أَهْل سَفِينَة بِإِمَامِ فِي سَفِينَة أُخْرَى]

(قَوْلُهُ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ عَلَى الدَّابَّتَيْنِ) أَقُولُ وَعَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - اُسْتُحْسِنَ أَنَّهُ يَجُوزُ اقْتِدَاؤُهُمْ إذَا كَانَتْ دَوَابُّهُمْ بِالْقُرْبِ مِنْ دَابَّةِ الْإِمَامِ عَلَى وَجْهٍ لَا تَكُونُ الْفُرْجَةُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْإِمَامِ إلَّا بِقَدْرِ الصَّفِّ بِالْقِيَاسِ عَلَى صَلَاةِ الْأَرْضِ كَمَا فِي الْمِعْرَاجِ.

(قَوْلُهُ كَالطَّرِيقِ أَوْ طَائِفَةٍ مِنْ النَّهْرِ) أَطْلَقَ فِي الطَّائِفَةِ كَمَا فِي الْمِعْرَاجِ وَقَيَّدَهُ فِي الْبَحْرِ بِمِقْدَارِ نَهْرٍ عَظِيمٍ قُلْت وَالْمُرَادُ بِالْعَظِيمِ مَا يَجْرِي فِيهِ الزَّوْرَقُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْإِمَامَةِ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ بِمَنِّهِ.

[بَاب صَلَاة الْمُسَافِرِ]

(بَابُ الْمُسَافِرِ)

أَيْ بَابُ صَلَاةِ الْمُسَافِرِ وَأَصْلُ الْمُفَاعَلَةِ أَنْ تَكُونَ بَيْنَ اثْنَيْنِ وَهُنَا مِنْ وَاحِدٍ أَوْ نَقُولُ الْمُسَافَرَةُ مِنْ السَّفَرِ وَهُوَ الْكَشْفُ، وَقَدْ حَصَلَ بَيْنَ اثْنَيْنِ فَإِنَّهُ يَنْكَشِفُ لِلطَّرِيقِ وَالطَّرِيقُ تَنْكَشِفُ لَهُ اهـ.

كَذَا فِي شَرْحِ الْعَلَّامَةِ الْمَقْدِسِيِّ لِنَظْمِ الْكَنْزِ. وَأَمَّا الْإِضَافَةُ فِيهِ فَهِيَ مِنْ بَابِ إضَافَةِ الشَّيْءِ إلَى شَرْطِهِ أَوْ الْفِعْلِ إلَى فَاعِلِهِ كَمَا فِي الْجَوْهَرَةِ وَالسَّفَرُ فِي اللُّغَةِ قَطْعُ الْمَسَافَةِ وَهُنَا قَطْعٌ خَاصٌّ

<<  <  ج: ص:  >  >>