للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جُرْمُوقَيْهِ يَمْسَحُ عَلَى خُفَّيْهِ) لِأَنَّ الْمَسْحَ عَلَيْهِمَا لَيْسَ مَسْحًا عَلَى الْخُفَّيْنِ لِانْفِصَالِهِمَا عَنْ الْخُفَّيْنِ بِخِلَافِ الْمَسْحِ عَلَى خُفٍّ ذِي طَاقَيْنِ لَوْ نَزَعَ أَحَدَ طَاقَيْهِ أَوْ قَشَّرَ جِلْدَ ظَاهِرِ الْخُفَّيْنِ حَيْثُ لَا يُعِيدُ الْمَسْحَ عَلَى مَا تَحْتَهُ لِأَنَّ الْجَمِيعَ شَيْءٌ وَاحِدٌ لِلِاتِّصَالِ فَصَارَ كَحَلْقٍ بَعْدَ الْمَسْحِ (وَلَوْ نَزَعَ إحْدَاهُمَا) بَطَلَ مَسْحُهُمَا فَحِينَئِذٍ (يُعِيدُ مَسْحَ الْجُرْمُوقِ الْآخَرِ، وَ) مَسْحَ (الْخُفِّ) لِأَنَّ الِانْتِقَاضَ فِي الْوَظِيفَةِ الْوَاحِدَةِ لَا يَتَجَزَّأُ فَإِذَا انْتَقَضَ فِي أَحَدِهِمَا انْتَقَضَ فِي الْآخَرِ (وَقِيلَ يَنْزِعُ) الْجُرْمُوقَ (الْآخَرَ) لِأَنَّ نَزْعَ أَحَدِهِمَا كَنَزْعِهِمَا لِعَدَمِ التَّجَزِّي، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ.

(مُقِيمٌ مَسَحَ فَسَافَرَ قَبْلَ) تَمَامِ (يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ أَتَمَّ مُدَّةَ السَّفَرِ) أَيْ تَتَحَوَّلُ الْأُولَى إلَى الثَّانِيَةِ بِحَيْثُ يَكُونُ الْمَجْمُوعُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيهَا (وَلَوْ) سَافَرَ (بَعْدَهُمَا) أَيْ بَعْدَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ (نَزَعَ) لِأَنَّ الْحَدَثَ سَرَى إلَى الْقَدَمِ، وَالسَّفَرُ لَا يَرْفَعُهُ (وَمُسَافِرٌ أَقَامَ بَعْدَهُمَا نَزَعَ وَقَبْلَهُمَا يُتِمُّهُمَا) أَيْ الْيَوْمَ، وَاللَّيْلَةَ لِأَنَّ رُخْصَةَ السَّفَرِ لَا تَبْقَى بِدُونِهِ فَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إمَّا أَنْ يُسَافِرَ الْمُقِيمُ أَوْ يُقِيمَ الْمُسَافِرُ وَكُلٌّ مِنْهُمَا إمَّا قَبْلَ تَمَامِ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ أَوْ بَعْدَهُ.

[الْمَسْحُ عَلَى الْجَبِيرَةِ وَالْعِصَابَةِ]

(الْمَسْحُ عَلَى الْجَبِيرَةِ) وَهُوَ عُودٌ يُجْبَرُ بِهِ الْعَظْمُ الْمَكْسُورُ (وَخِرْقَةِ الْقُرْحَةِ) وَهِيَ مَا يُوضَعُ عَلَى الْقُرْحَةِ وَمَوْضِعِ الْفَصْدِ (وَالْعِصَابَةِ) مَا يَشُدُّ بِهِ الْخِرْقَةَ لِئَلَّا تَسْقُطَ (كَالْغَسْلِ) لِمَا تَحْتَهَا (فَلَا يَتَوَقَّتُ) بِمُدَّةٍ كَالْغَسْلِ (وَيُجْمَعُ بِهِ) أَيْ بِالْغُسْلِ وَلَوْ كَانَ مَسْحًا حُكْمًا لِمَا جُمِعَ بِهِ كَغَسْلِ أَحَدِ قَدَمَيْهِ وَمَسْحِ أَحَدِ خُفَّيْهِ (وَجَازَ) أَيْ الْمَسْحُ عَلَى الْجَبِيرَةِ (وَلَوْ شُدَّتْ) أَيْ الْجَبِيرَةُ بِلَا وُضُوءٍ لِأَنَّ فِي اعْتِبَارِهِ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ حَرَجًا.

(وَتَرَكَ) أَيْ الْمَسْحَ عَلَى الْجَبِيرَةِ (إنْ ضَرَّ وَإِلَّا فَلَا) يَتْرُكُ (وَإِنَّمَا يَجُوزُ) الْمَسْحُ عَلَى الْجَبِيرَةِ (إذَا عَجَزَ عَنْ مَسْحِ الْمَوْضِعِ) أَيْ مَوْضِعِ الْجَبِيرَةِ بِأَنْ كَانَ يَضُرُّهُ الْمَاءُ أَوْ كَانَتْ مَشْدُودَةً يَضُرُّ حَلُّهَا أَمَّا إذَا كَانَ قَادِرًا عَلَى مَسْحِهِ فَلَا يَجُوزُ مَسْحُ الْجَبِيرَةِ.

وَفِي الْمُحِيطِ يَنْبَغِي أَنْ يُحْفَظَ هَذَا فَإِنَّ النَّاسَ عَنْهُ غَافِلُونَ (وَلَا يُبْطِلُهُ) أَيْ الْمَسْحَ (سُقُوطُهَا) أَيْ الْجَبِيرَةِ (إلَّا عَنْ بُرْءٍ فَإِنْ سَقَطَتْ فِي الصَّلَاةِ عَنْهُ) أَيْ عَنْ بُرْءٍ (بَطَلَ) الْمَسْحُ (وَاسْتُؤْنِفَتْ) الصَّلَاةُ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ تَسْقُطْ عَنْ بُرْءٍ

ــ

[حاشية الشرنبلالي]

أَقُولُ لَا نُسَلِّمُ ذَلِكَ لِمَا نَقَلَهُ، وَلِمَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ قَاضِي خَانْ وَلِمَا قَالَهُ الزَّيْلَعِيُّ وَلَا تَخْفَى شُهْرَتُهُمْ وَيَنْقُضُهُ أَيْضًا دُخُولُ خُفِّهِ الْمَاءَ لِأَنَّ رِجْلَهُ تَصِيرُ بِذَلِكَ مَغْسُولَةً وَيَجِبُ غَسْلُ رِجْلِهِ الْأُخْرَى لِامْتِنَاعِ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا، وَذَكَرَ الْمَرْغِينَانِيُّ أَنَّ غَسْلَ أَكْثَرِ الْقَدَمِ يَنْقُضُهُ فِي الْأَصَحِّ اهـ.

وَقَدَّمْنَا بَعْضَهُ (قَوْلُهُ: فَحِينَئِذٍ يُعِيدُ مَسْحَ الْجُرْمُوقِ الْآخَرِ) فِيهِ خِلَافُ زُفَرَ فَلَا يَمْسَحُهُ عِنْدَهُ وَهُوَ رِوَايَةُ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ (قَوْلُهُ: وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ) وَجْهُ عَدَمِ وُجُوبِ النَّزْعِ جَوَازُ ابْتِدَاءِ الْمَسْحِ عَلَى الْجُرْمُوقِ الْوَاحِدِ مَعَ مَسْحِ الْخُفِّ الْوَاحِدِ فَالْبَقَاءُ كَذَلِكَ.

(قَوْلُهُ: الْمَسْحُ عَلَى الْجَبِيرَةِ. . . إلَخْ) أَقُولُ لَمْ يُبَيِّنْ صِفَتَهُ

وَقَالَ فِي الْبُرْهَانِ: وَالْمَسْحُ عَلَى جَبِيرَةٍ وَخُرْقَةِ الْقُرْحَةِ وَنَحْوِهَا وَاجِبٌ عَلَى الصَّحِيحِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَبِهِ قَالَا وَاسْتِحْبَابُهُ رِوَايَةٌ قِيلَ وَهُوَ قَوْلُهُ الْأَوَّلُ ثُمَّ رَجَعَ عَنْهُ، وَقِيلَ وَاجِبٌ عِنْدَهُ فَرْضٌ عِنْدَهُمَا وَقِيلَ الْخِلَافُ فِي الْمَجْرُوحِ أَمَّا الْمَكْسُورُ فَيَجِبُ فِيهِ اتِّفَاقًا، وَقِيلَ لَا خِلَافَ بَيْنَهُمْ فَقَوْلُهُمَا بِعَدَمِ جَوَازِ تَرْكِهِ فِيمَنْ لَا يَضُرُّهُ الْمَسْحُ وَقَوْلُهُ: بِجَوَازِهِ فِيمَنْ يَضُرُّهُ اهـ.

وَقَدْ احْتَجَّ الْمُحَقِّقُ الْكَمَالُ إلَى تَقْوِيَةِ الْقَوْلِ بِوُجُوبِهِ فَقَالَ مَا مَعْنَاهُ: وَغَايَةُ مَا يُفِيدُ الْوَارِدُ فِي الْمَسْحِ عَلَى الْجَبِيرَةِ الْوُجُوبُ فَعَدَمُ الْفَسَادِ بِتَرْكِهِ أَقْعَدُ بِالْأُصُولِ انْتَهَى.

وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ عَلَى الْقَوْلِ بِوُجُوبِهِ لَا الْفَسَادِ بِتَرْكِهِ إذَا لَمْ يَمْسَحْ وَصَلَّى فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ إعَادَةُ الصَّلَاةِ لِتَرْكِ الْوَاجِبِ اهـ.

قُلْت وَلَا يُقَالُ يُمْكِنُ أَنْ يُرَادَ بِالْوَاجِبِ مَا يَفُوتُ الْجَوَازُ بِفَوْتِهِ لِمَا نَقَلَهُ الزَّيْلَعِيُّ عَنْ الْغَايَةِ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ أَيْ الْمَسْحُ وَاجِبٌ عِنْدَهُ وَلَيْسَ بِفَرْضٍ حَتَّى تَجُوزَ صَلَاتُهُ بِدُونِهِ اهـ. ثُمَّ قَالَ وَقَدْ ذَكَرَ الرَّازِيّ تَفْصِيلًا عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ إنْ كَانَ مَا تَحْتَ الْجَبِيرَةِ لَوْ ظَهَرَ أَمْكَنَ غَسْلُهُ فَالْمَسْحُ وَاجِبٌ وَإِنْ كَانَ لَا يُمْكِنُ فَهُوَ غَيْرُ وَاجِبٍ.

قَالَ الصَّيْرَفِيُّ وَهَذَا أَحْسَنُ الْأَقْوَالِ اهـ.

(قُلْت) وَيَتَعَيَّنُ حَمْلُ قَوْلِهِ لَوْ ظَهَرَ أَمْكَنَ غَسْلُهُ. . . إلَخْ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى حَلِّ الْجَبِيرَةِ كَمَا سَنَذْكُرُهُ وَإِلَّا فَلَا يَصِحُّ الْمَسْحُ عَلَيْهَا.

(قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا يَجُوزُ الْمَسْحُ) أَقُولُ فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَا يُجْزِيهِ الْمَسْحُ عَلَى مَا تَحْتَ الْجَبِيرَةِ إذَا قَدَرَ عَلَى غَسْلِهِ وَبِهِ صَرَّحَ فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِقَاضِي خَانْ بِقَوْلِهِ: إنْ كَانَ لَا يَضُرُّهُ غَسْلُ مَا تَحْتَهَا يَلْزَمُهُ الْغَسْلُ، وَإِنْ كَانَ يَضُرُّهُ الْغَسْلُ بِالْمَاءِ الْبَارِدِ لَا بِالْحَارِّ يَلْزَمُهُ الْغَسْلُ بِالْحَارِّ، وَإِنْ ضَرَّهُ الْغَسْلُ لَا الْمَسْحُ يَمْسَحُ مَا تَحْتَ الْجَبِيرَةِ وَلَا يَمْسَحُ فَوْقَهَا اهـ.

قَالُوا يَنْبَغِي أَنْ يُحْفَظَ هَذَا فَإِنَّ النَّاسَ عَنْهُ غَافِلُونَ لَكِنْ قَالَ فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَلَوْ كَانَ لَا يُمْكِنُهُ غَسْلُ الْجِرَاحَةِ إلَّا بِالْمَاءِ الْحَارِّ خَاصَّةً لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ تَكَلُّفُ الْغَسْلِ بِالْمَاءِ الْحَارِّ وَيُجْزِيهِ الْمَسْحُ لِأَجْلِ الْمَشَقَّةِ. اهـ. وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ كَمَا لَا يَخْفَى قَالَهُ فِي الْبَحْرِ، وَالْمُرَادُ بِالضَّرَرِ الْمُعْتَبَرُ مِنْهُ لِأَنَّ الْعَمَلَ لَا يَخْلُو عَنْ أَدْنَى ضَرَرٍ وَذَلِكَ لَا يُبِيحُ التَّرْكَ كَمَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ (قَوْلُهُ: أَوْ كَانَتْ مَشْدُودَةً يَضُرُّ حَلُّهَا) أَقُولُ يَعْنِي وَلَا يَضُرُّ مَسْحُهُ مَوْضِعَ الْجَبِيرَةِ لِكَوْنِهِ قَسِيمًا؛ لِقَوْلِهِ وَإِنَّمَا يَجُوزُ بِأَنْ عَجَزَ عَنْ مَسْحِ الْمَوْضِعِ بِأَنْ كَانَ يَضُرُّهُ الْمَاءُ اهـ.

(قُلْتُ) وَبِهَذَا يُعْلَمُ الْجَوَابُ عَنْ قَوْلِ الْمُحَقِّقِ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَلَمْ أَرَ لَهُمْ مَا إذَا ضَرَّهُ الْحَلُّ لَا الْمَسْحُ لِظُهُورِ أَنَّهُ حِينَئِذٍ يَمْسَحُ عَلَى الْكُلِّ انْتَهَى

<<  <  ج: ص:  >  >>