للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التَّقَدُّمَ حَقُّهُ فَيَمْلِكُ إبْطَالَهُ بِتَقْدِيمِ غَيْرِهِ لَمْ يَقُلْ الْوَلِيُّ لِيَتَنَاوَلَ السُّلْطَانَ وَغَيْرَهُ (لِغَيْرٍ فِيهَا) أَيْ الصَّلَاةِ (فَإِنْ صَلَّى غَيْرُهُ) أَيْ غَيْرُ الْأَوْلَى (وَيُعِيدُهَا) أَيْ الْأَوْلَى (إنْ شَاءَ) لِتَصَرُّفِ الْغَيْرِ فِي حَقِّهِ (وَإِنْ صَلَّى) الْأَوْلَى (لَا يُصَلِّي غَيْرُهُ بَعْدَهُ) لِأَنَّ الْفَرْضَ يَتَأَدَّى بِالْأَوْلَى وَالتَّنَفُّلُ بِهَا غَيْرُ مَشْرُوعٍ

(وَإِنْ دُفِنَ بِلَا صَلَاةٍ صُلِّيَ عَلَى قَبْرِهِ مَا لَمْ يُظَنَّ تَفَسُّخُهُ) وَالْمُعْتَبَرُ فِيهِ أَكْبَرُ الرَّأْيِ عَلَى الصَّحِيحِ لِأَنَّهُ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الزَّمَانِ وَالْمَكَانِ وَالْأَشْخَاصِ (وَقِيلَ قُدِّرَ بِثَلَاثَةِ) أَيَّامٍ (وَلَمْ تَجُزْ) صَلَاتُهَا (رَاكِبًا اسْتِحْسَانًا) يَعْنِي مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى النُّزُولِ وَأَيْضًا لَمْ يُصَلُّوا قَاعِدِينَ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْقِيَامِ وَالْقِيَاسُ الْجَوَازُ لِأَنَّهُ دُعَاءٌ (وَكُرِهَتْ فِي مَسْجِدٍ هُوَ فِيهِ) كَرَاهَةَ تَحْرِيمٍ فِي رِوَايَةٍ وَتَنْزِيهٍ فِي أُخْرَى وَأَمَّا الَّذِي بُنِيَ لِصَلَاةِ الْجِنَازَةِ فَلَا تُكْرَهُ فِيهِ (وَاخْتُلِفَ فِي الْخَارِجِ) بِنَاءً عَلَى اخْتِلَافِهِمْ أَنَّ الْكَرَاهَةَ لِأَجْلِ التَّلْوِيثِ أَوْ لِأَنَّ الْمَسْجِدَ لِلْمَكْتُوبَاتِ لَا لِصَلَاةِ الْجِنَازَةِ

(وُلِدَ فَمَاتَ إنْ اسْتَهَلَّ) الِاسْتِهْلَالُ أَنْ يَكُونَ مِنْهُ مَا يَدُلُّ عَلَى الْحَيَاةِ مِنْ بُكَاءٍ أَوْ تَحْرِيكِ عُضْوٍ (سُمِّيَ وَغُسِّلَ وَصُلِّيَ عَلَيْهِ وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَسْتَهِلَّ (غُسِّلَ)

ــ

[حاشية الشرنبلالي]

كَلَامِهِ أَنَّ صَاحِبَ الشُّرَطِ غَيْرُ أَمِيرِ الْبَلَدِ.

وَفِي الْمِعْرَاجِ مَا يُفِيدُ أَنَّهُ هُوَ حَيْثُ قَالَ الشُّرَطُ بِالسُّكُونِ وَالْحَرَكَةِ خِيَارُ الْجُنْدِ وَالْمُرَادُ أَمِيرُ الْبَلَدِ كَأَمِيرِ بُخَارَى اهـ.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ صَلَّى غَيْرُ الْأَوْلَى يُعِيدُهَا إنْ شَاءَ) أَقُولُ وَلَا يُعِيدُ مَعَ الْوَالِي مَنْ صَلَّى مَعَ غَيْرِهِ كَمَا فِي شَرْحِ الْمَنْظُومَةِ لِابْنِ وَهْبَانَ وَفِي كَلَام الْمُصَنِّفِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْمُوصَى لَهُ بِالتَّقَدُّمِ غَيْرُ مُقَدَّمٍ عَلَى الْأَوْلَى لِبُطْلَانِ الْوَصِيَّةِ وَهُوَ الْمُفْتِي بِهِ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ إنْ شَاءَ إلَى أَنَّهُ إذَا لَمْ يَعُدْ لَا إثْمَ عَلَى أَحَدٍ لِسُقُوطِ الْفَرْضِ بِفِعْلِ الْأَجْنَبِيِّ وَالْإِعَادَةُ إنَّمَا هِيَ لِحَقِّ الْأَوْلَى لَا لِإِسْقَاطِ الْفَرْضِ وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْبَحْرِ

[دفن مِنْ غَيْر أَنْ يُصَلَّى عَلَيْهِ]

(قَوْلُهُ: وَإِنْ دُفِنَ بِلَا صَلَاةٍ. . . إلَخْ) أَيْ بِأَنْ أُهِيلَ عَلَيْهِ التُّرَابُ سَوَاءٌ غُسِّلَ أَوْ لَا لِأَنَّهُ صَارَ مُسَلَّمًا لِمَالِكِهِ تَعَالَى وَخَرَجَ عَنْ أَيْدِينَا فَلَا يُتَعَرَّضُ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ لِزَوَالِ إمْكَانِ غُسْلِهِ أَيْ شَرْعًا فَتَجُوزُ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ بِلَا غُسْلٍ نَظَرًا لِكَوْنِهَا دُعَاءً مِنْ وَجْهٍ هُنَا لِلْعَجْزِ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَهُلَّ، فَإِنَّهُ يُخْرَجُ وَيُغَسَّلُ وَيُصَلَّى عَلَيْهِ كَمَا فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ: وَلَمْ تَجُزْ رَاكِبًا. . . إلَخْ) كَذَا لَا تَجُوزُ عَلَى مَيِّتٍ هُوَ عَلَى دَابَّةٍ أَوْ أَيْدِي النَّاسِ عَلَى الْمُخْتَارِ يَعْنِي مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ كَمَا فِي التَّبْيِينِ (قَوْلُهُ: وَكُرِهَتْ فِي مَسْجِدٍ هُوَ فِيهِ) أَقُولُ وَالْكِرْهَةُ هُنَا بِاتِّفَاقِ أَصْحَابِنَا كَمَا فِي الْعِنَايَةِ (قَوْلُهُ: وَتَنْزِيهٍ فِي أُخْرَى) قَالَ الْكَمَالُ وَيَظْهَرُ لِي أَنَّ الْأَوْلَى كَوْنُهَا تَنْزِيهِيَّةً وَذَكَرَ وَجْهَهُ (قَوْلُهُ: وَاخْتُلِفَ فِي الْخَارِجِ) أَيْ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ إذَا كَانَ خَارِجَ الْمَسْجِدِ وَجَمِيعُ الْقَوْمِ فِي الْمَسْجِدِ قَالَ فِي الْكَافِي مَالَ فِي الْمَبْسُوطِ إلَى عَدَمِ الْكَرَاهَةِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْكَرَاهَةَ لِخَشْيَةِ التَّلْوِيثِ اهـ. وَقَالَ الْكَمَالُ الْأَوْفَقُ إطْلَاقُ الْكَرَاهَةِ.

وَفِي الْخُلَاصَةِ يُكْرَهُ سَوَاءٌ كَانَ الْمَيِّتُ وَالْقَوْمُ فِي الْمَسْجِدِ أَوْ كَانَ الْمَيِّتُ خَارِجَ الْمَسْجِدِ وَالْقَوْمُ فِي الْمَسْجِدِ أَوْ كَانَ الْإِمَامُ مَعَ بَعْضِ الْقَوْمِ خَارِجَ الْمَسْجِدِ وَالْقَوْمُ الْبَاقُونَ فِي الْمَسْجِدِ أَوْ الْمَيِّتُ فِي الْمَسْجِدِ وَالْإِمَامُ وَالْقَوْمُ خَارِجَ الْمَسْجِدِ هَذَا فِي الْفَتْوَى الصُّغْرَى قَالَ هُوَ الْمُخْتَارُ خِلَافًا لِمَا أَوْرَدَهُ النَّسَفِيُّ اهـ مَا نَقَلَهُ الْكَمَالُ قُلْت وَمَا أَوْرَدَهُ النَّسَفِيُّ هُوَ مَا نَقَلَهُ الشَّيْخُ أَكْمَلُ الدِّينِ فِي الْعِنَايَةِ مِنْ حِكَايَةِ الِاتِّفَاقِ عَلَى عَدَمِ الْكَرَاهَةِ فِيمَا إذَا كَانَ الْمَيِّتُ وُضِعَ خَارِجَ الْمَسْجِدِ وَالْبَاقِي فِيهِ وَنَقَلَهُ فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَذَكَرَ عَنْ كَرَاهِيَةِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ الِاخْتِلَافَ فِيهِ

(قَوْلُهُ وُلِدَ فَمَاتَ إنْ اسْتَهَلَّ. . . إلَخْ) لَا يَخْفَى مَا فِيهِ مِنْ التَّسَامُحِ لِأَنَّ تَرْتِيبَهُ الْمَوْتَ عَلَى الْوِلَادَةِ مُفِيدٌ لِلْحَيَاةِ قَبْلَهُ فَلَا يَحْسُنُ التَّفْصِيلُ بَعْدَهُ فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ كَالْكَنْزِ وَمَنْ اسْتَهَلَّ صُلِّيَ عَلَيْهِ وَإِلَّا لَا وَاسْتَهَلَّ عَلَى بِنَاءِ الْفَاعِلِ لِأَنَّ الْمُرَادَ هُنَا رَفْعُ الصَّوْتِ لَا الْإِبْصَارُ، فَإِنَّهُ ذَكَرَ فِي الْمُغْرِبِ أَهَلُّوا الْهِلَالَ وَاسْتَهَلُّوهُ رَفَعُوا أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَ رُؤْيَتِهِ وَأُهِلَّ وَاسْتُهِلَّ عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ إذَا أَبْصَرُوا اهـ.

وَلَكِنَّ الْمُرَادَ هُنَا مَا هُوَ أَعَمُّ مِمَّا يَدُلُّ عَلَى الْحَيَاةِ دُونَ اخْتِصَاصِهِ بِرَفْعِ الصَّوْتِ كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ الِاسْتِهْلَالُ أَنْ يَكُونَ مِنْهُ مَا يَدُلُّ عَلَى الْحَيَاةِ. . . إلَخْ يَعْنِي الْحَيَاةَ الْمُسْتَقِرَّةَ وَلَا عِبْرَةَ بِالِانْقِبَاضِ وَبَسْطِ الْيَدِ وَقَبْضِهَا لِأَنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ حَرَكَةُ الْمَذْبُوحِ وَلَا عِبْرَةَ بِهَا حَتَّى لَوْ ذُبِحَ رَجُلٌ فَمَاتَ أَبُوهُ وَهُوَ يَتَحَرَّكُ لَمْ يَرِثْهُ الْمَذْبُوحُ لِأَنَّ لَهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ حُكْمَ الْمَيِّتِ كَمَا فِي الْجَوْهَرَةِ وَالْمُعْتَبَرُ فِي ذَلِكَ خُرُوجُ أَكْثَرِهِ حَيًّا حَتَّى لَوْ خَرَجَ أَكْثَرُهُ وَهُوَ يَتَحَرَّكُ صَلَّى عَلَيْهِ وَفِي الْأَقَلِّ لَا كَمَا فِي الْفَتْحِ وَيُقْبَلُ قَوْلُ الْأُمِّ وَالْقَابِلَةِ فِي الِاسْتِهْلَالِ لِلصَّلَاةِ لَا الْمِيرَاثِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْقَابِلَةِ الْعِدْلَةِ فِي الْمِيرَاثِ كَمَا فِي الْجَوْهَرَةِ وَهُوَ يُفِيدُ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ فِي الْمِيرَاثِ إلَّا شَهَادَةَ مَنْ يَثْبُتُ بِهِ الْمَالُ وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْبَحْرِ عَنْ الْمُجْتَبَى وَالْبَدَائِعِ لَكِنْ بِصِيغَةٍ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَسْتَهِلَّ غُسِّلَ) أَقُولُ لَا خِلَافَ فِي غُسْلِهِ إذَا كَانَ تَامَّ الْخَلْقِ وَالسِّقْطُ الَّذِي لَمْ يَتِمَّ خَلْقُهُ فِي غُسْلِهِ اخْتِلَافُ الْمَشَايِخِ وَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ يُغَسَّلُ وَيَلُفُّ فِي خِرْقَةٍ وَلَا يُصَلَّى عَلَيْهِ كَمَا فِي الْمِعْرَاجِ وَفَتْحِ الْقَدِيرِ وَقَاضِي خَانْ وَالْبَزَّازِيَّةِ وَالظَّهِيرِيَّةِ ذَكَرُوا جَمِيعًا الْخِلَافَ وَالِاخْتِيَارُ وَقَدْ نَقَلَ فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ لِمُصَنِّفِهِ وَتَبِعَهُ شَارِحُهُ ابْنُ مَلَكٍ الْإِجْمَاعَ عَلَى عَدَمِ غُسْلِهِ كَعَدَمِ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ وَقَالَ صَاحِبُ الْبَحْرِ وَبِهِ يَضْعُفُ مَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَالْخُلَاصَةِ وَحَمْلُهُمَا عَلَى السَّهْوِ قُلْت وَتَسْهِيَتُهُ لَهُمَا غَيْرُ ظَاهِرَةٍ وَيُمْكِنُ التَّوْفِيقُ بِأَنَّ مَنْ نَفَى غُسْلَهُ أَرَادَ الْغُسْلَ الْمُرَاعَى فِيهِ وَجْهُ السُّنَّةِ وَمَنْ أَثْبَتَهُ أَرَادَ الْغُسْلَ فِي الْجُمْلَةِ كَصَبِّ الْمَاءِ عَلَيْهِ عَنْ غَيْرِ وُضُوءٍ وَتَرْتِيبٍ لِفِعْلِهِ كَغُسْلِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>