للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَسَيَأْتِي أَنَّ جَمَاعَةَ النِّسَاءِ مَكْرُوهَةٌ.

(وَلَا تُكَرَّرُ) الْجَمَاعَةُ (فِي مَسْجِدِ مَحَلَّةٍ بِأَذَانٍ وَإِقَامَةٍ) يَعْنِي إذَا كَانَ لِمَسْجِدٍ إمَامٌ وَجَمَاعَةٌ مَعْلُومَانِ فَصَلَّى بَعْضُهُمْ بِأَذَانٍ وَإِقَامَةٍ لَا يُبَاحُ لِبَاقِيهِمْ تَكْرَارُهَا بِهِمَا لَكِنْ لَوْ كَانَ مَسْجِدَ الطَّرِيقِيِّ يُبَاحُ تَكْرَارُهَا بِهِمَا، وَلَوْ كَرَّرَ أَهْلُهُ بِدُونِهِمَا جَازَ (إلَّا إذَا صَلَّى بِهِمَا) أَيْ بِأَذَانٍ وَإِقَامَةٍ (فِيهِ أَوَّلًا غَيْرُ أَهْلِهِ) ؛ لِأَنَّ حَقَّهُمْ لَا يَسْقُطُ بِفِعْلِ غَيْرِهِمْ (أَوْ صَلَّى) بِهِمَا فِيهِ أَوَّلًا (أَهْلُهُ) لَكِنْ (بِمُخَافَتَةِ الْأَذَانِ) ؛ لِأَنَّ مُخَافَتَتَهُمْ تَكُونُ عُذْرًا لِبَاقِيهِمْ.

(وَالْأَحَقُّ بِالْإِمَامَةِ) بَيْنَ الْحَاضِرِينَ (الْأَعْلَمُ) أَيْ أَعْلَمُهُمْ بِأَحْكَامِ الصَّلَاةِ صِحَّةً وَفَسَادًا بَعْدَ مَا يُحْسِنُ مِنْ الْقِرَاءَةِ قَدْرَ مَا تَجُوزُ بِهِ الصَّلَاةُ؛ لِأَنَّ الْحَاجَةَ إلَى الْعِلْمِ أَكْثَرُ بِالنَّظَرِ إلَى غَيْرِهِ (فَالْأَقْرَأُ) أَيْ إنْ تَسَاوَوْا فِي الْعِلْمِ فَالْأَحَقُّ بِهَا أَكْثَرُهُمْ قُرْآنًا وَتَجْوِيدًا لِقِرَاءَتِهِ؛ لِأَنَّهُ رُكْنٌ فِي الصَّلَاةِ (فَالْأَوْرَعُ) أَيْ إنْ تَسَاوَوْا فِيهِ فَالْأَحَقُّ أَشَدُّهُمْ خَوْفًا مِنْ اللَّهِ تَعَالَى وَاجْتِنَابًا مِنْ الشُّبُهَاتِ قَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «مَنْ صَلَّى خَلْفَ عَالِمٍ تَقِيٍّ فَكَأَنَّمَا صَلَّى خَلْفَ نَبِيٍّ» (فَالْأَسَنُّ) أَيْ إنْ تَسَاوَوْا فِيهِ فَالْأَحَقُّ بِهَا أَكْثَرُهُمْ سِنًّا لِمَا رُوِيَ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِابْنَيْ أَبِي مُلَيْكَةَ لِيَؤُمَّكُمَا أَكْبَرُكُمَا سِنًّا» (فَالْأَحْسَنُ خُلُقًا) أَيْ إنْ تَسَاوَوْا فِيهِ فَالْأَحَقُّ أَحْسَنُهُمْ مَعَاشًا بِالنَّاسِ (فَالْأَحْسَنُ وَجْهًا) أَيْ أَكْثَرُهُمْ صَلَاةً بِاللَّيْلِ لِمَا رُوِيَ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «مَنْ كَثَّرَ صَلَاةً بِاللَّيْلِ حَسُنَ وَجْهُهُ بِالنَّهَارِ» (فَالْأَشْرَفُ نَسَبًا فَالْأَنْظَفُ ثَوْبًا) ؛ لِأَنَّ فِي هَذِهِ الصِّفَاتِ تَكْثِيرَ الْجَمَاعَةِ، وَإِنْ اسْتَوَوْا يُقْرَعُ أَوْ الْخِيَارُ إلَى الْقَوْمِ، كَذَا فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ.

(وَكُرِهَ إمَامَةُ عَبْدٍ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَفَرَّغُ لِلتَّعَلُّمِ فَيَغْلِبُ عَلَيْهِ الْجَهْلُ (وَأَعْرَابِيٍّ) وَهُوَ الَّذِي يَسْكُنُ الْبَادِيَةَ عَرَبِيًّا كَانَ أَوْ عَجَمِيًّا؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ عَلَيْهِ الْجَهْلُ (وَفَاسِقٍ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يَهْتَمُّ بِأَمْرِ دِينِهِ (وَأَعْمَى) ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَوَقَّى النَّجَاسَةَ وَلَا يَهْتَدِي إلَى الْقِبْلَةِ بِنَفْسِهِ وَلَا يَقْدِرُ عَلَى اسْتِيعَابِ الْوُضُوءِ غَالِبًا (وَمُبْتَدِعٍ) أَيْ صَاحِبِ هَوًى لَا يَكْفُرُ بِهِ صَاحِبُهُ حَتَّى إذَا كَفَرَ بِهِ لَمْ تَجُزْ أَصْلًا (وَوَلَدِ زَنَى) إذْ لَيْسَ لَهُ أَبٌ يُؤَدِّبُهُ فَيَغْلِبُ

ــ

[حاشية الشرنبلالي]

إذَا لَمْ يَكُنْ تَكْرَارُ جَمْعٍ بِهَيْئَةٍ ... مَضَتْ فِي صَحِيحِ الْقَوْلِ فَالْكُرْهُ يُنْكَرُ

اهـ قُلْت وَلَمْ يَسْتَوْعِبْ إذْ بَقِيَ مِنْهَا مُدَافَعَةُ أَحَدِ الْأَخْبَثِينَ وَإِرَادَةُ السَّفَرِ وَقِيَامُهُ بِمَرِيضٍ وَحُضُورُ طَعَامٍ تَتُوقُهُ نَفْسُهُ وَشِدَّةُ رِيحٍ لَيْلًا لَا نَهَارًا ذَكَرَ هَذِهِ فِي الْجَوْهَرَةِ.

(قَوْلُهُ وَلَا تُكَرَّرُ فِي مَسْجِدِ مَحَلَّةٍ) قَيَّدَ بِهِ لِمَا قَالَ الْقُدُورِيُّ لَا بَأْسَ بِهَا فِي مَسْجِدٍ فِي قَارِعَةِ الطَّرِيقِ.

وَفِي أَمَالِي قَاضِي خَانْ مَسْجِدٌ لَيْسَ لَهُ إمَامٌ وَلَا مُؤَذِّنٌ وَيُصَلِّي النَّاسُ فِيهِ فَوْجًا فَوْجًا فَالْأَفْضَلُ أَنْ يُصَلِّيَ كُلُّ فَرِيقٍ بِأَذَانٍ وَإِقَامَةٍ عَلَى حِدَةٍ. اهـ. .

(قَوْلُهُ يَعْنِي إذَا كَانَ لِمَسْجِدٍ. . . إلَخْ) ظَاهِرُهُ الْإِطْلَاقُ وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَيَّدَ عَدَمُ إبَاحَةِ تَكْرَارِ الْجَمَاعَةِ لِلْبَاقِينَ بِمَا إذَا كَانَ الْإِمَامُ الْمُعَيَّنُ صَلَّى بِالْبَعْضِ أَوَّلًا.

[الْأَحَقُّ بِالْإِمَامَةِ]

(قَوْلُهُ وَالْأَحَقُّ بِالْإِمَامَةِ بَيْنَ الْحَاضِرِينَ الْأَعْلَمُ) هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ ثَمَّ رَاتِبٌ. وَأَمَّا الرَّاتِبُ فَهُوَ أَحَقُّ مِنْ غَيْرِهِ، وَإِنْ كَانَ غَيْرُهُ أَفْقَهَ مِنْهُ كَمَا فِي الْبَحْرِ.

وَفِي الْحَاوِي الْقُدْسِ وَصَاحِبُ الْبَيْتِ أَوْلَى بِالْإِمَامَةِ، وَكَذَا إمَامُ الْحَيِّ إلَّا إذَا كَانَ الضَّعِيفُ ذَا سُلْطَانٍ. اهـ.

(قَوْلُهُ بَعْدَ مَا يُحْسِنُ مِنْ الْقِرَاءَةِ قَدْرَ مَا تَجُوزُ بِهِ الصَّلَاةُ) أَقُولُ، كَذَا فِي الْكَافِي وَشَرْحِ الْمَجْمَعِ وَشَرْحِ النُّقَايَةِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ كَمَا قَالَهُ الزَّيْلَعِيُّ وَصَاحِبُ الْبُرْهَانِ أَنْ يُحْسِنَ مِنْ الْقِرَاءَةِ قَدْرَ مَا تَقُومُ بِهِ سُنَّةُ الْقِرَاءَةِ (قَوْلُهُ فَالْأَوْرَعُ. . . إلَخْ) الْفَرْقُ بَيْنَ الْوَرَعِ وَالتَّقْوَى أَنَّ الْوَرَعَ اجْتِنَابُ الشَّهَوَاتِ وَالتَّقْوَى اجْتِنَابُ الْمُحَرَّمَاتِ، كَذَا فِي شَرْحِ النُّقَايَةِ.

(قَوْلُهُ فَالْأَسَنُّ) هَكَذَا فِي كَثِيرٍ مِنْ الْكُتُبِ.

وَفِي الْمُحِيطِ مَا يُخَالِفُهُ فَإِنَّهُ قَالَ، وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَكْبَرَ وَالْآخَرُ أَوَرَعَ فَالْأَكْبَرُ أَوْلَى إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ فِسْقٌ ظَاهِرٌ، كَذَا فِي الْبَحْرِ.

(قَوْلُهُ فَالْأَحْسَنُ وَجْهًا أَيْ أَكْثَرُهُمْ صَلَاةً بِاللَّيْلِ. . . إلَخْ)

قَالَ فِي الْبَدَائِعِ إنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَى هَذَا التَّكَلُّفِ بَلْ يَبْقَى عَلَى ظَاهِرِهِ؛ لِأَنَّ سَمَاحَةَ الْوَجْهِ سَبَبٌ لِكَثْرَةِ الْجَمَاعَةِ.

(قَوْلُهُ لِمَا رُوِيَ. . . إلَخْ) قَالَ ابْنُ أَمِيرِ حَاجٍّ لَمْ يَجِدْهُ الْمُخَرِّجُونَ نَعَمْ أَخْرَجَ الْحَاكِمُ فِي مُسْتَدْرَكِهِ مَرْفُوعًا «إنْ سَرَّكُمْ أَنْ يَقْبَلَ اللَّهُ صَلَاتَكُمْ فَلْيَؤُمَّكُمْ خِيَارُكُمْ فَإِنَّهُمْ وَفْدُكُمْ فِيمَا بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ رَبِّكُمْ» كَمَا فِي الْبَحْرِ.

(قَوْلُهُ فَالْأَشْرَفُ نَسَبًا) أَقُولُ قَدَّمَ فِي الْفَتْحِ الْحَسَبَ عَلَى صَبَاحَةِ الْوَجْهِ فَإِنْ اسْتَوَوْا فِي الْحُسْنِ فَأَشْرَفُهُمْ نَسَبًا وَفِي الْبُرْهَانِ فَإِنْ تَسَاوَوْا فِي النَّسَبِ فَأَحْسَنُهُمْ صَوْتًا، وَذَكَرَ فِي الْمُطَوَّلَاتِ زِيَادَةَ أَوْصَافٍ فِي الْأَحَقِّ فَلْتُرَاجَعْ.

(قَوْلُهُ أَوْ الْخِيَارُ لِلْقَوْمِ) أَقُولُ لَوْ اخْتَارَ الْبَعْضُ وَاحِدًا وَالْبَعْضُ آخَرَ فَالْعِبْرَةُ لِلْأَكْثَرِ، وَلَوْ قَدَّمُوا غَيْرَ الْأَوْلَى أَسَاءُوا ذَكَرَهُ فِي زَادِ الْفَقِيرِ لِابْنِ الْهُمَامِ.

[إمَامَةُ الْعَبْدِ وَالْأَعْرَابِيّ وَالْفَاسِق وَالْأَعْمَى وَالمُبْتَدِعِ وَوَلَدِ الزِّنَا]

(قَوْلُهُ وَكُرِهَ إمَامَةُ عَبْدٍ وَأَعْرَابِيٍّ) عَلَّلَهُ بِمَا ذَكَرَهُ وَزَادَ عَلَيْهِ فِي الْبُرْهَانِ نُدْرَةَ التَّقْوَى فِيهِمَا ثُمَّ قَالَ حَتَّى لَوْ كَانَ عَالِمًا مُتَّقِيًا صَارَ كَغَيْرِهِ.

(قَوْلُهُ وَفَاسِقٍ) أَقُولُ فَإِنْ تَعَذَّرَ مَنْعُهُ لَا يُصَلِّي خَلْفَهُ وَيَنْتَقِلُ إلَى مَسْجِدٍ آخَرَ حَتَّى فِي الْجُمُعَةِ إنْ أُقِيمَتْ فِي غَيْرِ مَسْجِدِهِ وَإِلَّا اقْتَدَى بِهِ فِيهَا كَمَا فِي الْبَحْرِ.

(قَوْلُهُ وَأَعْمَى) قَالَ فِي الْبُرْهَانِ لَوْ لَمْ يُوجَدْ بَصِيرٌ أَفْضَلُ مِنْهُ يَكُونُ هُوَ أَوْلَى «لِاسْتِخْلَافِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ابْنَ أُمِّ مَكْتُومٍ عَلَى الْمَدِينَةِ حِينَ خَرَجَ إلَى تَبُوكَ وَكَانَ أَعْمَى» .

(قَوْلُهُ وَمُبْتَدِعٍ) أَيْ صَاحِبِ بِدْعَةٍ وَهِيَ مَا أُحْدِثَ عَلَى خِلَافِ الْحَقِّ الْمُتَلَقَّى عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ عِلْمٍ أَوْ عَمَلٍ أَوْ حَالٍ بِنَوْعِ شُبْهَةٍ أَوْ اسْتِحْسَانٍ وَجَعْلِهِ دِينًا قَوِيمًا وَصِرَاطًا مُسْتَقِيمًا، كَذَا قَالَ الشُّمُنِّيُّ وَفِي الْمُغْرِبِ هِيَ أَمْرُ مَنْ ابْتَدَعَ الْأَمْرَ إذَا ابْتَدَأَهُ وَأَحْدَثَهُ ثُمَّ غَلَبَتْ عَلَى مَنْ بِهِ زِيَادَةٌ فِي الدِّينِ أَوْ نُقْصَانٌ مِنْهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>