للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَعِشْرِينَ (وَلَوْ) وَصْلِيَّةً (صَحَّ تَصَرُّفُهُ قَبْلَهُ) أَيْ لَوْ تَصَرَّفَ فِي مَالِهِ قَبْلَ ذَلِكَ نَفَذَ (وَبَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ بُلُوغِهِ خَمْسًا وَعِشْرِينَ (يُسَلَّمُ) مَالُهُ إلَيْهِ، (وَلَوْ بِلَا رُشْدٍ) وَقَالَا لَا يَدْفَعُ حَتَّى يُؤْنَسَ رُشْدُهُ وَلَا يَجُوزُ تَصَرُّفُهُ فِيهِ (يَحْبِسُ الْقَاضِي الْمَدْيُونَ لِيَبِيعَ مَالَهُ لِدَيْنِهِ) ؛ لِأَنَّ قَضَاءَ الدَّيْنِ وَاجِبٌ عَلَيْهِ وَالْمُمَاطَلَةَ ظُلْمٌ فَيَحْبِسُهُ الْحَاكِمُ دَفْعًا لِظُلْمِهِ وَإِيصَالًا لِلْحَقِّ إلَى مُسْتَحِقِّهِ، (وَقَضَى) أَيْ الْقَاضِي (بِلَا أَمْرِهِ) أَيْ أَمْرِ الْمَدْيُونِ (دَرَاهِمَ دَيْنِهِ مِنْ دَرَاهِمِهِ) ؛ لِأَنَّ لِلدَّائِنِ أَنْ يَأْخُذَهُ بِيَدِهِ إذَا ظَفِرَ بِجِنْسِ حَقِّهِ بِلَا رِضَا الْمَدْيُونِ فَكَانَ لِلْقَاضِي أَنْ يُعِينَهُ، (وَبَاعَ دَنَانِيرَهُ لِدَرَاهِمَ دَيْنِهِ وَبِالْعَكْسِ) ، وَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يَجُوزَ كِلَا الْأَمْرَيْنِ؛ لِأَنَّ الدَّرَاهِمَ وَالدَّنَانِيرَ مُخْتَلِفَانِ، وَجَازَ اسْتِحْسَانًا وَوَجْهُهُ أَنَّهُمَا مُتَّحِدَانِ جِنْسًا فِي التَّنْمِيَةِ وَالْمَالِيَّةِ حَتَّى يَضُمَّ أَحَدَهُمَا إلَى الْآخَرِ فِي الزَّكَاةِ مُخْتَلِفَانِ فِي الصُّورَةِ حَقِيقَةً وَحُكْمًا، أَمَّا الْأَوَّلُ فَظَاهِرٌ، وَأَمَّا الثَّانِي فَلِعَدَمِ جَرَيَانِ رِبَا الْفَضْلِ بَيْنَهُمَا لِاخْتِلَافِهِمَا فَبِالنَّظَرِ إلَى الِاتِّحَادِ يَثْبُتُ لِلْقَاضِي وِلَايَةُ التَّصَرُّفِ وَبِالنَّظَرِ إلَى الِاخْتِلَافِ يَسْلُبُ عَنْ الدَّائِنِ وِلَايَةَ الْأَخْذِ عَمَلًا بِالشَّبَهَيْنِ (لَا) أَيْ لَا يَبِيعُ الْقَاضِي (عَرَضَهُ وَعَقَارَهُ) لِدَرَاهِمَ دَيْنِهِ؛ لِأَنَّ الْمَقَاصِدَ تَتَعَلَّقُ بِصُوَرِهِمَا وَأَعْيَانِهِمَا وَلَيْسَ لِلْقَاضِي أَنْ يَنْظُرَ لِغُرَمَائِهِ عَلَى وَجْهٍ يَلْحَقُ بِهِ الضَّرَرُ، وَأَمَّا النُّقُودُ فَوَسَائِلُ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ فِيهَا الْمَالِيَّةُ لَا الْعَيْنُ فَافْتَرَقَا.

(أَفْلَسَ وَمَعَهُ عَرَضٌ شَرَاهُ فَقَبَضَ بِالْإِذْنِ) أَيْ إذْنِ بَائِعِهِ (فَبَائِعُهُ أُسْوَةٌ لِلْغُرَمَاءِ) وَإِنْ كَانَ قَبْلَ الْقَبْضِ فَلِلْبَائِعِ أَنْ يَحْبِسَ الْمَتَاعَ حَتَّى يَقْبِضَ الثَّمَنَ، وَكَذَا إذَا قَبَضَهُ الْمُشْتَرِي بِغَيْرِ إذْنِهِ كَانَ لَهُ أَنْ يَسْتَرِدَّهُ وَيَحْبِسَهُ بِالثَّمَنِ (حَجَرَ قَاضٍ وَرَفَعَ إلَى قَاضٍ) آخَرَ (فَأَطْلَقَهُ) الثَّانِي، (جَازَ) إطْلَاقُهُ وَمَا صَنَعَ الْمَحْجُورُ فِي مَالِهِ مِنْ بَيْعٍ أَوْ شِرَاءٍ قَبْلَ إطْلَاقِ الثَّانِي وَبَعْدَهُ كَانَ جَائِزًا؛ لِأَنَّ حَجْرَ الْأَوَّلِ مُجْتَهَدٌ فِيهِ فَيَتَوَقَّفُ عَلَى إمْضَاءِ قَاضٍ آخَرَ كَذَا فِي الْخَانِيَّةِ.

(فَصْلٌ) (بُلُوغُ الصَّبِيِّ بِالِاحْتِلَامِ وَالْإِحْبَالِ وَالْإِنْزَالِ، وَ) بُلُوغُ (الصَّبِيَّةِ بِالِاحْتِلَامِ وَالْحَيْضِ وَالْحَبَلِ) الْأَصْلُ أَنَّ الْبُلُوغَ يَكُونُ بِالْإِنْزَالِ حَقِيقَةً، وَلَكِنَّ غَيْرَهُ مِمَّا ذَكَرَ لَا يَكُونُ إلَّا مَعَ الْإِنْزَالِ فَجَعَلَ كُلَّ وَاحِدَةٍ عَلَامَةً عَلَى الْبُلُوغِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ شَيْءٌ مِنْهَا (فَحَتَّى) أَيْ لَا يَحْكُمُ بِالْبُلُوغِ حَتَّى (يَتِمَّ لَهُ) أَيْ الصَّبِيِّ (ثَمَانِيَ عَشْرَ سَنَةً وَلَهَا) أَيْ لِلصَّبِيَّةِ (سَبْعَ عَشْرَةَ سَنَةً) عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ} [الإسراء: ٣٤] وَأَشُدُّ الصَّبِيِّ عَلَى مَا قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ وَتَبِعَهُ الْقُتَيْبِيُّ ثَمَانِيَ عَشْرَ سَنَةً وَقِيلَ اثْنَانِ وَعِشْرُونَ سَنَةً وَقِيلَ خَمْسٌ وَعِشْرُونَ، وَأَقَلُّ مَا قَالُوا هُوَ الْأَوَّلُ، فَوَجَبَ أَنْ يُدَارَ الْحُكْمُ عَلَيْهِ لِلِاحْتِيَاطِ إلَّا أَنَّ الْجَارِيَةَ أَسْرَعُ إدْرَاكًا مِنْ الْغُلَامِ فَنَقَصَ سَنَةً مِنْهُنَّ لِاشْتِمَالِهَا عَلَى الْفُصُولِ الْأَرْبَعَةِ الَّتِي تُوَافِقُ الْمِزَاجَ، (وَقَالَا فِيهِمَا بِتَمَامِ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً) وَهُوَ رِوَايَةً عَنْ الْإِمَامِ (وَبِهِ يُفْتِي) لِلْعَادَةِ الْغَالِبَةِ، إذْ الْعَلَامَاتُ تَظْهَرُ فِي هَذِهِ الْمُدَّةِ غَالِبًا فَجَعَلُوا الْمُدَّةَ عَلَامَةً فِي حَقِّ مَنْ لَمْ تَظْهَرْ لَهُ الْعَلَامَةُ، (وَأَدْنَى مُدَّتِهِ) أَيْ الْبُلُوغِ (لَهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ سَنَةً، وَلَهَا تِسْعُ سِنِينَ) إذْ قَدْ يَحْصُلُ لَهُمَا فِي هَذَا السِّنِّ عَلَامَةُ الْبُلُوغِ (فَإِنْ رَاهَقَا) أَيْ قَرُبَا إلَى الْبُلُوغِ بِأَنْ يَبْلُغَا هَذَا السِّنَّ (وَأَقَرَّا بِالْبُلُوغِ كَانَا كَالْبَالِغِ حُكْمًا) ؛ لِأَنَّ الْبُلُوغَ لَمَّا

ــ

[حاشية الشرنبلالي]

قَوْلُهُ فَأَطْلَقَهُ الثَّانِي جَازَ إطْلَاقُهُ) وَمَا صَنَعَ الْمَحْجُورُ فِي مَالِهِ مِنْ بَيْعٍ أَوْ شِرَاءٍ قَبْلَ إطْلَاقِ الثَّانِي وَبَعْدَهُ كَانَ جَائِزًا كَذَا فِي الْخَانِيَّةِ إلَّا أَنَّهُ قَالَ بَعْدَ قَوْلِهِ فَأَطْلَقَهُ، وَأَجَازَ مَا صَنَعَ الْمَحْجُورُ اهـ فَقَدْ شَرَطَ مَعَ الْإِطْلَاقِ إجَازَةَ صُنْعِهِ

[فَصْلٌ علامات الْبُلُوغ]

(فَصْلٌ) (قَوْلُهُ فَإِنْ رَاهَقَا وَأَقَرَّا بِالْبُلُوغِ كَانَا كَالْبَالِغِ حُكْمًا) يَعْنِي وَقَدْ فَسَّرَا مَا بِهِ عُلِمَا بُلُوغُهُمَا وَلَيْسَ عَلَيْهِمَا يَمِينٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>