للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَعْضِ السَّرِقَاتِ (شَيْئًا) مَفْعُولُ لَا يَضْمَنُ (مِنْهَا) أَيْ مِنْ تِلْكَ السَّرِقَاتِ يَعْنِي أَنَّ مَنْ سَرَقَ سَرِقَاتٍ فَحَضَرَ وَاحِدٌ مِنْ أَرْبَابِهَا وَادَّعَى حَقَّهُ فَأَثْبَتَ فَقُطِعَ فِيهَا فَهُوَ لِجَمِيعِهَا وَلَا يَضْمَنُ شَيْئًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَإِنْ حَضَرُوا جَمِيعًا فَقُطِعَتْ يَدُهُ بِحُضُورِهِمْ لَا يَضْمَنُ شَيْئًا بِالْوِفَاقِ (وَلَا) أَيْ لَا يَضْمَنُ أَيْضًا (قَاطِعُ يَسَارِ مَنْ أُمِرَ بِقَطْعِ يَمِينِهِ بِسَرِقَةٍ) لِأَنَّهُ أَتْلَفَ وَأَخْلَفَ مِنْ جِنْسِهِ مَا هُوَ خَيْرٌ مِنْهُ فَإِنْ قِيلَ الْيُمْنَى لَمْ تَحْصُلْ بِقَطْعِ الْيُسْرَى بَلْ كَانَتْ حَاصِلَةً قَبْلَهُ قُلْنَا الْيُمْنَى كَانَتْ مُسْتَحَقَّةَ الْإِتْلَافِ فَبِقَطْعِ الْيُسْرَى سَلِمَتْ فَصَارَتْ كَالْحَاصِلَةِ لَهُ بِهِ (قَالَ أَنَا سَارِقُ هَذَا الثَّوْبِ بِالْإِضَافَةِ قُطِعَ) لِكَوْنِهِ إقْرَارٌ بِالسَّرِقَةِ (وَلَوْ) قَالَ أَنَا سَارِقٌ هَذَا الثَّوْبَ (بِدُونِهَا) أَيْ بِدُونِ الْإِضَافَةِ بَلْ بِتَنْوِينِ سَارِقٌ (لَا) أَيْ لَا يُقْطَعُ لِكَوْنِهِ عِدَةً لَا إقْرَارًا (وَقُطِعَ مَنْ شَقَّ مَا سَرَقَ فِي الدَّارِ فَأَخْرَجَهُ فَهُوَ) بَعْدَ الشَّقِّ (يُسَاوِي الْعَشَرَةَ) أَيْ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ مَضْرُوبَةٍ قَيَّدَ بِقَيْدَيْنِ أَنْ يَكُونَ الشَّقُّ فِي الدَّارِ وَأَنْ يُسَاوِيَ الْمَسْرُوقُ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ بَعْدَ الشَّقِّ فِي الدَّارِ لِأَنَّهُ إذَا أَخْرَجَهُ غَيْرَ مَشْقُوقٍ وَهُوَ يُسَاوِي عَشَرَةَ دَرَاهِمَ ثُمَّ شَقَّهُ وَانْتَقَصَ قِيمَتَهُ بِالشَّقِّ مِنْ الْعَشَرَةِ فَإِنَّهُ يُقْطَعُ قَوْلًا وَاحِدًا وَإِذَا شَقَّ فِي الدَّارِ وَانْتَقَصَ قِيمَتَهُ ثُمَّ أَخْرَجَهُ لَمْ يُقْطَعْ لِأَنَّ السَّرِقَةَ تَمَّتْ عَلَى النِّصَابِ الْكَامِلِ فِي الْأَوَّلِ لَا الثَّانِي فَظَهَرَ أَنَّ الْقَيْدَ الثَّانِيَ لَا بُدَّ مِنْهُ وَلِهَذَا ذَكَرَ فِي الْهِدَايَةِ وَالْكَافِي وَغَيْرِهِمَا وَقَدْ تَرَكَهُ فِي الْوِقَايَةِ وَالْكَنْزِ (لَا) أَيْ لَا يُقْطَعُ (مَنْ سَرَقَ شَاةً فَذَبَحَ فِي الْحِرْزِ فَأَخْرَجَ) لِأَنَّ السَّرِقَةَ تَمَّتْ عَلَى اللَّحْمِ وَقَدْ سَبَقَ أَنَّ سَرِقَتَهُ لَا تُوجِبُ الْقَطْعَ (وَمَنْ جَعَلَ مَا سَرَقَ) مِنْ الْفِضَّةِ وَالذَّهَبِ قَدْرَ النِّصَابِ (دَرَاهِمَ وَدَنَانِيرَ قُطِعَ) السَّارِقُ (وَرُدَّتْ) الدَّرَاهِمُ وَالدَّنَانِيرُ إلَى الْمَسْرُوقِ مِنْهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَا لَا تُرَدُّ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا صَنْعَةٌ مُتَقَوِّمَةٌ عِنْدَهُمَا خِلَافًا لَهُ (وَإِنْ حَمَّرَهُ) أَيْ الثَّوْبَ الَّذِي سَرَقَهُ (فَقُطِعَ فَلَا رَدَّ وَلَا ضَمَانَ عِنْدَهُمَا) وَقَالَ مُحَمَّدٌ يُؤْخَذُ مِنْهُ الثَّوْبُ وَيُعْطَى مَا زَادَ الصَّبْغُ فِيهِ لِأَنَّ عَيْنَ مَالِهِ قَائِمٌ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ وَهُوَ أَصْلٌ وَالصَّبْغُ تَبَعٌ فَكَانَ اعْتِبَارُ الْأَصْلِ أَوْلَى وَلَهُمَا أَنَّ الصَّبْغَ قَائِمٌ صُورَةً وَمَعْنًى وَحَقُّ صَاحِبِ الثَّوْبِ قَائِمٌ صُورَةً لَا مَعْنًى لِزَوَالِ التَّقَوُّمِ بِالْقَطْعِ كَمَا مَرَّ فَكَانَ حَقُّ السَّارِقِ أَحَقَّ بِالتَّرْجِيحِ (وَإِنْ سَوَّدَ) السَّارِقُ الثَّوْبَ (رُدَّ) عَلَى الْمَسْرُوقِ مِنْهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لِأَنَّ السَّوَادَ نُقْصَانٌ فَلَا يُوجِبُ انْقِطَاعَ حَقِّ الْمَالِكِ (سَرَقَ وَفِي وِلَايَةِ سُلْطَانٍ لَيْسَ لِسُلْطَانٍ آخَرَ قَطْعُهُ) إذْ لَا وِلَايَةَ لَهُ عَلَى مَنْ لَيْسَ تَحْتَ يَدِهِ

(بَابُ قَطْعِ الطَّرِيقِ)

لَمَّا فَرَغَ مِنْ بَيَانِ السَّرِقَةِ الصُّغْرَى شَرَعَ فِي بَيَانِ السَّرِقَةِ الْكُبْرَى فَقَالَ

ــ

[حاشية الشرنبلالي]

قَوْلُهُ وَلَا يَضْمَنُ قَاطِعُ يَسَارِ مَنْ أُمِرَ بِقَطْعِ يَمِينِهِ) شَامِلٌ غَيْرَ الْحَدَّادِ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَسَوَاءٌ قَطَعَ مُخْطِئًا فِي الِاجْتِهَادِ أَوْ فِي مَعْرِفَةِ الْيَمِينِ مِنْ الْيَسَارِ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَلَكِنَّهُ يُؤَدَّبُ وَقَيَّدَ بِالْأَمْرِ بِالْقَطْعِ لِأَنَّهُ لَوْ قَطَعَهُ أَحَدٌ قَبْلَ الْأَمْرِ وَالْقَضَاءِ كَانَ عَلَيْهِ الْقِصَاصُ فِي الْعَمْدِ وَالدِّيَةُ فِي الْخَطَأِ كَمَا فِي النَّهْرِ (قَوْلُهُ وَقُطِعَ مَنْ شَقَّ مَا سَرَقَ. . . إلَخْ) هَذَا عِنْدَهُمَا وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ لَا يُقْطَعُ وَهَذَا الْخِلَافُ فِيمَا إذَا اخْتَارَ تَضْمِينَ النُّقْصَانِ وَأَخَذَ الثَّوْبَ فَإِنْ اخْتَارَ تَضْمِينَ الْقِيمَةِ وَتَرَكَ الثَّوْبَ عَلَيْهِ لَا يُقْطَعُ بِالِاتِّفَاقِ وَهَذَا كُلُّهُ إذَا كَانَ النُّقْصَانُ فَاحِشًا فَإِنْ كَانَ يَسِيرًا يُقْطَعُ بِالِاتِّفَاقِ لِانْعِدَامِ سَبَبِ الْمَالِكِ إذْ لَيْسَ فِيهِ اخْتِيَارُ تَضْمِينِ كُلِّ الْقِيمَةِ اهـ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ.

وَفِي الْفَتْحِ قَالَ فِي الْفَوَائِدِ الْخَبَّازِيَّةِ وَفِي الصَّحِيحِ لَا يَضْمَنُ النُّقْصَانَ لِئَلَّا يَجْتَمِعَ الْقَطْعُ مَعَ الضَّمَانِ وَلِأَنَّهُ لَوْ ضَمِنَ النُّقْصَانَ يَمْلِكُ مَا ضَمِنَهُ فَيَكُونُ هَذَا الثَّوْبُ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا فَلَا يَجِبُ الْقَطْعُ لَكِنَّهُ يَجِبُ بِالْإِجْمَاعِ فَلَا يَضْمَنُ النُّقْصَانَ وَالْحَقُّ مَا ذَكَرَ فِي عَامَّةِ الْكُتُبِ الْأُمَّهَاتِ أَنَّهُ يُقْطَعُ وَيَضْمَنُ النُّقْصَانَ وَالنَّقْصُ بِالِاسْتِهْلَاكِ غَيْرُ وَارِدٍ ثُمَّ قَالَ الْكَمَالُ وَاعْلَمْ أَنَّ الْخَرْقَ يَكُونُ يَسِيرًا وَيَكُونُ فَاحِشًا وَتَارَةً يَكُونُ إتْلَافًا وَاسْتِهْلَاكًا وَفِيهِ يَجِبُ ضَمَانُ كُلِّ الْقِيمَةِ بِلَا خِيَارٍ لِأَنَّهُ اسْتِهْلَاكٌ وَعَلَى هَذَا لَا يُقْطَعُ لِأَنَّهُ مَا تَمَّتْ السَّرِقَةُ إلَّا بِمَا يَمْلِكُهُ بِالضَّمَانِ وَقَدْ حَدَّهُ التُّمُرْتَاشِيُّ بِأَنْ يَنْقُصَ أَكْثَرَ مِنْ نِصْفِ الْقِيمَةِ وَأَمَّا الْخَرْقُ الْفَاحِشُ فَقِيلَ مَا يُوجِبُ نُقْصَانَ رُبْعِ الْقِيمَةِ فَصَاعِدًا فَاحِشٌ وَإِلَّا فَيَسِيرٌ وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى فَصَاعِدًا مَا لَمْ يَنْتَهِ إلَى مَا بِهِ يَصِيرُ إتْلَافًا وَالصَّحِيحُ أَنَّ الْفَاحِشَ مَا يَفُوتُ بِهِ بَعْضُ الْعَيْنِ وَبَعْضُ الْمَنْفَعَةِ وَالْيَسِيرُ مَا يَفُوتُ بِهِ شَيْءٌ مِنْ الْمَنْفَعَةِ ذَكَرَهُ التُّمُرْتَاشِيُّ اهـ.

(قَوْلُهُ وَقَالَا لَا يَرُدُّ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا صَنْعَةٌ مُتَقَوِّمَةٌ) يُشِيرُ إلَى أَنَّهُ يُقْطَعُ عِنْدَهُمَا وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْنِ ذَكَرَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ بِقَوْلِهِ ثُمَّ وُجُوبُ الْحَدِّ لَا يُشْكِلُ عَلَى قَوْلِهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَمْلِكْهُ وَقِيلَ عَلَى قَوْلِهِمَا لَا يَجِبُ لِأَنَّهُ مَلَكَهُ قَبْلَ الْقَطْعِ وَقِيلَ يَجِبُ لِأَنَّهُ صَارَ بِالصَّنْعَةِ شَيْئًا آخَرَ فَلَمْ يَمْلِكْ عَيْنَهُ اهـ.

(قَوْلُهُ سَرَقَ فِي وِلَايَةِ سُلْطَانٍ. . . إلَخْ) ذَكَرَهُ فِي الْفَيْضِ.

وَفِي مُخْتَصَرِ الظَّهِيرِيَّةِ مَعْزُوًّا إلَى الْإِمَامِ الْأَجَلِّ الشَّهِيدِ. اهـ.

[بَابُ قَطْعِ الطَّرِيقِ]

(بَابُ قَطْعِ الطَّرِيقِ) إنَّمَا أَخَّرَ هَذِهِ عَنْ الصُّغْرَى لِأَنَّهَا أَكْثَرُ وُجُودًا وَسُمِّيَتْ هَذِهِ سَرِقَةً أَيْضًا لِمُسَارَقَةِ عَيْنِ الْإِمَامِ أَوْ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ وَسُمِّيَتْ كُبْرَى لِأَنَّ ضَرَرَ قَطْعِ الطَّرِيقِ عَلَى أَصْحَابِ الْأَمْوَالِ وَعَلَى عَامَّةِ الْمُسْلِمِينَ بِانْقِطَاعِ الطَّرِيقِ وَلِهَذَا غُلِّظَ الْحَدُّ فِيهَا بِخِلَافِ الصُّغْرَى

<<  <  ج: ص:  >  >>