للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَ) فَسَدَ أَيْضًا (بَيْعُ عَرْضٍ بِالْخَمْرِ وَعَكْسِهِ) ؛ لِأَنَّ مُشْتَرِيَ الْعَرْضِ إنَّمَا يَقْصِدُ تَمَلُّكَ الْعَرْضِ بِالْخَمْرِ وَفِيهِ إعْزَازٌ لِلْعَرْضِ لَا الْخَمْرِ فَبَقِيَ ذِكْرُ الْخَمْرِ مُعْتَبَرًا فِي تَمَلُّكِ الْعَرْضِ لَا فِي حَقِّ نَفْسِ الْخَمْرِ حَتَّى فَسَدَتْ التَّسْمِيَةُ وَوَجَبَتْ قِيمَةُ الْعَرْضِ لَا الْخَمْرِ، وَكَذَا إذَا بَاعَ الْخَمْرَ بِالْعَرْضِ بِأَنْ أَدْخَلَ الْبَاءَ فِي الْعَرْضِ إذْ يُعْتَبَرُ شِرَاءُ الْعَرْضِ لَا الْخَمْرِ لِكَوْنِهِ مُقَايَضَةً.

(وَ) فَسَدَ أَيْضًا (بَيْعُهُ) أَيْ الْعَرْضِ (بِأُمِّ الْوَلَدِ وَالْمُكَاتَبِ وَالْمُدَبَّرِ حَتَّى لَوْ تَقَابَضَا مَلَكَ مُشْتَرِي الْعَرْضِ الْعَرْضَ) لِأَنَّهُمْ يَدْخُلُونَ فِي الْعَقْدِ حَتَّى لَا يَبْطُلَ الْعَقْدُ فِيمَا ضُمَّ إلَى وَاحِدٍ مِنْهُمْ وَبِيعَ مَعَهُ، وَلَوْ كَانُوا كَالْحُرِّ لَبَطَلَ.

[بَيْعُ السَّمَكِ قَبْلَ صَيْدِهِ]

. (وَ) فَسَدَ بَيْعُ (سَمَكٍ لَمْ يُصَدْ) لِأَنَّهُ بَيْعُ مَا لَا يَمْلِكُهُ (أَوْ صِيدَ وَأُلْقِيَ فِيمَا) أَيْ حَظِيرَةٍ (لَا يُؤْخَذُ مِنْهُ إلَّا بِحِيلَةٍ) لِأَنَّهُ غَيْرُ مَقْدُورِ التَّسْلِيمِ (وَإِنْ أُخِذَ بِدُونِهَا صَحَّ) لِأَنَّهُ مَقْدُورُ التَّسْلِيمِ (إلَّا إذَا دَخَلَ) فِي الْحَظِيرَةِ بِنَفْسِهِ (وَلَمْ يَسُدَّ مَدْخَلَهُ) لِعَدَمِ الْمِلْكِ.

. (وَ) فَسَدَ أَيْضًا بَيْعُ (طَيْرٍ فِي الْهَوَاءِ) ؛ لِأَنَّهُ قَبْلَ الْأَخْذِ غَيْرُ مَمْلُوكٍ فَيَكُونُ الْفَسَادُ بِمَعْنَى الْبُطْلَانِ وَبَعْدَهُ غَيْرُ مَقْدُورِ التَّسْلِيمِ، وَإِنَّمَا قَالَ (لَا يَرْجِعُ) لِمَا قَالَ الزَّيْلَعِيُّ: إذَا كَانَ الطَّيْرُ يَطِيرُ فِي الْهَوَاءِ وَلَا يَرْجِعُ لَمْ يَجُزْ بَيْعُهُ، وَأَمَّا إذَا كَانَ لَهُ وَكْرٌ عِنْدَهُ يَطِيرُ مِنْهُ فِي الْهَوَاءِ ثُمَّ يَرْجِعُ إلَيْهِ جَازَ بَيْعُهُ وَالْحَمَامُ إذَا عُلِمَ عَوْدُهَا وَأَمْكَنَ تَسْلِيمُهَا جَازَ بَيْعُهَا؛ لِأَنَّهَا مَالٌ مَقْدُورُ التَّسْلِيمِ.

. (وَ) فَسَدَ أَيْضًا بَيْعُ (الْحَمْلِ) جَعَلَ بَيْعَ النِّتَاجِ بَاطِلًا وَبَيْعَ الْحَمْلِ فَاسِدًا؛ لِأَنَّ عَدَمَ الْأَوَّلِ مَقْطُوعٌ بِهِ وَعَدَمَ الثَّانِي مَشْكُوكٌ فِيهِ.

. (وَ) فَسَدَ أَيْضًا بَيْعُ (أَمَةٍ إلَّا حَمْلَهَا) لِمَا تَقَرَّرَ أَنَّ مَا لَا يَصِحُّ إفْرَادُهُ بِالْعَقْدِ لَا يَصِحُّ اسْتِثْنَاؤُهُ فِي الْعَقْدِ وَالْحَمْلُ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ أَطْرَافِ الْحَيَوَانِ لِاتِّصَالِهِ بِهَا خِلْقَةً، وَبَيْعُ الْأَصْلِ يَتَنَاوَلُهَا فِي الِاسْتِثْنَاءِ يَكُونُ عَلَى خِلَافِ الْمُوجِبِ فَلَمْ يَصِحُّ فَيَصِيرُ شَرْطًا فَاسِدًا وَالْبَيْعُ يَفْسُدُ بِهِ.

[بَيْعُ لَبَنٍ فِي ضَرْع]

. (وَ) فَسَدَ أَيْضًا بَيْعُ (لَبَنٍ فِي ضَرْعٍ) لِلْغَرَرِ لِاحْتِمَالِ كَوْنِهِ نِفَاخًا (وَلُؤْلُؤٍ فِي صَدَفٍ) لِلْغَرَرِ (وَصُوفٍ عَلَى ظَهْرِ الْغَنَمِ) ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْهُ (وَجِذْعٍ فِي سَقْفٍ وَذِرَاعٍ مِنْ ثَوْبٍ) إذَا بَاعَ جِذْعًا فِي سَقْفٍ أَوْ ذِرَاعًا مِنْ ثَوْبٍ يَعْنِي ثَوْبًا يَضُرُّهُ التَّبْعِيضُ كَالْقَمِيصِ لَا الْكِرْبَاسِ فَالْبَيْعُ لَا يَجُوزُ ذَكَرَ الْقَطْعَ أَوْ لَا إذْ لَا يُمْكِنُهُ التَّسْلِيمُ إلَّا بِضَرَرٍ لَمْ يُوجِبْهُ الْعَقْدُ، وَمِثْلُهُ لَا يَكُونُ لَازِمًا فَيَتَمَكَّنُ مِنْ الرُّجُوعِ وَتَتَحَقَّقُ الْمُنَازَعَةُ، بِخِلَافِ مَا لَا يَضُرُّهُ التَّبْعِيضُ كَبَيْعِ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ مِنْ نُقْرَةِ فِضَّةٍ وَذِرَاعٍ مِنْ كِرْبَاسٍ فَإِنَّ بَيْعَهُ جَائِزٌ لِانْتِفَاءِ الْمَانِعِ وَبِهَذَا التَّقْرِيرِ يَنْدَفِعُ مَا يُقَالُ إنَّ هَذَا الضَّرَرَ مَرْضِيٌّ بِهِ، فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَكُونَ مُفْسِدًا وَلَوْ لَمْ يَكُنْ الْجِذْعُ مُعَيَّنًا لَا يَجُوزُ لِلُزُومِ الضَّرَرِ وَلِلْجَهَالَةِ أَيْضًا، وَلَوْ قَطَعَ الْبَائِعُ الذِّرَاعَ أَوْ قَلَعَ الْجِذْعَ قَبْلَ أَنْ يَفْسَخَ الْمُشْتَرِي عَادَ الْبَيْعُ صَحِيحًا لِزَوَالِ الْمُفْسِدِ قَبْلَ التَّقَرُّرِ.

(وَضَرْبَةِ الْقَانِصِ) وَهُوَ مَا يَخْرُجُ مِنْ الْمَاءِ بِضَرْبِ الشَّبَكَةِ مَرَّةً؛ لِأَنَّهُ مَجْهُولٌ (وَالْمُزَابَنَةِ) وَهُوَ بَيْعُ الثَّمَرِ بِالثَّاءِ الْمَنْقُوطَةِ بِالثَّلَاثِ عَلَى النَّخِيلِ بِتَمْرٍ بِالتَّاءِ الْمَنْقُوطَةِ بِثِنْتَيْنِ مَجْذُوذٍ مِثْلَ كَيْلِهِ خَرْصًا لِلنَّهْيِ عَنْهُ وَلِشَبَهِ الرِّبَا (وَالْمُلَامَسَةِ

ــ

[حاشية الشرنبلالي]

[بَيْع الْمَضَامِين]

قَوْلُهُ: وَفَسَدَ بَيْعُ سَمَكٍ لَمْ يُصَدْ) أَطْلَقَهُ وَقَالَ فِي الْبُرْهَانِ وَبَطَلَ بَيْعُ السَّمَكِ قَبْلَ صَيْدِهِ وَفَسَدَ لَوْ بِالْعَرْضِ. اهـ. فَمَحَلُّ الْفَسَادِ لَوْ بِيعَ بِمَا لَا يَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ.

(قَوْلُهُ: أَوْ صِيدَ وَأُلْقِيَ. . . إلَخْ) قَالَ فِي التَّبْيِينِ، وَإِنْ أَخَذَهُ ثُمَّ أَلْقَاهُ فِي حَظِيرَةٍ كَبِيرَةٍ بِحَيْثُ لَا يُمْكِنُ أَخْذُهُ إلَّا بِحِيلَةٍ لَا يَجُوزُ فَلَوْ سَلَّمَهُ بَعْدَ ذَلِكَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ اللَّتَيْنِ فِي بَيْعِ الْآبِقِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ بَاطِلٌ أَوْ فَاسِدٌ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ أَخَذَهُ بِدُونِهَا صَحَّ) أَقُولُ وَثَبَتَ لَهُ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ وَلَا يُعْتَدُّ بِرُؤْيَتِهِ وَهُوَ فِي الْمَاءُ؛ لِأَنَّهُ يَتَفَاوَتُ فِي الْمَاءِ وَخَارِجِهِ كَمَا فِي التَّبْيِينِ.

(قَوْلُهُ: لَا إذَا دَخَلَ فِي الْحَظِيرَةِ بِنَفْسِهِ وَلَمْ يَسُدَّ مَدْخَلُهُ لِعَدَمِ مِلْكِهِ) مَفْهُومُ التَّعْلِيلِ فِيهِ تَسَامُحٌ إذْ لَا بُدَّ مِنْ قُدْرَةِ التَّسْلِيمِ مَعَ الْمِلْكِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ الْمِلْكِ الصِّحَّةُ كَمَا لَوْ أَخَذَهُ وَأَلْقَاهُ فِي حَظِيرَةٍ لَا يَقْدِرُ عَلَى أَخْذِهِ مِنْهَا إلَّا بِحِيلَةٍ كَمَا تَقَدَّمَ فَيُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا دَخَلَ حَظِيرَةً يَقْدِرُ عَلَى أَخْذِهِ مِنْهَا بِلَا حِيلَةِ فَسَادِهَا.

[بَيْعُ الطَّيْرِ فِي الْهَوَاء]

(قَوْلُهُ: فَسَدَ بَيْعُ طَيْرٍ فِي الْهَوَاءِ) الْكَلَامُ فِيهِ كَمَا فِي السَّمَكِ قَبْلَ صَيْدِهِ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا قَالَ لَا يَرْجِعُ. . . إلَخْ) أَقُولُ مَا ذَكَرَهُ مِنْ التَّقْيِيدِ عَنْ الزَّيْلَعِيِّ خِلَافُ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ لِمَا قَالَ فِي الْبُرْهَانِ وَلَوْ كَانَ يَعْنِي الطَّيْرُ يَذْهَبُ وَيَجِيءُ كَالْحَمَامِ لَا يَجُوزُ أَيْضًا فِي الظَّاهِرِ.

[بَيْعُ الْحَمْلِ]

(قَوْلُهُ: وَفَسَدَ بَيْعُ الْحَمْلِ. . . إلَخْ) أَقُولُ صَرَّحَ بِفَسَادِهِ وَفَسَادِ بَيْعِ النِّتَاجِ فِي الِاخْتِيَارِ.

وَفِي الْكَنْزِ عَطَفَهُ عَلَى قَوْلِهِ لَمْ يَجُزْ بَيْعُ الْمَيْتَةِ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ بَاطِلًا كَالْمَيْتَةِ.

وَفِي الْبُرْهَانِ جَعَلَ بَيْعَ الْحَمْلِ وَالنِّتَاجِ مِنْ الْبَاطِلِ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَلُؤْلُؤٍ فِي صَدَفٍ) أَقُولُ فِي الْخَانِيَّةِ لَوْ اشْتَرَى لُؤْلُؤَةً فِي صَدَفٍ قَالَ أَبُو يُوسُفَ يَجُوزُ الْبَيْعُ وَلَهُ الْخِيَارُ إذَا رَآهَا وَقَالَ مُحَمَّدٌ لَا يَجُوزُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. اهـ.

(قَوْلُهُ: وَضَرْبَةِ الْقَانِصِ) أَقُولُ هُوَ مِنْ الْبَيْعِ الْبَاطِلِ كَمَا فِي الْبُرْهَانِ.

(قَوْلُهُ: وَهُوَ مَا يَخْرُجُ مِنْ الْمَاءِ بِضَرْبِ الشَّبَكَةِ مَرَّةً) أَقُولُ فَهُوَ عَلَى هَذَا مِنْ الْقَنْصِ يُقَالُ قَنَصَ يَقْنِصُ قَنْصًا إذَا صَادَ وَرَوَى فِي تَهْذِيبِ الْأَزْهَرِيِّ أَنَّهُ نَهَى عَنْ ضَرْبَةِ الْغَائِصِ وَهُوَ الْغَوَّاصُ عَلَى اللَّآلِئِ، وَكَذَا رَوَاهُ الزَّمَخْشَرِيُّ فِي الْفَائِقِ حَيْثُ فَسَّرَهُ بِقَوْلِهِ هِيَ أَنْ يَقُولَ أَغُوصُ غَوْصَةً فَمَا أَخْرَجْته فَهُوَ لَك بِكَذَا وَالْمَعْنَى فِيهِمَا وَاحِدٌ اهـ كَمَا فِي الْبُرْهَانِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>