للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عُذْرٍ كَذَلِكَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا يُكْرَهُ. وَأَمَّا الْقُعُودُ بِعُذْرٍ فَغَيْرُ مَكْرُوهٍ وَبِغَيْرِ عُذْرٍ جَازَ وَكُرِهَ عِنْدَهُ وَعِنْدَهُمَا لَمْ يَجُزْ.

(جُنَّ أَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ يَوْمًا وَلَيْلَةً قَضَى الْخَمْسَ، وَإِنْ زَادَ وَقْتُ الصَّلَاةِ لَا) لِمَا ذَكَرْنَا فِي بَابِ الْقَضَاءِ الْفَوَائِتِ أَنَّ عَلِيًّا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أُغْمِيَ عَلَيْهِ أَقَلَّ مِنْ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ فَقَضَاهُنَّ وَعَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ أُغْمِيَ عَلَيْهِ يَوْمًا وَلَيْلَةً فَقَضَاهُنَّ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ أُغْمِيَ عَلَيْهِ أَكْثَرَ مِنْ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ فَلَمْ يَقْضِهِنَّ فَدَلَّ أَنَّ التَّكْرَارَ مُعْتَبَرٌ فِي التَّخْفِيفِ وَالْجُنُونُ كَالْإِغْمَاءِ فِيمَا رَوَاهُ أَبُو سُلَيْمَانَ هُوَ الصَّحِيحُ (وَهُوَ الْأَصَحُّ) إلَّا مَا نُقِلَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ الزِّيَادَةُ مِنْ حَيْثُ السَّاعَاتُ أَيْ الْأَزْمِنَةُ لَا مَا يَتَعَارَفُهُ أَهْلُ النُّجُومِ (زَالَ عَقْلُهُ بِالْبَنْجِ أَوْ الْخَمْرِ لَزِمَهُ الْقَضَاءُ، وَإِنْ طَالَ) أَيْ زَوَالُ الْعَقْلِ؛ لِأَنَّ سُقُوطَ الْقَضَاءِ عُرِفَ بِالْأَثَرِ إذَا حَصَلَ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ فَلَا يُقَاسُ عَلَيْهِ مَا حَصَلَ بِفِعْلِهِ.

(قُطِعَتْ يَدَاهُ وَرِجْلَاهُ مِنْ الْمِرْفَقِ وَالْكَعْبِ) لَفٌّ وَنَشْرٌ (لَا صَلَاةَ عَلَيْهِ) ، كَذَا فِي الْكَافِي (وَقِيلَ إنْ وَجَدَ مَنْ يُوَضِّئُهُ يَأْمُرُهُ لِيَغْسِلَ وَجْهَهُ وَمَوْضِعَ الْقَطْعِ وَيَمْسَحَ رَأْسَهُ وَإِلَّا وَضَعَ وَجْهَهُ وَرَأْسَهُ فِي الْمَاءِ أَوْ يَمْسَحُ وَجْهَهُ وَمَوْضِعَ الْقَطْعِ عَلَى جِدَارٍ فَيُصَلِّيَ) ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.

(بَابُ الصَّلَاةِ عَلَى الدَّابَّةِ)

(كُلُّ مَوْضِعٍ يَجُوزُ لِلْمُسَافِرِ قَصْرُ الصَّلَاةِ فِيهِ) أَيْ ذَلِكَ الْمَوْضِعُ وَهُوَ خَارِجَ عُمُرَانِ مُقَامِهِ سَوَاءٌ كَانَ مُقَامُهُ مِصْرًا أَوْ قَرْيَةً كَمَا سَيَأْتِي فِي صَلَاةِ الْمُسَافِرِ (جَازَ فِيهِ) أَيْ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ (التَّطَوُّعُ لَهُ) أَيْ لِلْمُسَافِرِ (وَلِغَيْرِهِ عَلَيْهَا) أَيْ عَلَى الدَّابَّةِ (بِإِيمَاءٍ حَيْثُ تَوَجَّهَتْ) الدَّابَّةُ قِبْلَةً كَانَ أَوْ لَا (وَلَوْ بِلَا عُذْرٍ) أَيْ جَازَ التَّطَوُّعُ فِيهِ عَلَى تَقْدِيمِ عَدَمِ الْعُذْرِ.

(وَ) جَازَ فِيهِ (الْمَكْتُوبَةُ بِهِ) أَيْ بِعُذْرٍ قَالَ قَاضِي خَانْ إذَا صَلَّى عَلَى الدَّابَّةِ بِعُذْرٍ إنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى إيقَافِهَا جَازَ الْإِيمَاءُ عَلَيْهَا، وَإِنْ كَانَتْ تَسِيرُ، وَإِنْ قَدَرَ لَمْ يَجُزْ

ــ

[حاشية الشرنبلالي]

عُذْرٍ كَذَلِكَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ. . . إلَخْ) .

أَقُولُ أَيْ لَا يُكْرَهُ الِاتِّكَاءُ عِنْدَهُ بِغَيْرِ عُذْرٍ وَهَذَا عَلَى إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ وَهُوَ مَرْجُوحٌ وَالْأَظْهَرُ الْكَرَاهَةُ عِنْدَهُ كَقَوْلِهِمَا كَمَا فِي الْبُرْهَانِ.

وَقَالَ الزَّيْلَعِيُّ يُكْرَهُ الِاتِّكَاءُ عِنْدَهُ بِغَيْرِ عُذْرٍ؛ لِأَنَّهُ إسَاءَةُ أَدَبٍ، وَقِيلَ لَا يُكْرَهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ الْقُعُودُ عِنْدَهُ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ مَعَ الْكَرَاهَةِ فَيَجُوزُ الِاتِّكَاءُ بِلَا كَرَاهَةٍ؛ لِأَنَّهُ فَوْقَهُ اهـ.

وَمِثْلُهُ فِي الْهِدَايَةِ، وَقَالَ الْكَمَالُ تَعْلِيلُ عَدَمِ كَرَاهَةِ الِاتِّكَاءِ بِغَيْرِ عُذْرٍ مَمْنُوعُ الْمُلَازَمَةِ لِجَوَازِ أَنْ لَا يُكْرَهَ الْقُعُودُ وَيُكْرَهُ الِاتِّكَاءُ؛ لِأَنَّهُ يُعَدُّ إسَاءَةَ أَدَبٍ دُونَ الْقُعُودِ إذَا كَانَ عَلَى هَيْئَةٍ لَا تُعَدُّ إسَاءَةً. (قَوْلُهُ. وَأَمَّا الْقُعُودُ بِعُذْرٍ فَغَيْرُ مَكْرُوهٍ) أَيْ بَعْدَ مَا شَرَعَ قَائِمًا؛ لِأَنَّهُ الْمُتَحَدَّثُ عَنْهُ فِي الْمَتْنِ، وَإِنْ كَانَ الْحُكْمُ أَعَمَّ مِنْهُ.

(قَوْلُهُ وَبِغَيْرِ عُذْرٍ جَازَ وَكُرِهَ عِنْدَهُ) قَدَّمَ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي بَابِ النَّوَافِلِ أَنَّهُ يَنْتَقِلُ قَاعِدًا مَعَ الْقُدْرَةِ ابْتِدَاءً وَكُرِهَ بَقَاءً إلَّا بِعُذْرٍ اهـ فَأَفَادَ عَدَمَ كَرَاهَةِ الْقُعُودِ ابْتِدَاءً بِلَا عُذْرٍ وَلَا يُخَالِفُ هَذَا؛ لِأَنَّ مَوْضُوعَهُ الْقُعُودُ بَعْدَمَا شَرَعَ قَائِمًا كَمَا ذَكَرْنَاهُ وَلَكِنْ هُوَ مَرْجُوحٌ لِمَا قَالَ فِي الْعِنَايَةِ ذَكَرَ فِي مَبْسُوطِ فَخْرِ الْإِسْلَامِ وَجَامِعِ ابْنِ الْمُعِينِ رَحِمَهُمَا اللَّهُ أَنَّهُ لَوْ قَعَدَ فِي النَّفْلِ لَا يُكْرَهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ فِي الصَّحِيحِ؛ لِأَنَّ الِابْتِدَاءَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ مَشْرُوعٌ بِلَا كَرَاهَةٍ فَالْبَقَاءُ أَوْلَى؛ لِأَنَّ حُكْمَ الْبَقَاءِ أَسْهَلُ مِنْ حُكْمِ الِابْتِدَاءِ اهـ.

وَلِقَوْلِ الْكَمَالِ الْأَصَحُّ خِلَافُ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ أَيْ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ بِقَوْلِهِ، وَإِنْ قَعَدَ بِغَيْرِ عُذْرٍ يُكْرَهُ بِالِاتِّفَاقِ صَرَّحَ فَخْرُ الْإِسْلَامِ بِأَنَّ الِاتِّكَاءَ يُكْرَهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَالْقُعُودُ لَا يُكْرَهُ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ اهـ.

وَقَالَ فِي الْعِنَايَةِ قَوْلُهُ، وَإِنْ قَعَدَ يَعْنِي بَعْدَمَا افْتَتَحَ قَائِمًا مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ يُكْرَهُ بِالِاتِّفَاقِ. وَقَوْلُهُ بِالِاتِّفَاقِ يُخَالِفُ قَوْلَهُ قُبَيْلَ هَذَا لَوْ قَعَدَ يَجُوزُ عِنْدَهُ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ. اهـ.

قُلْتُ الْحُكْمُ بِالْمُخَالَفَةِ غَيْرُ ظَاهِرٍ؛ لِأَنَّ الصُّورَةَ غَيْرُ مُتَّحِدَةٍ إذْ مَوْضُوعُ قَوْلِهِ أَوَّلًا فِي الْقُعُودِ ابْتِدَاءً وَثَانِيًا فِي الْقُعُودِ بَقَاءً وَأَيْضًا فِي تَعْبِيرِ الْعِنَايَةِ بِلَفْظِ يَعْنِي تَجَوُّزٌ؛ لِأَنَّ كَلَامَ الْهِدَايَةِ ظَاهِرٌ فِي أَنَّ الْحُكْمَ فِي الْقُعُودِ بَقَاءً إذْ هُوَ الْمُتَحَدَّثُ عَنْهُ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَعِنْدَهُمَا لَمْ يَجُزْ) أَقُولُ أَيْ لَمْ يَجُزْ بَعْدَ مَا افْتَتَحَ قَائِمًا إتْمَامَهُ جَالِسًا بِلَا عُذْرٍ عِنْدَهُمَا وَلَا بُدَّ مِنْ هَذَا الْحَمْلِ كَمَا ذَكَرْنَاهُ؛ لِأَنَّ التَّنَفُّلَ قَاعِدًا ابْتِدَاءً مُطْلَقًا جَائِزٌ اتِّفَاقًا.

(قَوْلُهُ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ أُغْمِيَ عَلَيْهِ. . . إلَخْ) أَقُولُ هَذَا هُوَ الْمَسْطُورُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْعِنَايَةِ وَفَتْحِ الْقَدِيرِ وَالتَّبْيِينِ وَالْكَافِي، وَاَلَّذِي ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي بَابِ قَضَاءِ الْفَوَائِتِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ وَلَمْ أَرَهُ كَذَلِكَ فِيمَا ذَكَرْت مِنْ النُّقُولِ.

(قَوْلُهُ فَلَا يُقَاسُ عَلَيْهِ مَا حَصَلَ بِفِعْلِهِ) أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّهُ لَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ بِفَزَعٍ مِنْ سَبُعٍ أَوْ آدَمِيٍّ لَا يَجِبُ الْقَضَاءُ بِالْإِجْمَاعِ؛ لِأَنَّ الْخَوْفَ بِسَبَبِ ضَعْفِ قَلْبِهِ وَهُوَ مَرَضٌ كَمَا ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ.

(قَوْلُهُ قُطِعَتْ يَدَاهُ. . . إلَخْ) أَقُولُ هَذَا عَنْ مُحَمَّدٍ فِي النَّوَادِرِ وَفِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ تَجِبُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ ذَكَرَهُ الْكَاكِيُّ.

وَفِي شَرْحِ الزِّيَادَاتِ لِقَاضِي خَانْ لَوْ كَانَ إحْدَى الرِّجْلَيْنِ مَقْطُوعًا مِنْ الْكَعْبِ أَوْ دُونَهَا فَإِنْ غَسْلَ مَوْضِعِ الْقَطْعِ فَرْضٌ، وَلَوْ قُطِعَتْ فَوْقَ الْكَعْبِ سَقَطَ لِزَوَالِ الْمَحَلِّ، وَلَوْ شُلَّتْ يَدَاهُ وَعَجَزَ عَنْ اسْتِعْمَالِ الطُّهُورَيْنِ يَمْسَحُ وَجْهَهُ وَذِرَاعَيْهِ بِالْحَائِطِ أَوْ الْأَرْضِ وَلَا يَدَعْ الصَّلَاةَ كَمَا فِي الْبُرْهَانِ.

وَفِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِلْكَرْخِيِّ مَقْطُوعُ الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ إذَا كَانَ بِوَجْهِهِ جِرَاحَةٌ يُصَلِّي بِغَيْرِ طَهَارَةٍ وَلَا يَتَيَمَّمُ وَلَا يُعِيدُ وَهُوَ الْأَصَحُّ كَمَا فِي الْفَيْضِ.

[بَابُ الصَّلَاةِ عَلَى الدَّابَّةِ]

(بَابُ الصَّلَاةِ عَلَى الدَّابَّةِ) إلَخْ تَقَدَّمَ فِي الْوِتْرِ وَالنَّوَافِلِ مَا فِيهِ كِفَايَةٌ عَنْهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>