للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي كُلِّ سِنٍّ نِصْفُ عُشْرِ الدِّيَةِ وَهُوَ خَمْسٌ مِنْ الْإِبِلِ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي حَدِيثِ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «وَفِي كُلِّ سِنٍّ خَمْسٌ مِنْ الْإِبِلِ وَمِنْ الدَّرَاهِمِ خَمْسُمِائَةِ دِرْهَمٍ» فَإِنْ قِيلَ لَوْ قُلْنَا بِذَلِكَ يَزِيدُ عَلَى دِيَةٍ وَاحِدَةٍ إذَا أَتْلَفَ كُلَّ الْأَسْنَانِ لِأَنَّهَا فِي الْغَالِبِ اثْنَانِ وَثَلَاثُونَ سِنًّا وَفِي إتْلَافِ كُلِّهَا إتْلَافُ النَّفْسِ مِنْ وَجْهٍ لِتَفْوِيتِ جِنْسِ الْمَنْفَعَةِ لِأَنَّهَا تَصِيرُ كَالْهَالِكَةِ مَعْنًى وَحُكْمُ الْإِتْلَافِ مِنْ وَجْهٍ لَا يَجُوزُ أَنْ يَزِيدَ عَلَى الْإِتْلَافِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ قُلْنَا هَذَا ثَابِتٌ بِخِلَافِ الْقِيَاسِ بِالنَّصِّ فَلَا يَرِدُ السُّؤَالُ كَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ وَإِذَا ثَبَتَ هَذَا بِخِلَافِ الْقِيَاسِ كَانَ غَيْرَ مَعْقُولِ الْمَعْنَى فَلَا يَجِبُ أَنْ يُذْكَرَ لَهُ وَجْهٌ مَعْقُولٌ وَإِنْ أُرِيدَ ذَلِكَ بِطَرِيقِ التَّبَرُّعِ فَالْوَجْهُ مَا ذَكَرَهُ صَدْرُ الشَّرِيعَةِ أَنَّ عَدَدَ الْأَسْنَانِ وَإِنْ كَانَ اثْنَيْنِ وَثَلَاثِينَ فَالْأَرْبَعَةُ الْأَخِيرَةُ وَهِيَ أَسَاسُ الْحُلُمِ فَلَا تَنْبُتُ لِبَعْضِ النَّاسِ وَقَدْ يَنْبُتُ لِبَعْضِهِمْ بَعْضُهَا وَلِلْبَعْضِ كُلُّهَا فَالْعَدَدُ الْمُتَوَسِّطُ لِلْأَسْنَانِ ثَلَاثُونَ ثُمَّ لِلْأَسْنَانِ مَنْفَعَتَانِ الزِّينَةُ وَالْمَضْغُ فَإِذَا سَقَطَ سِنٌّ بَطَلَ مَنْفَعَتُهَا بِالْكُلِّيَّةِ وَنِصْفُ مَنْفَعَةِ السِّنِّ الَّتِي تُقَابِلُهَا وَهِيَ مَنْفَعَةُ الْمَضْغِ وَإِنْ كَانَ النِّصْفُ الْآخَرُ وَهُوَ الزِّينَةُ بَاقِيًا وَإِذَا كَانَ الْعَدَدُ الْمُتَوَسِّطُ ثَلَاثِينَ فَمَنْفَعَةُ السِّنِّ الْوَاحِدَةِ ثُلُثُ الْعُشْرِ وَنِصْفُ الْمَنْفَعَةِ سُدُسُ الْعُشْرِ وَمَجْمُوعُهُمَا نِصْفُ الْعُشْرِ

(وَفِي عُضْوٍ زَالَ نَفْعُهُ بِضَرْبٍ دِيَتُهُ كَيَدٍ شُلَّتْ وَعَيْنٍ عَمِيَتْ وَصُلْبٍ انْقَطَعَ نَسْلُهُ) لِأَنَّ وُجُوبَ الدِّيَةِ يَتَعَلَّقُ بِتَفْوِيتِ جِنْسِ الْمَنْفَعَةِ وَلَا عِبْرَةَ لِلصُّورَةِ بِلَا مَنْفَعَةٍ إلَّا إذَا تَجَرَّدَتْ عَنْ الْمَنْفَعَةِ عِنْدَ الْإِتْلَافِ فَحِينَئِذٍ تَجِبُ فِيهِ حُكُومَةُ عَدْلٍ إنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ جَمَالٌ كَالْيَدِ الشَّلَّاءِ أَوْ أَرْشُهُ كَامِلًا إنْ كَانَ فِيهِ ذَلِكَ كَالْأُذُنِ الشَّاخِصَةِ ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ

(فَصْلٌ)

(لَا قَوَدَ فِي الشِّجَاجِ إلَّا فِي الْمُوضِحَةِ عَمْدًا) وَهِيَ الَّتِي تُوضِحُ الْعَظْمَ أَيْ تُبِينُهُ لِإِمْكَانِ اعْتِبَارِ الْمُسَاوَاةِ فِيهَا بِأَنْ يَسِيرَ غَوْرُهَا بِالْمِسْبَارِ ثُمَّ يَتَّخِذَ حَدِيدَةً بِقَدْرِ ذَلِكَ فَيَقْطَعَ بِهَا مِقْدَارَ مَا قُطِعَ وَفِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ يَجِبُ الْقِصَاصُ فِيمَا دُونَهَا أَيْضًا ذَكَرَهُ مُحَمَّدٌ فِي الْأَصْلِ وَهُوَ الْأَصَحُّ لِإِمْكَانِ اعْتِبَارِ الْمُسَاوَاةِ فِيهِ أَيْضًا مِمَّا ذُكِرَ فِي الْمُوضِحَةِ ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ (وَفِيهَا خَطَأً نِصْفُ عُشْرِ الدِّيَةِ وَفِي الْهَاشِمَةِ عُشْرُهَا) وَهِيَ الَّتِي تَكْسِرُ الْعَظْمَ

(وَالْمُنَقِّلَةِ عُشْرُهَا وَنِصْفُ عُشْرِهَا) وَهِيَ الَّتِي تُنَقِّلُ الْعَظْمَ بَعْدَ الْكَسْرِ (وَالْآمَّةُ) وَهِيَ الَّتِي تَصِلُ إلَى أُمِّ الدِّمَاغِ وَهِيَ جِلْدَةٌ رَقِيقَةٌ تَجْمَعُ الدِّمَاغَ وَبَعْدَ الْآمَّةِ شَجَّةٌ تُسَمَّى الدَّامِغَةَ بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَهِيَ الَّتِي تَصِلُ إلَى الدِّمَاغِ لَمْ يَذْكُرْهَا مُحَمَّدٌ رَحِمَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ لِأَنَّ النَّفْسَ لَا تَبْقَى بَعْدَهَا عَادَةً فَتَكُونُ قَتْلًا لَا مِنْ الشِّجَاجِ وَالْكَلَامُ فِيهَا (أَوْ الْجَائِفَةُ) وَهِيَ الَّتِي تَصِلُ إلَى الْجَوْفِ (ثُلُثُهَا) كُلُّ ذَلِكَ ثَبَتَ بِالْحَدِيثِ (وَفِي جَائِفَةٍ نَفَذَتْ) إلَى الْجَانِبِ الْآخَرِ (ثُلُثَاهَا) لِأَنَّ أَبَا بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - هَكَذَا حَكَمَ وَلِأَنَّهُمَا جَائِفَتَانِ (وَفِي الْحَارِصَةِ) هُوَ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ خَبَرٌ لِقَوْلِهِ الْآتِي حُكُومَةُ عَدْلٍ وَهِيَ بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ الَّتِي تَحْرِصُ الْجِلْدَ أَيْ تَخْدِشُهُ وَلَا يَخْرُجُ الدَّمُ (وَالدَّامِعَةِ) بِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَهِيَ الَّتِي تُظْهِرُ الدَّمَ وَلَا تُسِيلُهُ بَلْ تَجَمَّعُ فِي مَوْضِعِ الْجِرَاحَةِ كَالدَّمْعِ فِي الْعَيْنِ (وَالدَّامِيَةِ) وَهِيَ الَّتِي تُسِيلُ الدَّمَ (وَالْبَاضِعَةِ) وَهِيَ الَّتِي تُبْضِعُ الْجِلْدَ أَيْ تَقْطَعُهُ (وَالْمُتَلَاحِمَةِ) وَهِيَ الَّتِي تَأْخُذُ فِي اللَّحْمِ وَتَقْطَعُهُ (وَالسِّمْحَاقِ) وَهِيَ الَّتِي

ــ

[حاشية الشرنبلالي]

قَوْلُهُ فَالْوَجْهُ مَا ذَكَرَ صَدْرُ الشَّرِيعَةِ. . . إلَخْ) هُوَ وَإِنْ كَانَ ظَاهِرًا فِي الْجَوَابِ غَيْرَ مُطَّرِدٍ إذْ يُنْتَقَصُ بِقَطْعِ نَحْوِ الْإِبْهَامِ أَوْ الْمُسَبِّحَةِ لِعَدَمِ إيجَابِ الشَّارِعِ أَزْيَدَ مِنْ حِصَّتِهِ مِنْ تَمَامِ دِيَةِ النَّفْسِ وَإِنْ كَانَ جَارَتُهَا مِنْ الْأَصَابِعِ لَا يَحْصُلُ تَمَامُ مَنْفَعَتِهَا إلَّا بِمَا يُجَاوِرُهَا

(قَوْلُهُ فَانْقَطَعَ نَسْلُهُ) فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ قَطْعَ النَّسْلِ لَا يُوقَفُ عَلَيْهِ فَحَقُّ الْعِبَارَةِ أَنْ يُقَالَ فَانْقَطَعَ مَاؤُهُ لِيُدَارَ الْحُكْمُ عَلَى سَبَبِهِ الظَّاهِرِ وَهُوَ نُزُولُ الْمَاءِ وَقَوْلُهُ وَذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ هُوَ لَمْ يَذْكُرْ فَانْقَطَعَ نَسْلُهُ بَلْ فَانْقَطَعَ مَاؤُهُ وَكَذَا قَالَ قَاضِي خَانْ ضُرِبَ عَلَى الظَّهْرِ فَانْقَطَعَ مَاؤُهُ وَعَلَّلَهُ الزَّيْلَعِيُّ بِقَوْلِهِ لِأَنَّ فِيهِ تَفْوِيتَ مَنْفَعَةٍ كَامِلَةٍ وَهِيَ مَنْفَعَةُ النَّسْلِ انْتَهَى.

[فَصْل الْقَوَدَ فِي الشِّجَاجِ]

(فَصْلٌ فِي الشِّجَاجِ) (قَوْلُهُ وَفِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ يَجِبُ الْقِصَاصِ فِيمَا دُونَهَا) شَامِلٌ لِلسِّمْحَاقِ وَفِيهِ تَسَامُحٌ لَمَّا قَالَ فِي الْجَوْهَرَةِ ذَكَرَ مُحَمَّدٌ فِي الْأَصْلِ وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ إنَّ مَا قَبْلَ الْمُوضِحَةِ فِيهِ الْقِصَاصُ إلَّا فِي السِّمْحَاقِ فَإِنَّهُ لَا قِصَاصَ فِيهِ إجْمَاعًا لِعَدَمِ الْمُمَاثَلَةِ لِأَنَّهُ لَا يَقْدِرُ أَنْ يَشُقَّ حَتَّى يَنْتَهِيَ إلَى جِلْدَةٍ رَقِيقَةٍ فَوْقَ الْعَظْمِ وَإِنَّمَا خَصَّ مَا دُونَ الْمُوضِحَةِ بِالْحُكْمِ احْتِرَازًا عَمَّا فَوْقَهَا كَالْهَاشِمَةِ وَالْمُنَقِّلَةِ لِأَنَّهُ لَا قِصَاصَ فِيهِ إجْمَاعًا انْتَهَى (قَوْلُهُ وَفِيهَا خَطَأً نِصْفُ عُشْرِ الدِّيَةِ) يَعْنِي فَيَجِبُ خَمْسٌ مِنْ الْإِبِلِ إنْ كَانَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ رَجُلًا وَنِصْفُهَا أَيْ الْخَمْسَةِ إنْ كَانَ امْرَأَةً كَمَا فِي الْجَوْهَرَةِ

(قَوْلُهُ وَالْجَائِفَةُ مَوْضِعُهَا مَا بَيْنَ اللَّبَّةِ وَالْعَانَةِ) كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ (قَوْلُهُ وَالدَّامِيَةُ وَهِيَ الَّتِي تُسِيلُ الدَّمَ) كَذَا قَالَهُ الزَّيْلَعِيُّ ثُمَّ قَالَ وَذَكَرَ الْمَرْغِينَانِيُّ أَنَّ الدَّامِيَةَ وَهِيَ الَّتِي تُدْمَى مِنْ غَيْرِ أَنْ يَسِيلَ مِنْهَا دَمٌ هُوَ الصَّحِيحُ مَرْوِيٌّ عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ انْتَهَى (قَوْلُهُ وَالْمُتَلَاحِمَةُ. . . إلَخْ) هُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ وَالِاخْتِلَافُ الَّذِي فِي تَفْسِيرِ الشِّجَاج رَاجِعٌ إلَى مَأْخَذِ الِاشْتِقَاقِ لَا الْحُكْمِ كَمَا فِي التَّبْيِينِ وَكَذَا قَالَ قَاضِي خَانْ هِيَ الَّتِي تَدُقُّ وَلَا تَقْطَعُ

<<  <  ج: ص:  >  >>