للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَصِلُ إلَى جِلْدَةٍ رَقِيقَةٍ بَيْنَ اللَّحْمِ وَعَظْمِ الرَّأْسِ وَتُسَمَّى سِمْحَاقًا (حُكُومَةُ عَدْلٍ) إذْ لَيْسَ فِيهَا أَرْشٌ مُقَدَّرٌ شَرْعًا وَلَا يُمْكِنُ إهْدَارُهَا فَيَجِبُ فِيهَا حُكُومَةُ عَدْلٍ وَهُوَ مَأْثُورٌ عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ وَعَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ فَبَيَّنَ الْحُكُومَةَ بِقَوْلِهِ (فَيُقَوَّمُ عَبْدًا بِلَا هَذَا الْأَثَرِ ثُمَّ مَعَهُ فَقَدْرُ التَّفَاوُتِ بَيْنَ الْقِيمَتَيْنِ مِنْ الدِّيَةِ هُوَ الْحُكُومَةُ) فَيُفْرَضُ أَنَّ هَذَا الْحُرَّ عَبْدٌ وَقِيمَتُهُ بِلَا هَذَا الْأَثَرِ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَمَعَهُ تِسْعُمِائَةِ دِرْهَمٍ فَالتَّفَاوُتُ بَيْنَهُمَا مِائَةُ دِرْهَمٍ وَهُوَ عُشْرُ الْأَلْفِ فَيُؤْخَذُ هَذَا التَّفَاوُتُ مِنْ الدِّيَةِ وَهِيَ عَشْرَةُ آلَافِ دِرْهَمٍ فَعُشْرُهَا أَلْفُ دِرْهَمٍ فَهُوَ حُكُومَةُ الْعَدْلِ (وَبِهِ يُفْتَى) احْتِرَازٌ عَمَّا ذَكَرَهُ الْكَرْخِيُّ أَنَّهُ يُنْظَرُ فِي مِقْدَارِ هَذِهِ الشَّجَّةِ مِنْ الْمُوضِحَةِ فَتَجِبُ بِقَدْرِ ذَلِكَ مِنْ نِصْفِ عُشْرِ الدِّيَةِ وَقَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ قَوْلُ الْكَرْخِيِّ أَصَحُّ لِأَنَّ عَلِيًّا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - اعْتَبَرَهُ بِهَذَا الطَّرِيقِ فِيمَنْ قَطَعَ طَرَفَ لِسَانِهِ ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ

(وَفِي أَصَابِعِ يَدٍ بِلَا كَفٍّ وَبِهَا نِصْفُ الدِّيَةِ) يَعْنِي أَنَّ الْأَرْشَ لَا يَزِيدُ بِسَبَبِ الْكَفِّ لِأَنَّهُ تَابِعٌ بَلْ الْوَاجِبُ فِي كُلِّ أُصْبُعٍ عَشْرٌ مِنْ الْإِبِلِ فَيَكُونُ فِي الْخَمْسَةِ خَمْسُونَ ضَرُورَةً وَهُوَ نِصْفُ الدِّيَةِ (وَمَعَ نِصْفِ السَّاعِدِ نِصْفُ دِيَةٍ) لِلْأَصَابِعِ (وَالْحُكُومَةُ) السَّاعِدُ (فِي كَفٍّ فِيهَا أُصْبُعٌ عُشْرُهَا) لِأُصْبُعٍ (وَإِنْ كَانَ أُصْبُعَانِ فَخُمُسُهَا) لِلْأُصْبُعَيْنِ (وَلَا شَيْءَ فِي الْكَفِّ) لِمَا مَرَّ (وَفِي أُصْبُعٍ زَائِدَةٍ) وَهُوَ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ خَبَرٌ لِقَوْلِهِ الْآتِي الْحُكُومَةُ

(وَعَيْنُ صَبِيٍّ وَذَكَرُهُ وَلِسَانُهُ إنْ لَمْ يُعْلَمْ صِحَّتُهُ) أَيْ صِحَّةُ كُلٍّ مِنْ الثَّلَاثَةِ (بِمَا دَلَّ عَلَى نَظَرِهِ) فِي الْعَيْنِ (وَبِحَرَكَةِ ذَكَرِهِ) فِي الذَّكَرِ (وَكَلَامِهِ) فِي اللِّسَانِ (الْحُكُومَةُ وَإِنْ عُلِمَتْ) أَيْ صِحَّتُهُ (فَالدِّيَةُ) فَإِنَّ حُكْمَهُ بَعْدَ ذَلِكَ حُكْمُ الْبَالِغِ فِي الْعَمْدِ وَالْخَطَأِ (وَدَخَلَ أَرْشُ مُوضِحَةٍ أَذْهَبَتْ عَقْلَهُ أَوْ شَعْرَ رَأْسِهِ فِي الدِّيَةِ) يَعْنِي إذَا شَجَّ رَجُلًا مُوضِحَةً فَذَهَبَ عَقْلُهُ أَوْ شَعْرُ رَأْسِهِ وَلَمْ يَنْبُتْ دَخَلَ أَرْشُ الْمُوضِحَةِ فِي الدِّيَةِ لِأَنَّ فَوَاتَ الْعَقْلِ يُبْطِلُ مَنْفَعَةَ جَمِيعِ الْأَعْضَاءِ إذْ لَا يَنْتَفِعُ بِدُونِهِ فَصَارَ كَمَا إذَا أَوْضَحَهُ فَمَاتَ وَأَرْشُ الْمُوضِحَةِ يَجِبُ بِفَوَاتِ جُزْءٍ مِنْ الشَّعْرِ حَتَّى لَوْ نَبَتَ الشَّعْرُ سَقَطَ أَرْشُهَا وَالدِّيَةُ وَجَبَتْ بِفَوَاتِ الشَّعْرِ وَقَدْ تَعَلَّقَا جَمِيعًا بِسَبَبٍ وَاحِدٍ وَهُوَ فَوَاتُ الشَّعْرِ فَيَدْخُلُ الْجُزْءُ فِي الْكُلِّ كَمَنْ قَطَعَ أُصْبُعَ رَجُلٍ فَشُلَّتْ بِهِ يَدُهُ (بِخِلَافِ إذْهَابِ السَّمْعِ أَوْ الْبَصَرِ أَوْ النُّطْقِ) أَيْ لَوْ شَجَّهُ مُوضِحَةً فَذَهَبَ أَحَدُ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ لَا يَدْخُلُ أَرْشُ الْمُوضِحَةِ فِي أَرْشٍ وَاحِدٍ مِنْهَا لِأَنَّ كُلًّا مِنْهَا جِنَايَةٌ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ وَالْمَنْفَعَةُ مُخْتَصَّةٌ بِهِ فَأَشْبَهَ الْأَعْضَاءَ الْمُخْتَلِفَةَ بِخِلَافِ الْعَقْلِ لِأَنَّ نَفْعَهُ عَائِدٌ إلَى جَمِيعِ الْأَعْضَاءِ كَمَا مَرَّ (طَرِيقُ مَعْرِفَةِ ذَهَابِ السَّمْعِ أَنْ يَتْرُكَ الْمَجْنِيَّ عَلَيْهِ حَتَّى يَغْفُلَ ثُمَّ يُنَادِيَ إنْ أَجَابَ أَوْ الْتَفَتَ عَلِمَ أَنَّهُ لَمْ يَذْهَبْ) كَذَا فِي الْفَتَاوَى الصُّغْرَى (وَطَرِيقُ مَعْرِفَةِ ذَهَابِ الْبَصَرِ أَنْ يُرَى أَهْلَ الْبَصِيرَةِ فَإِنْ

ــ

[حاشية الشرنبلالي]

قَوْلُهُ حُكُومَةُ عَدْلٍ) لَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ الْعَمْدِ وَغَيْرِهِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَمَا فِي الْكَافِي وَالْوِقَايَةِ وَفِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ يَجِبُ الْقِصَاصُ كَمَا فِي الْبُرْهَانِ وَكَمَا قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ أَوَّلَ الْفَصْلِ عَنْ الزَّيْلَعِيِّ (قَوْلُهُ فَيُفْرَضُ أَنَّ هَذَا الْحُرَّ عَبْدٌ. . . إلَخْ)

قَالَهُ الطَّحَاوِيُّ (قَوْلُهُ ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ) صَحِيحٌ بِرُجُوعِهِ إلَى قَوْلِهِ وَقَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ وَأَمَّا قَوْلُهُ وَبِهِ يُفْتَى احْتِرَازٌ. . . إلَخْ فَلَيْسَ عِبَارَةَ الزَّيْلَعِيِّ فَإِنَّهُ قَالَ بَعْدَ حِكَايَةِ قَوْلِ الطَّحَاوِيِّ وَقَالَ الْكَرْخِيُّ مَا ذَكَرَهُ الطَّحَاوِيُّ لَيْسَ بِصَحِيحٍ لِأَنَّهُ لَوْ اُعْتُبِرَ بِذَلِكَ الطَّرِيقِ فَرُبَّمَا يَكُونُ نُقْصَانُ الْقِيمَةِ أَكْثَرَ مِنْ نِصْفِ عُشْرِ الدِّيَةِ فَيُؤَدِّي إلَى أَنْ يُوجِبَ فِي هَذِهِ الشِّجَاجِ وَهُوَ مَا دُونَ الْمُوضِحَةِ أَكْثَرُ مِمَّا أَوْجَبَهُ الشَّرْعُ فِي الْمُوضِحَةِ وَأَنَّهُ مُحَالٌ بَلْ الصَّحِيحُ الِاعْتِبَارُ بِالْمِقْدَارِ وَقَالَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ يَنْظُرُ الْمُفْتِي فِي هَذَا إنْ أَمْكَنَهُ الْفَتْوَى بِالثَّانِي بِأَنْ كَانَتْ الْجِنَايَةُ فِي الرَّأْسِ وَالْوَجْهِ يُفْتِي بِالثَّانِي أَيْ قَوْلِ الْكَرْخِيِّ وَإِنْ لَمْ يَتَيَسَّرْ عَلَيْهِ ذَلِكَ يُفْتِي بِالْقَوْلِ الْأَوَّلِ لِأَنَّهُ أَيْسَرُ قَالَ وَكَانَ الْمَرْغِينَانِيُّ يُفْتِي بِهِ وَقَالَ فِي الْمُحِيطِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَنْظُرُ كَمْ مِقْدَارُ هَذِهِ الشَّجَّةِ مِنْ أَقَلِّ شَجَّةٍ لَهَا أَرْشٌ مُقَدَّرٌ فَإِنْ كَانَ مِقْدَارُهُ مِثْلَ نِصْفِ شَجَّةٍ لَهَا أَرْشٌ أَوْ ثُلُثُهَا وَجَبَ نِصْفُ أَوْ ثُلُثُ أَرْشِ تِلْكَ الشَّجَّةِ وَإِنْ كَانَ رُبْعًا فَرُبْعٌ ذَكَرَهُ بَعْدَ الْقَوْلَيْنِ فَكَأَنَّهُ جَعَلَهُ قَوْلًا ثَالِثًا وَالْأَشْبَهُ أَنْ يَكُونَ هَذَا تَفْسِيرًا لِقَوْلِ الْكَرْخِيِّ وَقَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ قَوْلُ الْكَرْخِيِّ أَصَحُّ إلَى آخِرِهِ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ

(قَوْلُهُ يَعْنِي أَنَّ الْأَرْشَ لَا يَزِيدُ بِسَبَبِ الْكَفِّ) هَذَا فِي الثَّلَاثِ فَمَا زَادَ اتِّفَاقًا وَأَمَّا إذَا كَانَ مَعَهُ إصْبَعَانِ أَوْ إصْبَعٌ فَهُوَ تَبَعٌ أَيْضًا عِنْدَهُ وَأَوْجَبَا الْأَكْثَرَ مِنْ الْأَرْشِ وَحُكُومَةَ الْكَفِّ وَأَدْخَلَا الْأَقَلَّ فِي الْأَكْثَرِ كَمَا فِي الْبُرْهَانِ

(قَوْلُهُ طَرِيقُ مَعْرِفَةِ ذَهَابِ السَّمْعِ. . . إلَخْ) لَمْ يُبَيِّنْ بَعْدَهُ طَرِيقَ مَعْرِفَةِ ذَهَابِ الشَّمِّ وَالذَّوْقِ وَالْكَلَامِ وَرَأَيْت بِخَطِّ شَيْخِ أُسْتَاذِي الْعَلَّامَةِ عَلِيٍّ الْمَقْدِسِيِّ أَنَّ فِي الْكَلَامِ يَغْرِزُ لِسَانَهُ بِإِبْرَةٍ فَإِنْ خَرَجَ مِنْهُ دَمٌ أَسْوَدُ فَصَادِقٌ وَإِنْ خَرَجَ أَحْمَرُ فَلَا وَفِي الشَّمِّ بِالرَّوَائِحِ الْكَرِيهَةِ اهـ.

(قُلْت) وَالذَّوْقُ يُمْكِنُ مَعْرِفَتُهُ بِاسْتِغْفَالِهِ بِإِطْعَامِهِ نَحْوَ حَنْظَلٍ بَعْدَ خُلُوٍّ (قَوْلُهُ وَطَرِيقُ مَعْرِفَةِ ذَهَابِ الْبَصَرِ. . . إلَخْ) هَذَا وَقَالَ قَاضِي خَانْ قَالَ بَعْضُهُمْ إذَا أَخْبَرَ رَجُلَانِ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّهُ قَدْ ذَهَبَ بَصَرُهُ يُؤْخَذُ بِقَوْلِهِمَا وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يُقَامُ الْمَضْرُوبُ مُسْتَقْبِلَ الشَّمْسِ مَفْتُوحَ الْعَيْنِ إنْ دَمَعَتْ عَيْنُهُ عُلِمَ أَنَّ بَصَرَهُ قَائِمٌ وَإِنْ لَمْ تَدْمَعْ عُلِمَ أَنَّهُ ذَهَبَ

<<  <  ج: ص:  >  >>