للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالُوا بِذَهَابِهِ وَجَبَ الدِّيَةُ وَإِنْ قَالُوا لَا نَدْرِي اُعْتُبِرَ الدَّعْوَى وَالْإِنْكَارُ) بِأَنْ يَقُولَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ لِلْجَانِي أَذْهَبْت بَصَرِي فَإِذَا أَنْكَرَ يُطَالِبُ الْمُدَّعِيَ بِالْبَيِّنَةِ فَإِذَا عَجَزَ (فَيَكُونُ الْقَوْلُ لِلضَّارِبِ مَعَ يَمِينِهِ عَلَى الْبَتَاتِ دُونَ الْعِلْمِ) أَيْ يَحْلِفُ بِأَنَّ هَذِهِ الْجِنَايَةَ لَمْ تَصْدُرْ عَنْهُ فَإِنْ نَكَلَ حَكَمَ عَلَيْهِ ذَكَرَهُ فِي الصُّغْرَى أَيْضًا

(لَا قَوَدَ فِي إذْهَابِ عَيْنَيْهِ بَلْ دِيَةُ الْمُوضِحَةِ وَالْعَيْنَيْنِ) يَعْنِي شَجَّ رَجُلًا مُوضِحَةً فَذَهَبَتْ عَيْنَاهُ فَلَا قِصَاصَ فِيهِ بَلْ تَجِبُ الدِّيَةُ فِيهِمَا لِأَنَّ سِرَايَةَ الْفِعْلِ مَعَ ابْتِدَاءِ الْفِعْلِ كَشَيْءٍ وَاحِدٍ فَإِنَّ السِّرَايَةَ لَا تَنْفَصِلُ عَنْ الْجِنَايَةِ وَقَدْ اتَّحَدَ الْمَحَلُّ مِنْ وَجْهٍ بِوَاسِطَةِ اتِّصَالِ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ وَإِذَا لَمْ يَكُنْ آخِرُ الْفِعْلِ مُوجِبًا لِلْقَوَدِ لَا يَكُونُ أَوَّلُهُ مُوجِبًا لَهُ لِأَنَّهُ بِالنَّظَرِ إلَى الِابْتِدَاءِ إنْ كَانَ عَمْدًا فَبِالنَّظَرِ إلَى الِانْتِهَاءِ خَطَأً فَصَارَ خَطَأً مِنْ وَجْهٍ دُونَ وَجْهٍ فَلَا يَكُونُ مُوجِبًا لِلْقَوَدِ لِلشُّبْهَةِ

(وَلَا يُقْطَعُ أُصْبُعٌ شُلَّ جَارُهُ) لِأَنَّهُ أَيْضًا مِنْ قَبِيلِ السِّرَايَةِ (بَلْ الدِّيَةُ فِيهِمَا) لِأَنَّ الْقِصَاصَ لَمَّا سَقَطَ وَجَبَ أَرْشُ كُلٍّ مِنْهُمَا لِكَوْنِهَا عُضْوَيْنِ مُسْتَقِلَّيْنِ (أَوْ أُصْبُعٌ) أَيْ لَا قَوَدَ أَيْضًا فِي أُصْبُعٍ (قُطِعَ مِفْصَلُهُ الْأَعْلَى فَشُلَّ مَا بَقِيَ) لِأَنَّهُ أَيْضًا مِنْ قَبِيلِ السِّرَايَةِ (بَلْ دِيَةُ الْمِفْصَلِ) لِأَنَّهُ مُقَدَّرٌ شَرْعًا (فَقَطْ) إنْ لَمْ يَنْتَفِعْ بِمَا بَقِيَ (وَالْحُكُومَةُ فِيمَا بَقِيَ) لِانْتِفَاءِ التَّقْدِيرِ الشَّرْعِيِّ فِيهِ (إنْ انْتَفَعَ بِهِ) وَإِنَّمَا كَانَ كَذَلِكَ لِكَوْنِهِمَا عُضْوًا وَاحِدًا ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ

(وَلَا) قَوَدَ أَيْضًا (بِكَسْرِ نِصْفِ سِنٍّ) أَسْوَدَ بَاقِيهَا أَوْ أَحْمَرَ أَوْ أَخْضَرَ وَدَخَلَهَا عَيْبٌ بِوَجْهٍ مَا (بَلْ) يَجِبُ (كُلُّ دِيَةِ السِّنِّ) كَذَا فِي الْكَافِي وَقَالَ فِي الْخُلَاصَةِ ثُمَّ فِيمَا إذَا اخْضَرَّتْ أَوْ اسْوَدَّتْ أَوْ احْمَرَّتْ إنَّمَا تَجِبُ الدِّيَةُ (إذَا فَاتَ مَنْفَعَةُ الْمَضْغِ وَإِلَّا فَلَوْ) كَانَ السِّنُّ (مِمَّا يُرَى) حَالَ التَّكَلُّمِ (تَجِبُ) الدِّيَةُ (أَيْضًا) أَيْ كَمَا فِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ (وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ) وَعَلَى هَذَا لَا يَبْقَى كَلَامُ الْكَافِي عَلَى إطْلَاقِهِ (وَاخْتُلِفَ فِي الِاصْفِرَارِ وَالْمُخْتَارُ الدِّيَةُ) كَمَا فِي سَائِرِ الْأَلْوَانِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ

(أَقَادَ) يَعْنِي نَزَعَ رَجُلٌ سِنَّ رَجُلٍ فَانْتَزَعَ الْمَنْزُوعُ سِنُّهُ سِنَّ النَّازِعِ (فَنَبَتَ سِنُّ الْأَوَّلِ أَوْ قَلَعَهَا) أَيْ قَلَعَ رَجُلٌ سِنَّ رَجُلٍ (فَرُدَّتْ إلَى مَكَانِهَا وَنَبَتَ عَلَيْهَا اللَّحْمُ وَجَبَ الْأَرْشُ فِي الصُّورَتَيْنِ) أَمَّا فِي الْأَوَّلِ فَلِأَنَّهُ تَبَيَّنَ أَنَّ الِاسْتِيفَاءَ كَانَ بِغَيْرِ حَقٍّ لَكِنْ لَا يَجِبُ الْقِصَاصُ لِلشُّبْهَةِ فَيَجِبُ الْمَالُ لِأَنَّ الْمُوجِبَ فَسَادُ الْمَنْبَتِ وَلَمْ يَفْسُدْ حَيْثُ نَبَتَ مَكَانَهَا أُخْرَى فَانْعَدَمَتْ الْجِنَايَةُ وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ فَلِأَنَّ نَبَاتَ اللَّحْمِ لَا اعْتِبَارَ لَهُ لِأَنَّ الْعُرُوقَ لَا تَعُودُ (وَكَذَا الْأُذُنُ) يَعْنِي إذَا قَطَعَ أُذُنَهُ فَأَلْصَقَهَا فَالْتَحَمَتْ يَجِبُ الْأَرْشُ لِأَنَّهَا لَا تَعُودُ إلَى مَا كَانَتْ عَلَيْهِ (لَا) أَيْ لَا يَجِبُ (الْأَرْشُ إنْ قُلِعَتْ فَنَبَتَتْ أُخْرَى) لِأَنَّ الْجِنَايَةَ قَدْ زَالَتْ وَلِهَذَا لَوْ قَلَعَ سِنَّ صَبِيٍّ

ــ

[حاشية الشرنبلالي]

بَصَرُهُ اهـ. (قُلْت) وَيُمْكِنُ اخْتِبَارُهُ بِإِلْقَاءِ حَيَّةٍ مَيِّتَةٍ بَيْنَ يَدَيْهِ غَفْلَةً وَنَحْوَهَا

(قَوْلُهُ بَلْ دِيَةُ الْمِفْصَلِ فَقَطْ إنْ لَمْ يَنْتَفِعْ بِمَا بَقِيَ وَالْحُكُومَةُ فِيمَا بَقِيَ إنْ انْتَفَعَ بِهِ) سَهْوٌ فَإِنَّهُ أَوْجَبَ الْحُكْمَ مُخَالِفًا لِمَنْقُولِ الْمَذْهَبِ وَلَيْسَ صَحِيحًا فَإِنَّهُ نَقَلَ فِي النِّهَايَةِ عَنْ شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ إذَا قَطَعَ مِنْ أُصْبُعٍ مِفْصَلًا وَاحِدًا فَشُلَّ الْبَاقِي مِنْ الْأُصْبُعِ أَوْ الْكَفِّ لَا يَجِبُ الْقِصَاصُ وَلَكِنْ تَجِبُ الدِّيَةُ فِيمَا شُلَّ مِنْهُ إنْ كَانَ إصْبَعًا فَدِيَةُ الْإِصْبَعِ وَإِنْ كَانَ كَفًّا فَدِيَةُ الْكَفِّ وَهَذَا بِالْإِجْمَاعِ اهـ.

وَقَالَ فِي غَايَةِ الْبَيَانِ وَأَجْمَعُوا أَنَّهُ لَوْ قَطَعَ مِفْصَلًا مِنْ إصْبَعٍ فَشُلَّ الْبَاقِي أَوْ قَطَعَ الْأَصَابِعَ فَشُلَّتْ الْكَفُّ فَإِنَّهُ يَجِبُ فِي الْكُلِّ الْأَرْشُ وَيُجْعَلُ كُلُّهُ جِنَايَةً وَاحِدَةً اهـ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ بَلْ دِيَةُ الْمِفْصَلِ فَقَطْ إنْ لَمْ يَنْتَفِعْ بِمَا بَقِيَ وَالْحُكُومَةُ فِيمَا بَقِيَ إنْ انْتَفَعَ بِهِ لَا يَسْتَقِيمُ، وَهَذَا أَوَّلُ شَيْءٍ فَتَحَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ عَلَيَّ بِهِ كَتَبْته فِي سَنَةِ سِتَّ عَشْرَةَ وَأَلْفٍ فَلَهُ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ (قَوْلُهُ ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ) لَمْ يَذْكُرْهُ الزَّيْلَعِيُّ فَإِنَّ عِبَارَتَهُ وَإِنْ كَانَ عُضْوًا وَاحِدًا بِأَنْ قَطَعَ الْإِصْبَعَ مِنْ الْمِفْصَلِ الْأَعْلَى فَشُلَّ مَا بَقِيَ مِنْهَا يُكْتَفَى بِأَرْشٍ وَاحِدٍ إنْ لَمْ يَنْتَفِعْ بِمَا بَقِيَ وَإِنْ كَانَ يَنْتَفِعُ بِهِ تَجِبُ دِيَةُ الْمَقْطُوعِ وَتَجِبُ حُكُومَةُ عَدْلٍ فِي الْبَاقِي بِالْإِجْمَاعِ وَكَذَا إذَا كَسَرَ نِصْفَ السِّنِّ وَاسْوَدَّ مَا بَقِيَ أَوْ اصْفَرَّ أَوْ احْمَرَّ تَجِبُ دِيَةُ السِّنِّ كُلِّهِ بِالْإِجْمَاعِ اهـ فَإِنْ قِيلَ لَا مُخَالَفَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ كَلَامِ الزَّيْلَعِيِّ لِأَنَّ الزَّيْلَعِيَّ قَالَ يُكْتَفَى بِأَرْشٍ وَاحِدٍ إنْ لَمْ يَنْتَفِعْ بِمَا بَقِيَ وَهُوَ مَفْهُومُ عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ الَّتِي هِيَ بَلْ دِيَةُ الْمِفْصَلِ فَقَطْ إنْ لَمْ يَنْتَفِعْ بِمَا بَقِيَ (قُلْت) قَوْلُ الزَّيْلَعِيِّ يُكْتَفَى بِأَرْشٍ وَاحِدٍ إنْ لَمْ يَنْتَفِعْ بِمَا بَقِيَ الْمُرَادُ بِهِ أَرْشُ إصْبَعٍ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ وَكَذَا إذَا كُسِرَ نِصْفُ السِّنِّ. . . إلَخْ وَأَمَّا قَوْلُ الْمُصَنِّفِ بَلْ دِيَةُ الْمِفْصَلِ فَقَطْ فَلَا يُفِيدُ ذَلِكَ بَلْ دِيَةُ الْمِفْصَلِ لَا دِيَةُ بَاقِي الْإِصْبَعِ أَيْضًا لِأَنَّهُ قَابَلَهُ بِقَوْلِهِ وَالْحُكُومَةُ فِيمَا بَقِيَ لِانْتِفَاءِ التَّقْدِيرِ الشَّرْعِيِّ فِيهِ إنْ انْتَفَعَ بِهِ اهـ.

(قَوْلُهُ فَنَبَتَ سِنُّ الْأَوَّلِ) يَعْنِي كَمَا كَانَ أَمَّا إذَا نَبَتَ مُعْوَجًّا فَعَلَيْهِ حُكُومَةُ عَدْلٍ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَلَوْ نَبَتَ إلَى النِّصْفِ فَعَلَيْهِ نِصْفُ الْأَرْشِ اهـ.

(قَوْلُهُ وَجَبَ الْأَرْشُ فِي الصُّورَتَيْنِ) الْمُرَادُ بِالْأَرْشِ فِي الْأُولَى دِيَتُهَا لِمَا فِي الْخَانِيَّةِ أَنَّهُ خَمْسُمِائَةٍ اهـ.

وَلَعَلَّهُ كَذَلِكَ فِي الثَّانِيَةِ لِمَا فِي التَّبْيِينِ أَنَّهُ عَلَى الْقَاطِعِ كَمَالُ الْأَرْشِ ثُمَّ قَالَ.

وَفِي النِّهَايَةِ قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - هَذَا إذَا لَمْ تَعُدْ إلَى حَالِهَا الْأَوَّلِ بَعْدَ النَّبَاتِ فِي الْمَنْفَعَةِ وَالْجَمَالِ وَأَمَّا إذَا عَادَتْ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>