للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَنَّهُ صَارَ طَاهِرًا جَازَ لَهُ أَنْ يَسْتَنْجِيَ لِأَنَّ كُلَّ أَحَدٍ أَعْلَمُ بِحَالِهِ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة (وَمَعَ طَهَارَةِ الْمَغْسُولِ تَطْهُرُ الْيَدُ) كَذَا فِي الْمُلْتَقَطِ.

(كِتَابُ الصَّلَاةِ) (شَرْطٌ لِفَرْضِيَّتِهَا الْإِسْلَامُ، وَالْعَقْلُ، وَالْبُلُوغُ) لِمَا تَقَرَّرَ فِي الْأُصُولِ أَنَّ مَدَارَ التَّكْلِيفِ بِالْفُرُوعِ هَذِهِ الثَّلَاثَةُ (وَإِنْ وَجَبَ ضَرْبُ ابْنِ عَشْرٍ) أَيْ صَبِيٍّ سِنُّهُ عَشْرُ سِنِينَ عَلَيْهَا أَيْ عَلَى تَرْكِهَا لِمَا رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ «مُرُوا أَوْلَادَكُمْ بِالصَّلَاةِ وَهُمْ أَبْنَاءُ سَبْعٍ وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا وَهُمْ أَبْنَاءُ عَشْرِ سِنِينَ» .

(وَمُنْكِرُهَا) أَيْ مُنْكِرُ الصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ بِمَعْنَى مُنْكِرِ فَرْضِيَّتِهَا (كَافِرٌ) لِثُبُوتِهَا بِالْأَدِلَّةِ الْقَطْعِيَّةِ الَّتِي لَا احْتِمَالَ فِيهَا فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْمُرْتَدِّ.

(وَتَارِكُهَا عَمْدًا مَجَانَةً) أَيْ تَكَاسُلًا (فَاسِقٌ يُحْبَسُ حَتَّى يُصَلِّيَ) لِأَنَّهُ يُحْبَسُ لِحَقِّ الْعَبْدِ فَحَقُّ اللَّهِ تَعَالَى أَحَقُّ بِهِ (وَقِيلَ يُضْرَبُ حَتَّى يَسِيلَ مِنْهُ الدَّمُ) مُبَالَغَةً فِي الزَّجْرِ. .

(وَيُحْكَمُ بِإِسْلَامِ فَاعِلِهَا بِالْجَمَاعَةِ) يَعْنِي أَنَّ الْكَافِرَ إذَا صَلَّى بِجَمَاعَةٍ يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ عِنْدَنَا خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ لِأَنَّهَا مَخْصُوصَةٌ بِهَذِهِ الْأُمَّةِ بِخِلَافِ الصَّلَاةِ مُنْفَرِدًا وَسَائِرِ الْعِبَادَاتِ لِوُجُودِهَا فِي سَائِرِ الْأُمَمِ قَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «مَنْ صَلَّى صَلَاتَنَا وَاسْتَقْبَلَ قِبْلَتَنَا فَهُوَ مِنَّا» قَالُوا الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ صَلَاتَنَا الصَّلَاةُ بِالْجَمَاعَةِ عَلَى الْهَيْئَةِ الْمَخْصُوصَةِ لِوُجُودِ الصَّلَاةِ بِدُونِ الْجَمَاعَةِ فِي الْكَفَرَةِ أَيْضًا.

(وَلَا يُجْزِئُ فِيهَا النِّيَابَةُ أَصْلًا) أَيْ لَا بِالنَّفْسِ كَمَا صَحَّتْ فِي الْحَجِّ وَلَا بِالْمَالِ كَمَا صَحَّتْ فِي الصَّوْمِ بِالْفِدْيَةِ فِي حَقِّ الشَّيْخِ الْفَانِي لِأَنَّهَا إنَّمَا تَجُوزُ بِإِذْنِ الشَّرْعِ وَلَمْ يُوجَدْ.

(وَتَجِبُ بِأَوَّلِ الْوَقْتِ عَلَى غَيْرِ مَعْذُورٍ) لِوُجُودِ السَّبَبِ كَمَا تَقَرَّرَ فِي الْأُصُولِ.

(وَ) تَجِبُ (عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْمَعْذُورِ كَصَبِيٍّ بَلَغَ وَكَافِرٍ أَسْلَمَ وَمَجْنُونٍ وَمُغْمًى عَلَيْهِ أَفَاقَا وَحَائِضٍ وَنُفَسَاءَ طَهُرَتَا (بِآخِرِهِ) لِأَنَّ السَّبَبَ فِي حَقِّهِ (وَلَا تَجُوزُ قَبْلَهُ) لِامْتِنَاعِ تَقَدُّمِ الْمُسَبَّبِ عَلَى السَّبَبِ.

(فَوَقْتُ الْفَجْرِ) قَدَّمَهُ لِأَنَّهُ أَوَّلُ الْيَوْمِ وَمَنْ قَدَّمَ الظُّهْرَ نَظَرَ إلَى أَنَّ الصَّلَاةَ فِيهِ أَوَّلُ الْوَاجِبَاتِ (مِنْ) طُلُوعِ (الصُّبْحِ الثَّانِي) وَهُوَ الْبَيَاضُ الْمُنْتَشِرُ

ــ

[حاشية الشرنبلالي]

قَوْلُهُ: وَمَعَ طَهَارَةِ الْمَغْسُولِ تَطْهُرُ الْيَدُ) أَقُولُ وَلَكِنَّهُ يُسْتَحَبُّ غَسْلُ الْيَدِ قَبْلَ الِاسْتِنْجَاءِ لِئَلَّا تَتَشَرَّبَ الْمَسَامُّ النَّجَاسَةَ وَبَعْدَهُ أَيْضًا مُبَالَغَةً فِي النَّظَافَةِ وَيُسْتَحَبُّ تَقْدِيمُ اسْتِعَاذَةٍ وَتَقْدِيمُ التَّسْمِيَةِ وَتَقْدِيمُ الرِّجْلِ الْيُسْرَى فِي الدُّخُولِ، وَالْيُمْنَى فِي الْخُرُوجِ وَأَنْ يَقُولَ بَعْدَ خُرُوجِهِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنِّي الْأَذَى وَعَافَانِي كَمَا فِي الْبُرْهَانِ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ.

[كِتَابُ الصَّلَاةِ]

(كِتَابُ الصَّلَاةِ) لَمْ يَتَعَرَّضْ لِتَعْرِيفِهَا وَكَانَ يَنْبَغِي لَهُ ذَلِكَ كَمَا فَعَلَ فِي كِتَابِ الطَّهَارَةِ.

وَقَالَ فِي الْبُرْهَانِ: وَهِيَ عِبَارَةٌ عَنْ تَحْرِيكِ الصَّلَوَيْنِ وَهُمَا الْعَظْمَاتُ النَّاتِئَانِ عِنْدَ الْعَجِيزَةِ فَهِيَ مُغَيَّرَةٌ شَرْعًا أَوْ عَنْ الدُّعَاءِ وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى {وَصَلِّ عَلَيْهِمْ} [التوبة: ١٠٣] أَيْ اُدْعُ لَهُمْ وَعَلَى هَذَا تَكُونُ مِنْ الْأَسْمَاءِ الْمَنْقُولَةِ لِوُجُودِهَا بِدُونِهِ فِي الْآدَمِيِّ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ التَّغْيِيرِ، وَالنَّقْلِ أَنَّ فِي النَّقْلِ لَمْ يَبْقَ الْمَعْنَى الَّذِي وَضَعَهُ الْوَاضِعُ مَرْعِيًا وَفِي التَّغْيِيرِ يَكُونُ بَاقِيًا لَكِنَّهُ زِيدَ عَلَيْهِ شَيْءٌ آخَرُ وَفِي الشَّرِيعَةِ عِبَارَةٌ عَنْ الْأَرْكَانِ الْمَعْلُومَةِ.

[إنْكَار الصَّلَاة الْمَكْتُوبَة]

(قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الصَّلَاةِ مُنْفَرِدًا) أَقُولُ لَكِنَّهُ يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ فِي رِوَايَةٍ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ ذَكَرَهَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ.

[النِّيَابَةُ فِي الصَّلَاة]

(قَوْلُهُ: وَتَجِبُ بِأَوَّلِ الْوَقْتِ عَلَى غَيْرِ مَعْذُورٍ) أَقُولُ وَسَيَذْكُرُ أَنَّ سَبَبَ الْوُجُوبِ آخِرُ الْوَقْتِ إنْ لَمْ يُؤَدِّ قَبْلَهُ فَالْمُرَادُ بِوُجُوبِهَا أَوَّلَ الْوَقْتِ الْوُجُوبُ الْمُوَسَّعُ وَهَذَا سَبَبُ نَفْسِ الْوُجُوبِ، وَأَمَّا سَبَبُ وُجُوبِ الْأَدَاءِ فَقَالَ فِي الْكَافِي إنَّهُ الْخِطَابُ

(قَوْلُهُ: وَتَجِبُ عَلَيْهِ أَيْ عَلَى الْمَعْذُورِ. . . إلَخْ) أَقُولُ ظَاهِرُهُ أَنَّهُ أَرَادَ بِالْمَعْذُورِ مَنْ ذَكَرَهُ وَفِيهِ نَظَرٌ؛

لِأَنَّ مَنْ اتَّصَفَ فِي الْوَقْتِ بِالْأَهْلِيَّةِ كَالْبُلُوغِ، وَالْإِسْلَامِ لَا يُقَالُ لَهُ مَعْذُورٌ لِأَنَّ الْمَعْذُورَ مَنْ كَانَ مُخَاطَبًا بِالصَّلَاةِ مَعَ قِيَامِ مَا بِهِ مِنْ حَدَثٍ مَعْفُوٍّ عَنْهُ وَهُوَ كَالصَّحِيحِ لَا يَفْتَرِقُ حَالُهُمَا فِي السَّبَبِ وَثَانِيًا: أَنَّ مَنْ اتَّصَفَ بِالْأَهْلِيَّةِ مِمَّنْ ذَكَرَهُ لَا يَكُونُ آخِرُ الْوَقْتِ سَبَبًا لَازِمًا فِي حَقِّهِ بَلْ الْجُزْءُ الْمُتَّصِفُ فِيهِ بِالْأَهْلِيَّةِ سَوَاءٌ كَانَ الْآخِرَ أَوْ غَيْرَهُ.

[أَوْقَات الصَّلَوَات]

[وَقْتُ الْفَجْرِ]

(قَوْلُهُ: فَوَقْتُ الْفَجْرِ أَيْ وَقْتُ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَهُوَ. . . إلَخْ) مُتَضَمِّنٌ أَنَّ الْفَرَائِضَ خَمْسٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {حَافِظُوا} [البقرة: ٢٣٨] الْآيَةَ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي عَدَدًا لَهُ وُسْطَى وَوَاوُ الْجَمْعِ لِلْعَطْفِ الْمُقْتَضِي لِلْمُغَايَرَةِ وَأَقَلُّهُ خَمْسٌ ضَرُورَةً وَلِلسُّنَّةِ، وَالْإِجْمَاعِ كَذَا اسْتَدَلَّ بِالْآيَةِ صَاحِبُ الْكَافِي وَالْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ فِي مُقَدِّمَتِهِ وَقَالَ شَارِحُهَا الْقَرْمَانِيُّ هَذَا الِاسْتِدْلَال إنَّمَا يَصِحُّ إذَا لَمْ يَجْعَلْ الْوُسْطَى بِمَعْنَى الْفُضْلَى، وَأَنْ لَا يَبْطُلَ مَعْنَى الْجَمْعِيَّةِ مِنْ الصَّلَوَاتِ بِدُخُولِ الْأَلِفِ وَاللَّامِ.

فَأَمَّا إذَا كَانَ بِمَعْنَى الْفُضْلَى كَمَا هُوَ رَأْيُ الْأَكْثَرِينَ أَوْ بَطَلَ مَعْنَى الْجَمْعِيَّةِ بِدُخُولِ الْأَلِفِ وَاللَّامِ كَمَا هُوَ الْمُقَرَّرُ مِنْ الْقَاعِدَةِ فَلَا يَصِحُّ هَذَا الِاسْتِدْلَال فَافْهَمْ، وَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ ثَبَتَ كَوْنُ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ مُرَادًا مِنْ الْآيَةِ بِالْإِجْمَاعِ. اهـ.

(قَوْلُهُ: قَدَّمَهُ لِأَنَّهُ أَوَّلُ الْيَوْمِ) هَذَا أَحَدُ مَا قِيلَ، وَقِيلَ لِعَدَمِ الْخِلَافِ فِي أَوَّلِهِ وَآخِرِهِ أَوْ لِأَنَّهُ أَوَّلُ صَلَاةٍ صَلَّاهَا آدَم - عَلَيْهِ السَّلَامُ - حِينَ أُهْبِطَ مِنْ الْجَنَّةِ (قَوْلُهُ: وَمَنْ قَدَّمَ الظُّهْرَ) أَرَادَ بِهِ مُحَمَّدًا - رَحِمَهُ اللَّهُ - كَمَا فَعَلَ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ (قَوْلُهُ: نَظَرَ إلَى أَنَّ الصَّلَاةَ فِيهِ) أَيْ فِي وَقْتِ الظُّهْرِ، وَالْمُرَادُ الصَّلَاةُ الْمَعْهُودَةُ

(قَوْلُهُ: مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ. . . إلَخْ) اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِي أَنَّهُ هَلْ الْعِبْرَةُ لِأَوَّلِ طُلُوعِهِ أَوْ لِاسْتِطَارَتِهِ أَوْ لِانْتِشَارِهِ، وَقَالَ صَاحِبُ الْبَحْرِ عَلَى سَبِيلِ الْبَحْثِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ الْأَخِيرُ لِتَعْرِيفِهِمْ الصَّادِقَ بِهِ اهـ.

وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -

<<  <  ج: ص:  >  >>