للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْ الثَّانِي (لَا) يَأْخُذُ الْمَالِكُ الْقَدِيمُ مِنْ الثَّانِي وَكَذَا إذَا كَانَ الْمَأْسُورُ مِنْهُ الثَّانِي غَائِبًا لَيْسَ لِلْأَوَّلِ أَخْذُهُ اعْتِبَارًا بِحَالِ حَضْرَتِهِ، وَإِنْ أَبَى الْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ لَا يَأْخُذُ الْمَالِكُ الْقَدِيمُ لِأَنَّ حَقَّ الْأَخْذِ بِالثَّمَنَيْنِ إنَّمَا يَثْبُتُ لِلْمَالِكِ الْقَدِيمِ فِي ضِمْنِ عَوْدِ مِلْكِ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ فَإِذَا لَمْ يَثْبُتْ الْمُتَضَمَّنُ لَا يَثْبُتُ مَا فِي الضِّمْنِ.

(أَبَقَ عَبْدٌ بِمَتَاعٍ) فَأَخَذَهُمَا الْكُفَّارُ (فَشَرَاهُمَا مِنْهُمْ رَجُلٌ أَخَذَ الْعَبْدَ مَجَّانًا) لِأَنَّهُمْ لَمْ يَمْلِكُوهُ لِمَا مَرَّ (وَغَيْرُهُ بِالثَّمَنِ) لِأَنَّهُمْ مَلَكُوهُ لِمَا مَرَّ.

(ابْتَاعَ مُسْتَأْمَنٌ عَبْدًا مُسْلِمًا وَأَدْخَلَهُ دَارَهُمْ) فَأَبَقَ مِنْهُمْ وَخَرَجَ إلَى دَار الْإِسْلَام هَاهُنَا خَمْسُ مَسَائِلَ يُعْتَقُ الْعَبْدُ فِي كُلِّهَا بِلَا إعْتَاقِ إحْدَاهَا هَذِهِ، فَإِنَّهُ بِمُجَرَّدِ دُخُولِهِ دَارَ الْحَرْبِ يُعْتَقُ إقَامَةً لِتَبَايُنِ الدَّارَيْنِ مَقَامَ الْإِعْتَاقِ وَذَكَرَ الثَّانِيَةَ بِقَوْلِهِ (أَوْ اسْتَوْلَوْا عَلَيْهِ وَأَدْخَلُوهُ فِيهَا) أَيْ دَارِ الْحَرْبِ (فَأَبَقَ) مِنْهُمْ وَخَرَجَ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ وَذَكَرَ الثَّالِثَةَ بِقَوْلِهِ (أَوْ أَسْلَمَ عَبْدٌ ثَمَّةَ وَجَاءَنَا) وَذَكَرَ الرَّابِعَةَ بِقَوْلِهِ (أَوْ ظَهَرْنَا عَلَيْهِمْ) وَذَكَرَ الْخَامِسَةَ بِقَوْلِهِ (أَوْ خَرَجَ) أَيْ الْعَبْدُ (إلَى عَسْكَرِ الْمُسْلِمِينَ) مُسْلِمًا (عَتَقَ) الْعَبْدُ فِي جَمِيعِ الصُّوَرِ وَلَا يَثْبُتُ الْوَلَاءُ مِنْ أَحَدٍ؛ لِأَنَّ هَذَا عِتْقٌ حُكْمِيٌّ ذَكَرَهُ فِي غَايَةِ الْبَيَانِ نَقْلًا عَنْ شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ.

(بَابُ الْمُسْتَأْمَنِ)

هُوَ مَنْ يَدْخُلُ غَيْرَ دَارِهِ بِأَمَانٍ مُسْلِمًا كَانَ أَوْ حَرْبِيًّا (لَا يَتَعَرَّضُ تَاجِرُنَا ثَمَّةَ لِدَمِهِمْ وَمَالِهِمْ) لِأَنَّ الْمُسْلِمِينَ عِنْدَ شُرُوطِهِمْ وَقَدْ شُرِطَ بِالِاسْتِئْمَانِ أَنْ لَا يَتَعَرَّضَ لَهُمْ فَالتَّعَرُّضُ بَعْدَهُ غَدْرٌ (فَمَا أَخْرَجَهُ مِلْكُهُ حَرَامًا) أَمَّا الْمِلْكُ فَلِوُرُودِ الِاسْتِيلَاءِ عَلَى مَالٍ مُبَاحٍ، وَأَمَّا الْحُرْمَةُ فَلِحُصُولِهِ بِسَبَبِ الْغَدْرِ الْحَرَامِ فَيَتَصَدَّقُ بِهِ تَفْرِيغًا لِذِمَّتِهِ عَنْهُ (إلَّا إذَا أَخَذَ مَلِكُهُمْ مَالَهُ) اسْتِثْنَاءً مِنْ قَوْلِهِ لَا يَتَعَرَّضُ (أَوْ حَبَسَهُ هُوَ أَوْ) فَعَلَ ذَلِكَ (غَيْرُهُ بِعِلْمِهِ) وَلَمْ يَمْنَعْهُ؛ لِأَنَّهُمْ بَدَءُوا بِنَقْضِ الْعَهْدِ وَالِالْتِزَامُ يَكُونُ مُقَيَّدًا بِهَذَا الشَّرْطِ، بِخِلَافِ الْأَسِيرِ الْمُسْلِمِ حَيْثُ يُبَاحُ لَهُ التَّعَرُّضُ وَلَا يَكُونُ غَدْرًا، وَإِنْ أَطْلَقُوهُ طَوْعًا؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُسْتَأْمَنٍ وَلَمْ يُوجَدْ مِنْهُ الِالْتِزَامُ (وَلَا يَسْتَبِيحُ فُرُوجَهُمْ) ؛ لِأَنَّ الْفَرْجَ لَا يَحِلُّ إلَّا بِالْمِلْكِ

ــ

[حاشية الشرنبلالي]

قَوْلُهُ: وَكَذَا إذَا كَانَ الْمَأْسُورُ مِنْهُ الثَّانِي غَائِبًا لَيْسَ لِلْأَوَّلِ أَخْذُهُ) كَذَا فِي الْكَافِي وَالْمُرَادُ بِالثَّانِي الْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ وَبِالْأَوَّلِ الْمَالِكُ الْقَدِيمُ وَلِذَا قَالَ الزَّيْلَعِيُّ وَكَذَا لَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ غَائِبًا وَهُوَ الْمَأْسُورُ مِنْهُ ثَانِيًا اهـ.

(قَوْلُهُ فَإِذَا لَمْ يَثْبُتْ الْمُتَضَمَّنُ) أَيْ عَوْدُ مِلْكِ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ لَمْ يَعُدْ مَا فِي الضِّمْنِ وَهُوَ حَقُّ الْأَخْذِ لِلْمَالِكِ الْأَوَّلِ.

(قَوْلُهُ: أَخَذَ الْعَبْدَ مَجَّانًا) أَيْ سَيِّدُهُ وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَقَالَا يَأْخُذُ الْعَبْدَ أَيْضًا بِالثَّمَنِ إنْ شَاءَ اعْتِبَارًا لِحَالَةِ الِاجْتِمَاعِ بِحَالَةِ الِانْفِرَادِ قَالَهُ الزَّيْلَعِيُّ.

(قَوْلُهُ: ابْتَاعَ مُسْتَأْمَنٌ عَبْدًا مُسْلِمًا) كَذَا لَوْ كَانَ عَبْدًا ذِمِّيًّا يُعْتَقُ بِإِدْخَالِهِ دَارَ الْحَرْبِ وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ خِلَافًا لَهُمَا فِيهِمَا كَمَا فِي الْبَدَائِعِ (قَوْلُهُ أَوْ أَسْلَمَ عَبْدٌ ثَمَّةَ وَجَاءَنَا) خُرُوجُهُ مُؤْمِنًا لَيْسَ قَيْدًا احْتِرَازِيًّا إذْ لَوْ خَرَجَ كَافِرًا مُرَاغِمًا لِمَوْلَاهُ فَأَمِنَ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ فَالْحُكْمُ كَذَلِكَ، بِخِلَافِ مَا إذَا خَرَجَ بِإِذْنِ مَوْلَاهُ أَوْ بِأَمْرِهِ لِحَاجَةٍ فَأَسْلَمَ بِدَارِنَا فَإِنَّ الْإِمَامَ يَبِيعُهُ وَيَحْفَظُ ثَمَنَهُ لِمَوْلَاهُ الْحَرْبِيِّ وَلَوْ أَسْلَمَ عَبْدُ الْحَرْبِيِّ وَلَمْ يَهْرُبْ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ حَتَّى اشْتَرَاهُ مُسْلِمٌ أَوْ ذِمِّيٌّ أَوْ حَرْبِيٌّ فِي دَارِ الْحَرْبِيِّ يُعْتَقُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَكَذَا يُعْتَقُ إذَا عَرَضَهُ مَوْلَاهُ عَلَى الْبَيْعِ مِنْ مُسْلِمٍ أَوْ كَافِرٍ قَبِلَ الْمُشْتَرِي الْبَيْعَ أَوْ لَمْ يَقْبَلْ كَمَا فِي الْبَحْرِ فَهَذِهِ ثَلَاثُ مَسَائِلَ أُخْرَى فَالْجُمْلَةُ ثَمَانِيَةٌ يُعْتَقُ فِيهَا الْعَبْدُ بِلَا إعْتَاقٍ وَصُورَةٌ وَاحِدَةٌ لَا يُعْتَقُ بِإِعْتَاقِهِ وَهِيَ لَوْ أَعْتَقَ حَرْبِيٌّ عَبْدًا حَرْبِيًّا فِي دَارِهِ وَهُوَ فِي يَدِهِ وَلَمْ يُخَلِّهِ أَيْ قَالَ لَهُ آخِذًا بِيَدِهِ أَنْتَ حُرٌّ لَا يُعْتَقُ حَتَّى لَوْ أَسْلَمَ وَالْعَبْدُ عِنْدَهُ فَهُوَ مِلْكُهُ.

وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ يُعْتَقُ لِصُدُورِ رُكْنِ الْعِتْقِ مِنْ أَهْلِهِ بِدَلِيلِ صِحَّةِ إعْتَاقِهِ عَبْدًا مُسْلِمًا فِي دَارِ الْحَرْبِ مِنْ مَحَلِّهِ لِكَوْنِهِ مَمْلُوكًا وَلِأَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّهُ مُعْتَقٌ بِبَيَانِهِ مُسْتَرَقٌّ بِبَيَانِهِ وَهَذَا؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ كَمَا يَزُولُ يَثْبُتُ بِاسْتِيلَاءٍ جَدِيدٍ وَهُوَ آخِذٌ لَهُ بِيَدِهِ فِي دَارِ الْحَرْبِ فَيَكُونُ عَبْدًا لَهُ، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ مُسْلِمًا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَحَلِّ التَّمَلُّكِ بِالِاسْتِيلَاءِ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَالْكَافِي.

[بَابُ الْمُسْتَأْمَنِ]

(قَوْلُهُ: لَا يَتَعَرَّضُ تَاجِرُنَا ثَمَّةَ لِدِمَائِهِمْ) لَمْ يُنَصَّ مَتْنًا عَلَى أَنَّهُ دَخَلَ بِأَمَانٍ لِمَا أَنَّ التَّاجِرَ لَا يَدْخُلُ إلَّا بِأَمَانٍ حِفْظًا لِمَالِهِ وَكَذَلِكَ لَا يَتَعَرَّضُ لِأَهْلِ حَرْبٍ أَغَارُوا عَلَى الدَّارِ الَّتِي هُوَ بِهَا إلَّا إذَا خَافَ عَلَى نَفْسِهِ؛ لِأَنَّ الْقِتَالَ لَمَّا كَانَ تَعْرِيضًا لِنَفْسِهِ عَلَى الْهَلَاكِ لَا يَحِلُّ إلَّا لِذَلِكَ أَوْ لِإِعْلَاءِ كَلِمَةِ اللَّهِ وَهُوَ إذَا لَمْ يَخَفْ عَلَى نَفْسِهِ لَيْسَ قِتَالُ هَؤُلَاءِ إلَّا إعْلَاءَ كَلِمَةِ الْكُفْرِ، كَذَا فِي الْبَحْرِ عَنْ الْمُحِيطِ (قَوْلُهُ فَمَا أَخْرَجَهُ مِلْكُهُ حَرَامًا) أَفَادَ أَنَّهُ إذَا لَمْ يُخْرِجْهُ وَجَبَ رَدُّهُ عَلَى صَاحِبِهِ لِوُجُوبِ التَّوْبَةِ عَلَيْهِ وَهِيَ لَا تَحْصُلُ إلَّا بِالرَّدِّ عَلَيْهِ فَأَشْبَهَ الْمُشْتَرِي فَاسِدًا كَمَا فِي الْبَحْرِ عَنْ الْمُحِيطِ (قَوْلُهُ فَيَتَصَدَّقُ بِهِ) فَإِنْ لَمْ يَتَصَدَّقْ بِهِ وَلَكِنَّهُ بَاعَهُ صَحَّ بَيْعُهُ وَلَا يَطِيبُ لِلْمُشْتَرِي الثَّانِي كَمَا لَا يَطِيبُ لِلْأَوَّلِ، كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ.

(قَوْلُهُ: إلَّا إذَا أَخَذَ مَلِكُهُمْ مَالَهُ) كَذَلِكَ لَوْ أَغَارَ أَهْلُ الْحَرْبِ الَّذِينَ فِيهِمْ الْمُسْتَأْمَنُونَ عَلَى ذَرَارِيِّ مُسْلِمِينَ فَأَسَرَهُمْ وَمَرُّوا عَلَى الْمُسْتَأْمَنِينَ وَجَبَ عَلَيْهِمْ نَقْضُ الْعَهْدِ وَقِتَالُهُمْ إذَا قَدَرُوا عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُمْ لَا يَمْلِكُونَ رِقَابَهُمْ فَتَقْرِيرُهُمْ فِي أَيْدِيهِمْ تَقْرِيرٌ عَلَى الظُّلْمِ وَلَمْ يَضْمَنُوا لَهُمْ ذَلِكَ، بِخِلَافِ الْأَمْوَالِ؛ لِأَنَّهُمْ مَلَكُوهَا بِالْإِحْرَازِ كَذَا فِي الْبَحْرِ

<<  <  ج: ص:  >  >>