للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَعَ زَوْجِهَا) فَإِنَّهَا تَكُونُ تَبَعًا لَهُ إذَا كَانَتْ مُسْتَوْفِيَةً بِمَهْرِهَا وَإِلَّا تُعْتَبَرُ نِيَّتُهَا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ (وَالْعَبْدُ مَعَ مَوْلَاهُ وَالْجُنْدِيُّ مَعَ الْأَمِيرِ) الَّذِي يَلِي عَلَيْهِ وَرِزْقُهُ مِنْهُ وَمِثْلُهُ الْأَمِيرُ مَعَ الْخَلِيفَةِ (وَالْأَجِيرُ مَعَ مَنْ اسْتَأْجَرَهُ) وَرِزْقُهُ مِنْهُ.

(السُّلْطَانُ إذَا سَافَرَ قَصَرَ إلَّا إذَا طَافَ فِي وِلَايَتِهِ) مِنْ غَيْرِ أَنْ يَقْصِدَ مَا يَصِلُ إلَيْهِ فِي مُدَّةِ السَّفَرِ فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ لَا يَكُونُ مُسَافِرًا (أَوْ طَلَبَ الْعَدُوَّ وَلَمْ يَعْلَمْ أَنْ يُدْرِكَهُ) فَإِنَّهُ أَيْضًا لَا يَكُونُ مُسَافِرًا ذَكَرَهُ قَاضِي خَانْ (وَفِي الرُّجُوعِ يَقْصُرُ) إنْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَنْزِلِهِ مَسِيرَةُ سَفَرٍ.

(سَافَرَ كَافِرٌ وَصَبِيٌّ مَعَ أَبِيهِ) أَيْ خَرَجَا قَاصِدَيْنِ مَسِيرَةَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَصَاعِدًا (فَأَسْلَمَ) الْكَافِرُ (وَبَلَغَ) الصَّبِيُّ (وَبَيْنَهُمَا وَبَيْنَ مَنْزِلِهِمَا) أَيْ مَقْصِدِهِمَا بِالسَّفَرِ (أَقَلُّ مِنْ الْمُدَّةِ قَالُوا) أَيْ عَامَّةُ الْمَشَايِخِ (الْمُسْلِمُ يَقْصُرُ) فِيمَا بَقِيَ مِنْ السَّفَرِ (وَالصَّبِيُّ يُتِمُّ) ؛ لِأَنَّ نِيَّةَ الْكَافِرِ مُعْتَبَرَةٌ فَكَانَ مُسَافِرًا مِنْ الْأَوَّلِ بِخِلَافِ الصَّبِيِّ فَإِنَّهُ مِنْ هَذَا الْوَقْتِ يَكُونُ مُسَافِرًا إذْ الْفَرْضُ أَنَّ الْبَاقِيَ لَيْسَ بِمُدَّةِ السَّفَرِ (وَقِيلَ يُتِمَّانِ) بِنَاءً عَلَى عَدَمِ الْعِبْرَةِ بِنِيَّةِ الْكَافِرِ (أَيْضًا، وَقِيلَ يَقْصُرَانِ) بِنَاءً عَلَى تَبَعِيَّةِ الِابْنِ لِلْأَبِ الْمُسَافِرِ.

(بَابُ الْجُمُعَةِ)

(هِيَ فَرِيضَةٌ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} [الجمعة: ٩] وَالْأَمْرُ بِالسَّعْيِ إلَى شَيْءٍ خَالِيًا عَنْ الصَّارِفِ لَا يَكُونُ إلَّا لِإِيجَابِهِ (شَرْطُ صِحَّتِهَا الْمِصْرُ) فَلَا تَجُوزُ فِي الْقُرَى خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ (وَهُوَ مَا لَا يَسَعُ أَكْبَرُ مَسَاجِدِهِ أَهْلَهُ) يَعْنِي مَنْ يَجِبُ عَلَيْهِ الْجُمُعَةُ لَا سُكَّانُهُ مُطْلَقًا (أَوْ مَا لَهُ مُفْتٍ) ذَكَرَهُ قَاضِي خَانْ وَأَمِيرٌ وَقَاضٍ يُنَفِّذُ الْأَحْكَامَ وَيُقِيمُ الْحُدُودَ

ــ

[حاشية الشرنبلالي]

الْعِلْمِ بِهِ.

(قَوْلُهُ إذَا كَانَتْ مُسْتَوْفِيَةً بِمَهْرِهَا) أَيْ مَهْرِهَا الْمُعَجَّلِ أَوْ مَا تُعُورِفَ تَعْجِيلُهُ.

(قَوْلُهُ وَالْعَبْدُ) قَالَ صَاحِبُ الْبَحْرِ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَشْمَلَ الْمُكَاتَبَ؛ لِأَنَّ لَهُ السَّفَرَ بِغَيْرِ إذْنِ الْمَوْلَى. اهـ.

(قَوْلُهُ وَالْجُنْدِيُّ) قَالَ صَاحِبُ الْبَحْرِ لَيْسَ مُرَادُ الْمُصَنِّفِ أَيْ صَاحِبِ الْكَنْزِ قَصْرُ التَّبَعِ عَلَى هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةِ أَيْ الْمَرْأَةِ وَالْعَبْدِ وَالْجُنْدِيِّ بَلْ هُوَ كُلُّ مَنْ كَانَ تَبَعًا لِإِنْسَانٍ وَيَلْزَمُهُ طَاعَتُهُ فَيَدْخُلُ الْأَجِيرُ مَعَ مُسْتَأْجِرِهِ وَالْمَحْمُولُ مَعَ حَامِلِهِ وَالْغَرِيمُ مَعَ صَاحِبِ الدَّيْنِ إنْ كَانَ مُعْسِرًا مُفْلِسًا وَالْأَعْمَى مَعَ قَائِدِهِ الْمُتَطَوِّعِ بِقَوْدِهِ. اهـ.

قُلْتُ لَا يَخْفَى عَدَمُ اطِّرَادِ الْعِلَّةِ فِي الْجَمِيعِ.

(قَوْلُهُ سَافَرَ كَافِرٌ وَصَبِيٌّ مَعَ أَبِيهِ) الصُّورَةُ الَّتِي قَدَّمْنَاهَا عَنْ الْكَمَالِ فِيمَا إذَا خَرَجَ الصَّبِيُّ بِنَفْسِهِ وَلَا يَفْتَرِقُ الْحَالُ بِهِ فَإِنَّ التَّبَعِيَّةَ غَيْرُ مُؤَثِّرَةٍ فِي حَقِّ الصَّبِيِّ لِعَدَمِ لُزُومِ حُكْمِ السَّفَرِ فِي حَقِّهِ وَإِذَا بَلَغَ انْقَطَعَتْ التَّبَعِيَّةُ.

(قَوْلُهُ: وَقِيلَ يَقْصُرَانِ بِنَاءً عَلَى تَبَعِيَّةِ الِابْنِ لِلْأَبِ الْمُسَافِرِ) قَدْ عَلِمْت أَنَّ التَّبَعِيَّةَ غَيْرُ مُؤَثِّرَةٍ فِي حَقِّ الصَّبِيِّ؛ لِأَنَّهُ، وَإِنْ قَصَرَ إنَّمَا ذَلِكَ تَخَلُّقٌ لَا لُزُومٌ فِي حَقِّهِ.

[بَاب صَلَاة الْجُمُعَةِ]

(بَابُ الْجُمُعَةِ)

جُمُعَةٌ بِضَمِّ الْمِيمِ وَإِسْكَانِهَا وَفَتْحِهَا حَكَى ذَلِكَ الْفَرَّاءُ وَالْوَاحِدِيُّ، كَذَا فِي الْبَحْرِ.

وَقَالَ فِي الْعِنَايَةِ: الْمِيمُ سَاكِنَةٌ عِنْدَ أَهْلِ اللِّسَانِ وَالْقُرَّاءُ تَضُمُّهَا اهـ.

وَفِي الْمِصْبَاحِ: ضَمُّ الْمِيمِ لُغَةُ الْحِجَازِ وَفَتْحُهَا لُغَةُ بَنِي تَمِيمٍ وَإِسْكَانُهَا لُغَةُ عَقِيلٍ وَقَرَأَ بِهَا الْأَعْمَشُ وَالْجَمْعُ جُمَعٌ وَجُمُعَاتٌ مِثْلُ غُرَفٍ وَغُرُفَاتٍ فِي وُجُوهِهَا اهـ.

وَقَالَ الْكَاكِيُّ أُضِيفَ إلَيْهَا الْيَوْمُ وَالصَّلَاةُ ثُمَّ كَثُرَ الِاسْتِعْمَالُ حَتَّى حُذِفَ مِنْهَا الْمُضَافُ.

(قَوْلُهُ هِيَ فَرْضٌ) قَالَ الْكَاكِيُّ صَلَاةُ الْجُمُعَةِ فَرِيضَةٌ مُحْكَمَةٌ جَاحِدُهَا كَافِرٌ بِالْإِجْمَاعِ وَهِيَ فَرْضُ عَيْنٍ إلَّا عِنْدَ ابْنِ كَجٍّ مِنْ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ فَإِنَّهُ يَقُولُ فَرْضُ كِفَايَةٍ وَهُوَ غَلَطٌ ذَكَرَهُ فِي الْحِلْيَةِ وَشَرْحِ الْوَجِيزِ اهـ.

وَقَالَ الْكَمَالُ الْجُمُعَةُ فَرِيضَةٌ مُحْكَمَةٌ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْإِجْمَاعِ يَكْفُرُ جَاحِدُهَا، وَذَكَرَ الْأَدِلَّةَ ثُمَّ قَالَ، وَإِنَّمَا أَكْثَرْنَا فِيهِ نَوْعًا مِنْ الْإِكْثَارِ لِمَا نَسْمَعُ عَنْ بَعْضِ الْجَهَلَةِ أَنَّهُمْ يُنْسِبُونَ إلَى مَذْهَبِ الْحَنَفِيَّةِ عَدَمَ افْتِرَاضِهَا وَمُنْشَأُ غَلَطِهِمْ مَا سَيَأْتِي مِنْ قَوْلِ الْقُدُورِيِّ وَمَنْ صَلَّى الظُّهْرَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فِي مَنْزِلِهِ وَلَا عُذْرَ لَهُ كُرِهَ لَهُ ذَلِكَ وَجَازَتْ صَلَاتُهُ، وَإِنَّمَا أَرَادَ حَرُمَ عَلَيْهِ وَصَحَّتْ الظُّهْرُ فَالْحُرْمَةُ لِتَرْكِ الْفَرْضِ وَصِحَّةُ الظُّهْرِ لِمَا سَنَذْكُرُ، وَقَدْ صَرَّحَ أَصْحَابُنَا بِأَنَّهَا فَرْضٌ آكَدُ مِنْ الظُّهْرِ وَبِإِكْفَارِ جَاحِدِهَا. اهـ.

(قَوْلُهُ شَرْطُ صِحَّتِهَا. . . إلَخْ) أَقُولُ فَجُمْلَةُ شُرُوطِ الصِّحَّةِ سِتَّةٌ الْمِصْرُ وَالْجَمَاعَةُ وَالْخُطْبَةُ وَالسُّلْطَانُ وَالْوَقْتُ وَالْأَذَانُ الْعَامُّ.

(قَوْلُهُ أَوْ مَا لَهُ مُفْتٍ ذَكَرَهُ قَاضِي خَانْ) أَقُولُ لَكِنَّهُ زَادَ فِيهِ وَبَلَغَتْ أَبْنِيَتُهُ أَبْنِيَةَ مِنًى اهـ.

وَإِذَا كَانَ الْقَاضِي أَوْ الْأَمِيرُ يُفْتِي أَغْنَى عَنْ التَّعَدُّدِ كَمَا فِي الْفَتْحِ وَالْبَحْرِ عَنْ الْخُلَاصَةِ.

(قَوْلُهُ وَأَمِيرٌ) الْمُرَادُ بِالْأَمِيرِ وَالٍ يَقْدِرُ عَلَى إنْصَافِ الْمَظْلُومِ مِنْ الظَّالِمِ كَمَا فِي الْعِنَايَةِ.

(قَوْلُهُ وَيُقِيمُ الْحُدُودَ) إنَّمَا قَالَهُ بَعْدَ قَوْلِهِ يُنَفِّذُ الْأَحْكَامَ؛ لِأَنَّ تَنْفِيذَ الْأَحْكَامِ لَا يَسْتَلْزِمُ إقَامَةَ الْحُدُودِ فَإِنَّ الْمَرْأَةَ إذَا كَانَ قَاضِيَةً تُنَفِّذُ الْأَحْكَامَ وَلَيْسَ لَهَا إقَامَةُ الْحُدُودِ كَمَا فِي الْعِنَايَةِ وَاكْتَفَى بِذِكْرِ الْحُدُودِ عَنْ الْقِصَاصِ لِأَنَّ مَنْ مَلَكَ إقَامَتَهَا مَلَكَهُ كَمَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ.

وَقَالَ فِي الْبَحْرِ فَظَاهِرُهُ أَنَّ الْبَلْدَةَ إذَا كَانَ قَاضِيهَا أَوْ أَمِيرُهَا امْرَأَةً لَا تَكُونُ مِصْرًا فَلَا تَصِحُّ إقَامَةُ الْجُمُعَةِ فِيهَا وَالظَّاهِرُ خِلَافُهُ قَالَ فِي الْبَدَائِعِ الْمَرْأَةُ إذَا كَانَتْ سُلْطَانًا فَأَمَّرَتْ رَجُلًا صَالِحًا لِلْإِمَامَةِ حَتَّى صَلَّى بِهِمْ الْجُمُعَةَ جَازَ إنَابَتُهَا؛ لِأَنَّهَا تَصْلُحُ سُلْطَانًا وَقَاضِيًا فِي الْجُمْلَةِ. اهـ.

قُلْتُ وَفِيمَا قَالَهُ صَاحِبُ الْبَحْرِ تَأَمُّلٌ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي نَائِبِ السُّلْطَانِ إذَا كَانَ امْرَأَةً لَا فِي السُّلْطَانِ إذَا كَانَ امْرَأَةً

<<  <  ج: ص:  >  >>