للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اقْتِدَاءُ الْمُتَنَفِّلِ بِالْمُفْتَرِضِ، وَكَذَا لَوْ اقْتَضَى بَعْدَ الْوَقْتِ ثُمَّ إنَّ الْمُقِيمَ الْمُقْتَدِي بِالْمُسَافِرِ إذَا قَامَ إلَى الْإِتْمَامِ لَا يَقْرَأُ فِي الْأَصَحِّ؛ لِأَنَّهُ كَاللَّاحِقِ حَيْثُ أَدْرَكَ أَوَّلَ صَلَاتِهِ مَعَ الْإِمَامِ وَفَرْضُ الْقِرَاءَةِ صَارَ مُؤَدًّى بِقِرَاءَةِ إمَامِهِ بِخِلَافِ الْمَسْبُوقِ بِالشَّفْعِ الْأَوَّلِ فَإِنَّهُ يَقْرَأُ فِيهِ، وَإِنْ قَرَأَ الْإِمَامُ فِي الشَّفْعِ الثَّانِي؛ لِأَنَّهُ أَدْرَكَ قِرَاءَةَ نَافِلَةٍ (وَأَتَمَّ الْمُقِيمُ) الْمُقْتَدِي بِالْمُسَافِرِ؛ «لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى فِي سَفَرِهِ بِالنَّاسِ، وَقَالَ حِينَ سَلَّمَ أَتِمُّوا صَلَاتَكُمْ يَا أَهْلَ مَكَّةَ فَإِنَّا قَوْمٌ سُفْرٌ» .

(وَنُدِبَ أَنْ يَقُولَ) الْإِمَامُ الْمُسَافِرُ (أَتِمُّوا صَلَاتَكُمْ فَإِنِّي مُسَافِرٌ) كَمَا قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (السَّفَرُ وَالْحَضَرُ لَا يُغَيِّرَانِ الْفَائِتَةَ) أَيْ إذَا قَضَى فَائِتَةَ السَّفَرِ فِي الْحَضَرِ يَقْصُرُ وَإِذَا قَضَى فَائِتَةَ الْحَضَرِ فِي السَّفَرِ يُتِمُّ (وَالْعِبْرَةُ فِي تَغْيِيرِ الْفَرْضِ بِآخِرِ الْوَقْتِ) فَإِنْ كَانَ فِي آخِرِهِ مُسَافِرٌ أُوجِبَ عَلَيْهِ رَكْعَتَانِ، وَإِنْ كَانَ مُقِيمًا وَجَبَ عَلَيْهِ أَرْبَعٌ؛ لِأَنَّهُ الْمُعْتَبَرَ فِي السَّبَبِيَّةِ عِنْدَ عَدَمِ الْأَدَاءِ قَبْلُهُ كَمَا تَقَرَّرَ فِي الْأُصُولِ (يَبْطُلُ الْوَطَنُ الْأَصْلِيُّ بِمِثْلِهِ فَقَطْ، وَ) يَبْطُلُ (وَظَنُّ الْإِقَامَةِ بِمِثْلِهِ وَالسَّفَرِ وَالْأَصْلِيِّ) الْوَطَنُ الْأَصْلِيُّ هُوَ الْمَسْكَنُ وَوَطَنُ الْإِقَامَةِ مَوْضِعٌ نَوَى أَنْ يَتَمَكَّنَ فِيهِ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا أَوْ أَكْثَرَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَتَّخِذَهُ مَسْكَنًا فَإِذَا كَانَ لِشَخْصٍ وَطَنٌ أَصْلِيٌّ فَإِنْ اتَّخَذَ وَطَنًا أَصْلِيًّا آخَرَ سَوَاءٌ كَانَ بَيْنَهُمَا مُدَّةُ السَّفَرِ أَوْ لَا بَطَلَ الْوَطَنُ الْأَصْلِيُّ الْأَوَّلُ حَتَّى لَوْ دَخَلَهُ لَا يَصِيرُ مُقِيمًا إلَّا بِالنِّيَّةِ وَلَا يُبْطِلُ الْوَطَنَ الْأَصْلِيَّ السَّفَرُ حَتَّى لَوْ قَدِمَ الْمُسَافِرُ إلَيْهِ يَصِيرُ مُقِيمًا بِمُجَرَّدِ الدُّخُولِ. وَأَمَّا وَطَنُ الْإِقَامَةِ فَيَبْطُلُ بِمِثْلِهِ حَتَّى لَوْ دَخَلَ وَطَنَ إقَامَةٍ اتَّخَذَهُ وَطَنًا بَعْدَ الْأَوَّلِ لَيْسَ بَيْنَهُمَا مُدَّةُ سَفَرٍ لَا يَصِيرُ مُقِيمًا إلَّا بِالنِّيَّةِ، وَكَذَا إذَا سَافَرَ عَنْهُ أَوْ انْتَقَلَ إلَى وَطَنِهِ الْأَصْلِيِّ (الْعِبْرَةُ بِنِيَّةِ الْأَصْلِ لَا التَّبَعِ) يَعْنِي إذَا نَوَى الْأَصْلُ السَّفَرَ أَوْ الْإِقَامَةَ يَكُونُ التَّبَعُ كَذَلِكَ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى النِّيَّةِ اسْتِقْلَالًا (كَالْمَرْأَةِ

ــ

[حاشية الشرنبلالي]

اقْتِدَاءُ الْمُتَنَفِّلِ بِالْمُفْتَرِضِ) أَقُولُ الْقَعْدَةُ وَاجِبَةٌ، وَإِنَّمَا أَطْلَقَ عَلَيْهَا اسْمَ النَّفْلِ مَجَازًا لِاشْتِرَاكِ الْوَاجِبِ وَالنَّفَلِ فِي عَدَمِ فَسَادِ الصَّلَاةِ بِالتَّرْكِ.

(قَوْلُهُ لَا يَقْرَأُ فِي الْأَصَحِّ) ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ.

وَقَالَ الْكَاكِيُّ قَوْلُهُ فِي الْأَصَحِّ احْتِرَازٌ عَنْ قَوْلِ بَعْضِ الْمَشَايِخِ حَيْثُ قَالُوا يَقْرَأُ؛ لِأَنَّهُ كَالْمَسْبُوقِ وَلِهَذَا يُتَابِعُ الْإِمَامَ فِي سُجُودِ السَّهْوِ، وَلَوْ سَهَا فِيمَا يُتِمُّ سَجَدَ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُقْتَدٍ فَيَقْرَأُ السُّورَةَ مَعَ الْفَاتِحَةِ.

وَقَالَ الْكَرْخِيُّ لَا يُتَابِعُ الْإِمَامَ فِي سُجُودِ السَّهْوِ، وَلَوْ سَهَا فِيمَا يُتِمُّ لَا سَهْوَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ كَاللَّاحِقِ فَإِنَّهُمْ أَدْرَكُوا أَوَّلَ الصَّلَاةِ، وَقَدْ تَمَّ فَرْضُ الْقِرَاءَةِ وَهُوَ الْأَصَحُّ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. اهـ.

قُلْت فَوُجُوبُ الْقِرَاءَةِ ضَعِيفٌ وَالِاسْتِشْهَادُ لَهُ بِوُجُوبِ السَّهْوِ اسْتِشْهَادٌ بِضَعِيفٍ مُوهِمٍ أَنَّهُ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ.

(قَوْلُهُ قَوْمٌ سَفْرٌ) أَيْ مُسَافِرُونَ جَمْعُ مُسَافِرٍ كَرَكْبٍ وَصَحْبٍ فِي رَاكِبٍ وَصَاحِبٍ.

(قَوْلُهُ وَنُدِبَ أَنْ يَقُولَ الْإِمَامُ. . . إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَقُولُهُ بَعْدَ الْفَرَاغِ كَمَا فِي الْحَدِيثِ.

وَفِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ وَيَنْبَغِي أَنْ يُخْبِرَ الْإِمَامُ الْقَوْمَ قَبْلَ شُرُوعِهِ أَنَّهُ مُسَافِرٌ فَإِذَا لَمْ يُخْبِرْ أَخْبَرَ بَعْدَ السَّلَامِ كَمَا فِي السِّرَاجِ.

وَقَالَ الْكَمَالُ مُعَلِّلًا لِلِاسْتِحْبَابِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ خَلْفَهُ مَنْ لَا يَعْرِفُ وَلَا يَتَسَيَّرُ لَهُ الِاجْتِمَاعُ بِالْإِمَامِ قَبْلَ ذَهَابِهِ فَيَحْكُمُ حِينَئِذٍ بِفَسَادِ صَلَاةِ نَفْسِهِ بِنَاءً عَلَى ظَنِّ إقَامَةِ الْإِمَامِ ثُمَّ إفْسَادُهُ بِسَلَامِهِ عَلَى رَكْعَتَيْنِ وَهَذَا مَحْمَلُ مَا فِي الْفَتَاوَى أَيْ كَقَاضِي خَانْ إذَا اقْتَدَى بِإِمَامٍ لَا يَدْرِي أَمُسَافِرٌ هُوَ أَوْ مُقِيمٌ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ الْعِلْمَ بِحَالِ الْإِمَامِ شَرْطُ الْأَدَاءِ بِجَمَاعَةٍ اهـ لَا أَنَّهُ شَرْطٌ فِي الِابْتِدَاءِ، وَذَكَرَ وَجْهَهُ، وَإِنَّمَا كَانَ قَوْلُ الْإِمَامِ مُسْتَحَبًّا وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ وَاجِبًا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَعَيَّنْ مُعَرِّفًا صِحَّةَ صَلَاتِهِ لَهُمْ لِحُصُولِهِ بِالسُّؤَالِ مِنْهُ.

(قَوْلُهُ بِآخِرِ الْوَقْتِ) أَقُولُ وَهُوَ قَدْرُ التَّحْرِيمَةِ.

(قَوْلُهُ الْوَطَنُ الْأَصْلِيُّ) هُوَ الْمَسْكَنُ أَرَادَ بِهِ الْأَعَمَّ مِنْ أَنْ يَكُونَ بِنَفْسِهِ فَقَطْ وَلَا عِيَالَ لَهُ أَوْ بِأَهْلِهِ كَأَنْ تَأَهَّلَ فِيهِ وَمِنْ قَصْدِهِ التَّعَيُّشُ لَا الِارْتِحَالُ، وَكَذَا مَحَلُّ مَوْلِدِهِ وَطَنٌ أَصْلِيٌّ وَهَذَا الْوَطَنُ وَطَنُ الْقَرَارِ.

(قَوْلُهُ فَإِنْ اتَّخَذَ وَطَنًا أَصْلِيًّا آخَرَ) أَيْ وَلَمْ يَبْقَ لَهُ بِالْأَوَّلِ أَهْلٌ إذْ لَوْ بَقِيَ كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا وَطَنًا أَصْلِيًّا لَهُ.

(قَوْلُهُ سَوَاءٌ كَانَ بَيْنَهَا مُدَّةُ سَفَرٍ أَوْ لَا) هَذَا بِالْإِجْمَاعِ لِمَا قَالَ الْكَمَالُ وَتَقْدِيمُ السَّفَرِ لَيْسَ بِشَرْطٍ لِثُبُوتِ الْأَصْلِيِّ بِالْإِجْمَاعِ وَهَلْ هُوَ شَرْطٌ لِثُبُوتِ وَطَنِ الْإِقَامَةِ عَنْ مُحَمَّدٍ فِيهِ رِوَايَتَانِ فِي رِوَايَةٍ لَا يُشْتَرَطُ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ وَفِي أُخْرَى إنَّمَا يَصِيرُ الْوَطَنُ وَطَنَ إقَامَةٍ بِشَرْطِ أَنْ يَتَقَدَّمَهُ سَفَرٌ وَيَكُونَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا سَارَ إلَيْهِ مِنْهُ مُدَّةُ سَفَرٍ حَتَّى لَوْ خَرَجَ مِنْ مِصْرِهِ لَا لِقَصْدِ السَّفَرِ فَوَصَلَ إلَى قَرْيَةٍ وَنَوَى الْإِقَامَةَ فِيهَا خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا لَا تَصِيرُ تِلْكَ الْقَرْيَةُ وَطَنَ إقَامَةٍ، وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا مُدَّةُ السَّفَرِ لِعَدَمِ تَقَدُّمِ السَّفَرِ. اهـ.

(قَوْلُهُ حَتَّى لَوْ دَخَلَهُ) أَيْ بَعْدَ مَا خَرَجَ مُسَافِرًا لَا يَصِيرُ مُقِيمًا إلَّا بِالنِّيَّةِ.

(قَوْلُهُ حَتَّى لَوْ دَخَلَ وَطَنَ إقَامَةٍ اتَّخَذَهُ وَطَنًا بَعْدَ الْأَوَّلِ) أَيْ بَعْدَ وَطَنِ الْإِقَامَةِ الْأَوَّلِ.

(قَوْلُهُ لَيْسَ بَيْنَهُمَا مُدَّةُ سَفَرٍ) لَيْسَ قَيْدًا احْتِرَازِيًّا عَمَّا لَوْ كَانَ بَيْنَهُمَا مُدَّةُ سَفَرٍ بَلْ الْمُرَادُ عَدَمُ نِيَّةِ السَّفَرِ.

(قَوْلُهُ: وَكَذَا إذَا سَافَرَ) أَيْ، وَكَذَا يَبْطُلُ وَطَنُ الْإِقَامَةِ إذَا سَافَرَ عَنْهُ أَوْ انْتَقَلَ إلَى وَطَنِهِ الْأَصْلِيِّ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لِوَطَنِ السُّكْنَى تَبَعًا لِلْمُحَقِّقِينَ قَالُوا لَا فَائِدَةَ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ يَبْقَى مُسَافِرًا عَلَى حَالِهِ فَوُجُودُهُ كَعَدَمِهِ وَعَامَّتُهُمْ أَيْ الْمَشَايِخِ عَلَى أَنَّهُ يُفِيدُ، وَذَكَرَ الزَّيْلَعِيُّ فَائِدَتَهُ وَنَاقَشَهُ صَاحِبُ الْبَحْرِ.

(قَوْلُهُ الْعِبْرَةُ بِنِيَّةِ الْأَصْلِ لَا التَّبَعِ) أَقُولُ لَمْ يُقَيِّدْهُ بِشَرْطِ عِلْمِ التَّبَعِ وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ وَالْأَحْوَطُ كَمَا فِي الْعَزْلِ الْحُكْمِيِّ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ عِلْمُ التَّبَعِ لِتَوَقُّفِ الْخِطَابِ بِالْحُكْمِ عَلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>