للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِتَحَقُّقِ الزِّنَا مِنْهَا شَرْعًا لِانْعِدَامِ الْمِلْكِ وَالزِّنَا حَرَامٌ فِي جَمِيعِ الْأَدْيَانِ (أَوْ) بِقَذْفِ (مُكَاتَبٍ مَاتَ عَنْ وَفَاءٍ) لِتَمَكُّنِ الشُّبْهَةِ فِي حُرِّيَّتِهِ لِاخْتِلَافِ الصَّحَابَةِ فِيهِ (وَحُدَّ مُسْتَأْمَنٌ قَذَفَ مُسْلِمًا هُنَا) أَيْ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ لِأَنَّ فِيهِ حَقَّ الْعَبْدِ وَقَدْ الْتَزَمَ إيفَاءَ حُقُوقِ الْعِبَادِ.

(وَ) حُدَّ (قَاذِفُ وَاطِئِ عِرْسِهِ حَائِضًا) لِكَوْنِ الْحُرْمَةِ مُؤَقَّتَةً (أَوْ) وَاطِئِ جَارِيَةٍ (مَمْلُوكَةٍ حَرُمَتْ مُؤَقَّتَةً كَأَمَتِهِ الْمَجُوسِيَّةِ أَوْ مُكَاتَبَتِهِ، وَ) قَاذِفُ (مَجُوسِيٍّ نَكَحَ أَمَةً فَأَسْلَمَ) فَإِنَّهُ يُحَدُّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ خِلَافًا لَهُمَا وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى مَا سَبَقَ أَنَّ تَزَوُّجَ الْمَجُوسِيِّ بِالْمَحَارِمِ لَهُ حُكْمُ الصِّحَّةِ فِيمَا بَيْنَهُمْ عِنْدَهُ خِلَافًا لَهُمَا

(إذَا أَقَرَّ) الْقَاذِفُ (بِالْقَذْفِ يُطَالَبُ) أَيْ الْقَاذِفُ (بِالْبَيِّنَةِ) عَلَى كَوْنِ الْمَقْذُوفِ زَانِيًا (فَإِنْ أَقَامَ أَرْبَعَةً عَلَى زِنَاهُ وَإِقْرَارِهِ بِهِ) أَيْ بِالزِّنَا (كَمَا مَرَّ) أَيْ أَرْبَعًا فِي أَرْبَعَةِ مَجَالِسَ (حُدَّ الْمَقْذُوفُ وَإِنْ عَجَزَ) الْقَاذِفُ عَنْ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ (لِلْحَالِ وَاسْتَأْجَلَ لِإِحْضَارِ شُهُودٍ فِي الْمِصْرِ يُؤَجَّلُ إلَى قِيَامِ الْمَجْلِسِ فَإِنْ عَجَزَ حُدَّ وَلَا يُكْفَلُ لِيَذْهَبَ فَيَطْلُبَهُمْ بَلْ يُحْبَسُ وَيُقَالُ ابْعَثْ إلَيْهِمْ) مَنْ يُحْضِرُهُمْ كَذَا فِي تُحْفَةِ الْفُقَهَاءِ (كَفِي حَدٍّ) وَاحِدٍ (بِجِنَايَاتٍ اتَّحَدَ جِنْسُهَا بِخِلَافِ مَا اُخْتُلِفَ) أَيْ جِنْسُهَا وَقَدْ مَرَّ تَفْصِيلُهُ

(فَصْلٌ)

(التَّعْزِيرُ تَأْدِيبٌ) فِي الْكَشَّافِ الْعَزْرُ الْمَنْعُ وَمِنْهُ التَّعْزِيرُ لِأَنَّهُ مَنْعٌ مِنْ مُعَاوَدَةِ الْقَبِيحِ (دُونَ الْحَدِّ) أَيْ أَدْنَى قَدْرًا مِنْ الْحَدِّ وَهُوَ قَدْ يَكُونُ بِالْحَبْسِ أَوْ الصَّفْعِ

ــ

[حاشية الشرنبلالي]

قَوْلُهُ أَوْ إقْرَارُهُ بِهِ أَيْ بِالزِّنَا كَمَا مَرَّ. . . إلَخْ) كَذَا قَالَ فِي بَدَائِع فَإِنْ أَقَامَ أَرْبَعَةً مِنْ الشُّهُودِ عَلَى مُعَايَنَةِ الزِّنَا مِنْ الْمَقْذُوفِ أَوْ عَلَى إقْرَارِهِ بِالزِّنَا سَقَطَ الْحَدُّ عَنْ الْقَاذِفِ وَيُقَامُ حَدُّ الزِّنَا عَلَى الْمَقْذُوفِ اهـ (قُلْت) فِي إقَامَةِ الْحَدِّ عَلَى الْمَقْذُوفِ بِالْبَيِّنَةِ عَلَى إقْرَارِهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ قَدْ تَقَدَّمَ فِي كَلَامِ الْبَدَائِعِ مَا يُنَاقِضُ هَذَا وَهُوَ الصَّوَابُ وَنَصُّهُ وَلَوْ أَقَرَّ أَيْ بِالزِّنَا أَرْبَعَ مَرَّاتٍ فِي غَيْرِ مَجْلِسِ الْقَاضِي وَشَهِدَ الشُّهُودُ عَلَى إقْرَارِهِ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ مُقِرًّا فَالشَّهَادَةُ لَغْوٌ لِأَنَّ الْحُكْمَ لِلْإِقْرَارِ لَا لِلشَّهَادَةِ وَإِنْ كَانَ مُنْكِرًا فَالْإِنْكَارُ مِنْهُ رُجُوعٌ وَالرُّجُوعُ عَنْ الْإِقْرَارِ فِي الْحُدُودِ الْخَالِصَةِ حَقًّا لِلَّهِ صَحِيحٌ اهـ فَقَدْ أَفَادَ بِهَذَا صَرِيحًا أَنَّهُ لَا حَدَّ عَلَى الْمَقْذُوفِ بِإِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَى إقْرَارِهِ وَلَا حَدَّ عَلَى الْقَاذِفِ لِإِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ وَيُمْكِنُ دَفْعُ الْمُنَاقَضَةِ بِحَمْلِ قَوْلِ صَاحِبِ الْبَدَائِعِ عَلَى اللَّفِّ وَالنَّشْرِ الْمُشَوَّشِ بِإِرْجَاعِ قَوْلِهِ سَقَطَ الْحَدُّ عَنْ الْقَاذِفِ إلَى قَوْلِهِ أَوْ عَلَى إقْرَارِهِ عَلَى الزِّنَا وَإِرْجَاعِ قَوْلِهِ وَيُقَامُ حَدُّ الزِّنَا عَلَى الْمَقْذُوفِ إلَى قَوْلِهِ فَإِنْ أَقَامَ أَرْبَعَةً مِنْ الشُّهُودِ عَلَى مُعَايَنَةِ الزِّنَا مِنْ الْمَقْذُوفِ اهـ.

وَلَكِنْ لَا يَخْفَى مَا فِيهِ مِنْ التَّكَلُّفِ وَلَا يُسَاعِدُهُ كَلَامُ التُّحْفَةِ وَفِي كَلَامِ الْكَمَالِ مَا يُشِيرُ إلَى هَذَا حَيْثُ قَالَ فَإِنْ شَهِدَ رَجُلَانِ أَوْ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ عَلَى إقْرَارِ الْمَقْذُوفِ بِالزِّنَا يُدْرَأُ عَنْ الْقَاذِفِ الْحَدُّ وَعَنْ الثَّلَاثَةِ أَيْ الَّذِينَ أَقَامَهُمْ الْقَاذِفُ فَشَهِدُوا بِالزِّنَا لِأَنَّ الثَّابِتَ بِالْبَيِّنَةِ كَالثَّابِتِ بِالْمُعَايَنَةِ فَكَأَنَّا سَمِعْنَا إقْرَارَهُ بِالزِّنَا إلَّا أَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي الْإِقْرَارِ إسْقَاطُ الْحَدِّ لَا إقَامَتُهُ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُمْكِنُ وَلَوْ كَثُرَتْ الشُّهُودُ اهـ.

وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة عَنْ التَّهْذِيبِ شَهِدَ أَرْبَعَةٌ أَنَّهُ أَقَرَّ بِالزِّنَا لَا حَدَّ عَلَيْهِمْ وَلَا عَلَى الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ بِالزِّنَا اهـ.

(قَوْلُهُ يُؤَجَّلُ إلَى قِيَامِ الْمَجْلِسِ) هُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ يُسْتَأْنَى بِهِ إلَى الْمَجْلِسِ الثَّانِي كَمَا فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ وَلَا يُكْفَلُ) قَالَ الْكَمَالُ وَلَا يُكْفَلُ فِي شَيْءٍ مِنْ الْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ الْأَوَّلِ وَلِهَذَا يَحْبِسُهُ أَبُو حَنِيفَةَ وَفِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ الْآخِرِ وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ يُؤْخَذُ مِنْهُ الْكَفِيلُ فَلِهَذَا لَا يُحْبَسُ عِنْدَهُمَا فِي دَعْوَى حَدِّ الْقَذْفِ وَالْقِصَاصِ وَلَا خِلَافَ أَنَّهُ لَا يُكْفَلُ بِنَفْسِ الْحَدِّ وَالْقِصَاصِ ثُمَّ قَالَ وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ الرَّازِيّ يَقُولُ مُرَادُ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الْقَاضِيَ لَا يُجْبِرُهُ عَلَى إعْطَاءِ الْكَفِيلِ فَأَمَّا إذَا سَمَحَتْ نَفْسُهُ بِهِ فَلَا بَأْسَ لِأَنَّ تَسْلِيمَهُ نَفْسَهُ مُسْتَحَقٌّ عَلَيْهِ وَالْكَفِيلُ فِي الْكَفَالَةِ بِالنَّفْسِ إنَّمَا يُطَالِبُ بِهَذَا الْقَدْرِ اهـ.

(قَوْلُهُ بَلْ يُحْبَسُ وَيُقَالُ لَهُ ابْعَثْ إلَيْهِمْ) هُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ وَذَكَرَ ابْنُ رُسْتُمَ عَنْ مُحَمَّدٍ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مَنْ يَأْتِي بِهِمْ أَطْلَقَ عَنْهُ وَبَعَثَ مَعَهُ وَاحِدًا مِنْ شُرَطِهِ لِيَرُدَّهُ عَلَيْهِ كَذَا فِي الْفَتْحِ وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْحَبْسِ حَقِيقَتُهُ وَبِهِ صَرَّحَ فِي التَّتَارْخَانِيَّة فَقَالَ الْمُرَادُ بِالْحَبْسِ حَقِيقَتُهُ وَقَالَ فِي الْبَدَائِعِ وَالْمُرَادُ بِالْحَبْسِ الْمُلَازَمَةُ أَيْ يُقَالُ لِلْمُدَّعِي لَازِمْهُ إلَى هَذَا الْوَقْتِ فَإِنْ أَحْضَرَ الْبَيِّنَةَ فِيهِ وَإِلَّا خُلِّيَ سَبِيلُهُ اهـ.

(قَوْلُهُ كَفَى حَدٌّ وَاحِدٌ بِجِنَايَاتٍ اتَّحَدَ سَبَبُهَا) هُوَ مِنْ التَّدَاخُلِ فِي الْحُكْمِ لَا السَّبَبِ وَقَدَّمْنَاهُ فِي سُجُودِ التِّلَاوَةِ وَمِنْ فُرُوعِ التَّدَاخُلِ لَوْ قَذَفَ آخَرَ وَقَدْ بَقِيَ سَوْطٌ مِنْ حَدِّهِ لِلْأَوَّلِ كَفَى كَذَا فِي الْفَتْحِ

[فَصْلُ التَّعْزِيرُ]

(فَصْلٌ) (قَوْلُهُ التَّعْزِيرُ تَأْدِيبٌ) قَالَ الْكَمَالُ التَّعْزِيرُ التَّأْدِيبُ فِيمَا شُرِعَ فِيهِ التَّعْزِيرُ إذَا رَآهُ الْإِمَامُ وَاجِبٌ وَلَا يَخْفَى عَلَى أَحَدٍ أَنَّهُ يَنْقَسِمُ إلَى مَا هُوَ حَقُّ الْعَبْدِ وَحَقُّ اللَّهِ فَمَا كَانَ حَقُّ اللَّهِ يَمْلِكُهُ الْإِنْسَانُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُحْتَسِبًا لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ إزَالَةِ الْمُنْكَرِ بِالْيَدِ وَالشَّارِعُ وَلَّى كُلَّ أَحَدٍ ذَلِكَ اهـ.

وَهُوَ يُشِيرُ إلَى أَنَّهُ لَا يُقِيمُهُ غَيْرُ الْحَاكِمِ إلَّا حَالَ قِيَامِ الْمَعْصِيَةِ وَأَمَّا بَعْدَهُ فَلَيْسَ إلَّا لِلْحَاكِمِ كَذَا فِي الْبَحْرِ وَمَا كَانَ حَقَّ الْعَبْدِ يَتَوَقَّفُ عَلَى الدَّعْوَى لَا يُقِيمُهُ إلَّا الْحَاكِمُ أَوْ مِنْ حُكْمِهِ فِيهِ.

وَفِي الْبَحْرِ عَنْ الْمُجْتَبَى وَقِيلَ لِصَاحِبِ الْحَقِّ إقَامَتُهُ كَالْقِصَاصِ وَقِيلَ لِلْإِمَامِ لِأَنَّ صَاحِبَ الْحَقِّ قَدْ يُسْرِفُ فِيهِ غَلَطًا اهـ. (قَوْلُهُ دُونَ الْحَدِّ) أَيْ الَّذِي هُوَ أَدْنَى الْحُدُودِ وَهُوَ حَدُّ الْعَبْدِ لِمَا سَيَذْكُرُهُ الْمُصَنِّفُ (قَوْلُهُ أَوْ الصَّفْعِ) كَذَا فِي الْمُغْرِبِ وَنَقَلَهُ فِي الْعِنَايَةِ عَنْ الظَّهِيرِيَّةِ اهـ.

وَقَالَ فِي الْبَحْرِ ذَكَرَ أَبُو الْيُسْرِ وَالسَّرَخْسِيُّ أَنَّهُ لَا يُبَاحُ التَّعْزِيرُ

<<  <  ج: ص:  >  >>