للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي بَابِهِ.

(وَ) الْبَيْعُ (بِمَا بَاعَ فُلَانٌ) وَالْبَائِعُ يَعْلَمُ وَالْمُشْتَرِي لَا يَعْلَمُ إنْ عَلِمَ فِي الْمَجْلِسِ صَحَّ وَإِلَّا بَطَلَ (وَالْبَيْعُ بِمِثْلِ مَا يَبِيعُ النَّاسُ بِهِ أَوْ بِمِثْلِ مَا أَخَذَ بِهِ فُلَانٌ) ذَكَرَ فِي شَرْحِ الشَّافِي أَنَّهُ لَا يَجُوزُ وَفِي نُسْخَةِ الْإِمَامِ السَّرَخْسِيِّ هَذَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ الْمُشْتَرِي بِذَلِكَ، فَإِنْ عَلِمَ فِي الْمَجْلِسِ فَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ فِيهِ رِوَايَتَانِ وَبَيْعُ الشَّيْءِ بِقِيمَتِهِ لَمْ يَجُزْ لِلْجَهَالَةِ وَلَوْ عُيِّنَتْ فِي الْمَجْلِسِ جَازَ (وَبَيْعٌ فِيهِ خِيَارُ الْمَجْلِسِ) ، وَقَدْ مَرَّ فِي أَوَّلِ الْبُيُوعِ.

(وَبَيْعُ الْغَاصِبِ) فَإِنَّهُ مَوْقُوفٌ عَلَى إجَازَةِ الْمَالِكِ إنْ أَقَرَّ بِهِ الْغَاصِبُ ثُمَّ الْبَيْعُ، وَإِنْ جَحَدَ وَلِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ بَيِّنَةٌ فَكَذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ وَلَمْ يُسَلِّمْهُ حَتَّى هَلَكَ يَنْتَقِضُ الْبَيْعُ (وَحُكْمُهُ) أَيْ حُكْمُ الْبَيْعِ الْمَوْقُوفِ (أَنَّهُ إنَّمَا يَقْبَلُ الْإِجَازَةَ إذَا كَانَ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي وَالْمَبِيعُ قَائِمًا) الْمُرَادُ بِكَوْنِ الْمَبِيعِ قَائِمًا أَنْ لَا يَكُونَ مُتَغَيِّرًا بِحَيْثُ يُعَدُّ شَيْئًا آخَرَ فَإِنَّهُ لَوْ بَاعَ ثَوْبَ غَيْرِهِ بِغَيْرِ أَمْرِهِ فَصَبَغَهُ الْمُشْتَرِي فَأَجَازَ رَبُّ الثَّوْبِ الْبَيْعَ جَازَ وَلَوْ قَطَعَهُ وَخَاطَهُ ثُمَّ أَجَازَ الْبَيْعَ لَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ صَارَ شَيْئًا آخَرَ (كَذَا الثَّمَنُ لَوْ) كَانَ (عَرْضًا) أَيْ كَمَا يُشْتَرَطُ قِيَامُ الْمَبِيعِ يُشْتَرَطُ قِيَامُ الثَّمَنِ أَيْضًا إذَا كَانَ عَرْضًا (وَصَاحِبُ الْمَتَاعِ أَيْضًا) أَيْ كَمَا يُشْتَرَطُ قِيَامُ الْمَبِيعِ وَالثَّمَنِ الْمَذْكُورَيْنِ يُشْتَرَطُ قِيَامُ صَاحِبِ الْمَتَاعِ الْمَبِيعِ حَتَّى لَوْ بَاعَ مَتَاعَ غَيْرِهِ فَمَاتَ صَاحِبُ الْمَتَاعِ قَبْلَ أَنْ يُجِيزَ الْبَيْعَ فَأَجَازَ وَارِثُهُ لَا يَجُوزُ.

(وَ) حُكْمُهُ أَيْضًا (إنْ أَخَذَ الثَّمَنَ) أَيْ أَخَذَ الْمَالِكُ الثَّمَنَ (أَوْ طَلَبَهُ) مِنْ الْمُشْتَرِي (لَيْسَ بِإِجَازَةٍ) لِلْبَيْعِ الْمَوْقُوفِ (وَاخْتُلِفَ فِي أَحْسَنْت) فَقِيلَ إجَازَةٌ وَقِيلَ لَا.

(وَ) قَوْلُهُ (لَا أُجِيزُ رَدٌّ لَهُ) أَيْ لِلْبَيْعِ الْمَوْقُوفِ بِخِلَافِ الْمُسْتَأْجِرِ، فَإِنَّهُ إذَا قَالَ: لَا أُجِيزُ بَيْعَ الْأَجِيرِ ثُمَّ أَجَازَ جَازَ كُلُّ ذَلِكَ مِنْ الْخُلَاصَةِ.

(الْبَيْعِ الْمَكْرُوهِ وَحُكْمِهِ) ثُمَّ لَمَّا فَرَغَ مِنْ الْبَيْعِ الْمَوْقُوفِ وَأَحْكَامِهِ شَرَعَ فِي بَيَانِ الْبَيْعِ الْمَكْرُوهِ وَحُكْمِهِ فَقَالَ (وَكُرِهَ الْبَيْعُ عِنْدَ الْأَذَانِ الْأَوَّلِ لِلْجُمُعَةِ) ؛ لِأَنَّ فِيهِ إخْلَالًا بِوَاجِبِ السَّعْيِ إذَا قَعَدَا أَوْ وَقَفَا يَتَبَايَعَانِ، وَأَمَّا إذَا تَبَايَعَا وَهُمَا يَمْشِيَانِ فَلَا كَرَاهَةَ.

. (وَ) كُرِهَ (النَّجْشُ) وَهُوَ أَنْ يَزِيدَ فِي الثَّمَنِ لِيَرْغَبَ غَيْرُهُ وَلَا يَزِيدَ الشِّرَاءَ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا تَنَاجَشُوا.

. (وَ) كُرِهَ (السَّوْمُ عَلَى سَوْمِ غَيْرِهِ بَعْدَ رِضَاهُمَا بِثَمَنٍ) لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا يَسْتَامُ الرَّجُلُ عَلَى سَوْمِ أَخِيهِ وَلَا يَخْطِبُ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ» فَإِنَّهُ نَهْيٌ بِصِيغَةِ النَّفْيِ وَهُوَ أَبْلَغُ فَأَمَّا إذَا سَاوَمَهُ بِشَيْءٍ وَلَمْ يَرْكَنْ أَحَدُهُمَا إلَى صَاحِبِهِ فَلَا بَأْسَ لِلْغَيْرِ أَنْ يُسَاوِمَهُ وَيَشْتَرِيهِ فَإِنَّهُ بَيْعُ مَنْ يَزِيدُ وَلِذَا قَالَ (بِخِلَافِ بَيْعِ مَنْ يَزِيدُ) فَإِنَّهُ جَائِزٌ لِوُرُودِ الْأَثَرِ وَهُوَ مَحْمَلُ النَّهْيِ فِي الْخُطْبَةِ أَيْضًا.

. (وَ) كُرِهَ أَيْضًا (تَلَقِّي الْجَلَبِ) أَيْ أَنْ يَتَلَقَّى بَعْضُ أَهْلِ الْبَلَدِ الْمَجْلُوبَ مِنْ خَارِجِ الْبَلَدِ إلَيْهِ مِنْ الطَّعَامِ (الْمُضِرِّ لِأَهْلِ الْبَلَدِ) لِلنَّهْيِ عَنْهُ وَلِأَنَّ فِيهِ تَضْيِيقَ الْأَمْرِ عَلَى الْحَاضِرِينَ، فَإِنْ كَانَ لَا يَضُرُّ فَلَا بَأْسَ بِهِ إلَّا إذَا لَبَّسَ السِّعْرَ عَلَى الْوَارِدِينَ وَاشْتَرَى بِأَقَلَّ مِنْ الْقِيمَةِ.

ــ

[حاشية الشرنبلالي]

(قَوْلُهُ: أَوْ بِمِثْلِ مَا أَخَذَ فُلَانٌ) مُسْتَغْنًى عَنْهُ بِقَوْلِهِ قَبْلَهُ وَالْبَيْعُ بِمَا بَاعَ فُلَانٌ وَهَذَا مِنْ قَبِيلِ الْفَاسِدِ لَا الْمَوْقُوفِ.

(قَوْلُهُ: إنْ عَلِمَ فِي الْمَجْلِسِ صَحَّ) أَيْ وَلَهُ الْخِيَارُ.

(قَوْلُهُ: وَإِلَّا بَطَلَ) غَيْرُ مُسَلَّمٍ فَإِنَّهُ فَاسِدٌ يُفِيدُ الْمِلْكَ بِالْقَبْضِ كَمَا تَقَدَّمَ.

(قَوْلُهُ: فِي شَرْحِ الشَّافِي أَنَّهُ لَا يَجُوزُ) يَعْنِي فَيَكُونُ فَاسِدًا، فَإِنْ عَلِمَ الثَّمَنَ فِي الْمَجْلِسِ خُيِّرَ.

(قَوْلُهُ: وَبَيْعُ الشَّيْءِ بِقِيمَتِهِ لَمْ يَجُزْ لِلْجَهَالَةِ) فَمُوجَبُهُ الْفَسَادُ لَا التَّوَقُّفُ كَمَا فِي الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ فَشَرْحُهُ خَيْرٌ مِنْ مَتْنِهِ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ عُيِّنَتْ فِي الْمَجْلِسِ جَازَ) أَيْ لِارْتِفَاعِ الْفَسَادِ وَيُخَيَّرُ الْمُشْتَرِي فِيهِ.

(قَوْلُهُ: وَبَيْعٌ فِيهِ خِيَارُ الْمَجْلِسِ) لَيْسَ مِنْ الْمَوْقُوفِ وَالْخِيَارُ الْمَشْرُوطُ الْمُقَدَّرُ بِالْمَجْلِسِ صَحِيحٌ وَلَهُ الْخِيَارُ مَا دَامَ فِيهِ، وَإِذَا شَرَطَ الْخِيَارَ وَلَمْ يُقَدَّرْ لَهُ أَجَلٌ كَانَ لَهُ الْخِيَارُ بِذَلِكَ الْمَجْلِسِ فَقَطْ كَمَا فِي الْفَتْحِ.

(قَوْلُهُ: وَقَدْ مَرَّ فِي أَوَّلِ الْبُيُوعِ) ذَلِكَ خِيَارُ الْمَجْلِسِ الَّذِي لَمْ يُشْرَطْ فِي الْعَقْدِ لَا نَقُولُ بِهِ خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَمَّا الْمَشْرُوطُ فِيهِ فَصَحِيحٌ اتِّفَاقًا.

(قَوْلُهُ: إنْ أَقَرَّ بِهِ الْغَاصِبُ ثُمَّ الْبَيْعُ. . . إلَخْ) فِيهِ تَسَامُحٌ.

(قَوْلُهُ: وَحُكْمُهُ أَنَّهُ إنَّمَا يَقْبَلُ الْإِجَازَةَ إذَا كَانَ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي وَالْمَبِيعُ قَائِمًا) أَقُولُ هَذَا بِخِلَافِ النِّكَاحِ إذْ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ قِيَامُ الْمُزَوَّجِ كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ.

(قَوْلُهُ: كَذَا الثَّمَنُ لَوْ كَانَ عَرَضًا) أَقُولُ وَتَكُونُ الْإِجَازَةُ إجَازَةَ نَقْدٍ لَا إجَازَةَ عَقْدٍ؛ لِأَنَّ الشِّرَاءَ لَا يَتَوَقَّفُ إذَا وَجَدَ نَفَاذًا وَهُوَ نَافِذٌ هُنَا عَلَى الْفُضُولِيِّ وَصَارَ مُسْتَقْرِضًا عَرَضَ الْمُجِيزِ ضِمْنًا فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ لَهُ وَقَرْضُ الْقِيَمِيِّ ضِمْنًا جَائِزٌ كَمَا فِي الْفَتْحِ وَغَايَةِ الْبَيَانِ، وَأَمَّا إذَا كَانَ الثَّمَنُ غَيْرَ عَرَضٍ فَالثَّمَنُ يَكُونُ لِلْمُجِيزِ وَهِيَ إجَازَةُ عَقْدٍ كَمَا قَدَّمْنَاهُ وَظَاهِرُهُ شُمُولُ بَيْعِ النَّقْدِ بِالنَّقْدِ صَرْفًا فَيَكُونُ إجَازَةَ عَقْدٍ فَلْيُتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: وَحُكْمُهُ أَيْضًا إنْ أَخَذَ الثَّمَنَ أَوْ طَلَبَهُ لَيْسَ بِإِجَازَةٍ) فِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ عِبَارَةَ الْخُلَاصَةِ ثُمَّ فِي الْبَيْعِ الْمَوْقُوفِ إذَا أَخَذَ الثَّمَنَ أَوْ طَلَبَهُ يَكُونُ إجَازَةً وَهُوَ الصَّوَابُ.

(قَوْلُهُ: كُلُّ ذَلِكَ مِنْ الْخُلَاصَةِ) فِيهِ التَّأَمُّلُ الَّذِي عَلِمْته وَمِنْ هَذَا الْقَبِيلِ قَوْلُ قَاضِي خَانْ وَمِنْ الْبُيُوعِ الْمَوْقُوفَةِ الْبَيْعُ بِشَرْطِ الْخِيَارِ.

[الْبَيْعِ الْمَكْرُوهِ وَحُكْمِهِ]

[الْبَيْعُ عِنْدَ الْأَذَانِ الْأَوَّلِ لِلْجُمُعَةِ]

(قَوْلُهُ: وَأَمَّا إذَا تَبَايَعَا وَهُمَا يَمْشِيَانِ فَلَا كَرَاهَةَ) قَالَ الزَّيْلَعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَهَذَا مُشْكِلُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ نَهَى عَنْ الْبَيْعِ مُطْلَقًا فَمَنْ أَطْلَقَهُ فِي بَعْضِ الْوُجُوهِ يَكُونُ تَخْصِيصًا وَهُوَ نَسْخٌ فَلَا يَجُوزُ بِالرَّأْيِ.

[بَيْع النَّجْش]

(قَوْلُهُ: وَكُرِهَ النَّجْشُ) بِفَتْحَتَيْنِ وَرُوِيَ بِالسُّكُونِ، وَإِنَّمَا يُكْرَهُ فِيمَا إذَا كَانَ الرَّاغِبُ فِي السِّلْعَةِ يَطْلُبُهَا بِمِثْلِ ثَمَنِهَا، أَمَّا إذَا طَلَبَهَا بِدُونِ ثَمَنِهَا فَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَزِيدَ إلَى أَنْ تَبْلُغَ قِيمَتَهَا.

(قَوْلُهُ: وَهُوَ مَحْمَلُ النَّهْيِ فِي الْخِطْبَةِ) يُتَأَمَّلُ فِي مَرْجِعِ ضَمِيرِهِ وَإِفَادَتِهِ حُكْمَيْنِ

<<  <  ج: ص:  >  >>