للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْقَدْرَ بَلْ كَانَ (دُونَهُ لَا) تَجِبُ السَّجْدَةُ؛ لِأَنَّ الْفِكْرَ الطَّوِيلَ مِمَّا يُؤَخِّرُ الْأَرْكَانَ عَنْ مَوَاضِعِهَا وَالْفِكْرُ الْقَلِيلُ مِمَّا لَا يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ فَجُعِلَ كَأَنْ لَمْ يَكُنْ، كَذَا فِي تُحْفَةِ الْفُقَهَاءِ.

(بَابُ سُجُودِ التِّلَاوَةِ) (يَجِبُ) مُوَسَّعًا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَفِي رِوَايَةٍ عَنْ الْإِمَامِ وَفَوْرًا عِنْدَ مُحَمَّدٍ وَفِي رِوَايَةٍ عَنْهُ كَذَا فِي الْعِنَايَةِ (سَجْدَةٌ) فَاعِلُ يَجِبُ (فِيهَا) أَيْ فِي تِلْكَ السَّجْدَةِ (تَسْبِيحُ السُّجُودِ) يَعْنِي سُبْحَانَ رَبِّي الْأَعْلَى (بِشُرُوطِ الصَّلَاةِ) وَقَدْ تَقَدَّمَتْ (بَيْنَ تَكْبِيرَتَيْنِ) مُتَعَلِّقٌ بِسَجْدَةٌ (بِلَا رَفْعِ يَدٍ) يَعْنِي أَنَّ مَنْ أَرَادَ سُجُودَهَا كَبَّرَ وَلَمْ يَرْفَعْ يَدَيْهِ وَسَجَدَ ثُمَّ كَبَّرَ وَرَفَعَ رَأْسهُ اعْتِبَارًا بِسَجْدَةِ الصَّلَاةِ وَهُوَ الْمَرْوِيُّ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - (وَلَا تَشَهُّدَ وَلَا سَلَامَ) لِأَنَّ ذَلِكَ لِلتَّحَلُّلِ وَهُوَ يَسْتَدْعِي سَبْقَ التَّحْرِيمَةِ وَقَدْ عُدِمَتْ هَاهُنَا (عَلَى مَنْ تَلَا آيَةً) مُتَعَلِّقٌ بِيَجِبُ (وَلَوْ بِالْفَارِسِيَّةِ) ذَكَرَهُ قَاضِي خَانْ (مِنْ الْأَرْبَعَ عَشْرَ الْمَعْرُوفَةِ) وَهِيَ فِي آخِرِ الْأَعْرَافِ وَفِي الرَّعْدِ وَالنَّحْلِ وَبَنِي إسْرَائِيلَ وَمَرْيَمَ وَأُولَى الْحَجِّ وَالْفُرْقَانِ وَالنَّمْلِ وَالَمْ السَّجْدَةِ وَصِّ وَحُمَّ السَّجْدَةِ وَالنَّجْمِ وَانْشَقَّتْ وَاقْرَأْ (مِمَّنْ) بَيَانٌ لِمَنْ فِي قَوْلِهِ عَلَى مَنْ تَلَا يَعْنِي إذَا تَلَا آيَةَ السَّجْدَةِ مَنْ (تَلْزَمُهُ الصَّلَاةُ) أَدَاءً وَقَضَاءً وَجَبَ عَلَيْهِ السُّجُودُ

(فَتَجِبُ عَلَى الْأَصَمِّ) إذَا تَلَا لِأَنَّهُ أَهْلُ الْأَدَاءِ وَالْقَضَاءِ (وَالْمُحْدِثِ وَالْجُنُبِ وَالسَّكْرَانِ) إذَا تَلَوْا لِأَنَّهُمْ أَهْلُ الْقَضَاءِ (لَا) عَلَى (الْكَافِرِ وَالْمَجْنُونِ وَالصَّبِيِّ وَالْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ) لِأَنَّهُمْ لَيْسُوا أَهْلًا لَهُمَا (أَوْ سَمِعَهُمَا) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ تَلَا آيَةَ (وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْهُ) أَيْ السَّمَاعَ

ــ

[حاشية الشرنبلالي]

[بَابُ سُجُودِ التِّلَاوَةِ]

هَذَا مِنْ إضَافَةِ الْحُكْمِ إلَى سَبَبِهِ وَقَصَرَ السَّبَبَ عَلَى التِّلَاوَةِ دُونَ السَّمَاعِ لِأَنَّ السَّبَبَ فِي حَقِّ السَّامِعِ التِّلَاوَةُ كَمَا هُوَ مَذْهَبُ بَعْضِ مَشَايِخِنَا وَهُوَ الصَّحِيحُ وَلَئِنْ سُلِّمَ أَنَّ السَّمَاعَ سَبَبٌ فِي حَقِّهِ لَمْ يَنُصَّ عَلَيْهِ لِكَوْنِ التِّلَاوَةِ أَصْلًا فِي الْبَابِ (قَوْلُهُ يَجِبُ مُوَسَّعًا. . . إلَخْ) أَقُولُ هَذَا الِاخْتِلَافُ فِي الْخَارِجِيَّةِ لَا الصَّلَاتِيَّةِ لِمَا قَالَ فِي الْبَحْرِ أَنَّهَا وَاجِبَةٌ عَلَى التَّرَاخِي إنْ لَمْ تَكُنْ صَلَاتِيَّةً وَإِنَّمَا يَتَضَيَّقُ عَلَيْهِ الْوُجُوبُ فِي آخِرِ عُمُرِهِ كَمَا فِي سَائِرِ الْوَاجِبَاتِ الْمُوَسَّعَةِ وَأَمَّا الصَّلَاتِيَّةُ فَإِنَّهَا تَجِبُ مُضَيَّقًا اهـ.

وَيَجُوزُ أَنْ يُقَالَ تَجِبُ الصَّلَاتِيَّةُ مُوَسَّعًا بِالنِّسْبَةِ لِمَحَلِّهَا كَمَا لَوْ تَلَا فِي أَوَّلِ صَلَاتِهِ وَسَجَدَهَا فِي آخِرِهَا وَيُكْرَهُ تَأْخِيرُهَا مُطْلَقًا أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ صَلَاتِيَّةً أَوْ غَيْرَهَا وَهُوَ الْأَصَحُّ وَالْكَرَاهَةُ تَنْزِيهِيَّةٌ فِي غَيْرِ الصَّلَاتِيَّةِ لِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ تَحْرِيمِيَّةً لَكَانَ وُجُوبُهَا عَلَى الْفَوْرِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ كَذَا فِي الْعِنَايَةِ) أَقُولُ وَقَدْ ذَكَرَ فِيهَا آخِرَ الْبَابِ (قَوْلُهُ فِيهَا تَسْبِيحُ السُّجُودِ) قَالَ فِي الْعِنَايَةِ هُوَ الْأَصَحُّ وَقَالَ الْكَمَالُ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَكُونَ مَا صَحَّحَ عَلَى عُمُومِهِ، فَإِنْ كَانَتْ السَّجْدَةُ فِي الصَّلَاةِ فَيَقُولُ فِيهَا مَا يُقَالُ فِيهَا، فَإِنْ كَانَتْ فَرِيضَةً قَالَ سُبْحَانَ رَبِّي الْأَعْلَى أَوْ نَفْلًا قَالَ مَا شَاءَ مِمَّا وَرَدَ كَسَجَدَ وَجْهِي لِلَّذِي خَلَقَهُ. . . إلَخْ وَقَوْلُهُ اللَّهُمَّ اُكْتُبْ لِي عِنْدَك بِهَا أَجْرًا وَضَعْ عَنِّي بِهَا وِزْرًا وَاجْعَلْهَا لِي عِنْدَك ذُخْرًا وَتَقَبَّلْهَا مِنِّي كَمَا تَقَبَّلْتَهَا مِنْ عَبْدِك دَاوُد، وَإِنْ كَانَ خَارِجَ الصَّلَاةِ قَالَ كُلَّ مَا أُثِرَ مِنْ ذَلِكَ اهـ.

(قَوْلُهُ يَعْنِي سُبْحَانَ رَبِّي الْأَعْلَى) أَيْ ثَلَاثًا وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ فِيهَا شَيْئًا أَجْزَأَهُ كَمَا فِي الْجَوْهَرَةِ (قَوْلُهُ بِشُرُوطِ الصَّلَاةِ) يَعْنِي إلَّا التَّحْرِيمَةَ أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ بَيْنَ تَكْبِيرَتَيْنِ لِلرَّفْعِ وَالْوَضْعِ وَكُلٌّ مِنْ التَّكْبِيرَتَيْنِ سُنَّةٌ كَمَا صَحَّحَهُ فِي الْبَدَائِعِ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَقُومَ فَيَخِرَّ سَاجِدًا كَمَا فِي الْفَتْحِ وَسَيَذْكُرُهُ الْمُصَنِّفُ وَقَالَ فِي الْبَحْرِ مَا وَقَعَ فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ مِنْ أَنَّهُ إذَا كَانَ قَاعِدًا لَا يَقُومُ لَهَا فَخِلَافُ الْمَذْهَبِ وَقَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ لَا يُؤْمَرُ التَّالِي بِالتَّقَدُّمِ وَلَا بِالِاصْطِفَافِ وَلَكِنْ يَسْجُدُ وَيَسْجُدُونَ مَعَهُ حَيْثُ كَانُوا وَكَيْفَ كَانُوا كَمَا فِي الْمِعْرَاجِ (قَوْلُهُ عَلَى مَنْ تَلَا آيَةً) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ يُشْتَرَطُ تَمَامُ الْآيَةِ لِلُزُومِ السُّجُودِ وَلَكِنَّ الصَّحِيحَ أَنَّهُ إذَا قَرَأَ حَرْفَ السَّجْدَةِ وَقَبْلَهُ كَلِمَةً أَوْ بَعْدَهُ كَلِمَةً وَجَبَ السُّجُودُ وَقِيلَ لَا يَجِبُ إلَّا أَنْ يَقْرَأَ أَكْثَرَ آيَةِ السَّجْدَةِ وَلَوْ قَرَأَ آيَةَ السَّجْدَةِ كُلَّهَا إلَّا الْحَرْفَ الَّذِي فِي آخِرِهَا لَا يَجِبُ عَلَيْهِ السُّجُودُ كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ وَقَوْلُ الْجَوْهَرَةِ إلَّا أَنْ يَقْرَأَ أَكْثَرَ آيَةِ السَّجْدَةِ يَعْنِي مَعَ حَرْفِ السَّجْدَةِ لِمَا قَالَ فِي الْمِعْرَاجِ عَنْ فَوَائِدِ السفكردري لَوْ تَلَا مِنْ أَوَّلِ الْآيَةِ أَكْثَرَ مِنْ نِصْفِ الْآيَةِ وَتَرَكَ الْحَرْفَ الَّذِي فِيهِ السَّجْدَةُ لَمْ يَسْجُدْ وَإِنْ قَرَأَ الْحَرْفَ الَّذِي فِيهِ السَّجْدَةُ إنْ قَرَأَ مَا بَعْدَهُ أَوْ قَبْلَهُ أَكْثَرَ مِنْ نِصْفِ الْآيَةِ تَجِبُ السَّجْدَةُ وَمَا لَا فَلَا اهـ.

(قَوْلُهُ وَلَوْ بِالْفَارِسِيَّةِ) أَقُولُ التِّلَاوَةُ مُوجِبَةٌ عَلَى التَّالِي اتِّفَاقًا فَهِمَ أَوْ لَمْ يَفْهَمْ كَمَا فِي الْبَحْرِ (قَوْلُهُ وَالنَّمْلِ) أَقُولُ وَيَجِبُ فِيهَا عِنْدَ قَوْله تَعَالَى {رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ} [النمل: ٢٦] وَعِنْدَ قَوْله تَعَالَى {وَمَا يُعْلِنُونَ} [البقرة: ٧٧] عَلَى قِرَاءَةِ غَيْرِ الْكِسَائِيّ وَعِنْدَ قَوْله تَعَالَى {أَلا يَسْجُدُوا} [النمل: ٢٥] عَلَى قِرَاءَةِ الْكِسَائِيّ وَمَوْضِعُ السُّجُودِ مِنْ ص {وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ} [ص: ٢٤] عِنْدَنَا وَعِنْدَ بَعْضِهِمْ {وَحُسْنَ مَآبٍ} [ص: ٢٥] وَاَلَّتِي مِنْ حم السَّجْدَةِ عِنْدَ قَوْله تَعَالَى {وَهُمْ لا يَسْأَمُونَ} [فصلت: ٣٨] ذَكَرَهُ الشُّمُنِّيُّ وَفِي الِانْشِقَاقِ {وَإِذَا قُرِئَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنُ لا يَسْجُدُونَ} [الانشقاق: ٢١] كَمَا فِي التَّبْيِينِ (قَوْلُهُ مِمَّنْ تَلْزَمُهُ الصَّلَاةُ أَدَاءً وَقَضَاءً) الْوَاوُ وَبِمَعْنَى أَوْ لِمَا سَنَذْكُرُهُ وَبِهِ صَرَّحَ الْبَزَّازِيُّ

(قَوْلُهُ وَالْمَجْنُونِ) عَلَّلَ عَدَمَ اللُّزُومِ عَلَيْهِ بِعَدَمِ لُزُومِ الْقَضَاءِ وَهُوَ ظَاهِرٌ فِيمَنْ زَادَ جُنُونُهُ عَلَى يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ إذًا فِيمَا دُونَهُ يَقْضِي فَمُقْتَضَاهُ لُزُومُ السَّجْدَةِ عَلَيْهِ بِتِلَاوَتِهِ وَسَيُصَرِّحُ بِهِ عَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>