للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَانَ أَوْ غُسْلًا لِأَنَّهَا لَا تَمْنَعُ نُفُوذَ الْمَاءِ (وَاخْتُلِفَ فِي مِثْلِ الْعَجِينِ وَالطِّينِ) بِنَاءً عَلَى الِاخْتِلَافِ فِي مَنْعِ نُفُوذِ الْمَاءِ وَعَدَمِهِ (وَالْخَاتَمُ) الضَّيِّقُ (يُنْزَعُ أَوْ يُحَرَّكُ) لِيَصِلَ الْمَاءُ إلَى مَوْضِعِ الْحَلْقَةِ

(وَمَسْحُ) عَطْفٌ عَلَى غَسْلِ (رُبْعِ الرَّأْسِ) (مَرَّةً) فِي رِوَايَةِ الطَّحَاوِيِّ، وَالْكَرْخِيِّ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (أَوْ قَدْرِ ثَلَاثِ أَصَابِعِ الْيَدِ) فِي رِوَايَةِ هِشَامٍ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (بِمَاءٍ جَدِيدٍ أَوْ بَاقٍ بَعْدَ غَسْلِ عُضْوٍ لَا مَسْحِهِ إلَّا أَنْ يَتَقَاطَرَ) الْمَاءُ (لَا مَأْخُوذٍ) عَطْفٌ عَلَى بَاقٍ أَيْ لَا بِمَاءٍ أُخِذَ (مِنْ عُضْوٍ) سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الْعُضْوُ مَغْسُولًا أَوْ مَمْسُوحًا (وَلَا يُعَادُ) الْمَسْحُ (بِحَلْقِ الرَّأْسِ كَمَا لَا يُعَادُ الْغَسْلُ بِحَلْقِ الْحَاجِبِ وَقَصِّ الشَّارِبِ وَقَلْمِ الظُّفْرِ)

(وَسُنَنُهُ) وَهِيَ مَعَ تَفَاوُتِ أَنْوَاعِهَا مَا يُؤْجَرُ عَلَى فِعْلِهِ وَيُلَامُ عَلَى تَرْكِهِ، وَالْمُسْتَحَبُّ مَا يُؤْجَرُ عَلَى فِعْلِهِ وَلَا يُلَامُ عَلَى تَرْكِهِ (الْبَدْءُ بِالنِّيَّةِ) أَيْ قَصْدِ الْقَلْبِ بِالْوُضُوءِ أَوْ رَفْعِ الْحَدَثِ أَوْ امْتِثَالِ الْأَمْرِ فِي ابْتِدَاءِ الْوُضُوءِ.

(وَ) الْبَدْءُ (بِالتَّسْمِيَةِ) أَيْ بِأَنْ يَقُولَ قَبْلَ الْوُضُوءِ بِسْمِ اللَّهِ الْعَظِيمِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى دِينِ الْإِسْلَامِ، وَاخْتِيرَ كَوْنُهَا سُنَّةً وَإِنْ قَالَ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهَا مُسْتَحَبَّةٌ لِأَنَّ السُّنِّيَّةَ مُخْتَارُ الْقُدُورِيِّ وَالطَّحَاوِيِّ وَصَاحِبِ الْكَافِي.

(قَبْلَ الِاسْتِنْجَاءِ) لِأَنَّهُ مِنْ مُقَدِّمَاتِ الْوُضُوءِ (وَبَعْدَهُ) لِأَنَّهُ حَالُ مُبَاشَرَةِ الْوُضُوءِ احْتِيَاطًا لِأَنَّهَا عِنْدَ بَعْضِ الْمَشَايِخِ قَبْلَهُ وَعِنْدَ بَعْضِهِمْ بَعْدَهُ فَالْأَحْوَطُ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَهُمَا لَكِنْ لَا حَالَ الِانْكِشَافِ.

(وَ) الْبَدْءُ (بِغَسْلِ الْيَدَيْنِ إلَى الرُّسْغَيْنِ) سَوَاءٌ اسْتَيْقَظَ مِنْ النَّوْمِ أَوْ لَا (وَهُوَ يَنُوبُ عَنْ الْفَرْضِ) فَلَا يَلْزَمُ إعَادَتُهُ إذَا غَسَلَ الْيَدَيْنِ إلَى الْمِرْفَقَيْنِ.

(وَ) سُنَّتُهُ أَيْضًا (السِّوَاكُ) وَهُوَ يَجِيءُ بِمَعْنَى الشَّجَرَةِ الَّتِي يَسْتَاكُ بِهَا وَبِمَعْنَى الْمَصْدَرِ وَهُوَ الْمُرَادُ هَاهُنَا فَلَا حَاجَةَ إلَى تَقْدِيرِ اسْتِعْمَالِ السِّوَاكِ (بِيُمْنَاهُ) لِأَنَّهُ الْمَنْقُولُ الْمُتَوَارَثُ (كَيْفَ شَاءَ) أَيْ يَبْدَأُ مِنْ الْأَسْنَانِ الْعُلْيَا أَوْ السُّفْلَى مِنْ الْجَانِبِ الْأَيْمَنِ أَوْ الْأَيْسَرِ طُولًا أَوْ عَرْضًا أَوْ بِهِمَا

ــ

[حاشية الشرنبلالي]

قَوْلُهُ: وَاخْتُلِفَ فِي مِثْلِ الْعَجِينِ، وَالطِّينِ) أَقُولُ جَزَمَ فِي الْبُرْهَانِ بِوُجُوبِ غَسْلِ مَا تَحْتَ الْعَجِينِ وَنَحْوِهِ ثُمَّ قَالَ: وَيَنْبَغِي أَنْ يُحْمَلَ مَا فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ مِنْ عَدَمِ مَنْعِ الطِّينِ، وَالْعَجِينِ عَلَى الْقَلِيلِ الرَّطْبِ وَاخْتُلِفَ فِي التُّرَابِ فَقِيلَ يُمْنَعُ لِظَاهِرِ حَيْلُولَتِهِ وَقِيلَ لَا لِعَدَمِ لُزُوجَتِهِ اهـ.

وَقَالَ الْمَقْدِسِيُّ فِي الْفَتْوَى: دَهَنَ رِجْلَيْهِ ثُمَّ تَوَضَّأَ وَأَمَرَّ الْمَاءَ عَلَى رِجْلَيْهِ وَلَمْ يَقْبَلْ الْمَاءُ لِلدُّسُومَةِ جَازَ لِوُجُودِ غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَالْخَاتَمُ الضَّيِّقُ يُنْزَعُ أَوْ يُحَرَّكُ) أَقُولُ هُوَ الْمُخْتَارُ مِنْ الرِّوَايَتَيْنِ كَمَا فِي الْبُرْهَانِ

(قَوْلُهُ: وَمَسْحُ رُبْعِ الرَّأْسِ. . . إلَخْ) أَقُولُ فِي مِقْدَارِ الْمَفْرُوضِ مِنْ مَسْحِ الرَّأْسِ رِوَايَاتٌ أَصَحُّهَا رِوَايَةً وَدِرَايَةً: مَسْحُ الرُّبْعِ وَأَمَّا رِوَايَةُ مَسْحِ قَدْرِ ثَلَاثِ أَصَابِعِ الْيَدِ فَهِيَ غَيْرُ الْمَنْصُورِ رِوَايَةً وَدِرَايَةً وَإِنْ صَحَّتْ كَذَا ذَكَرَهُ فِي الْبَحْرِ عَنْ فَتْحِ الْقَدِيرِ اهـ.

وَلَا يَجُوزُ لَوْ مَسَحَ بِأُصْبُعٍ وَاحِدَةٍ أَوْ أُصْبُعَيْنِ وَمَدَّ الْمَسْحَ حَتَّى اسْتَوْعَبَ قَدْرَ الرُّبْعِ أَمَّا لَوْ مَسَحَ بِثَلَاثِ أَصَابِعَ فَوَضَعَهَا ثُمَّ مَدَّهَا حَتَّى اسْتَوْعَبَ الرُّبْعَ صَحَّ الْمَسْحُ لِأَنَّا مَأْمُورُونَ بِالْمَسْحِ بِالْيَدِ وَالْأُصْبُعَانِ مِنْهَا لَا تُسَمَّى يَدًا بِخِلَافِ الثَّلَاثِ لِأَنَّهَا أَكْثَرُهَا وَتَمَامُ التَّوْجِيهِ فِي شَرْحِ الْمَقْدِسِيِّ ثُمَّ قَالَ: وَمَحَلُّ الْمَسْحِ مَا فَوْقَ الْأُذُنِ فَلَوْ مَسَحَ عَلَى طَرَفِ ذُؤَابَةٍ شُدَّتْ عَلَى رَأْسِهِ لَمْ يَجُزْ. اهـ.

[سُنَن الْوُضُوء]

(قَوْلُهُ: وَهِيَ مَعَ تَفَاوُتِ أَنْوَاعِهَا) فِي التَّعْبِيرِ بِالْجَمْعِ تَسَامُحٌ (قَوْلُهُ: مَا يُؤْجَرُ عَلَى فِعْلِهِ) عَرَّفَهُ بِالْحُكْمِ وَهُوَ سَائِغٌ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ (قَوْلُهُ: الْبَدْءُ بِالنِّيَّةِ) أَقُولُ: وَهِيَ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ عَلَى الصَّحِيحِ، وَالتَّلَفُّظُ بِهَا مُسْتَحَبٌّ وَلَيْسَتْ بِشَرْطٍ فِي غَيْرِ التَّوَضُّؤِ بِنَبِيذِ التَّمْرِ وَسُؤْرِ الْحِمَارِ أَيْ عَلَى الْقَوْلِ بِلُزُومِ التَّوَضُّؤِ بِالنَّبِيذِ مِنْهُ أَمَّا فِيهِمَا فَهِيَ شَرْطٌ كَمَا فِي الْبَحْرِ لَكِنْ قَالَ الْكَمَالُ اخْتَلَفُوا فِي النِّيَّةِ فِي الْوُضُوءِ بِسُؤْرِ الْحِمَارِ، وَالْأَحْوَطُ أَنْ يَنْوِيَ وَسَنَذْكُرُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

(قَوْلُهُ: وَالْبَدْءُ بِالتَّسْمِيَةِ) مُرَاعَاةُ اسْتِحْبَابِ التَّلَفُّظِ بِالنِّيَّةِ يُفَوِّتُ الْبَدْءَ بِالتَّسْمِيَةِ حَقِيقَةً فَيَكُونُ إضَافِيًّا (قَوْلُهُ: بِأَنْ يَقُولَ: بِاسْمِ اللَّهِ الْعَظِيمِ. . . إلَخْ) .

أَقُولُ لَعَلَّهُ إنَّمَا عَبَّرَ بِمَا ذَكَرَ عَلَى صِيغَةِ الْحَصْرِ لِأَنَّهُ الْمَنْقُولُ عَنْ السَّلَفِ وَقِيلَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَإِلَّا فَقَدْ قِيلَ الْأَفْضَلُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (قَوْلُهُ: قَبْلَ الِاسْتِنْجَاءِ وَبَعْدَهُ) أَقُولُ هَذَا عَلَى الْأَصَحِّ كَمَا فِي النِّهَايَةِ عَنْ قَاضِي خَانْ وَكَذَا يَغْسِلُ الْيَدَيْنِ عَلَى الْأَصَحِّ مَرَّتَيْنِ قَبْلَ الِاسْتِنْجَاءِ وَبَعْدَهُ.

(قَوْلُهُ: بِيُمْنَاهُ) أَقُولُ إمْسَاكُ السِّوَاكِ بِالْيُمْنَى مُسْتَحَبٌّ، وَالسُّنَّةُ فِي كَيْفِيَّةِ أَخْذِهِ أَنْ تَجْعَلَ الْخِنْصَرَ مِنْ يَمِينِك أَسْفَلَ السِّوَاكِ تَحْتَهُ، وَالْبِنْصِرَ وَالْوُسْطَى، وَالسَّبَّابَةَ فَوْقَهُ وَاجْعَلْ الْإِبْهَامَ أَسْفَلَ رَأْسِهِ تَحْتَهُ كَمَا رَوَاهُ ابْنُ مَسْعُودٍ وَلَا تَقْبِضْ الْقَبْضَةَ عَلَى السِّوَاكِ فَإِنَّ ذَلِكَ يُوَرِّثُ الْبَاسُورَ.

(قَوْلُهُ: كَيْفَ شَاءَ. . . إلَخْ) هَذَا عَلَى مَا قَالَهُ الْقُونَوِيُّ، وَالْأَكْثَرُ عَلَى أَنَّهُ يَسْتَاكُ عَرْضًا لَا طُولًا لِأَنَّهُ يَجْرَحُ لَحْمَ الْأَسْنَانِ وَيَسْتَاكُ أَعَالِيَ الْأَسْنَانِ وَأَسَافِلَهَا، وَالْحَنَكَ وَيَبْتَدِئُ مِنْ الْجَانِبِ الْأَيْمَنِ وَأَقَلُّهُ ثَلَاثٌ فِي الْأَعَالِي وَثَلَاثٌ فِي الْأَسَافِلِ بِثَلَاثِ مِيَاهٍ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ لَيِّنًا مِنْ غَيْرِ عُقَدٍ فِي غِلَظِ الْأُصْبُعِ وَطُولَ شِبْرٍ مِنْ الْأَشْجَارِ الْمُرَّةِ الْمَعْرُوفَةِ.

وَيُكْرَهُ الِاسْتِيَاكُ مُضْطَجِعًا فَإِنَّهُ يُوَرِّثُ كِبَرَ الطِّحَالِ كَمَا فِي الْبَحْرِ.

وَقَالَ الْفَارِضِيُّ فِي حَاشِيَةِ صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ: مِنْ فَضَائِلِ السِّوَاكِ أَنَّهُ يُبَطِّئُ بِالشَّيْبِ وَيَحُدُّ الْبَصَرَ وَأَحْسَنُهَا أَنَّهُ شِفَاءٌ لِمَا دُونَ الْمَوْتِ وَأَنَّهُ يُسْرِعُ فِي الْمَشْيِ عَلَى الصِّرَاطِ، وَمِنْ آدَابِهِ: أَنَّهُ لَا يَزِيدُ عَلَى شِبْرٍ وَلَا يُوضَعُ مُنْبَسِطًا عَلَى الْأَرْضِ بَلْ قَائِمًا وَيُكْرَهُ فِي الْخَلَاءِ اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>