للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَخَافَ عَلَى الْبَاقِي إنْ تَبِعَهَا) كَذَا فِي الْخَانِيَّةِ (لَا يُسَافِرُ بِعَبْدٍ) مُؤَجَّرٍ (لِلْخِدْمَةِ بِلَا شَرْطِهِ) ؛ لِأَنَّ فِي خِدْمَةِ السَّفَرِ زِيَادَةَ مَشَقَّةٍ فَلَا يَنْتَظِمُهَا الْإِطْلَاقُ -

(لَا يَسْتَرِدُّ مُسْتَأْجِرٌ أَجْرَ عَمَلِ عَبْدٍ مَحْجُورٍ) يَعْنِي إذَا اسْتَأْجَرَ عَبْدًا مَحْجُورًا شَهْرًا وَأَعْطَاهُ الْأَجْرَ فَلَيْسَ لِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ الْأَجْرَ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْإِجَارَةَ بَعْدَ الْفَرَاغِ صَحِيحَةٌ اسْتِحْسَانًا؛ لِأَنَّ فَسَادَهَا لِرِعَايَةِ حَقِّ الْمَوْلَى فَيُعَدُّ الْفَرَاغُ رِعَايَةَ حَقِّهِ فِي الصِّحَّةِ وَوُجُوبَ الْأَجْرِ لَهُ -

(وَلَا يَضْمَنُ آكِلُ غَلَّةِ عَبْدٍ غَصَبَهُ فَأَجَّرَ هُوَ) أَيْ الْعَبْدُ (نَفْسَهُ) يَعْنِي رَجُلٌ غَصَبَ عَبْدًا فَأَجَّرَ الْعَبْدُ نَفْسَهُ وَسَلَّمَ عَنْ الْعَمَلِ صَحَّتْ الْإِجَارَةُ لِكَوْنِهِ نَفْعًا فِي حَقِّ الْمَوْلَى، فَإِنْ أَخَذَ الْعَبْدُ الْأَجْرَ فَأَخَذَ الْغَاصِبُ الْأَجْرَ مِنْهُ فَأَكَلَهُ لَا يَضْمَنُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّهُ أَتْلَفَ مَالَ الْغَيْرِ بِلَا تَأْوِيلٍ؛ لِأَنَّ الْأَجْرَ مَالُ الْمَوْلَى وَلَهُ أَنَّهُ أَتْلَفَ مَالًا غَيْرَ مُتَقَوِّمٍ فِي حَقِّ التَّلَفِ فَلَا يَضْمَنُ كَنِصَابِ السَّرِقَةِ بَعْدَ الْقَطْعِ (كَمَا إذَا أَجَّرَهُ الْغَاصِبُ) ، فَإِنَّهُ إذَا أَجَّرَ عَبْدًا غَصَبَهُ وَأَخَذَ الْأُجْرَةَ وَأَتْلَفَهُ لَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّ الْأَجْرَ لَهُ (وَصَحَّ لِلْعَبْدِ قَبْضُهَا) أَيْ الْأُجْرَةِ الْحَاصِلَةِ مِنْ إيجَارِ نَفْسِهِ اتِّفَاقًا؛ لِأَنَّهُ نَفْعٌ مَحْضٌ مَأْذُونٌ فِيهِ كَقَبُولِ الْهِبَةِ، وَفَائِدَتُهُ تَظْهَرُ فِي حَقِّ خُرُوجِ الْمُسْتَأْجِرِ عَنْ عُهْدَةِ الْأُجْرَةِ، فَإِنَّهُ يَحْصُلُ بِالْأَدَاءِ إلَيْهِ (وَيَأْخُذُهَا مَوْلَاهُ قَائِمَةً) ؛ لِأَنَّهُ وَجَدَ عَيْنَ مَالِهِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ بُطْلَانِ التَّقَوُّمِ بُطْلَانُ الْمِلْكِ كَمَا فِي نِصَابِ السَّرِقَةِ بَعْدَ الْقَطْعِ، فَإِنَّهُ غَيْرُ مُتَقَوِّمٍ وَمِلْكٌ لِلْمَالِكِ.

(اسْتَأْجَرَ عَبْدًا شَهْرَيْنِ شَهْرًا بِأَرْبَعَةٍ وَشَهْرًا بِخَمْسَةٍ صَحَّ عَلَى التَّرْتِيبِ) الْمَذْكُورِ؛ لِأَنَّ الشَّهْرَ الْمَذْكُورَ أَوَّلًا يَنْصَرِفُ إلَى مَا يَلِي الْعَقْدَ تَحَرِّيًا لِلْجَوَازِ فَيَنْصَرِفُ الثَّانِي إلَى مَا يَلِي الْأَوَّلَ ضَرُورَةَ حُكْمِ (الْحَالِ إنْ اخْتَلَفَا فِي إبَاقِ الْعَبْدِ أَوْ مَرَضِهِ وَجَرَى مَاءُ الرَّحَى) يَعْنِي اسْتَأْجَرَ عَبْدًا شَهْرًا بِدِرْهَمٍ فَقَبَضَهُ فِي أَوَّلِ الشَّهْرِ ثُمَّ جَاءَ آخِرُ الشَّهْرِ وَالْعَبْدُ مَرِيضٌ أَوْ آبِقٌ وَاخْتَلَفَا فَقَالَ الْمُسْتَأْجِرُ مَرِضَ هُوَ أَوْ أَبَقَ مِنْ أَوَّلِ الْمُدَّةِ وَقَالَ الْمُؤَجِّرُ فِي آخِرِهَا حُكْمُ الْحَالِ، فَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ آبِقًا أَوْ مَرِيضًا فِي الْحَالِ يُحْكَمُ بِأَنَّهُ كَذَلِكَ مِنْ أَوَّلِ الْمُدَّةِ فَلَا يَجِبُ الْأَجْرُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ آبِقًا أَوْ مَرِيضًا يُحْكَمُ بِأَنَّهُ كَذَلِكَ مِنْ أَوَّلِ الْمُدَّةِ فَيَجِبُ الْأَجْرُ وَكَذَا الِاخْتِلَافُ فِي جَرْيِ مَاءِ الرَّحَى -

(الْقَوْلُ لِرَبِّ الثَّوْبِ فِي الْقَمِيصِ وَالْقَبَاءِ وَالصُّفْرَةِ وَالْحُمْرَةِ) يَعْنِي إذَا قَالَ رَبُّ الثَّوْبِ لِلْخَيَّاطِ أَمَرْتُكَ أَنْ تَخِيطَ ثَوْبِي قَبَاءً فَخِطْتَهُ قَمِيصًا أَوْ لِلصَّبَّاغِ أَمَرْتُك أَنْ تَصْبُغَ ثَوْبِي أَحْمَرَ فَصَبَغْتَهُ أَصْفَرَ وَقَالَ الْخَيَّاطُ وَالصَّبَّاغُ مَا أَمَرْتَنِي هُوَ الَّذِي فَعَلْتُهُ فَالْقَوْلُ فِي الصُّورَتَيْنِ لِرَبِّ الثَّوْبِ مَعَ الْيَمِينِ؛ لِأَنَّ الْإِذْنَ يُسْتَفَادُ مِنْ قِبَلِهِ فَكَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ فِيمَا أَذِنَ فِيهِ، فَإِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُمَا بَيِّنَةٌ فَحَلَفَ رَبُّ الثَّوْبِ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى خُيِّرَ إنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ قِيمَةَ الثَّوْبِ غَيْرَ مَعْمُولٍ وَلَا أَجْرَ لَهُ، وَإِنْ شَاءَ أَخَذَهُ وَأَعْطَاهُ أَجْرَ مِثْلِهِ وَلَا يُجَاوِزُ بِهِ الْمُسَمَّى؛ لِأَنَّهُ امْتَثَلَ أَمْرَهُ فِي أَصْلِ مَا أُمِرَ بِهِ وَهُوَ الْقَطْعُ وَالْخِيَاطَةُ لَكِنْ خَالَفَهُ فِي الصِّفَةِ فَيَخْتَارُ أَيَّهُمَا شَاءَ وَفِي الثَّانِيَةِ خُيِّرَ إنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ قِيمَةَ ثَوْبٍ أَبْيَضَ، وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ ثَوْبَهُ وَأَعْطَاهُ أَجْرَ مِثْلِهِ لَا يُجَاوِزُ بِهِ الْمُسَمَّى أَيْضًا.

(وَ) الْقَوْلُ لِرَبِّ الثَّوْبِ (فِي الْأَجْرِ وَعَدَمِهِ) أَيْ صُدِّقَ رَبُّ الثَّوْبِ مَعَ يَمِينِهِ فِي قَوْلِهِ عَمِلْتَ لِي مَجَّانًا وَالصَّانِعُ قَالَ بَلْ بِأَجْرٍ؛ لِأَنَّهُ يُنْكِرُ الْعَقْدَ؟ وَوُجُوبَ الْأُخْرَى وَتَقَوَّمَ عَمَلِهِ

ــ

[حاشية الشرنبلالي]

قَوْلُهُ: فَخَافَ عَلَى الْبَاقِي إنْ تَبِعَهَا) أَقُولُ يَعْنِي خَافَ الضَّيَاعَ فَهُوَ عُذْرٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ؛ لِأَنَّهَا ضَاعَتْ بِغَيْرِ فِعْلِهِ وَهُمَا ضَمَّنَاهُ لِتَرْكِهِ اتِّبَاعَهُ بِحَسَبِ وُسْعِهِ كَمَا فِي الْبُرْهَانِ

(قَوْلُهُ: لَا يَسْتَرِدُّ أَجْرَ عَبْدٍ مَحْجُورٍ) أَقُولُ وَكَذَا لَا يَسْتَرِدُّ أَجْرَ الصَّبِيِّ الْمَحْجُورِ اسْتِحْسَانًا فِيهِمَا كَمَا فِي الْبُرْهَانِ

(قَوْلُهُ: فَأَجَّرَ هُوَ أَيْ الْعَبْدُ نَفْسَهُ) أَيْ مِنْ غَيْرِ الْغَاصِبِ فَالْهَاءُ مِنْ فَأَجْرُهُ زَائِدَةٌ فِي نُسْخَةٍ

(قَوْلُهُ: وَالْعَبْدُ مَرِيضٌ أَوْ آبِقٌ) أَقُولُ لَوْ حَذَفَ هَذَا لَكَانَ أَوْلَى لِيَتَّجِهَ قَوْلُهُ بَعْدَهُ، فَإِنْ كَانَ آبِقًا أَوْ مَرِيضًا لَا يَجِبُ الْأَجْرُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ يَجِبُ وَإِلَّا فَكَيْفَ يُحْكَمُ بِمَرَضِهِ وَإِبَاقِهِ ثُمَّ يُرَدِّدُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ عَدَمِهِ (قَوْلُهُ: وَقَالَ الْمُؤَجِّرُ فِي آخِرِهَا) أَقُولُ وَكَذَا الْحُكْمُ لَوْ أَنْكَرَ بِالْمَرَّةِ (قَوْلُهُ: حُكِّمَ الْحَالُ) أَقُولُ فَيَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَ مَنْ يَشْهَدُ لَهُ الْحَالُ مَعَ يَمِينِهِ فَيَصْلُحُ الظَّاهِرُ مُرَجِّحًا، وَإِنْ لَمْ يَصْلُحْ حُجَّةً وَهَذَا ظَاهِرٌ فِي جَانِبِ الْمُسْتَأْجِرِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ إلَّا دَفْعُ الِاسْتِحْقَاقِ عَلَيْهِ، وَإِنْ شَهِدَ لِلْمُؤَجِّرِ فَفِيهِ إشْكَالٌ مِنْ حَيْثُ اسْتِحْقَاقُهُ الْأُجْرَةَ بِالظَّاهِرِ وَهَذِهِ لَا تَصْلُحُ لِلِاسْتِحْقَاقِ وَجَوَابُهُ أَنَّهُ يَسْتَحِقُّهُ بِالسَّبَبِ السَّابِقِ وَهُوَ الْعَقْدُ، وَإِنَّمَا الظَّاهِرُ يَشْهَدُ عَلَى بَقَائِهِ إلَى ذَلِكَ الْوَقْتِ وَعَلَى هَذَا ادِّعَاءُ وِلَادَةٍ قَبْلَ الْعِتْقِ وَالثَّمَرِ قَبْلَ الْبَيْعِ الْقَوْلُ لِمَنْ الْوَلَدُ وَالثَّمَرُ فِي يَدِهِ تَحْكِيمًا لِلْحَالِ كَمَا فِي التَّبْيِينِ

(قَوْلُهُ: وَالْقَوْلُ لِرَبِّ الثَّوْبِ فِي الْأَجْرِ وَعَدَمِهِ) أَقُولُ هَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَيَجْعَلُ أَبُو يُوسُفَ الْقَوْلَ لِلصَّانِعِ إنْ كَانَ حَرِيفًا لَهُ أَيْ خَلِيطًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُسْتَأْجِرِ أَخْذٌ وَإِعْطَاءٌ فِي حِرْفَةٍ وَحَكَمَ مُحَمَّدٌ بِالْأَجْرِ إنْ كَانَ مَعْرُوفًا بِعَمَلِ تِلْكَ الصَّنْعَةِ بِالْأُجْرَةِ وَبِهِ يُفْتَى لِشَهَادَةِ الظَّاهِرُ لِدَعْوَاهُ كَمَا فِي الْبُرْهَانِ.

وَفِي الصُّغْرَى أَيْضًا الْفَتْوَى عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ وَكَذَا فِي التَّبْيِينِ

[بَابُ فَسْخِ الْإِجَارَةِ]

<<  <  ج: ص:  >  >>