للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَكُونَ لِتَقْدِيرِ الْعَمَلِ الَّذِي وَقَعَ الْعَقْدُ عَلَيْهِ فَلَا يَتَغَيَّرُ أَوَّلُ كَلَامِهِ بِالِاحْتِمَالِ مَا لَمْ يُصَرِّحْ بِخِلَافِهِ -

(وَلَا يَضْمَنُ مَا هَلَكَ فِي يَدِهِ أَوْ بِعَمَلِهِ) أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِأَنَّ الْعَيْنَ أَمَانَةٌ فِي يَدِهِ بِالْإِجْمَاعِ أَمَّا عِنْدَهُ فَظَاهِرٌ، وَأَمَّا عِنْدَهُمَا فَلِأَنَّ تَضْمِينَ الْأَجِيرِ الْمُشْتَرَكِ نَوْعُ اسْتِحْسَانٍ عِنْدَهُمَا صِيَانَةً لِأَمْوَالِ النَّاسِ؛ لِأَنَّهُ يَتَقَبَّلُ الْأَعْمَالَ مِنْ خَلْقٍ كَثِيرٍ طَمَعًا فِي كَثْرَةِ الْأَجْرِ وَقَدْ يَعْجَزُ عَنْ الْقِيَامِ بِهَا فَيَمْكُثُ عِنْدَهُ طَوِيلًا فَيَجِبُ عَلَيْهِ الضَّمَانُ إذَا هَلَكَتْ بِمَا يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ عَنْهُ لِئَلَّا يَتَسَاهَلَ فِي حِفْظِهَا وَأَجِيرُ الْوَاحِدِ لَا يَتَقَبَّلُ الْأَعْمَالَ فَأَخَذَا فِيهِ بِالْقِيَاسِ، وَأَمَّا الثَّانِي فَلِأَنَّ الْمَنَافِعَ صَارَتْ مَمْلُوكَةً لِلْمُسْتَأْجِرِ، فَإِذَا أَمَرَهُ بِالصَّرْفِ إلَى مِلْكِهِ صَحَّ وَصَارَ نَائِبًا مَنَابَهُ فَصَارَ فِعْلُهُ مَنْقُولًا إلَيْهِ كَأَنَّهُ فَعَلَهُ بِنَفْسِهِ وَفَرَّعَ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ (فَلَا تَضْمَنُ ظِئْرُ صَبِيٍّ ضَاعَ) أَيْ الصَّبِيُّ (فِي يَدِهَا أَوْ سُرِقَ مَا عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الصَّبِيِّ مِنْ الْحُلِيِّ لِكَوْنِهَا أَجِيرَ -

وَحْدٍ (صَحَّ تَرْدِيدُ الْأَجْرِ بِالتَّرْدِيدِ فِي الْعَمَلِ) نَحْوُ إنْ خِطْتَهُ فَارِسِيًّا فَبِدِرْهَمٍ، وَإِنْ خِطْتَهُ رُومِيًّا فَبِدِرْهَمَيْنِ (وَزَمَانِهِ) نَحْوُ إنْ خِطْتَهُ الْيَوْمَ فَبِدِرْهَمٍ، وَإِنْ خِطْتَهُ غَدًا فَبِنِصْفِهِ (وَمَكَانِهِ) نَحْوُ إنْ سَكَنْت فِي هَذِهِ الدَّارِ فَبِدِرْهَمٍ أَوْ هَذِهِ فَبِدِرْهَمَيْنِ (وَالْعَامِلِ) نَحْوُ إنْ تُسْكِنْ فِيهِ عَطَّارًا فَبِدِرْهَمٍ، وَإِنْ تُسْكِنْ حَدَّادًا فَبِدِرْهَمَيْنِ (وَالْمَسَافَةُ) نَحْوُ إنْ تَذْهَبْ إلَى الْكُوفَةِ فَبِدِرْهَمٍ وَإِنْ تَذْهَبْ إلَى وَاسِطَ فَبِدِرْهَمَيْنِ (وَالْحَمْلُ) نَحْوُ إنْ تَحْمِلْ عَلَيْهَا شَعِيرًا فَبِدِرْهَمٍ أَوْ بُرًّا فَبِدِرْهَمَيْنِ وَكَذَا إذَا خَيَّرَهُ بَيْنَ ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ وَلَوْ بَيْنَ أَرْبَعَةٍ لَمْ يَجُزْ كَمَا فِي الْبَيْعِ، وَالْجَامِعُ دَفْعُ الْحَاجَةِ لَكِنْ يَجِبُ اشْتِرَاطُ خِيَارِ التَّعْيِينِ فِي الْبَيْعِ لَا الْإِجَارَةِ؛ لِأَنَّ الْأَجْرَ إنَّمَا يَجِبُ بِالْعَمَلِ، وَإِذَا وُجِدَ يَصِيرُ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ مَعْلُومًا وَفِي الْبَيْعِ يَجِبُ الثَّمَنُ بِنَفْسِ الْعَقْدِ فَتَتَحَقَّقُ الْجَهَالَةُ بِحَيْثُ لَا يَرْتَفِعُ النِّزَاعُ إلَّا بِإِثْبَاتِ الْخِيَارِ لَهُ (وَيَجِبُ أَجْرُ مَا وُجِدَ مِنْ) الْأَمْرَيْنِ (الْمُرَدَّدِ فِيهِمَا) قَلِيلًا كَانَ أَوْ كَثِيرًا (لَكِنْ إذَا كَانَ) أَيْ التَّرْدِيدُ (فِي الزَّمَانِ) نَحْوُ إنْ خِطْتَهُ الْيَوْمَ فَبِدِرْهَمٍ، وَإِنْ خِطْتَهُ غَدًا فَبِنِصْفِهِ (يَجِبُ فِي الْأَوَّلِ) أَيْ يَجِبُ إذَا وُجِدَ الْعَمَلُ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ مِنْ الْيَوْمَيْنِ الْمُرَدَّدِ فِيهِمَا مَا سُمِّيَ مِنْ الْأَجْرِ.

(وَفِي الثَّانِي) أَيْ يَجِبُ إذَا وُجِدَ الْعَمَلُ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي مِنْهُمَا (أَجْرُ الْمِثْلِ غَيْرُ زَائِدٍ عَلَى الْمُسَمَّى) وَعِنْدَهُمَا الشَّرْطَانِ جَائِزَانِ وَعِنْدَ زُفَرَ فَاسِدَانِ؛ لِأَنَّ ذِكْرَ الْيَوْمِ لِلتَّعْجِيلِ وَذِكْرَ الْغَدِ لِلتَّرَدُّدِ فِيهِ فَيَجْتَمِعُ فِي كُلِّ يَوْمٍ تَسْمِيَتَانِ، وَالْوَاجِبُ إحْدَاهُمَا وَهِيَ مَجْهُولَةٌ كَمَا لَوْ قَالَ: خِطْهُ الْيَوْمَ بِدِرْهَمٍ أَوْ نِصْفِ دِرْهَمٍ وَلَهُمَا أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مَقْصُودٌ فَصَارَ كَاخْتِلَافِ النَّوْعَيْنِ كَالرُّومِيَّةِ وَالْفَارِسِيَّةِ، وَلَهُ أَنَّ الْعَقْدَ الْمُضَافَ إلَى الْغَدِ لَمْ يَثْبُتْ فِي الْأَوَّلِ فَلَمْ يَجْتَمِعْ فِي الْيَوْمِ تَسْمِيَتَانِ فَلَمْ يَكُنْ الْأَجْرُ مَجْهُولًا فِي الْيَوْمِ وَالْمُضَافُ إلَى الْيَوْمِ يَبْقَى إلَى الْغَدِ فَيَجْتَمِعُ فِي الْغَدِ تَسْمِيَتَانِ دِرْهَمٌ أَوْ نِصْفُ دِرْهَمٍ فَيَكُونُ الْأَجْرُ مَجْهُولًا وَهِيَ تَمْنَعُ جَوَازَ الْعَقْدِ -

(بَنَى الْمُسْتَأْجِرُ تَنُّورًا وَكَانُونًا فِي الدَّارِ الْمُسْتَأْجَرَةِ وَاحْتَرَقَ بَعْضُ بُيُوتِ الْجِيرَانِ أَوْ الدَّارُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ بَنَى بِإِذْنِ صَاحِبِ الدَّارِ أَوْ لَا؛ لِأَنَّ هَذَا انْتِفَاعٌ بِظَاهِرِ الدَّارِ عَلَى وَجْهٍ لَا يُغَيِّرُ هَيْئَةَ الْبَاقِي إلَى النُّقْصَانِ (إلَّا أَنْ يَصْنَعَ مَا لَا يَصْنَعُهُ النَّاسُ) مِنْ تَرْكِ الِاحْتِيَاطِ فِي وَضْعِهِ وَإِيقَادِ نَارٍ لَا يُوقَدُ مِثْلُهَا فِي التَّنُّورِ وَالْكَانُونِ كَذَا فِي الْعِمَادِيَّةِ -

(اسْتَأْجَرَ حِمَارًا فَضَلَّ عَنْ الطَّرِيقِ إنْ عَلِمَ أَنَّهُ لَا يَجِدُهُ بَعْدَ الطَّلَبِ لَمْ يَضْمَنْ كَذَا رَاعٍ نَدَّ شَاةٌ مِنْ قَطِيعِهِ

ــ

[حاشية الشرنبلالي]

قَوْلُهُ: لَكِنْ يَجِبُ اشْتِرَاطُ خِيَارِ التَّعْيِينِ فِي الْبَيْعِ) أَقُولُ فِي اشْتِرَاطِهِ فِي الْبَيْعِ رِوَايَتَانِ وَقَدْ حَكَاهُمَا الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي بَابِ خِيَارِ الشَّرْطِ وَذَكَرْنَا الْخِلَافَ فِي تَصْحِيحِهِمَا (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ الْأَجْرَ إنَّمَا يَجِبُ بِالْعَمَلِ. . . إلَخْ) .

أَقُولُ هَذَا وَجْهُ الْفَرْقِ بَيْنَ الْإِجَارَةِ وَالْبَيْعِ عَلَى إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ فِيهِ حَكَاهُ الزَّيْلَعِيُّ (قَوْلُهُ: وَفِي الثَّانِي أَجْرُ الْمِثْلِ غَيْرُ زَائِدٍ عَلَى الْمُسَمَّى) أَقُولُ الْمُرَادُ بِالْمُسَمَّى مُسَمَّى الْيَوْمِ الثَّانِي وَهُوَ نِصْفُ دِرْهَمٍ لَا يُزَادُ عَلَيْهِ فِي الصَّحِيحِ.

وَفِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لَا يَنْقُصُ عَنْ نِصْفِ دِرْهَمٍ وَلَا يُزَادُ عَلَى دِرْهَمٍ. اهـ. كَمَا فِي التَّبْيِينِ وَمَا فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ هُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ كَمَا فِي نُسْخَةٍ مِنْ الْبُرْهَانِ

(قَوْلُهُ: اسْتَأْجَرَ حِمَارًا فَضَلَ عَنْ الطَّرِيقِ. . . إلَخْ) أَقُولُ هَذَا إنْ لَمْ يَكُنْ تَخَلَّفَ عَنْهُ أَمَّا لَوْ تَخَلَّفَ عَنْهُ فَتَرَكَهُ عَلَى بَابِ بَيْتٍ وَدَخَلَهُ حَتَّى تَوَارَى عَنْهُ أَوْ تَخَلَّفَ عَنْهُ فِي الطَّرِيقِ لِحَاجَةٍ كَبَوْلٍ أَوْ غَائِطٍ حَتَّى غَابَ عَنْ بَصَرِهِ أَوْ ضَلَّ فِي الطَّرِيقِ وَعَلِمَ بِهِ فَلَمْ يَطْلُبْهُ مَعَ عَدَمِ يَأْسِهِ أَوْ أَوْقَفَهُ وَصَلَّى الْفَرْضَ فَذَهَبَ أَوْ انْتَهَبَ وَهُوَ يَنْظُرُ إلَيْهِ وَلَمْ يَقْطَعْ أَيْ الْفَرْضَ ضَمِنَ؛ لِأَنَّهُ تَرَكَ الْحِفْظَ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ خَوْفَ ذَهَابِ الْمَالِ يُبِيحُ قَطْعَ الصَّلَاةِ، وَإِنْ كَانَ دِرْهَمًا، وَإِنْ لَمْ يَغِبْ عَنْهُ أَوْ كَانَ فِي مَوْضِعٍ لَا يُعَدُّ فِيهِ هَذَا الذَّهَابُ تَضْيِيعًا لَهُ بِأَنْ كَانَ فِي سِكَّةٍ غَيْرِ نَافِذَةٍ أَوْ فِي بَعْضِ الْقُرَى الْأَمْنِيَّةِ لَمْ يَضْمَنْ كَمَا فِي الْبُرْهَانِ

<<  <  ج: ص:  >  >>