للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَيْ لَا يَضْمَنُ أَيْضًا دَابَّةً هَلَكَتْ مِنْ فَصْدٍ وَنَحْوِهِ (لَمْ يَجُزْهُ) أَيْ يَجُزْ الْمُعْتَادَ؛ لِأَنَّهُ الْتَزَمَهُ بِالْعَقْدِ فَصَارَ وَاجِبًا عَلَيْهِ وَالْوَاجِبُ لَا يُجَامِعُهُ الضَّمَانُ كَمَا إذَا حَدَّ الْقَاضِي أَوْ عَزَّرَ وَمَاتَ الْمَضْرُوبُ بِهِ إلَّا أَنْ يُمْكِنَ التَّحَرُّزُ عَنْهُ كَدَقِّ الثَّوْبِ وَنَحْوِهِ إذْ بِقُوَّةِ الثَّوْبِ وَرِقَّتِهِ يُعْلَمُ مَا يَحْتَمِلُهُ مِنْ الدَّقِّ بِالِاجْتِهَادِ فَأَمْكَنَ تَقْيِيدُهُ بِالسَّلَامَةِ بِخِلَافِ الْفَصْدِ وَنَحْوِهِ، فَإِنَّهُ يُبْتَنَى عَلَى قُوَّةِ الطَّبْعِ وَضَعْفِهِ وَلَا يُعْرَفُ ذَلِكَ بِنَفْسِهِ وَلَا مَا يَحْتَمِلُهُ مِنْ الْجُرْحِ فَلَا يُمْكِنُ تَقْيِيدُهُ بِالسَّلَامَةِ فَسَقَطَ اعْتِبَارُهُ إلَّا إذَا جَاوَزَ الْمُعْتَادَ فَيَضْمَنُ الزَّائِدَ كُلَّهُ إذَا لَمْ يَهْلَكْ، وَإِذَا هَلَكَ يَضْمَنُ نِصْفَ دِيَةِ النَّفْسِ؛ لِأَنَّهُ هَلَكَ بِمَأْذُونٍ فِيهِ وَغَيْرِ مَأْذُونٍ فِيهِ فَيَضْمَنُ بِحِسَابِهِ وَهُوَ النِّصْفُ حَتَّى أَنَّ الْخَتَّانَ لَوْ قَطَعَ الْحَشَفَةَ وَبَرِئَ الْمَقْطُوعُ يَجِبُ عَلَيْهِ دِيَةٌ كَامِلَةٌ؛ لِأَنَّ الزَّائِدَ هُوَ الْحَشَفَةُ وَهُوَ عُضْوٌ كَامِلٌ فَتَجِبُ عَلَيْهِ دِيَةٌ كَامِلَةٌ، وَإِنْ مَاتَ يَجِبُ عَلَيْهِ نِصْفُ الدِّيَةِ وَهِيَ مِنْ الْغَرَائِبِ حَيْثُ يَجِبُ الْأَكْثَرُ بِالْبُرْءِ وَالْأَقَلُّ بِالْهَلَاكِ ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ -

(فَإِنْ انْكَسَرَ دَنٌّ فِي الطَّرِيقِ ضَمِنَ الْحَمَّالُ قِيمَتَهُ فِي مَكَانِ حَمْلِهِ بِلَا أَجْرٍ أَوْ مَكَانِ كَسْرِهِ بِحِصَّةِ أَجْرِهِ) أَمَّا الضَّمَانُ فَلِأَنَّهُ تَلِفَ بِفِعْلِهِ؛ لِأَنَّ الدَّاخِلَ تَحْتَ الْعَقْدِ عَمَلٌ عَلَى سَلِيمٍ وَالْمُفْسَدُ غَيْرُ دَاخِلٍ وَأَمَّا الْخِيَارُ فَلِأَنَّهُ إذَا انْكَسَرَ فِي الطَّرِيقِ وَالْحَمْلُ شَيْءٌ وَاحِدٌ تَبَيَّنَ أَنَّهُ وَاقِعٌ تَعَدِّيًا مِنْ الِابْتِدَاءِ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ وَلَهُ وَجْهٌ آخَرُ وَهُوَ أَنَّ ابْتِدَاءَ الْحَمْلِ حَصَلَ بِأَمْرِهِ فَلَمْ يَكُنْ تَعَدِّيًا، وَإِنَّمَا صَارَ تَعَدِّيًا عِنْدَ الْكَسْرِ فَيَمِيلُ إلَى أَيِّ الْجِهَتَيْنِ شَاءَ، فَإِنْ مَال إلَى كَوْنِهِ مُتَعَدِّيًا ضَمِنَ قِيمَتَهُ فِي الِابْتِدَاءِ وَلَا يَجِبُ الْأَجْرُ إذْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ كَانَ مُتَعَدِّيًا مِنْ الِابْتِدَاءِ، وَإِنْ مَال إلَى كَوْنِهِ مَأْذُونًا فِيهِ فِي الِابْتِدَاءِ، وَإِنَّمَا صَارَ مُتَعَدِّيًا عِنْدَ الْكَسْرِ ضَمِنَ قِيمَتَهُ عِنْدَ الْكَسْرِ وَأَعْطَاهُ أُجْرَتَهُ بِحِسَابِهِ -

. (وَ) ثَانِي النَّوْعَيْنِ الْأَجِيرُ (الْخَاصُّ) وَيُسَمَّى أَجِيرَ وَاحِدٍ أَيْضًا (هُوَ مَنْ يَعْمَلُ لِوَاحِدٍ عَمَلًا مُؤَقَّتًا بِالتَّخْصِيصِ) وَفَوَائِدُ الْقُيُودِ عُرِفَتْ مِمَّا سَبَقَ (وَيَسْتَحِقُّ الْأَجْرَ بِتَسْلِيمِ نَفْسِهِ مُدَّتَهُ، وَإِنْ لَمْ يَعْمَلْ كَأَجِيرِ شَخْصٍ لِخِدْمَتِهِ أَوْ رَعْيِ غَنَمِهِ) وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَعْمَلَ لِغَيْرِهِ؛ لِأَنَّ مَنَافِعَهُ صَارَتْ مُسْتَحَقَّةً لَهُ وَالْأَجْرُ مُقَابَلٌ بِهَا فَيَسْتَحِقُّهُ مَا لَمْ يَمْنَعْ مِنْ الْعَمَلِ مَانِعٌ كَالْمَرَضِ وَالْمَطَرِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا يَمْنَعُ التَّمَكُّنَ مِنْ الْعَمَلِ اعْلَمْ أَنَّ الْأَجِيرَ لِلْخِدْمَةِ أَوْ لِرَعْيِ الْغَنَمِ إنَّمَا يَكُونُ أَجِيرًا خَاصًّا إذَا شَرَطَ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَخْدُمَ غَيْرَهُ وَلَا يَرْعَى لِغَيْرِهِ أَوْ ذَكَرَ الْمُدَّةَ أَوْ لَا نَحْوَ أَنْ يَسْتَأْجِرَ رَاعِيًا شَهْرًا لِيَرْعَى لَهُ غَنَمًا مُسَمَّاةً بِأَجْرٍ مَعْلُومٍ، فَإِنَّهُ أَجِيرٌ خَاصٌّ بِأَوَّلِ الْكَلَامِ أَقُولُ سِرُّهُ أَنَّهُ أَوْقَعَ الْكَلَامَ عَلَى الْمُدَّةِ فِي أَوَّلِهِ فَتَكُونُ مَنَافِعُهُ لِلْمُسْتَأْجِرِ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ فَيَمْتَنِعُ أَنْ يَكُونَ لِغَيْرِهِ فِيهَا أَيْضًا وَقَوْلُهُ بَعْدَ ذَلِكَ لِيَرْعَى الْغَنَمَ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ لِإِيقَاعِ الْعَقْدِ عَلَى الْعَمَلِ فَيَصِيرُ أَجِيرًا مُشْتَرَكًا؛ لِأَنَّهُ مَنْ يَقَعُ عَقْدُهُ عَلَى الْعَمَلِ وَأَنْ يَكُونَ لِبَيَانِ نَوْعِ الْعَمَلِ الْوَاجِبِ عَلَى الْأَجِيرِ الْخَاصِّ فِي الْمُدَّةِ، فَإِنَّ الْإِجَارَةَ عَلَى الْمُدَّةِ لَا تَصِحُّ فِي الْأَجِيرِ الْخَاصِّ مَا لَمْ يُبَيِّنْ نَوْعَ الْعَمَلِ بِأَنْ يَقُولَ أَسْتَأْجَرْتُك شَهْرًا لِلْخِدْمَةِ أَوْ لِلْحَصَادِ فَلَا يَتَغَيَّرُ حُكْمُ الْكَلَامِ الْأَوَّلِ بِالِاحْتِمَالِ فَيَبْقَى أَجِيرَ وَحْدٍ مَا لَمْ يَنُصَّ عَلَى خِلَافِهِ بِأَنْ يَقُولَ عَلَى أَنْ تَرْعَى غَنَمَ غَيْرِي مَعَ غَنَمِي وَهَذَا ظَاهِرٌ وَأَخَّرَ الْمُدَّةَ بِأَنْ اسْتَأْجَرَهُ لِيَرْعَى غَنَمًا مُسَمَّاةً لَهُ بِأَجْرٍ مَعْلُومٍ شَهْرًا فَحِينَئِذٍ يَكُونُ أَجِيرًا مُشْتَرَكًا بِأَوَّلِ الْكَلَامِ لِإِيقَاعِ الْعَقْدِ عَلَى الْعَمَلِ فِي أَوَّلِهِ، وَقَوْلُهُ شَهْرًا فِي آخِرِ الْكَلَامِ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ لِإِيقَاعِ الْعَقْدِ عَلَى الْمُدَّةِ فَيَصِيرُ أَجِيرَ وَحْدٍ وَيَحْتَمِلُ أَنْ

ــ

[حاشية الشرنبلالي]

قَوْلُهُ: حَتَّى أَنَّ الْخَتَّانَ لَوْ قَطَعَ الْحَشَفَةَ وَبَرِئَ الْمَقْطُوعُ تَجِبُ دِيَةٌ كَامِلَةٌ) أَقُولُ وَبِقَطْعِ بَعْضِهَا يَجِبُ حُكُومَةُ عَدْلٍ كَمَا ذَكَرَهُ الْأَتْقَانِيُّ

(قَوْلُهُ: وَإِنْ انْكَسَرَ دَنٌّ) أَقُولُ يَعْنِي إذَا كَانَ الْكَسْرُ بِصُنْعِهِ بِأَنْ زَلَقَ أَوْ عَثَرَ أَوْ كَسَرَهُ عَمْدًا، وَإِنْ كَانَ مِنْ غَيْرِ صُنْعِهِ بِأَنْ زَحَمَهُ النَّاسُ فَانْكَسَرَ فَلَا يَضْمَنُ عِنْدَهُ وَعِنْدَهُمَا يَضْمَنُ قَمَيْتَهُ فِي مَوْضِعِ الْكَسْرِ كَمَا فِي التَّبْيِينِ

(قَوْلُهُ: اعْلَمْ إلَى آخِرِ السِّوَادَةِ) مِنْ كَلَامِ الزَّيْلَعِيِّ (قَوْلُهُ: أَوْ ذَكَرَ الْمُدَّةَ أَوْ لَا نَحْوُ أَنْ يَسْتَأْجِرَ رَاعِيًا شَهْرًا لِيَرْعَى لَهُ غَنَمًا مُسَمَّاةً بِأَجْرٍ مَعْلُومٍ) أَقُولُ إذَا وَقَعَ الْعَقْدُ عَلَى هَذَا التَّرْتِيبِ كَانَ فَاسِدًا كَمَا قَدَّمْنَاهُ وَصِحَّتُهُ أَنْ يَلِيَ ذِكْرَ الْمُدَّةِ الْأَجْرُ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: فَلَا يَتَغَيَّرُ حُكْمُ الْكَلَامِ الْأَوَّلِ) بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَالرَّاءِ الْمُهْمَلَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>