للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِاحْتِمَالِ أَنْ يَمْتَنِعَ لِرِضَاهُ بِهِ، وَيَمْتَنِعُ حَذَرًا مِنْ إتْلَافِ مَالِهِ فَلَا يَبْطُلُ بِالشَّكِّ.

(وَلَا يَجُوزُ إجَارَةُ مَنْ لَهُ السُّكْنَى) إذْ لَا وِلَايَةَ لَهُ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَالِكٍ وَلَا نَائِبٍ عَنْهُ بَلْ يُؤَجِّرُهُ الْمُتَوَلِّي أَوْ الْقَاضِي (وَصَرَفَ نَقْضَهُ وَثَمَنَهُ إلَيْهَا) أَيْ الْعِمَارَةِ إنْ احْتَاجَ الْوَقْفُ إلَيْهَا يَعْنِي أَنَّ نَقْضَ الْوَقْفِ إنْ صَلَحَ لَأَنْ يُصْرَفَ إلَى عِمَارَتِهِ صُرِفَ إلَيْهَا وَإِلَّا يَبِيعَهُ الْحَاكِمُ، وَيَصْرِفُ ثَمَنَهُ إلَيْهَا صَرْفًا لِلْبَدَلِ إلَى مَصْرِفِ الْمُبْدَلِ (وَإِنْ لَمْ يَحْتَجْ حُفِظَ لِلْحَاجَةِ وَلَمْ يُقْسَمْ بَيْنَ مَصَارِفِهِ) لِأَنَّهُ جُزْءٌ مِنْ الْعَيْنِ وَحَقُّهُمْ فِي الِانْتِفَاءِ بِمَنَافِعِهِ دُونَ الْعَيْنِ؛ لِأَنَّهُ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ حَقُّ الْوَقْفِ فَلَا يُصْرَفُ إلَيْهِمْ مَا لَيْسَ حَقًّا لَهُمْ.

(الْوَاقِفُ إذَا افْتَقَرَ وَاحْتَاجَ إلَى الْمَوْقُوفِ يُرْفَعُ إلَى الْقَاضِي لِيَفْسَخَهُ إنْ لَمْ يَكُنْ مُسَجَّلًا) كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ (وَفَسَخَهُ لَوْ) كَانَ (لِوَارِثِ الْوَاقِفِ كَانَ حُكْمًا بِبُطْلَانِ الْوَقْفِ وَإِلَّا فَلَا) قَالَ فِي مَجْمَعِ الْفَتَاوَى الْقَاضِي إذَا أَطْلَقَ بَيْعَ وَقْفٍ غَيْرِ مُسَجَّلٍ إنْ أَطْلَقَ لِوَارِثِ الْوَاقِفِ كَانَ ذَلِكَ مِنْهُ حُكْمًا بِبُطْلَانِ الْوَقْفِ، وَيَجُوزُ بَيْعُهُ، وَإِنْ أَطْلَقَ لِغَيْرِ وَارِثِهِ لَا؛ لِأَنَّ الْوَقْفَ إذَا بَطَلَ عَادَ إلَى مِلْكِ وَارِثِ الْوَاقِفِ وَبَيْعُ مَالِ الْغَيْرِ لَا يَجُوزُ

(أَقَرَّ بِوَقْفٍ صَحِيحٍ وَبِأَنَّهُ أَخْرَجَهُ مِنْ يَدِهِ وَوَارِثُهُ يَعْلَمُ خِلَافَهُ) أَيْ أَنَّهُ لَمْ يَقِفْهُ وَلَمْ يُخْرِجْهُ مِنْ يَدِهِ (جَازَ) أَيْ الْوَقْفُ (وَلَيْسَ لَهُ) أَيْ لِوَارِثِهِ (أَنْ يَأْخُذَهُ وَلَا يُسْمَعُ دَعْوَاهُ) فِي الْقَضَاءِ كَذَا فِي الْخَانِيَّةِ.

[الْوَقْفُ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ]

(الْوَقْفُ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ كَالْهِبَةِ فِيهِ) فَيُعْتَبَرُ مِنْ الثُّلُثِ وَيُشْتَرَطُ فِيهِ مَا يُشْتَرَطُ فِيهَا مِنْ الْقَبْضِ وَالْإِفْرَازِ (فَإِنْ خَرَجَ مِنْ الثُّلُثِ أَوْ أَجَازَهُ الْوَارِثُ نَفَذَ) فِي الْكُلِّ (وَإِلَّا بَطَلَ فِي الزَّائِدِ عَلَى الثُّلُثِ) وَإِذَا أَجَازَ الْبَعْضَ دُونَ الْبَعْضِ جَازَ بِقَدْرِ مَا أَجَازَ وَبَطَلَ فِي الْبَاقِي إلَّا أَنْ يَظْهَرَ لِلْمَيِّتِ مَالٌ غَيْرُهُ فَيَنْفُذُ فِي الْكُلِّ كَذَا فِي الْخَانِيَّةِ (الْوَقْفُ) إمَّا (لِلْفُقَرَاءِ) وَهُوَ ظَاهِرٌ (أَوْ لِلْأَغْنِيَاءِ، ثُمَّ الْفُقَرَاءُ) كَالْوَقْفِ عَلَى الْأَوْلَادِ الْأَغْنِيَاءِ وَبَعْدَ انْقِرَاضِهِمْ عَلَى الْفُقَرَاءِ (أَوْ يَسْتَوِي فِيهِ الْفَرِيقَانِ) أَيْ الْفُقَرَاءُ وَالْأَغْنِيَاءُ (كَالرِّبَاطَاتِ وَالْخَانَاتِ وَالْمَقَابِرِ وَالْمَسَاجِدِ وَالسِّقَايَاتِ وَالْقَنَاطِرِ) وَنَحْوِ ذَلِكَ.

فَصْلٌ (يُتْبَعُ شَرْطُ الْوَاقِفِ فِي إجَارَتِهِ) حَتَّى إذَا شَرَطَ أَنْ لَا يُؤَجِّرَ أَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ وَالنَّاسُ لَا يَرْغَبُونَ فِي اسْتِئْجَارِهَا سَنَةً وَكَانَ إجَارَتُهَا أَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ أَدَرَّ عَلَى الْوَقْفِ وَأَنْفَعَ لِلْفُقَرَاءِ فَلَيْسَ لِلْقَيِّمِ أَنْ يُخَالِفَ شَرْطَهُ وَيُؤَجِّرَ أَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ بَلْ يَرْفَعُ الْأَمْرَ إلَى الْقَاضِي حَتَّى يُؤَجِّرَهُ الْقَاضِي أَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ؛ لِأَنَّ لِلْقَاضِي وِلَايَةَ النَّظَرِ لِلْفُقَرَاءِ وَالْغَائِبِ وَالْمَيِّتِ، وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْهُ الْوَاقِفُ فَلِلْقَيِّمِ أَنْ يُؤَجِّرَ أَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ بِلَا إذْنِ الْقَاضِي كَذَا فِي الْخَانِيَّةِ

(فَلَوْ) (أَهْمَلَ) الْوَاقِفُ (مُدَّتَهَا) أَيْ لَمْ يُبَيِّنْهَا (قِيلَ تُطْلَقُ) أَيْ تَبْقَى عَلَى إطْلَاقِهَا وَلَا تُقَيَّدُ بِمُدَّةٍ فَلِلْقَيِّمِ أَنْ يُؤَجِّرَ كَيْفَ شَاءَ جَرْيًا عَلَى سَنَنِ الْوَاقِفِ (وَقِيلَ يُقَيِّدُ بِسَنَةٍ) سَوَاءٌ كَانَ الْوَقْفُ دَارًا أَوْ أَرْضًا لِزِيَادَةِ احْتِيَاطٍ فِي أَمْرِ الْوَقْفِ (وَبِهَا) أَيْ بِالسَّنَةِ (يُفْتَى فِي الدَّارِ) لِأَنَّ الْمُدَّةَ إذَا طَالَتْ يُؤَدِّي إلَى إبْطَالِ الْوَقْفِ فَإِنَّ مَنْ رَآهُ يَتَصَرَّفُ فِيهِ تَصَرُّفَ الْمُلَّاكِ عَلَى طُولِ الزَّمَانِ يَزْعُمُهُ مَالِكًا (وَبِثَلَاثِ سِنِينَ فِي الْأَرْضِ) يَعْنِي أَنَّ الْأَرْضَ إذَا كَانَتْ مِمَّا يُزْرَعُ فِي كُلِّ سَنَةٍ لَا يُؤَجِّرُهَا أَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ

ــ

[حاشية الشرنبلالي]

قَوْلُهُ الْوَقْفُ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ كَالْهِبَةِ) أَقُولُ إلَّا أَنَّهُ إذَا وَقَفَ عَلَى بَعْضِ الْوَرَثَةِ وَلَمْ يُجِزْهُ بَاقِيهِمْ لَا يَبْطُلُ أَصْلُهُ، وَإِنَّمَا يَبْطُلُ مَا جَعَلَ مِنْ الْغَلَّةِ لِبَعْضِ الْوَرَثَةِ دُونَ بَعْضٍ فَيُصْرَفُ عَلَى قَدْرِ مَوَارِيثِهِمْ عَنْ الْوَاقِفِ مَا دَامَ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ حَيًّا، ثُمَّ يُصْرَفُ بَعْدَ مَوْتِهِ إلَى مَنْ شَرَطَهُ الْوَاقِفُ؛ لِأَنَّهُ وَصِيَّةٌ تَرْجِعُ إلَى الْفُقَرَاءِ وَلَيْسَ كَوَصِيَّتِهِ لِوَارِثٍ لِيُبْطِلَ أَصْلَهُ بِالرَّدِّ نَصَّ عَلَيْهِ هِلَالٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فَتَنَبَّهْ لِهَذِهِ الدَّقِيقَةِ.

[فَصْلٌ اتِّبَاعُ شَرْطِ الْوَاقِفِ فِي إجَارَتِهِ]

(فَصْلٌ) : (قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْهُ الْوَاقِفُ فَلَيْسَ لِلْقَيِّمِ أَنْ يُؤَجِّرَ أَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ بِلَا إذْنِ الْقَاضِي كَذَا فِي الْخَانِيَّةِ) أَقُولُ إلَّا أَنَّهُ خَصَّهُ بِالدُّورِ وَلَمْ يَذْكُرْ أَنَّهُ يُزَادُ عَلَى السَّنَةِ بِإِذْنِ الْقَاضِي، وَنَصُّهُ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - إذَا لَمْ يَذْكُرْ الْوَاقِفُ فِي صَكِّ الْوَقْفِ إجَارَةَ الْوَقْفِ فَرَأَى الْقَيِّمُ أَنْ يُؤَجِّرَهَا وَيَدْفَعَهَا مُزَارِعَةً فَمَا كَانَ أَدَرَّ عَلَى الْوَقْفِ وَأَنْفَعَ لِلْفُقَرَاءِ فَعَلَ إلَّا أَنَّهُ فِي الدُّورِ لَا يُؤَجِّرُ أَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ أَمَّا فِي الْأَرْضِ إنْ كَانَتْ تُزْرَعُ كُلَّ سَنَةٍ لَا يُؤَجِّرُهَا أَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ، وَإِنْ كَانَتْ تُزْرَعُ فِي كُلِّ سَنَتَيْنِ مَرَّةً أَوْ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ مَرَّةً كَانَ لَهُ أَنْ يُؤَجِّرَهَا مُدَّةً يَتَمَكَّنُ الْمُسْتَأْجِرُ مِنْ الزِّرَاعَةِ هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ الْوَاقِفُ شَرَطَ أَنْ لَا يُؤَجِّرَ أَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ، وَإِنْ كَانَ شَرَطَ ذَلِكَ إلَى آخِرِ مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ أَوَّلَ الْفَصْلِ.

وَذَكَرَ عَقِبَهُ قَاضِي خَانْ صُورَةً ثَالِثَةً هِيَ وَإِنْ كَانَ الْوَاقِفُ ذَكَرَ فِي صَكِّ الْوَقْفِ أَنْ لَا يُؤَجِّرَ أَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ إلَّا إذَا كَانَ أَنْفَعَ لِلْفُقَرَاءِ كَانَ لِلْقَيِّمِ أَنْ يُؤَجِّرَهَا بِنَفْسِهِ أَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ إذَا رَأَى ذَلِكَ خَيْرًا وَلَا يَحْتَاجُ إلَى الْمُرَافَعَةِ إلَى الْقَاضِي؛ لِأَنَّ الْوَاقِفَ أَذِنَ لَهُ بِذَلِكَ اهـ، ثُمَّ قَالَ قَاضِي خَانْ وَعَنْ الْفَقِيهِ أَبِي اللَّيْثِ أَنَّهُ يُجِيزُ إجَارَةَ الْوَقْفِ ثَلَاثَ سِنِينَ مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ بَيْنَ الدَّارِ وَالْأَرْضِ إذَا لَمْ يَكُنْ الْوَاقِفُ شَرَطَ أَنْ لَا يُؤَجِّرَ أَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ (قَوْلُهُ يَعْنِي أَنَّ الْأَرْضَ إنْ كَانَتْ مِمَّا يُزْرَعُ فِي كُلِّ سَنَةٍ. . . إلَخْ) .

أَخْرَجَ بِهِ الْمَتْنَ عَنْ ظَاهِرِهِ وَعَلِمْت أَنَّ هَذَا قَوْلُ الْفَقِيهِ أَبِي جَعْفَرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَالْفَتْوَى عَلَى إطْلَاقِ الْمَتْنِ كَمَا أَطْلَقَهُ شَارِحُ الْمَجْمَعِ حَيْثُ قَالَ وَيُخْتَارُ لِلْفَتْوَى أَنْ تُؤَجَّرَ الضِّيَاعُ ثَلَاثَ سِنِينَ؛ لِأَنَّ رَغْبَةَ الْمُسْتَأْجِرِ لَا تَتَوَفَّرُ فِي أَقَلَّ مِنْ هَذِهِ الْمُدَّةِ، وَيُؤَجَّرُ غَيْرُ الضِّيَاعِ سَنَةً، وَهُوَ قَوْلُ الْإِمَامِ أَبِي جَعْفَرٍ الْكَبِيرِ اهـ

<<  <  ج: ص:  >  >>