لَمْ يَجُزْ بَيْعُهَا؛ لِأَنَّهَا لَمْ تُمْلَكْ كَمَا مَرَّ فِي كِتَابِ السِّيَرِ (وَوَجَدَ الْمُشْتَرِي) فِي الْمَبِيعِ (عَيْبًا لَا يَرُدُّهُ عَلَيْهِمَا) أَيْ الْإِمَامُ وَأَمِينُهُ؛ لِأَنَّ الْأَمِينَ لَا يَنْتَصِبُ خَصْمًا (بَلْ الْإِمَامُ يُنَصِّبُ لَهُ خَصْمًا وَلَا يُحَلِّفُهُ) لِأَنَّ فَائِدَةَ التَّحْلِيفِ النُّكُولُ وَلَا يَصِحُّ نُكُولُهُ وَإِقْرَارُهُ (فَإِذَا أَثْبَتَ عَلَيْهِ الْعَيْبَ وَرَدَّ يُبَاعُ وَيُدْفَعُ الثَّمَنُ إلَيْهِ وَالنَّقْصُ أَوْ الْفَضْلُ يَرْجِعُ إلَى مَحَلِّهِ) أَيْ إنْ نَقَصَ الثَّمَنُ الْآخَرُ عَنْ الْأَوَّلِ إنْ كَانَ الْمَبِيعُ مِنْ أَرْبَعَةِ الْأَخْمَاسِ يُعْطَى مِنْهَا، وَإِنْ كَانَ مِنْ الْخُمُسِ يُعْطَى مِنْهُ، وَكَذَا الزِّيَادَةُ تُوضَعُ فِيمَا إذَا كَانَ الْمَبِيعُ مِنْهُ؛ لِأَنَّ الْغُرْمَ بِالْغُنْمِ
(بَابُ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ)
لُقِّبَ الْبَابُ بِهِ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ الْبَاطِلُ وَالْمَوْقُوفُ وَالْمَكْرُوهُ أَيْضًا لِكَثْرَةِ وُقُوعِهِ بِتَعَدُّدِ أَسْبَابِهِ وَالْبَاطِلُ مَا لَا يَصِحُّ أَصْلًا وَوَصْفًا وَلَا يُفِيدُ الْمِلْكَ بِوَجْهٍ حَتَّى لَوْ اشْتَرَى عَبْدًا بِمَيْتَةٍ وَقَبَضَهُ وَأَعْتَقَهُ لَا يُعْتَقُ وَالْفَاسِدُ مَا يَصِحُّ أَصْلًا لَا وَصْفًا وَيُفِيدُ الْمِلْكَ عِنْدَ اتِّصَالِ الْقَبْضِ بِهِ حَتَّى لَوْ اشْتَرَى عَبْدًا بِخَمْرٍ وَقَبَضَهُ فَأَعْتَقَهُ يُعْتَقُ وَالْمَوْقُوفُ مَا يَصِحُّ بِأَصْلِهِ وَوَصْفِهِ وَيُفِيدُ الْمِلْكَ عَلَى سَبِيلِ التَّوَقُّفِ وَلَا يُفِيدُ تَمَامَهُ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْغَيْرِ، وَالْمَكْرُوهُ مَا يَصِحُّ بِأَصْلِهِ وَوَصْفِهِ لَكِنْ جَاوَرَهُ شَيْءٌ مَنْهِيٌّ عَنْهُ كَالْبَيْعِ عِنْدَ أَذَانِ الْجُمُعَةِ إذَا تَقَرَّرَ هَذَا فَاعْلَمْ أَنَّهُ (بَطَلَ بَيْعُ مَا لَيْسَ بِمَالٍ وَالْبَيْعُ بِهِ) أَيْ جَعْلُهُ ثَمَنًا بِإِدْخَالِ الْبَاءِ عَلَيْهِ (كَالدَّمِ وَالرِّيحِ وَالْحُرِّ وَالْمَيْتَةِ) بِسُكُونِ الْيَاءِ الْمَيِّتَةِ بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ أَيْ الْمَيْتَةِ الَّتِي مَاتَتْ حَتْفَ أَنْفِهَا، فَإِنَّ الْمَيْتَةَ الَّتِي لَمْ تَمُتْ حَتْفَ أَنْفِهَا مِثْلَ الْمَوْقُوذَةِ مَالٌ عِنْدَ أَهْلِ الذِّمَّةِ كَالْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ كَمَا سَيَأْتِي (وَالْمَعْدُومِ) وَمِنْهُ حَقُّ التَّعَلِّي فَإِنَّهُ مَعْدُومٌ مَحْضٌ.
. (وَ) مِنْهُ أَيْضًا (الْمَضَامِينِ) جَمْعُ مَضْمُونَةٍ وَهِيَ مَا فِي أَصْلَابِ الْفُحُولِ مِنْ الْمَاءِ (وَالْمَلَاقِيحِ جَمْعُ) مَلْقُوحَةٍ وَهِيَ مَا فِي الْبَطْنِ مِنْ الْجَنِينِ، وَيَجِبُ أَنْ يُحْمَلَ هَاهُنَا عَلَى مَا سَيَكُونُ وَإِلَّا مَا كَانَ حَمْلًا وَسَيَأْتِي أَنَّ بَيْعَ الْحَمْلِ فَاسِدٌ لَا بَاطِلٌ (وَالنِّتَاجِ) بِكَسْرِ النُّونِ مِنْ نُتِجَتْ الدَّابَّةُ عَلَى الْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ وَهُوَ حَبَلُ الْحَبَلَةِ.
. . (وَ) بَيْعُ (أَمَةٍ تَبَيَّنَ أَنَّهُ) ذَكَّرَ الضَّمِيرَ لِتَذْكِيرِ الْخَبَرِ (عَبْدٌ وَعَكْسُهُ) وَهُوَ بَيْعُ عَبْدٍ تَبَيَّنَ أَنَّهُ أَمَةٌ فَإِنَّ الْأَمَةَ لَيْسَتْ بِعَبْدٍ وَكَذَا الْعَكْسُ فَيَكُونُ بَيْعَ مَعْدُومٍ، وَإِنَّمَا لَمْ تَكُنْ هَذِهِ الْأَشْيَاءُ مَالًا؛ لِأَنَّ الْمَالَ مَوْجُودٌ يَمِيلُ إلَيْهِ الطَّبْعُ وَيَجْرِي فِيهِ الْبَذْلُ وَالْمَنْعُ، وَهَذِهِ الْأَشْيَاءُ لَيْسَتْ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ صِفَةَ الْمَالِيَّةِ لِلشَّيْءِ تَثْبُتُ بِتَمَوُّلِ كُلِّ النَّاسِ أَوْ بَعْضِهِمْ إيَّاهُ وَالتَّقَوُّمُ إنَّمَا يَثْبُتُ بِإِبَاحَةِ الِانْتِفَاعِ بِهِ شَرْعًا، وَقَدْ ثَبَتَ صِفَةُ التَّقَوُّمِ بِلَا صِفَةِ الْمَالِيَّةِ فَإِنَّ حَبَّةً مِنْ الْحِنْطَةِ لَيْسَتْ بِمَالٍ حَتَّى لَا يَصْلُحُ بَيْعُهَا، وَإِنْ أُبِيحَ الِانْتِفَاعُ بِهَا لِعَدَمِ تَمَوُّلِ النَّاسِ إيَّاهَا، كَذَا فِي الْكَافِي.
(وَمَتْرُوكِ التَّسْمِيَةِ عَامِدًا) ، فَإِنْ قِيلَ يَنْبَغِي أَنْ يَجُوزَ الْعَقْدُ فِيمَا ضُمَّ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ مُجْتَهَدٌ فِيهِ بِخِلَافِ الشَّافِعِيِّ فِيهِ كَالْمُدَبَّرِ فَيَنْفُذُ فِيهِ الْبَيْعُ بِقَضَاءِ الْقَاضِي قُلْنَا: حُرْمَتُهُ مَنْصُوصٌ عَلَيْهَا وَلَا مَسَاغَ لِلِاجْتِهَادِ فِي مَوْرِدِ النَّصِّ فَلَا يُعْتَبَرُ خِلَافُهُ وَلَا يَنْفُذُ بِالْقَضَاءِ، كَذَا فِي الْكَافِي (وَمَا فِي حُكْمِهِ) أَيْ حُكْمِ مَا لَيْسَ بِمَالٍ عَطْفٌ عَلَى مَا لَيْسَ بِمَالٍ (كَأُمِّ الْوَلَدِ وَالْمُكَاتَبِ وَالْمُدَبَّرِ) فَإِنَّ بَيْعَ هَؤُلَاءِ أَيْضًا بَاطِلٌ لَكِنْ لَيْسَ كَبُطْلَانِ بَيْعِ الْحُرِّ فَإِنَّهُ بَاطِلٌ ابْتِدَاءً وَبَقَاءً لِعَدَمِ مَحَلِّيَّتِهِ لِلْبَيْعِ أَصْلًا لِثُبُوتِ حَقِيقَةِ الْحُرِّيَّةِ وَبَيْعُ هَؤُلَاءِ بَاطِلٌ بَقَاءً لِحَقِّ الْحُرِّيَّةِ لَا ابْتِدَاءً لِعَدَمِ حَقِيقَتِهَا وَلِهَذَا جَازَ بَيْعُهُمْ
ــ
[حاشية الشرنبلالي]
[بَابُ الْبَيْعِ الْبَاطِل]
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute