للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلَى السَّبَبِ السَّابِقِ. قَوْلُهُ وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ الْمُشْتَرِي يُفِيدُ عَلَى مَذْهَبِهِمَا؛ لِأَنَّ الْعِلْمَ بِالْعَيْبِ رِضًا بِهِ وَلَا يُفِيدُ عَلَى قَوْلِهِ فِي الصَّحِيحِ؛ لِأَنَّ الْعِلْمَ بِالِاسْتِحْقَاقِ لَا يَمْنَعُ الرُّجُوعَ كَمَا سَيَأْتِي فِي مَبَاحِثِ الِاسْتِحْقَاقِ.

(بَاعَ بِشَرْطِ الْبَرَاءَةِ مِنْ كُلِّ عَيْبٍ) وَلَمْ يُسَمِّ الْعُيُوبَ بِعَدَدِهَا (صَحَّ) .

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَا يَصِحُّ بِنَاءً عَلَى مَذْهَبِهِ أَنَّ الْإِبْرَاءَ عَنْ الْحُقُوقِ الْمَجْهُولَةِ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ فِيهِ مَعْنَى التَّمْلِيكِ حَتَّى يَرْتَدَّ بِالرَّدِّ، وَتَمْلِيكُ الْمَجْهُولِ لَا يَصِحُّ وَلَنَا أَنَّ الْجَهَالَةَ فِي الْإِسْقَاطِ لَا تُفْضِي إلَى النِّزَاعِ، وَإِنْ تَضَمَّنَ التَّمْلِيكَ لِعَدَمِ الْحَاجَةِ إلَى التَّسْلِيمِ فَلَا تَكُونُ مُفْسِدَةً (وَيَدْخُلُ فِيهِ) أَيْ فِي هَذَا الْإِبْرَاءِ الْعَيْبُ (الْمَوْجُودُ) حَالَ الْعَقْدِ (وَالْحَادِثُ) بَعْدَ الْعَقْدِ (قَبْلَ الْقَبْضِ) عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ.

وَقَالَ مُحَمَّدٌ لَا يَدْخُلُ فِيهِ الْحَادِثُ بَعْدَ الْعَقْدِ وَهُوَ قَوْلُ زُفَرَ (قَالَ مُشْتَرِي الْعَبْدِ لِمَنْ سَاوَمَهُ اشْتَرِهِ فَلَا عَيْبَ بِهِ) صُورَتُهُ اشْتَرَى زَيْدٌ مِنْ بَكْرٍ غُلَامًا فَأَرَادَ أَنْ يَبِيعَهُ مِنْ بِشْرٍ فَقَالَ لِبِشْرٍ حِينَ الْمُسَاوِمَةِ اشْتَرِهِ فَلَا عَيْبَ بِهِ (وَلَمْ يَبِعْ) الْغُلَامَ مِنْ بِشْرٍ (فَوَجَدَ) زَيْدٌ (بِهِ عَيْبًا) كَانَ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَجُوزَ رَدُّهُ عَلَى الْبَائِعِ لِإِقْرَارِهِ بِعَدَمِ الْعَيْبِ لَكِنَّهُ (يَرُدُّهُ عَلَى بَائِعِهِ) وَلَا يُبْطِلُهُ أَيْ الرَّدَّ (الْإِقْرَارُ السَّابِقُ) بِعَدَمِ الْعَيْبِ؛ لِأَنَّهُ مَجَازٌ عَنْ التَّرْوِيجِ لِظُهُورِ أَنَّهُ لَا يَخْلُو عَنْ عَيْبٍ مَا فَتَيَقَّنَ الْقَاضِي بِأَنَّ ظَاهِرَهُ غَيْرُ مُرَادٍ لَهُ (وَلَوْ عَيَّنَهُ) أَيْ الْعَيْبَ بِأَنْ قَالَ لَا عَوَرَ بِهِ أَوْ لَا شَلَلَ (لَا) أَيْ لَا يَرُدُّهُ لِإِحَاطَةِ الْعِلْمِ بِهِ إلَّا أَنْ لَا يَحْدُثَ مِثْلُهُ بِأَنْ قَالَ لَيْسَ بِهِ إصْبَعٌ زَائِدَةٌ، ثُمَّ وَجَدَ بِهِ إصْبَعًا زَائِدَةً لَهُ أَنْ يَرُدَّهُ لِتَيَقُّنِنَا بِكَذِبِهِ فِي الْإِقْرَارِ كَقَوْلِهِ لِغَيْرِهِ قَطَعْت يَدَك وَيَدُهُ صَحِيحَةٌ (قَالَ) بَائِعُ عَبْدٍ (لِآخَرَ عَبْدِي هَذَا آبِقٌ فَاشْتَرِهِ مِنِّي فَاشْتَرَاهُ وَبَاعَ مِنْ آخَرَ فَوَجَدَهُ) الْمُشْتَرِي (الثَّانِي آبِقًا لَا يُرَدُّ بِمَا سَبَقَ مِنْ إقْرَارِ) الْبَائِعِ (الْأَوَّلِ مَا لَمْ يُبَرْهِنْ أَنَّهُ أَبَقَ عِنْدَهُ) أَيْ عِنْدَ الْبَائِعِ الْأَوَّلِ الْمُقِرِّ؛ لِأَنَّ الْمَوْجُودَ مِنْ الْبَائِعِ الثَّانِي السُّكُوتُ عِنْدَ إقْرَارِ الْبَائِعِ الْأَوَّلِ وَإِقْرَارُهُ لَيْسَ بِحُجَّةٍ عَلَى الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ وَهُوَ الْبَائِعُ الثَّانِي (مُشْتَرٍ) لِعَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ (قَالَ أَعْتَقَ الْبَائِعُ) الْعَبْدَ (أَوْ دَبَّرَهُ أَوْ أَوْلَدَ) الْأَمَةَ (أَوْ هُوَ حُرُّ الْأَصْلِ وَأَنْكَرَ الْبَائِعُ وَحَلَفَ) لِعَجْزِ الْمُدَّعِي عَنْ الْإِثْبَاتِ (قَضَى عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْمُشْتَرِي (بِالْعِتْقِ وَالتَّدْبِيرِ وَالِاسْتِيلَادِ) لِإِقْرَارِهِ بِمَا ذَكَرَ (وَرَجَعَ بِالْعَيْبِ إنْ عَلِمَ بِهِ) لِأَنَّ الْمُبْطِلَ لِلرُّجُوعِ إزَالَتُهُ عَنْ مِلْكِهِ إلَى غَيْرِهِ بِإِنْشَائِهِ أَوْ إقْرَارِهِ وَلَمْ يُوجَدْ حَتَّى لَوْ قَالَ بَاعَهُ وَهُوَ مِلْكُ فُلَانٍ وَصَدَّقَهُ فُلَانٌ وَأَخَذَهُ لَا يَرْجِعُ بِالنُّقْصَانِ؛ لِأَنَّهُ أَخْرَجَهُ عَنْ مِلْكِهِ فِي الظَّاهِرِ بِإِقْرَارِهِ كَأَنَّهُ وَهَبَهُ كَذَا فِي الْجَامِعِ الْكَبِيرِ.

(بَاعَ الْإِمَامُ أَوْ أَمِينُهُ غَنِيمَةً مُحْرَزَةً) حَتَّى لَوْ لَمْ تَكُنْ مُحْرَزَةً

ــ

[حاشية الشرنبلالي]

قَوْلُهُ وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ) يَعْنِي وَقْتَ الْبَيْعِ وَلَا وَقْتَ الْقَبْضِ كَمَا فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الِاسْتِحْقَاقِ عِنْدَهُ) أَيْ فَيَرْجِعُ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ كَمَا لَوْ اُسْتُحِقَّ كُلُّهُ (قَوْلُهُ وَبِمَنْزِلَةِ الْعَيْبِ عِنْدَهُمَا) يَعْنِي فِي الْحُكْمِ وَإِلَّا فَهُوَ عَيْبٌ عِنْدَهُمَا لَا بِمَنْزِلَةِ الْعَيْبِ قَالَهُ الْكَمَالُ (قَوْلُهُ لَكِنَّهُ تَعَيَّبَ. . . إلَخْ) .

أَيْ بِعَيْبِ الْعُقُوبَةِ مَعَ مَا بِهِ مِنْ الْعَيْبِ الْقَدِيمِ فَيُقَوَّمُ سَارِقًا وَغَيْرَ سَارِقٍ وَحَلَالَ الدَّمِ وَحَرَامَهُ فَيَرْجِعُ بِمِثْلِ نِسْبَةِ التَّفَاوُتِ بَيْنَ الْقِيمَتَيْنِ عِنْدَهُمَا (قَوْلُهُ وَلَهُ أَنَّ سَبَبَ الْوُجُوبِ) أَيْ وُجُوبِ الْقَطْعِ وَالْقَتْلِ (قَوْلُهُ فَيُضَافُ الْوُجُودُ) أَيْ وُجُودُ الْقَتْلِ أَوْ الْقَطْعِ إلَى السَّبَبِ السَّابِقِ أَيْ سَبَبِ الْقَطْعِ وَالْقَتْلِ وَهُوَ سَرِقَتُهُ أَوْ قَتْلُهُ كَائِنًا فِي يَدِ الْبَائِعِ فَيُضَافُ إلَيْهِ فَصَارَ كَأَنَّهُ قُطِعَ أَوْ قُتِلَ عِنْدَ الْبَائِعِ الَّذِي عِنْدَهُ السَّبَبُ فَانْتَقَضَ قَبْضُ الْمُشْتَرِي.

(قَوْلُهُ وَقَالَ مُحَمَّدٌ لَا يَدْخُلُ فِيهِ) أَيْ فِي شَرْطِ الْبَرَاءَةِ مِنْ كُلِّ عَيْبٍ وَلَمْ يَزِدْ عَلَى هَذَا إذْ لَوْ شَرَطَ الْبَرَاءَةَ مِنْ كُلِّ عَيْبٍ قَائِمٍ بِهِ لَا يَدْخُلُ الْحَادِثُ فِي الْبَرَاءَةِ اتِّفَاقًا، وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي عَيْبٍ أَنَّهُ حَادِثٌ بَعْدَ الْعَقْدِ أَوْ كَانَ عِنْدَهُ لَا أَثَرَ لِهَذَا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ.

وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ الْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ مَعَ يَمِينِهِ عَلَى الْعِلْمِ أَنَّهُ حَادِثٌ.

وَعِنْدَ زُفَرَ الْقَوْلُ لِلْمُشْتَرِي كَمَا فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ مَجَازٌ عَنْ التَّرْوِيجِ) كَذَا فِي الْمُحِيطِ، ثُمَّ قَالَ وَهَذَا كَمَنْ قَالَ لِجَارِيَتِهِ يَا زَانِيَةُ يَا مَجْنُونَةُ فَلَيْسَ بِإِقْرَارٍ بِالْعَيْبِ وَلَكِنَّهُ لِلشَّتِيمَةِ حَتَّى قِيلَ لَوْ قَالَ ذَلِكَ فِي الثَّوْبِ أَيْ قَالَ لِآخَرَ اشْتَرِهِ فَإِنَّهُ لَا عَيْبَ بِهِ يَكُونُ إقْرَارًا بِنَفْيِ الْعَيْبِ؛ لِأَنَّ عُيُوبَ الثَّوْبِ ظَاهِرَةٌ اهـ.

(قَوْلُهُ قَالَ لِآخَرَ عَبْدِي هَذَا آبِقٌ. . . إلَخْ) كَذَا لَوْ قَالَ عَلَى أَنِّي بَرِيءٌ مِنْ الْإِبَاقِ، وَلَوْ قَالَ عَلَى أَنِّي بَرِيءٌ مِنْ إبَاقِهِ أَوْ عَلَى أَنَّهُ آبِقٌ وَقَبِلَهُ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ عَلَى ذَلِكَ يَرُدُّهُ الثَّانِي عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ ذَكَرَ هَذَا وَصْفًا لِلْإِيجَابِ أَوْ شَرْطًا فِيهِ وَالْإِيجَابُ يَفْتَقِرُ إلَى الْجَوَابِ وَالْجَوَابُ يَتَضَمَّنُ إعَادَةَ مَا فِي الْخِطَابِ فَإِذَا قَالَ الْمُشْتَرِي قَبِلْتُ ذَلِكَ صَارَ كَأَنَّهُ قَالَ اشْتَرَيْتُ عَلَى أَنَّهُ آبِقٌ فَيَكُونُ اعْتِرَافًا بِكَوْنِهِ آبِقًا يَقْتَضِي الْجَوَابَ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ عَلَى أَنِّي بَرِيءٌ مِنْ الْإِبَاقِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُضِفْ الْإِبَاقَ إلَى الْعَبْدِ وَلَا وَصَفَهُ بِهِ فَلَمْ يَكُنْ اعْتِرَافًا بِوُجُودِ الْإِبَاقِ لِلْحَالِ؛ لِأَنَّ هَذَا الْكَلَامَ كَمَا يَحْتَمِلُ التَّبَرِّي عَنْ إبَاقٍ مَوْجُودٍ مِنْ الْعَبْدِ يَحْتَمِلُ التَّبَرِّي عَنْ إبَاقٍ سَيَحْدُثُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ فَلَا يَصِيرُ مُقِرًّا بِكَوْنِهِ آبِقًا لِلْحَالِ بِالشَّكِّ فَلَا يَثْبُتُ حَقُّ الرَّدِّ بِالشَّكِّ كَذَا فِي الْمُحِيطِ فَلْيُنْظَرْ مَعَ مَا قَالَهُ الْكَمَالُ لَوْ قَالَ أَنَا بَرِيءٌ مِنْ كُلِّ عَيْبٍ إلَّا إبَاقَهُ بَرِئَ مِنْ إبَاقِهِ، وَلَوْ قَالَ إلَّا الْإِبَاقَ فَلَهُ الرَّدُّ بِالِاتِّفَاقِ اهـ.

(قَوْلُهُ لِأَنَّ الْمَوْجُودَ مِنْ الْبَائِعِ الثَّانِي السُّكُوتُ. . . إلَخْ) يَعْنِي وَالسُّكُوتُ لَيْسَ تَصْدِيقًا مِنْهُ لِبَائِعِهِ فِيمَا أَقَرَّ بِهِ فَأَمَّا إذَا قَالَ الْبَائِعُ الثَّانِي وَجَدْتُهُ آبِقًا الْآنَ صَارَ مُصَدِّقًا لِلْبَائِعِ فِي إقْرَارِهِ بِكَوْنِهِ آبِقًا وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ

<<  <  ج: ص:  >  >>