للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُحْصَرًا كَمَا إذَا كَانَ فِي الْحِلِّ (لَا عَنْ أَحَدِهِمَا) يَعْنِي إذَا قَدَرَ عَلَى أَحَدِهِمَا لَا يَكُونُ مُحْصَرًا، أَمَّا عَلَى الطَّوَافِ فَلِأَنَّ فَائِتَ الْحَجِّ يَتَحَلَّلُ بِهِ وَالدَّمُ بَدَلٌ عَنْهُ فِي التَّحَلُّلِ، وَأَمَّا عَلَى الْوُقُوفِ فَلِوُقُوعِ الْأَمْنِ عَنْ الْفَوَاتِ

(عَجَزَ) عَنْ الْحَجِّ بِنَفْسِهِ (فَأَحَجَّ) أَيْ أَمَرَ غَيْرَهُ بِأَنْ يَحُجَّ عَنْهُ (صَحَّ عَنْهُ إنْ مَاتَ مُسْتَمِرَّ الْعَجْزِ وَنَوَاهُ) أَيْ الْمَأْمُورُ الْحَجَّ (عَنْ الْعَاجِزِ) فَإِذَا وُجِدَ الشَّرْطَانِ صَحَّ الْإِحْجَاجُ وَإِلَّا فَلَا قَالَ قَاضِي خَانْ هَذَا إنْ كَانَ الْآمِرُ عَاجِزًا يُرْجَى زَوَالُهُ كَالْمَرَضِ وَالْحَبْسِ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَإِنْ كَانَ لَا يُرْجَى زَوَالُهُ كَالزَّمَانَةِ وَالْعَمَى جَازَ أَنْ يَأْمُرَ غَيْرَهُ بِالْحَجِّ

(حَجَّ عَنْ الْمَيِّتِ بِالْأَمْرِ يَقَعُ عَنْهُ) أَيْ الْمَيِّتِ (فِي الصَّحِيحِ) وَقِيلَ لَا يَقَعُ عَنْهُ وَيَكُونُ لَهُ ثَوَابُ النَّفَقَةِ وَالصَّحِيحُ هُوَ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّ الْآثَارَ تَدُلُّ عَلَيْهِ وَلِهَذَا تُشْتَرَطُ النِّيَّةُ عَنْ الْمَحْجُوجِ عَنْهُ وَيَذْكُرُهُ الْحَاجُّ فِي التَّلْبِيَةِ فَيَقُولُ اللَّهُمَّ إنِّي أُرِيدُ الْحَجَّ فَيَسِّرْهُ لِي وَتَقَبَّلْهُ مِنِّي وَمِنْ فُلَانٍ (وَإِذَا مَرِضَ) الْمَأْمُورُ بِالْحَجِّ (فِي الطَّرِيقِ لَيْسَ لَهُ

ــ

[حاشية الشرنبلالي]

الْجِهَةِ اهـ.

(قَوْلُهُ: لَا عَنْ أَحَدِهِمَا. . . إلَخْ) أَقُولُ اُسْتُغْنِيَ بِهَذَا عَنْ مَسْأَلَةٍ أَفْرَدَهَا بِالذِّكْرِ فِي الْكَنْزِ بِقَوْلِهِ قَبْلَهُ وَلَا إحْصَارَ بَعْدَمَا وَقَفَ بِعَرَفَةَ.

وَقَالَ الزَّيْلَعِيُّ: ثُمَّ إذَا دَامَ الْإِحْصَارُ حَتَّى مَضَتْ أَيَّامُ التَّشْرِيقِ فَعَلَيْهِ لِتَرْكِ الْوُقُوفِ بِالْمُزْدَلِفَةِ دَمٌ وَلِتَرْكِ رَمْيِ الْجِمَارِ دَمٌ وَلِتَأْخِيرِ الْحَلْقِ وَطَوَافِ الزِّيَارَةِ دَمٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ عَلَى مَا بَيَّنَّا اهـ.

(قُلْت) وَيُشْكِلُ عَلَيْهِ مَا قَدَّمْنَاهُ أَنَّهُ إذَا تَرَكَ وَاجِبًا لِعُذْرٍ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ اهـ، وَاخْتَلَفُوا فِي تَحَلُّلِهِ فِي مَكَانِهِ فِي الْحِلِّ قِيلَ لَا يَتَحَلَّلُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ تَحَلَّلَ فِي مَكَانِهِ يَقَعُ فِي غَيْرِ الْحَرَمِ، وَلَوْ أَخَّرَهُ لِيَحْلِقَ فِي الْحَرَمِ يَقَعُ فِي غَيْرِ أَوَانِهِ وَتَأْخِيرُهُ عَنْ الزَّمَانِ أَهْوَنُ مِنْ تَأْخِيرِهِ عَنْ الْمَكَانِ، وَقِيلَ يَتَحَلَّلُ فِي الْحَالِ؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا يَمْتَدُّ الْإِحْصَارُ فَيَحْتَاجُ إلَى الْحَلْقِ فِي غَيْرِ الْحَرَمِ فَيَفُوتُ الزَّمَانُ وَالْمَكَانُ جَمِيعًا فَتَحَمُّلُ أَحَدِهِمَا أَوْلَى قَالَ الْعَتَّابِيُّ وَهُوَ الْأَظْهَرُ كَذَا فِي الْبَحْرِ عَنْ غَايَةِ الْبَيَانِ

[عَجَزَ عَنْ الْحَجِّ بِنَفْسِهِ أَمَرَ غَيْرَهُ بِأَنْ يَحُجَّ عَنْهُ]

(قَوْلُهُ: عَجَزَ عَنْ الْحَجِّ) الْمُرَادُ بِهِ حَجُّ الْفَرْضِ وَكَانَ يَنْبَغِي التَّصْرِيحُ بِهِ إذْ النَّفَلُ لَا يُشْتَرَطُ الْعَجْزُ لِصِحَّةِ الْأَمْرِ بِهِ وَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ إلَى أَنَّ وُجْدَانَ الْعَجْزِ قَبْلَ الْأَمْرِ شَرْطٌ فَلَوْ أَمَرَ الصَّحِيحُ رَجُلًا بِالْحَجِّ عَنْهُ، ثُمَّ عَجَزَ لَمْ يُجْزِهِ وَبِهِ صَرَّحَ قَاضِي خَانْ وَمِنْ شَرَائِطِ النِّيَابَةِ الرُّكُوبُ إذَا أَوْصَى بِالْحَجِّ رَاكِبًا فَيَضْمَنُ الْمَأْمُورُ النَّفَقَةَ لَوْ مَشَى وَمِنْهَا كَوْنُ أَكْثَرِ النَّفَقَةِ مِنْ مَالِ الْآمِرِ وَفِيهِ وَفَاءٌ بِمَا أَنْفَقَ إذْ قَدْ يُبْتَلَى بِالْإِنْفَاقِ مِنْ غَيْرِهِ كَالْوَكِيلِ وَمِنْهَا الْأَمْرُ بِالْحَجِّ فَلَا يَجُوزُ حَجُّ الْغَيْرِ عَنْهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ إلَّا الْوَارِثَ يَحُجُّ عَنْ مُوَرِّثِهِ فَإِنَّهُ يُجْزِيهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى لِوُجُودِ الْأَمْرِ دَلَالَةً كَذَا فِي الْبَحْرِ وَبَاقِي الشُّرُوطِ مَعْلُومَةٌ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ: قَالَ قَاضِي خَانْ هَذَا إذَا كَانَ الْآمِرُ عَاجِزًا. . . إلَخْ) أَقُولُ ظَاهِرُهُ لَا يُفِيدُ غَيْرَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ جَوَازِ الْأَمْرِ بِالْحَجِّ عَنْ الْغَيْرِ، وَلَكِنْ الْمُرَادُ أَنَّ اسْمَ الْإِشَارَةِ فِي قَوْلِ قَاضِي خَانْ هَذَا رَاجِعٌ إلَى شَرْطِ اسْتِمْرَارِ الْعَجْزِ إلَى الْمَوْتِ فَخَصَّصَهُ بِعَجْزٍ يُرْجَى زَوَالُهُ كَالْحَبْسِ، أَمَّا مَنْ بِهِ عُذْرٌ لَا يُرْجَى زَوَالُهُ يَعْنِي عَادَةً كَالْعَمَى وَالزَّمَانَةِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ أَمْرُهُ بِالْحَجِّ أَيْ مِنْ غَيْرِ اشْتِرَاطِ دَوَامِ عَجْزِهِ حَتَّى إذَا زَالَ عَمَاهُ لَا يَبْطُلُ الْحَجُّ عَنْهُ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ قَاضِي خَانْ قَالَ قَبْلَ هَذَا لَا يَصِحُّ أَمْرُهُ بِالْحَجِّ إلَّا إذَا كَانَ عَاجِزًا عَنْ الْحَجِّ بِنَفْسِهِ عَجْزًا يَدُومُ إلَى الْمَوْتِ، ثُمَّ قَالَ هَذَا إذَا كَانَ. . . إلَخْ فَبَيَّنَ الْعَجْزَ الَّذِي يُشْتَرَطُ دَوَامُهُ فَحَاصِلُ الْحُكْمِ أَنَّ الْآمِرَ إذَا كَانَ عُذْرُهُ يُرْجَى زَوَالُهُ فَالْأَمْرُ مُرَاعًى فَإِنْ اسْتَمَرَّ الْعَجْزُ إلَى الْمَوْتِ سَقَطَ الْفَرْضُ عَنْ الْآمِرِ وَإِلَّا فَلَا وَإِنْ كَانَ عُذْرُهُ لَا يُرْجَى زَوَالُهُ كَالْعَمَى فَأَحَجَّ غَيْرَهُ سَقَطَ الْفَرْضُ عَنْهُ سَوَاءٌ اسْتَمَرَّ ذَلِكَ أَوْ زَالَ، صَرَّحَ بِهِ فِي الْبَحْرِ عَنْ الْمُحِيطِ وَالْمَبْسُوطِ وَمِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ اهـ.

وَقَالَ الْبُرْجَنْدِيُّ إنَّ دَوَامَ الْعَجْزِ إلَى الْمَوْتِ شَرْطٌ سَوَاءٌ كَانَ الْعَجْزُ بِمَعْنًى لَا يَزُولُ أَصْلًا كَالزَّمَانَةِ أَوْ بِعَارِضٍ يُتَوَهَّمُ زَوَالُهُ فَإِنْ اسْتَمَرَّ بِهِ إلَى الْمَوْتِ وَقَعَ جَائِزًا عَنْ الْآمِرِ وَإِلَّا فَعَلَيْهِ حَجُّ الْإِسْلَامِ وَالْمُؤَدِّي يَصِيرُ تَطَوُّعًا لِلْآمِرِ كَذَا فِي الْكَافِي اهـ مَا قَالَهُ الْبُرْجَنْدِيُّ (قُلْت) إنْ أَرَادَ كَافِي النَّسَفِيِّ فَهُوَ غَلَطٌ؛ لِأَنَّ عِبَارَةَ الْكَافِي الشَّرْطُ الْعَجْزُ الدَّائِمُ إلَى وَقْتِ الْمَوْتِ إنْ كَانَ الْحَجُّ فَرْضًا؛ لِأَنَّهُ فَرْضُ الْعُمُرِ فَيُعْتَبَرُ فِيهِ عَجْزٌ مُسْتَوْعِبٌ لِبَقِيَّةِ الْعُمُرِ لِيَقَعَ بِهِ الْيَأْسُ عَنْ الْأَدَاءِ بِالْبَدَنِ فَقُلْنَا إنْ عَجَزَ لِمَعْنًى لَا يَزُولُ كَالزَّمَانَةِ صَحَّ الْأَدَاءُ بِالنَّائِبِ مُطْلَقًا وَإِنْ كَانَ بِعَارِضٍ يُتَوَهَّمُ زَوَالُهُ بِأَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ مَسْجُونًا كَانَ الْأَدَاءُ بِالنَّائِبِ مُرَاعًى فَإِنْ اسْتَمَرَّ بِهِ الْعُذْرُ إلَى الْمَوْتِ تَحَقَّقَ الْيَأْسُ عَنْ الْأَدَاءِ بِالْبَدَنِ فَوَقَعَ الْمُؤَدِّي جَائِزًا وَإِلَّا تَبَيَّنَ أَنَّ الْيَأْسَ لَمْ يَتَحَقَّقْ عَنْ الْأَدَاءِ بِالْبَدَنِ فَعَلَيْهِ حَجَّةُ الْإِسْلَامِ وَالْمُؤَدِّي تَطَوَّعَ لَهُ. اهـ.

(قَوْلُهُ: حَجَّ عَنْ الْمَيِّتِ بِالْأَمْرِ يَقَعُ عَنْهُ فِي الصَّحِيحِ) أَقُولُ لَا يَخْتَصُّ بِالْمَيِّتِ لِمَا قَالَ فِي الْكَافِي وَغَيْرِهِ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ فِيمَنْ حَجَّ عَنْ غَيْرِهِ أَنَّ أَصْلَ الْحَجِّ يَقَعُ عَنْ الْمَحْجُوجِ عَنْهُ، وَذَكَرَ دَلِيلَهُ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ لَا يَقَعُ عَنْهُ وَيَكُونُ لَهُ ثَوَابُ النَّفَقَةِ) هُوَ رِوَايَةٌ عَنْ مُحَمَّدٍ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ عَامَّةُ الْمُتَأَخِّرِينَ كَمَا فِي الْكَشْفِ، وَهَذَا الِاخْتِلَافُ لَا ثَمَرَةَ لَهُ؛ لِأَنَّهُمْ اتَّفَقُوا أَنَّ الْفَرْضَ يَسْقُطُ عَنْ الْآمِرِ وَلَا يَسْقُطُ عَنْ الْمَأْمُورِ وَأَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَنْوِيَهُ عَنْ الْآمِرِ وَهُوَ دَلِيلُ الْمَذْهَبِ وَأَنَّهُ يُشْتَرَطُ أَهْلِيَّةُ النَّائِبِ لِصِحَّةِ الْأَفْعَالِ حَتَّى لَوْ أَمَرَ ذِمِّيًّا لَا يَجُوزُ وَهُوَ دَلِيلُ الضَّعْفِ وَلَمْ أَرَ مَنْ صَرَّحَ بِالثَّمَرَةِ، وَقَدْ يُقَالُ إنَّهَا تَظْهَرُ فِيمَنْ حَلَفَ أَنْ لَا يَحُجَّ فَعَلَى الْمَذْهَبِ إذَا حَجَّ عَنْ غَيْرِهِ لَا يَحْنَثُ وَعَلَى الضَّعِيفِ يَحْنَثُ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ الْعُرْفَ أَنَّهُ قَدْ حَجَّ وَإِنْ وَقَعَ عَنْ غَيْرِهِ فَيَحْنَثُ اتِّفَاقًا كَذَا فِي الْبَحْرِ (قَوْلُهُ: وَيَذْكُرُهُ الْحَاجُّ فِي التَّلْبِيَةِ) فَيَقُولُ اللَّهُمَّ إنِّي أُرِيدُ الْحَجَّ فَيَسِّرْهُ لِي وَتَقَبَّلْهُ مِنِّي وَمِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>