للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

امْتَنَعَ مِنْ أَدَاءِ الْحَقِّ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ ظَهَرَ ظُلْمُهُ فَيُجَازَى بِتَأْبِيدِ حَبْسِهِ (لَا يَحْبِسُهُ لِنَفَقَةٍ مَاضِيَةٍ لِزَوْجَتِهِ وَوَلَدِهِ) لِأَنَّهَا تَسْقُطُ بِمُضِيِّ الزَّمَانِ وَإِنْ لَمْ تَسْقُطْ بِأَنْ حَكَمَ الْحَاكِمُ بِهَا أَوْ اصْطَلَحَ الزَّوْجَانِ عَلَيْهَا فَلَا يُحْبَسُ أَيْضًا لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِبَدَلٍ عَنْ مَالٍ وَلَا لَزِمَتْهُ بِعَقْدٍ عَلَى مَا ذَكَرْنَا (بَلْ) يُحْبَسُ (فِي الْإِنْفَاقِ عَلَيْهِمَا إذَا أَبَى) عَنْ الْإِنْفَاقِ لِأَنَّ النَّفَقَةَ لِحَاجَةِ الْوَقْتِ وَفِي تَرْكِهِ قَصْدَ إهْلَاكِهِمَا فَيُحْبَسُ لِدَفْعِ هَلَاكِهِمَا

(تَقْضِي الْمَرْأَةُ فِي غَيْرِ حَدٍّ وَقَوَدٍ) لِمَا مَرَّ أَنَّ الْقَضَاءَ يُسْتَقَى مِنْ الشَّهَادَةِ وَشَهَادَتُهَا جَائِزَةٌ فِي غَيْرِهِمَا فَكَذَا قَضَاؤُهَا فِيهِ لَا يَجُوزُ فِيهِمَا لِمَا فِيهَا مِنْ شُبْهَةِ الْبَدَلِيَّةِ

(وَلَا يَسْتَخْلِفُ قَاضٍ) أَيْ لَا يُنَصِّبُ نَائِبًا لِأَنَّ الْمُفَوَّضَ إلَيْهِ الْقَضَاءُ لَا التَّقْلِيدُ وَلَا يَتَصَرَّفُ فِي غَيْرِ مَا فُوِّضَ إلَيْهِ كَالْوَكِيلِ لَا يُوَكِّلُ بِلَا إذْنِ الْمُوَكِّلِ (إلَّا إذَا فُوِّضَ) أَيْ الِاسْتِخْلَافُ (إلَيْهِ) بِأَنْ قِيلَ لَهُ مِنْ قِبَلِ السُّلْطَانِ وَلِّ مَنْ شِئْتَ (بِخِلَافِ الْمَأْمُورِ بِإِقَامَةِ الْجُمُعَةِ) وَهُوَ الْخَطِيبُ (فَإِنَّهُ يَسْتَخْلِفُ فِي الصَّلَاةِ لِلضَّرُورَةِ) لِكَوْنِهَا عَلَى شَرَفِ الْفَوَاتِ فَلَوْ لَمْ يَجُزْ لَفَاتَتْ الْجُمُعَةُ (مَنْ سَمِعَ الْخُطْبَةَ) مَفْعُولُ يَسْتَخْلِفُ وَقَدْ مَرَّ تَحْقِيقُهُ فِي بَابِ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ وَفَرَّعَ عَلَى قَوْلِهِ إلَّا إذَا فُوِّضَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ (فَنَائِبُ الْقَاضِي الْمُفَوَّضُ إلَيْهِ نَائِبٌ عَنْ الْأَصْلِ) يَعْنِي السُّلْطَانَ (فَلَا يَعْزِلُهُ) أَيْ إذَا كَانَ نَائِبًا عَنْ الْأَصِيلِ لَا يَعْزِلُهُ الْقَاضِي (إلَّا إذَا فَوَّضَ إلَيْهِ) بِأَنْ قِيلَ لَهُ مِنْ قِبَلِ السُّلْطَانِ اسْتَبْدِلْ مَنْ شِئْتَ فَحِينَئِذٍ يَجُوزُ لَهُ الْعَزْلُ (وَلَا يَنْعَزِلُ) أَيْ نَائِبُ الْقَاضِي (بِخُرُوجِهِ) أَيْ الْقَاضِي (عَنْ الْقَضَاءِ) هَذَا أَيْضًا فَرْعٌ عَلَى مَا قَبْلَهُ (وَنَائِبُ غَيْرِهِ) أَيْ نَائِبُ غَيْرِ الْمُفَوَّضِ إلَيْهِ (إنْ قَضَى عِنْدَهُ أَوْ أَجَازَهُ) أَيْ لَمْ يَقْضِ عِنْدَهُ لَكِنَّهُ سَمِعَ أَنَّهُ قَضَى فِي غَيْبَتِهِ وَأَجَازَهُ (صَحَّ) قَضَاؤُهُ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ حُضُورُ رَأْيِ الْأَوَّلِ وَقَدْ وُجِدَ (يُمْضِي حُكْمَ قَاضٍ آخَرَ) يَعْنِي إذَا رُفِعَ إلَيْهِ حُكْمُ قَاضٍ أَمْضَاهُ إذَا كَانَ مُجْتَهِدًا فِيهِ (لَا مَا خَالَفَ الْكِتَابَ أَوْ السُّنَّةَ الْمَشْهُورَةَ أَوْ الْإِجْمَاعَ) إذْ لَا مَزِيَّةَ لِأَحَدِ الِاجْتِهَادَيْنِ عَلَى الْآخَرِ وَقَدْ تَأَيَّدَ الْأَوَّلُ بِاتِّصَالِ الْقَضَاءِ بِهِ فَلَا يُنْقَضُ بِمَا هُوَ دُونَهُ فَلَوْ قَضَى قَاضٍ بِشَاهِدٍ وَيَمِينِ الْمُدَّعِي أَوْ بِثُبُوتِ حِلِّ الْوَطْءِ بِمُجَرَّدِ النِّكَاحِ فِي مُطَلَّقَةِ الثَّلَاثِ أَوْ بِجَوَازِ بَيْعِ مَتْرُوكِ التَّسْمِيَةِ عَمْدًا أَوْ بِجَوَازِ بَيْعِ دِرْهَمٍ بِدِرْهَمَيْنِ لَا يَنْفُذُ أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِمُخَالِفَتِهِ الْكِتَابَ لِأَنَّهُ تَعَالَى قَالَ {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ} [البقرة: ٢٨٢] هَذَا إنَّمَا يُذْكَرُ لِقَصْرِ الْحُكْمِ عَلَيْهِ وَلِأَنَّهُ قَالَ ذَلِكَ {وَأَدْنَى أَلا تَرْتَابُوا} [البقرة: ٢٨٢] وَلَا مَزِيدَ عَلَى الْأَدْنَى وَأَمَّا الثَّانِي فَلِأَنَّهُ مُخَالِفٌ لِلْحَدِيثِ الْمَشْهُورِ وَهُوَ حَدِيثُ الْعُسَيْلَةِ وَأَمَّا الثَّالِثُ فَلِأَنَّهُ مُخَالِفٌ لِمَا اتَّفَقُوا عَلَيْهِ فِي الصَّدْرِ الْأَوَّلِ فَكَانَ قَضَاؤُهُ بِخِلَافِ الْإِجْمَاعِ وَأَمَّا

ــ

[حاشية الشرنبلالي]

فِي الصُّغْرَى إلَّا أَنَّهُ قَالَ وَإِنْ حَلَفَ أَبَّدَ الْحَبْسَ فِي أَدَبِ الْقَاضِي لِشَمْسِ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيِّ اهـ.

وَفِي إطْلَاقِ التَّأْبِيدِ تَسَامُحٌ كَمَا لَا يَخْفَى أَنَّهُ لِتَعَرُّفِ حَالِهِ بِحَسَبِ مَا يَرَاهُ الْقَاضِي (قَوْلُهُ لَا يَحْبِسُهُ لِنَفَقَةٍ مَاضِيَةٍ لِزَوْجَتِهِ وَوَلَدِهِ) كَذَا كُلُّ دَيْنٍ غَيْرَهَا لِوَلَدِهِ كَمَا ذَكَرْنَا وَكَذَا الْكِسْوَةُ الْمَاضِيَةُ الْمُقَرَّرَةُ لِلْمَرْأَةِ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ وَاجِبَةً بِعَقْدٍ وَهِيَ مِنْ النَّفَقَةِ وَهِيَ حَادِثَةُ حَالٍ (قَوْلُهُ بَلْ فِي الْإِنْفَاقِ عَلَيْهِمَا إذَا أَبَى عَنْ الْإِنْفَاقِ) قَالَ الْكَمَالُ يَحْبِسُ كُلَّ مَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ النَّفَقَةُ فَأَبَى عَنْ الْإِنْفَاقِ أَبًا كَانَ أَوْ أُمًّا أَوْ جَدًّا. اهـ.

(تَنْبِيهٌ) : وَهَلْ يَحْبِسُ مَنْ امْتَنَعَ مِنْ الْإِنْفَاقِ عَلَى مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ نَفَقَةُ قَرِيبٍ مُحَرَّمٍ لَهُ فَلْيُنْظَرْ.

(تَتِمَّةٌ) : لَا يَحْبِسُ فِي الدَّيْنِ الْمُؤَجَّلِ وَكَذَا لَا يَمْنَعُ مِنْ السَّفَرِ قَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ سَوَاءٌ بَعُدَ مَحَلُّهُ أَوْ قَرُبَ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ مُطَالَبَتَهُ قَبْلَ حِلِّ الْأَجَلِ فَلَا يَمْلِكُ مَنْعَهُ وَلَكِنْ لَهُ أَنْ يَخْرُجَ مَعَهُ حَتَّى إذَا حَلَّ الْأَجَلُ مَنَعَهُ مِنْ الْمُضِيِّ فِي سَفَرِهِ إلَى أَنْ يُوَفِّيَهُ دَيْنَهُ كَمَا فِي الْبَدَائِعِ

[مَا تَقْضِي فِيهِ الْمَرْأَة]

(قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يَسْتَخْلِفُ فِي الصَّلَاةِ مَنْ سَمِعَ الْخُطْبَةَ) لَيْسَ عَلَى إطْلَاقِهِ لِمَا قَالَ الزَّيْلَعِيُّ إنْ أَحْدَثَ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِي الْجُمُعَةِ لَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يَسْتَخْلِفَ إلَّا مَنْ شَهِدَ الْخُطْبَةَ وَإِنْ كَانَ شَرَعَ فِيهَا جَازَ أَنْ يَسْتَخْلِفَ مَنْ لَمْ يُدْرِكْ الْخُطْبَةَ وَقَدَّمْنَاهُ فِي بَابِ الْجُمُعَةِ عَنْ الْكَمَالِ (قَوْلُهُ وَلَا يَنْعَزِلُ أَيْ نَائِبُ الْقَاضِي بِخُرُوجِهِ أَيْ الْقَاضِي عَنْ الْقَضَاءِ) حَكَى فِي الْأَشْبَاهِ وَالنَّظَائِرِ خِلَافًا فِي الْمَسْأَلَةِ وَمَنْ قَالَ بِعَدَمِ انْعِزَالِهِ بِخُرُوجِ الْقَاضِي عَنْ الْقَضَاءِ لِكَوْنِهِ نَائِبًا عَنْ الْأَصْلِ فَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ النُّوَّابَ الْآنَ يَنْعَزِلُونَ بِعَزْلِ الْقَاضِي وَمَوْتِهِ لِأَنَّهُمْ نُوَّابُ الْقَاضِي مِنْ كُلِّ وَجْهٍ فَهُوَ كَالْوَكِيلِ مَعَ الْمُوَكِّلِ وَلَا يَفْهَمُ أَحَدٌ الْآنَ أَنَّهُ نَائِبُ السُّلْطَانِ وَلِهَذَا قَالَ الْعَلَّامَةُ ابْنُ الْغَرْسِ وَنَائِبُ الْقَاضِي فِي زَمَانِنَا يَنْعَزِلُ بِعَزْلِهِ وَبِمَوْتِهِ فَإِنَّهُ نَائِبُهُ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ اهـ.

(قَوْلُهُ وَنَائِبُ غَيْرِهِ إنْ قَضَى عِنْدَهُ أَوْ أَجَازَهُ صَحَّ) يَعْنِي إنْ صَلَحَ النَّائِبُ قَاضِيًا كَأَنْ لَا يَكُونَ رَقِيقًا وَلَا مَحْدُودًا فِي قَذْفٍ (قَوْلُهُ يُمْضِي حُكْمَ قَاضٍ آخَرَ) قَالُوا شَرْطُهُ أَنْ يَكُونَ عَالِمًا بِاخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ حَتَّى لَوْ قَضَى فِي فَصْلٍ مُجْتَهَدٍ فِيهِ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ بِذَلِكَ لَا يَجُوزُ قَضَاؤُهُ عِنْدَ عَامَّتِهِمْ وَلَا يُمْضِيهِ الثَّانِي ذَكَرَهُ فِي النِّهَايَةِ مَعْزِيًّا إلَى الْمُحِيطِ وَقَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ هَذَا هُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ (قَوْلُهُ وَلِأَنَّهُ قَالَ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ لَا تَرْتَابُوا) كَذَا فِي نُسَخٍ وَلَيْسَ التِّلَاوَةُ فَإِنَّهَا {ذَلِكُمْ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ وَأَقْوَمُ لِلشَّهَادَةِ وَأَدْنَى أَلا تَرْتَابُوا} [البقرة: ٢٨٢] وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ وَلِأَنَّهُ قَالَ {وَأَدْنَى أَلا تَرْتَابُوا} [البقرة: ٢٨٢] وَلَا اعْتِرَاضَ عَلَيْهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>