للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَتُذْبَحُ فِي غَيْرِهِ بَعْدَ طُلُوعِ فَجْرِ يَوْمِ النَّحْرِ إلَى غُرُوبِ الْيَوْمِ الثَّالِثِ) فَإِنَّ أَوَّلَ وَقْتِ التَّضْحِيَةِ بَعْدَ الصَّلَاةِ فِي حَقِّ الْمِصْرِيِّ وَبَعْدَ طُلُوعِ فَجْرِ يَوْمِ النَّحْرِ فِي حَقِّ غَيْرِهِ وَآخِرُهُ قُبَيْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ مِنْ أَيَّامِ النَّحْرِ (وَاعْتُبِرَ الْآخِرُ لِلْفَقِيرِ وَالْغَنِيِّ وَالْوِلَادَةِ وَالْمَوْتِ) فَإِنَّهُ إذَا كَانَ غَنِيًّا فِي أَوَّلِ أَيَّامِ النَّحْرِ فَقِيرًا فِي آخِرِهَا لَا تَجِبُ عَلَيْهِ وَفِي الْعَكْسِ تَجِبُ وَإِنْ وُلِدَ فِي الْيَوْمِ الْآخِرِ تَجِبُ عَلَيْهِ وَإِنْ مَاتَ فِيهِ لَا تَجِبُ

(وَكُرِهَ الذَّبْحُ لَيْلًا) وَإِنْ جَازَ لِاحْتِمَالِ الْغَلَطِ فِي ظُلْمَةِ اللَّيْلِ (تُرِكَتْ) التَّضْحِيَةُ (وَمَضَتْ أَيَّامُهَا) اعْلَمْ أَنَّ أَيَّامَ النَّحْرِ ثَلَاثَةٌ وَأَيَّامَ التَّشْرِيقِ أَيْضًا ثَلَاثَةٌ وَالْكُلُّ يَمْضِي بِأَرْبَعَةٍ أَوَّلُهَا نَحْرٌ لَا غَيْرُ وَآخِرُهَا تَشْرِيقٌ لَا غَيْرُ وَالْمُتَوَسِّطَانِ نَحْرٌ وَتَشْرِيقٌ وَالتَّضْحِيَةُ فِيهَا أَفْضَلُ مِنْ التَّصَدُّقِ بِثَمَنِ الْأُضْحِيَّةِ؛ لِأَنَّهَا تَقَعُ وَاجِبَةً أَوْ سُنَّةً وَالتَّصَدُّقُ تَطَوُّعٌ مَحْضٌ، وَإِذَا تُرِكَتْ حَتَّى مَضَتْ أَيَّامُ التَّضْحِيَةِ (تَصَدَّقَ بِهَا) أَيْ بِالْأُضْحِيَّةِ نَفْسِهَا (حَيَّةً نَاذِرٌ لِمُعَيَّنَةٍ) أَيْ مَنْ كَانَ فِي مِلْكِهِ شَاةٌ، وَقَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُضَحِّيَ بِهَذِهِ الشَّاةِ تَصَدَّقَ بِهَا أَيْضًا (فَقِيرٌ شَرَاهَا) أَيْ الْأُضْحِيَّةَ (لَهَا) أَيْ لِلتَّضْحِيَةِ فَإِنَّهَا تَجِبُ عَلَى الْفَقِيرِ بِالشِّرَاءِ بِنِيَّةِ التَّضْحِيَةِ عِنْدَنَا.

(وَ) تَصَدَّقَ (بِقِيمَتِهَا غَنِيٌّ شَرَاهَا أَوْ لَا) يَعْنِي إنْ كَانَ غَنِيًّا

ــ

[حاشية الشرنبلالي]

وَقَالَ فِي الْبَدَائِعِ لَوْ ذَبَحَ بَعْدَمَا قَعَدَ الْإِمَامُ قَدْرَ التَّشَهُّدِ قَبْلَ التَّسْلِيمِ قَالُوا عَلَى قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ لَا يَجُوزُ كَمَا لَوْ كَانَ فِي خِلَالِ الصَّلَاةِ وَعَلَى قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ يَجُوزُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْخُرُوجَ بِصُنْعِهِ فَرْضٌ عِنْدَهُ لَا عِنْدَهُمَا فَإِنْ اشْتَغَلَ الْإِمَامُ فَلَمْ يُصَلِّ الْعِيدَ أَوْ تَرَكَ ذَلِكَ مُتَعَمِّدًا حَتَّى زَالَتْ الشَّمْسُ فَقَدْ حَلَّ الذَّبْحُ بِغَيْرِ صَلَاةٍ فِي الْأَيَّامِ كُلِّهَا؛ لِأَنَّهُ لَمَّا زَالَتْ الشَّمْسُ بَعْدُ فَاتَ وَقْتُ الصَّلَاةِ وَإِنَّمَا يَخْرُجُ الْإِمَامُ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي وَالثَّالِثِ عَلَى وَجْهِ الْقَضَاءِ، وَالتَّرْتِيبُ شَرْطٌ فِي الْأَدَاءِ لَا فِي الْقَضَاءِ كَذَا ذَكَرَهُ الْقُدُورِيُّ انْتَهَى كَلَامُ الْبَدَائِعِ وَهَكَذَا نَقَلَهُ الزَّيْلَعِيُّ عَنْ الْمُحِيطِ وَهُوَ نَقَلَهُ عَنْ الْقُدُورِيِّ فِي شَرْحِهِ وَنَقَلَ الزَّيْلَعِيُّ أَيْضًا عَنْ الْمُحِيطِ أَنَّهُ لَا يُجْزِيهِمْ الْأُضْحِيَّةُ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي قَبْلَ الزَّوَالِ إلَّا إذَا كَانُوا لَا يَرْجُونَ أَنْ يُصَلِّيَ الْإِمَامُ فَحِينَئِذٍ يُجْزِيهِمْ. اهـ. وَالْإِمَامُ إذَا صَلَّى الْعِيدَ بِشَهَادَةِ الشُّهُودِ وَضَحَّى النَّاسُ، ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ يَوْمُ عَرَفَةَ أَجْزَأَتْهُمْ الصَّلَاةُ وَالذَّبَائِحُ لِلضَّرُورَةِ كَذَا فِي مُنْيَةِ الْمُفْتِي

(تَنْبِيهٌ) قَالَ فِي مَبْسُوطِ السَّرَخْسِيِّ لَيْسَ عَلَى أَهْلِ مِنًى يَوْمَ النَّحْرِ صَلَاةُ الْعِيدِ؛ لِأَنَّهُمْ فِي وَقْتِ صَلَاةِ الْعِيدِ مَشْغُولُونَ بِأَدَاءِ الْمَنَاسِكِ فَلَا يَلْزَمُهُمْ صَلَاةُ الْعِيدِ وَيَجُوزُ لَهُمْ التَّضْحِيَةُ بَعْدَ انْشِقَاقِ الْفَجْرِ كَمَا يَجُوزُ لِأَهْلِ الْقُرَى اهـ.

وَمِنْ الظَّاهِرِ أَنَّ أَهْلَ مِنًى هُمْ مَنْ بِهَا مِنْ الْحَاجِّ وَأَهْلِ مَكَّةَ (قَوْلُهُ: وَتُذْبَحُ فِي غَيْرِهِ بَعْدَ طُلُوعِ فَجْرِ يَوْمِ النَّحْرِ) شَامِلٌ لِأَهْلِ الْبَوَادِي، وَقَدْ قَالَ قَاضِي خَانْ فَأَمَّا أَهْلُ السَّوَادِ وَالْقُرَى وَالرِّبَاطَاتِ عِنْدَنَا يَجُوزُ لَهُمْ التَّضْحِيَةُ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ الثَّانِي مِنْ الْيَوْمِ الْعَاشِرِ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ، وَأَمَّا أَهْلُ الْبَوَادِي لَا يُضَحُّونَ إلَّا بَعْدَ صَلَاةِ أَقْرَبِ الْأَئِمَّةِ إلَيْهِمْ اهـ.

وَفِيهِ مُخَالَفَةٌ لِمَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ التَّبْيِينِ وَمَا سَنَذْكُرُهُ عَنْ شَيْخِ الْإِسْلَامِ مِنْ إطْلَاقِ جَوَازِ التَّضْحِيَةِ لِغَيْرِ الْمِصْرِيِّ مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ فَشَمِلَ أَهْلُ الْبَوَادِيَ (قَوْلُهُ: فَإِنَّ أَوَّلَ وَقْتِ التَّضْحِيَةِ بَعْدَ الصَّلَاةِ فِي حَقِّ الْمِصْرِيِّ وَبَعْدَ طُلُوعِ فَجْرِ يَوْمِ النَّحْرِ فِي حَقِّ غَيْرِهِ) فِيهِ نَظَرٌ قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي مَبْسُوطِهِ أَوَّلُ وَقْتِ الْأُضْحِيَّةِ عِنْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ الثَّانِي مِنْ يَوْمِ النَّحْرِ إلَّا أَنَّ فِي حَقِّ أَهْلِ الْأَمْصَارِ يُشْتَرَطُ تَقْدِيمُ الصَّلَاةِ عَلَى الْأُضْحِيَّةِ فَلَا تَصِحُّ قَبْلَهَا لِعَدَمِ الشَّرْطِ لَا لِعَدَمِ الْوَقْتِ وَلِهَذَا جَازَتْ التَّضْحِيَةُ فِي الْقُرَى بَعْدَ انْشِقَاقِ الْفَجْرِ، وَدُخُولُ الْوَقْتِ لَا يَخْتَلِفُ فِي حَقِّ أَهْلِ الْأَمْصَارِ وَالْقُرَى اهـ.

وَقَدَّمْنَا مِثْلَهُ (قَوْلُهُ: اعْلَمْ أَنَّ أَيَّامَ النَّحْرِ ثَلَاثَةٌ) لَكِنْ أَفْضَلُهَا أَوَّلُهَا وَأَدْوَنُهَا آخِرُهَا كَمَا فِي قَاضِي خَانْ (قَوْلُهُ: وَالتَّضْحِيَةُ فِيهَا أَفْضَلُ مِنْ التَّصَدُّقِ بِثَمَنِ الْأُضْحِيَّةِ. . . إلَخْ) كَذَا فِي الْهِدَايَةِ.

وَقَالَ فِي الْعِنَايَةِ هَذَا الدَّلِيلُ يَشْمَلُ الْغَنِيَّ وَالْفَقِيرَ اهـ.

(قُلْت) فِيهِ إيهَامُ جَوَازِ التَّصَدُّقِ بِالْقِيمَةِ عَنْ وَاجِبِ الْأُضْحِيَّةِ لِلْغَنِيِّ فِي أَيَّامِ النَّحْرِ وَلَا يُجْزِيهِ التَّصَدُّقُ فِي أَيَّامِ النَّحْرِ بِالْقِيمَةِ لِمَا قَالَ فِي الْمَبْسُوطِ إنَّهُ لَا إشْكَالَ أَنَّ الْمُوسِرَ لَا يُجْزِيهِ التَّصَدُّقُ بِالْقِيمَةِ فِي أَيَّامِ النَّحْرِ؛ لِأَنَّهُ لَا قِيمَةَ لِإِرَاقَةِ الدَّمِ وَإِقَامَةُ الْمُتَقَوِّمِ مَقَامُ مَا لَيْسَ بِمُتَقَوِّمٍ لَا يَجُوزُ وَإِرَاقَةُ الدَّمِ خَالِصُ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى، وَأَمَّا فِي حَقِّ الْفَقِيرِ التَّضْحِيَةُ أَفْضَلُ لِمَا فِيهِ مِنْ الْجَمْعِ بَيْنَ التَّقَرُّبِ بِإِرَاقَةِ الدَّمِ وَالتَّصَدُّقِ اهـ بِمَعْنَاهُ (قَوْلُهُ: وَالتَّصَدُّقُ) أَيْ بِثَمَنِهَا تَطَوُّعٌ مَحْضٌ فَكَانَتْ هِيَ أَفْضَلُ كَمَا فِي التَّبْيِينِ (قَوْلُهُ: نَاذِرٌ لِمُعَيَّنَةٍ) شَامِلٌ لِلْغَنِيِّ وَالْفَقِيرِ إلَّا أَنَّ الْغَنِيَّ إذَا عَنَى بِالنَّذْرِ الْإِخْبَارَ عَنْ الْوَاجِبِ عَلَيْهِ بِإِيجَابِ الشَّارِعِ لَا يَلْزَمُهُ إلَّا هِيَ وَإِنْ لَمْ يَنْوِ فَعَلَيْهِ أَنْ يُضَحِّيَ بِشَاتَيْنِ عِنْدَنَا شَاةٍ لِأَجْلِ النَّذْرِ وَشَاةٍ بِإِيجَابِ الشَّرْعِ وَمِنْ الْمَشَايِخِ مَنْ قَالَ لَا يَلْزَمُهُ إلَّا التَّضْحِيَةُ بِشَاةٍ وَاحِدَةٍ، وَلَوْ قَالَ ذَلِكَ قَبْلَ أَيَّامِ النَّحْرِ تَلْزَمُهُ شَاتَانِ بِلَا خِلَافٍ؛ لِأَنَّ الصِّيغَةَ لَا تَحْتَمِلُ الْإِخْبَارَ عَنْ الْوَاجِبِ إذْ لَا وُجُوبَ قَبْلَ الْوَقْتِ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ ذَلِكَ وَهُوَ مُعْسِرٌ فِي أَيَّامِ النَّحْرِ، ثُمَّ أَيْسَرَ فِيهَا فَعَلَيْهِ شَاتَانِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ (قَوْلُهُ: وَفَقِيرٌ شَرَاهَا لَهَا) كَذَا لَوْ اشْتَرَاهَا غَنِيٌّ لَهَا وَافْتَقَرَ بَعْدَمَا مَضَتْ أَيَّامُ النَّحْرِ عَلَيْهِ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِعَيْنِهَا أَوْ بِقِيمَتِهَا وَإِنْ افْتَقَرَ بَعْدَ الشِّرَاءِ لَهَا قَبْلَ مُضِيِّ أَيَّامِ النَّحْرِ سَقَطَتْ عَنْهُ كَمَا فِي قَاضِي خَانْ (قَوْلُهُ: وَتَصَدَّقَ بِقِيمَتِهَا غَنِيٌّ شَرَاهَا أَوَّلًا) لَمْ يَتَعَرَّضْ لِلتَّصَدُّقِ بِعَيْنِهَا وَيُفِيدُهُ مَا قَالَ فِي الْعِنَايَةِ إنَّهَا وَاجِبَةٌ عَلَى الْغَنِيِّ عَيَّنَهَا أَوْ لَمْ يُعَيِّنْهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>