للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَقَارٍ) إنَّمَا قَالَ قَصْدًا؛ لِأَنَّهَا تَثْبُتُ فِي غَيْرِ الْعَقَارِ بِتَبَعِيَّةِ الْعَقَارِ كَالشَّجَرِ وَالثَّمَرِ (وَمَا فِي حُكْمِهِ كَالْعُلُوِّ) وَقَدْ مَرَّ بَيَانُهُ (مُلِكَ بِمَالٍ) صِفَةُ عَقَارٍ أَيْ بِعِوَضٍ مَالِيٍّ حَتَّى إذَا لَمْ يَكُنْ بِعِوَضٍ بَلْ هِبَةٍ لَمْ تَثْبُتْ فِيهِ الشُّفْعَةُ وَكَذَا إذَا كَانَ الْعِوَضُ غَيْرَ مَالِيٍّ حَتَّى لَوْ خُولِعَ عَلَى دَارٍ لَمْ تَثْبُتْ (وَإِنْ لَمْ يُقْسَمْ) أَيْ الْعَقَارُ وَمَا فِي حُكْمِهِ ذَكَرَهُ؛ لِأَنَّ الشُّفْعَةَ لَا تَثْبُتُ فِيهِ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّهَا عِنْدَهُ لِدَفْعِ ضَرَرِ الْقِسْمَةِ وَعِنْدَنَا لِدَفْعِ ضَرَرِ الْجِوَارِ (كَحَمَّامٍ وَرَحًى وَبِئْرٍ وَبَيْتٍ صَغِيرٍ) بِحَيْثُ لَا يُنْتَفَعُ بِهِ إذَا قُسِمَ (وَنَهْرٍ وَطَرِيقٍ) مَمْلُوكَيْنِ (لَا بِنَاءٍ وَنَخْلٍ) ، فَإِنَّهُمَا لَيْسَا بِعَقَارٍ وَلَا فِي حُكْمِهِ (بَيْعًا قَصْدًا) وَقَدْ عَرَفْت أَنَّهُمَا إذَا بِيعَا تَبَعًا لِلْعَقَارِ تَثْبُتُ فِيهِمَا الشُّفْعَةُ (وَعَرَضٍ وَفُلْكٍ) خِلَافًا لِمَالِكٍ (وَإِرْثٍ) أَيْ مَوْرُوثٍ، فَإِنَّ الدَّارَ إذَا مُلِكَتْ بِإِرْثٍ لَا تَثْبُتُ فِيهَا الشُّفْعَةُ (وَصَدَقَةٍ وَهِبَةٍ إلَّا بِشَرْطِ عِوَضٍ بِلَا شُيُوعٍ فِيهِمَا) أَيْ الْمَوْهُوبِ وَعِوَضِهِ، فَإِنَّهَا لَيْسَتْ بِمُعَاوَضَةِ مَالٍ بِمَالٍ فَصَارَتْ كَالْإِرْثِ إلَّا أَنْ تَكُونَ بِعِوَضٍ مَشْرُوطٍ؛ لِأَنَّهَا بَيْعٌ انْتِهَاءً وَلَكِنْ يُشْتَرَطُ التَّقَابُضُ وَعَدَمُ الشُّيُوعِ فِي الْمَوْهُوبِ وَعِوَضِهِ؛ لِأَنَّهَا هِبَةٌ ابْتِدَاءً، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْعِوَضُ مَشْرُوطًا فَلَا شُفْعَةَ فِيهَا -

(وَ) لَا فِي (دَارٍ قُسِمَتْ) بَيْنَ الشُّرَكَاءِ؛ لِأَنَّ الْقِسْمَةَ فِيهَا مَعْنَى الْإِفْرَازِ لِهَذَا يَجْرِي فِيهَا الْجَبْرُ وَالشُّفْعَةُ وَلَمْ تُشْرَعْ إلَّا فِي الْمُبَادَلَةِ الْمُطْلَقَةِ -

(أَوْ جُعِلَتْ أُجْرَةً أَوْ بَدَلَ خُلْعٍ أَوْ) بَدَلَ (عِتْقٍ أَوْ) بَدَلَ (صُلْحٍ عَنْ دَمٍ عَمْدٍ أَوْ مَهْرٍ أَوْ إنْ قُوبِلَ بِبَعْضِهَا مَالٌ) بِأَنْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً عَلَى دَارٍ عَلَى أَنْ تَرُدَّ هِيَ عَلَيْهِ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَلَا شُفْعَةَ فِي شَيْءٍ مِنْهَا؛ لِأَنَّهَا عِنْدَنَا تَخْتَصُّ بِمُعَاوَضَةِ مَالٍ بِمَالٍ مُطْلَقٍ؛ لِأَنَّهَا تَثْبُتُ بِخِلَافِ الْقِيَاسِ بِالْآثَارِ فِي مُعَاوَضَةِ مَالٍ بِمَالٍ مُطْلَقٍ فَيَقْتَصِرُ عَلَيْهَا -

(أَوْ بِيعَتْ) عَطْفٌ عَلَى جُعِلَتْ أَيْ لَا شُفْعَةَ فِي دَارٍ بِيعَتْ (بِخِيَارٍ لِلْبَائِعِ وَلَمْ يَسْقُطْ خِيَارُهُ) ؛ لِأَنَّهُ يَمْنَعُ زَوَالَ الْمِلْكِ عَنْ الْبَائِعِ، فَإِنْ أَسْقَطَ وَجَبَتْ لِزَوَالِ الْمَانِعِ عَنْ زَوَالِ الْمِلْكِ لَكِنْ يُشْتَرَطُ الطَّلَبُ عِنْدَ سُقُوطِ الْخِيَارِ فِي الصَّحِيحِ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ يَصِيرُ سَبَبًا لِزَوَالِ الْمِلْكِ عِنْدَ ذَلِكَ (أَوْ) بِيعَتْ (بَيْعًا فَاسِدًا) يَعْنِي إذَا اشْتَرَى دَارًا شِرَاءً فَاسِدًا فَلَا شُفْعَةَ فِيهَا أَمَّا قَبْلَ الْقَبْضِ فَلِبَقَاءِ مِلْكِ الْبَائِعِ فِيهَا وَأَمَّا بَعْدَهُ فَلِاحْتِمَالِ الْفَسْخِ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الْمُتَبَايِعَيْنِ بِسَبِيلٍ مِنْ فَسْخِهِ (وَلَمْ يَسْقُطْ فَسْخُهُ) ، فَإِنَّهَا إذَا بِيعَتْ بَيْعًا فَاسِدًا وَسَقَطَ حَقُّ الْفَسْخِ بِأَنْ بَنَى الْمُشْتَرِي فِيهَا تَثْبُتُ الشُّفْعَةُ -

(أَوْ رَدَّ) أَيْ الْمَبِيعَ (بِخِيَارِ الرُّؤْيَةِ أَوْ شَرْطٍ أَوْ عَيْبٍ بِقَضَاءٍ) مُتَعَلِّقٌ بِرَدَّ (بَعْدَمَا سُلِّمَتْ)

ــ

[حاشية الشرنبلالي]

قَوْلُهُ: وَمَا فِي حُكْمِهِ كَالْعُلُوِّ) أَقُولُ ثُمَّ إنْ كَانَ الْعُلُوُّ طَرِيقُهُ طَرِيقَ السُّفْلِ يَسْتَحِقُّ الشُّفْعَةَ بِالطَّرِيقِ عَلَى أَنَّهُ خَلِيطٌ فِي الْحُقُوقِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِأَنْ بَانَ طَرِيقُهُ غَيْرَ طَرِيقِ السُّفْلِ يَسْتَحِقُّهَا بِالْمُجَاوَرَةِ (قَوْلُهُ: لَكِنْ يُشْتَرَطُ التَّقَابُضُ. . . إلَخْ) أَقُولُ وَيَجِبُ الطَّلَبُ وَقْتَهُ

(قَوْلُهُ أَوْ بِيعَتْ بِخِيَارٍ) هَذَا الْخِلَافُ مَا لَوْ شُرِيَتْ بِخِيَارٍ، فَإِنَّهَا تَجِبُ اتِّفَاقًا ثُمَّ إذَا أَخَذَهَا الشَّفِيعُ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ لَزِمَ الْبَيْعُ لِعَجْزِ الْمُشْتَرِي عَنْ الرَّدِّ وَلَا خِيَارَ لِلشَّفِيعِ (قَوْلُهُ: بِأَنْ بَنَى فِيهَا) فِي هَذَا الْحَصْرِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ شَرْطَ وُجُوبِهَا انْقِطَاعُ حَقِّ الْبَائِعِ وَلَا يَخْتَصُّ بِالْبِنَاءِ بَلْ يَكُونُ بِأَعَمَّ كَالْبَيْعِ وَغَيْرِهِ مِنْ إخْرَاجِهَا عَنْ مِلْكِ الْمُشْتَرِي كَمَا عُرِفَ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ، فَإِنْ بَاعَهَا أَخَذَهَا الشَّفِيعُ بِأَيِّ الْبَيْعَيْنِ شَاءَ، فَإِنْ أَخَذَهَا بِالثَّانِي أَخَذَهَا بِالثَّمَنِ، وَإِنْ بِالْأَوَّلِ فَبِالْقِيمَةِ، وَإِنْ أَخْرَجَهَا بِغَيْرِ الْبَيْعِ كَالْهِبَةِ وَالْمَهْرِ نُقِضَ تَصَرُّفُهُ وَأُخِذَتْ بِالْقِيمَةِ

(قَوْلُهُ: أَوْ رَدَّ بِخِيَارِ رُؤْيَةٍ أَوْ شَرْطٍ) عَطَفَ عَلَى أَوْ بِيعَتْ بَيْعًا فَاسِدًا. . . إلَخْ سَوَاءٌ رَدَّ قَبْلَ الْقَبْضِ أَوْ بَعْدَهُ وَسَوَاءٌ كَانَ الرَّدُّ بِقَضَاءٍ أَوْ بِدُونِهِ لَمْ يَكُنْ لِلشَّفِيعِ الشُّفْعَةُ؛ لِأَنَّ الرَّدَّ بِخِيَارِ الرُّؤْيَةِ وَالشَّرْطِ لَيْسَ فِي مَعْنَى الْبَيْعِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ يَرُدُّ مِنْ غَيْرِ رِضَى الْبَائِعِ بَلْ هُوَ فَسْخٌ مَحْضٌ فِي حَقِّ الْكُلِّ وَرَفْعُ الْعَقْدِ مِنْ الْأَصْلِ كَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فَيَعُودُ إلَيْهِ قَدِيمُ مِلْكِهِ فَلَمْ يَتَحَقَّقْ مَعْنَى الْبَيْعِ فَلَا تَجِبُ الشُّفْعَةُ (قَوْلُهُ: أَوْ عَيْبٍ بِقَضَاءٍ) قَيَّدَ بِالْقَضَاءِ فِي الرَّدِّ بِالْعَيْبِ لِإِسْقَاطِ الْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ؛ لِأَنَّ الرَّدَّ بِهِ فَسْخٌ مُطْلَقٌ سَوَاءٌ كَانَ بَعْدَ الْقَبْضِ أَوْ قَبْلَهُ كَذَا فِي الْمُعْتَبَرَاتِ كَشُرُوحِ الْهِدَايَةِ وَبِهِ يُعْلَمُ مَا فِي قَوْلِهِ: بِقَضَاءٍ مُتَعَلِّقٌ بِرَدِّ الْمَصْدَرِ بِهِ فِي مَتْنِهِ وَكَانَ يُمْكِنُ تَصْحِيحُهُ بِتَعْلِيقِهِ بِرَدِّ الْمُقَدَّرِ فِي قَوْلِهِ أَوْ عَيْبٍ بِقَضَاءٍ لَكِنْ يَأْبَاهُ تَصْرِيحُهُ بَعْدَهُ بِقَوْلِهِ يَعْنِي إذَا سُلِّمَتْ الشُّفْعَةُ ثُمَّ رَدَّ الْبَيْعَ بِأَحَدِ مَا ذُكِرَ بِقَضَاءِ الْقَاضِي فَلَا شُفْعَةَ؛ لِأَنَّهُ فَسْخٌ لَا بَيْعٌ بِخِلَافِ رَدٍّ بِلَا قَضَاءٍ اهـ فَتَصْرِيحُهُ بِالْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ فِي رَدٍّ بِلَا قَضَاءٍ فِي الصُّوَرِ الثَّلَاثِ خَطَأٌ فِي الرَّدِّ بِخِيَارِ رُؤْيَةٍ أَوْ شَرْطٍ لِمَا قَدَّمْنَاهُ عَلَى أَنَّ الْقَضَاءَ فِي الرَّدِّ بِعَيْبٍ لَيْسَ شَرْطًا لِإِبْطَالِ الْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ مُطْلَقًا بَلْ فِيمَا بَعْدَ الْقَبْضِ؛ لِأَنَّهُ قَبْلَ الْقَبْضِ فَسْخٌ مِنْ الْأَصْلِ كَمَا فِي الْكَافِي وَغَيْرِهِ وَفِيمَا بَعْدَ الْقَبْضِ يَكُونُ إقَالَةً لِعَدَمِ الْقَضَاءِ بِهِ وَهِيَ بَيْعٌ جَدِيدٌ فِي حَقِّ ثَالِثٍ وَهُوَ الشَّفِيعُ فَلَهُ الشُّفْعَةُ قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ إذَا سَلَّمَ الشَّفِيعُ الشُّفْعَةَ ثُمَّ إنَّ الْمُشْتَرِيَ رَدَّ الدَّارَ عَلَى الْبَائِعِ إنْ كَانَ الرَّدُّ بِسَبَبٍ هُوَ فَسْخٌ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ نَحْوُ الرَّدِّ بِخِيَارِ الرُّؤْيَةِ وَبِخِيَارِ الشَّرْطِ وَبِالْعَيْبِ قَبْلَ الْقَبْضِ بِقَضَاءٍ أَوْ بِغَيْرِ قَضَاءٍ وَبَعْدَ الْقَبْضِ بِقَضَاءٍ لَا يَتَجَدَّدُ وَلِلشَّفِيعِ حَقُّ الشُّفْعَةِ، فَإِنْ كَانَ الرَّدُّ بِسَبَبٍ هُوَ بَيْعٌ جَدِيدٌ فِي حَقِّ الثَّالِثِ نَحْوُ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ بَعْدَ الْقَبْضِ بِغَيْرِ قَضَاءٍ وَالرَّدُّ بِحُكْمِ الْإِقَالَةِ يَتَجَدَّدُ لِلشَّفِيعِ الشُّفْعَةُ اهـ.

(قَوْلُهُ: بَعْدَمَا سُلِّمَتْ. . . إلَخْ) لَمْ يَذْكُرْ مَا إذَا لَمْ يُسَلِّمْ الشَّفِيعُ وَلَهُ الْأَخْذُ مَعَ كُلِّ فَسْخٍ وَبِدُونِ فَسْخٍ لَكِنْ فِي الْخِيَارِ لِلْبَائِعِ عِنْدَ إسْقَاطِهِ الْخِيَارَ كَمَا تَقَدَّمَ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>