للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ بِهَا عَيْبٌ أَوْ كَانَ وَلَكِنَّهُ قَدْ زَالَ فَلِلْبَائِعِ أَنْ يَسْتَرِدَّ بَدَلَ الصُّلْحِ

(صَالَحَ أَحَدُ رَبَّيْ سَلَمٍ عَنْ نَصِيبِهِ عَلَى مَا دَفَعَ فَإِنْ أَجَازَهُ الْآخَرُ نَفَذَ عَلَيْهِمَا وَإِنْ رَدَّهُ رُدَّ) يَعْنِي إذَا أَسْلَمَ رَجُلَانِ إلَى آخَرَ فِي طَعَامٍ ثُمَّ صَالَحَ أَحَدُهُمَا مَعَ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ عَلَى أَنْ يَأْخُذَ نَصِيبَهُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَيَفْسَخَ عَقْدَ السَّلَمِ فِي نَصِيبِهِ لَمْ يَجُزْ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ إلَّا بِإِجَازَةِ الْآخَرِ فَإِنْ أَجَازَ جَازَ وَكَانَ الْمَقْبُوضُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا وَمَا بَقِيَ مِنْ السَّلَمِ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا أَيْضًا وَإِنْ لَمْ يُجِزْ فَالصُّلْحُ بَاطِلٌ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ جَازَ اعْتِبَارًا بِسَائِرِ الدُّيُونِ فَإِنَّ أَحَدَ الدَّائِنَيْنِ إذَا صَالَحَ الْمَدْيُونَ عَنْ نَصِيبِهِ عَلَى بَدَلٍ جَازَ فَكَانَ الْآخَرُ مُخَيَّرًا بَيْنَ أَنْ يُشَارِكَهُ فِي الْمَقْبُوضِ وَبَيْنَ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمَدْيُونِ بِنَصِيبِهِ كَذَلِكَ هَاهُنَا وَلَهُمَا أَنَّهُ لَوْ جَازَ فَإِمَّا أَنْ يَجُوزَ فِي نَصِيبِهِ خَاصَّةً أَوْ فِي النِّصْفِ مِنْ النَّصِيبَيْنِ فَعَلَى الْأَوَّلِ يَلْزَمُ قِسْمَةُ الدَّيْنِ قَبْلَ الْقَبْضِ لِأَنَّ خُصُوصِيَّةَ نَصِيبِهِ لَا تَظْهَرُ إلَّا بِالتَّمَيُّزِ وَلَا تَمَيُّزَ إلَّا بِالْقِسْمَةِ وَقَدْ تَقَدَّمَ بُطْلَانُهَا وَإِنْ كَانَ الثَّانِي فَلَا بُدَّ مِنْ إجَازَةِ الْآخَرِ لِأَنَّهُ فَسَخَ عَلَى شَرِيكِهِ عَقْدَهُ فَيَفْتَقِرُ إلَى رِضَاهُ

(أَخْرَجَ أَحَدُ الْوَرَثَةِ عَنْ عَرْضٍ أَوْ عَقَارٍ بِمَالٍ أَوْ) أَخْرَجَ عَنْ (ذَهَبٍ بِفِضَّةٍ أَوْ بِالْعَكْسِ) أَيْ عَنْ فِضَّةٍ بِذَهَبٍ (أَوْ) عَنْ (نَقْدَيْنِ بِهِمَا) أَيْ بِالنَّقْدَيْنِ بِأَنْ كَانَ فِي التَّرِكَةِ دَرَاهِمُ وَدَنَانِيرُ وَبَدَلُ الصُّلْحِ أَيْضًا دَرَاهِمُ وَدَنَانِيرُ (صَحَّ) أَيْ الصُّلْحُ صَرْفًا لِلْجِنْسِ إلَى خِلَافِهِ كَمَا فِي الْبَيْعِ (قَلَّ بَدَلُهُ أَوْ لَا) أَيْ لَا يُعْتَبَرُ فِي النَّقْدَيْنِ التَّسَاوِي بَلْ يُعْتَبَرُ التَّقَابُضُ فِي الْمَجْلِسِ لِأَنَّهُ صَرْفٌ فَإِنْ وُجِدَ صَحَّ وَإِلَّا فَلَا.

(وَفِي النَّقْدَيْنِ وَغَيْرِهِمَا بِأَحَدِ النَّقْدَيْنِ لَا) أَيْ إذَا كَانَتْ التَّرِكَةُ ذَهَبًا وَفِضَّةً وَغَيْرَ ذَلِكَ فَصَالَحُوهُ عَلَى ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ لَمْ يَجُزْ لِاحْتِمَالِ الرِّبَا (إلَّا إذَا كَانَ الْمُعْطَى أَكْثَرَ مِنْ حِصَّتِهِ مِنْ ذَلِكَ الْجِنْسِ) لِتَكُونَ حِصَّتُهُ بِمِثْلِهِ وَالزِّيَادَةُ بِمُقَابَلَةِ حَقِّهِ مِنْ بَقِيَّةِ التَّرِكَةِ صَوْنًا عَنْ الرِّبَا فَلَا بُدَّ مِنْ التَّقَابُضِ فِيمَا يُقَابِلُ حِصَّتَهُ مِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ لِأَنَّهُ صَرْفٌ فِي هَذَا الْقَدْرِ

(وَبَطَلَ إنْ شَرَطَ لَهُمْ الدَّيْنَ مِنْ التَّرِكَةِ) يَعْنِي إذَا كَانَ فِي التَّرِكَةِ دَيْنٌ عَلَى النَّاسِ فَأَدْخَلُوهُ فِي الصُّلْحِ عَلَى أَنْ يُخْرِجُوا الْمُصَالَحَ عَنْهُ وَيَكُونَ الدَّيْنُ لَهُمْ بَطَلَ الصُّلْحُ لِأَنَّهُ يَصِيرُ مُمَلِّكًا حِصَّتَهُ مِنْ الدَّيْنِ لِسَائِرِ الْوَرَثَةِ بِمَا يَأْخُذُ مِنْهُمْ مِنْ الْعَيْنِ وَتَمْلِيكُ الدَّيْنِ مِنْ غَيْرِ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ بَاطِلٌ وَإِنْ كَانَ تَعَوَّضَ وَإِذَا بَطَلَ فِي حِصَّةِ الدَّيْنِ بَطَلَ فِي الْكُلِّ (إلَّا إذَا شَرَطُوا بَرَاءَةَ الْغُرَمَاءِ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الدَّيْنِ وَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهِمْ بِنَصِيبِ الْمُصَالِحِ فَحِينَئِذٍ يَصِحُّ الصُّلْحُ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَكُونُ تَمْلِيكُ الدَّيْنِ مِمَّنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ (أَوْ قَضَوْا نَصِيبَ الْمُصَالِحِ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الدَّيْنِ (تَبَرُّعًا) ثُمَّ تَصَالَحُوا عَمَّا بَقِيَ مِنْ التَّرِكَةِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ وَلَا يَخْفَى مَا فِيهَا مِنْ ضَرَرِ بَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ فَالْأَوْلَى مَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (أَوْ أَقْرَضُوهُ) أَيْ الْمُصَالِحَ (قَدْرَ حِصَّتِهِ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الدَّيْنِ (وَصَالَحُوا عَنْ غَيْرِهِ وَأَحَالَهُمْ) أَيْ أَحَالَ الْمُصَالِحُ الْوَرَثَةَ (بِالْقَرْضِ) الَّذِي أَخَذَهُ مِنْهُمْ (عَلَى الْغُرَمَاءِ) وَتَقَبَّلُوا الْحَوَالَةَ (وَاخْتُلِفَ فِي صِحَّةِ الصُّلْحِ عَنْ تَرِكَةٍ مَجْهُولَةٍ لَا دَيْنَ فِيهَا) قَوْلُهُ (عَلَى مَكِيلٍ أَوْ مَوْزُونٍ) مُتَعَلِّقٌ بِالصُّلْحِ يَعْنِي إذَا لَمْ يَكُنْ فِي التَّرِكَةِ دَيْنٌ وَأَعْيَانُهَا غَيْرَ مَعْلُومَةٍ وَأُرِيدَ الصُّلْحُ عَلَى مَكِيلٍ أَوْ مَوْزُونٍ قِيلَ لَا يَصِحُّ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ فِي التَّرِكَةِ مَكِيلٌ أَوْ مَوْزُونٌ وَنَصِيبُهُ مِنْ ذَلِكَ مِثْلُ بَدَلِ الصُّلْحِ فَيَكُونُ رِبًا وَقِيلَ يَصِحُّ لِاحْتِمَالِ أَنْ لَا يَكُونَ فِي التَّرِكَةِ مَكِيلٌ أَوْ مَوْزُونٌ وَإِنْ كَانَ فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ نَصِيبُهُ أَقَلَّ مِنْ بَدَلِ الصُّلْحِ

ــ

[حاشية الشرنبلالي]

قَوْلُهُ صَالَحَ أَحَدَ رَبَّيْ سَلَمٍ. . . إلَخْ) الْخِلَافُ ثَابِتٌ بَيْنَهُمْ عَلَى الصَّحِيحُ سَوَاءٌ خَلَطَا رَأْسَ الْمَالِ أَوْ لَا وَقِيلَ إنْ لَمْ يَخْلِطَا رَأْسَ الْمَالِ جَازَ عِنْدَهُمَا أَيْضًا كَمَا فِي التَّبْيِينِ (قَوْلُهُ وَفِي النَّقْدَيْنِ وَغَيْرِهِمَا بِأَحَدِ النَّقْدَيْنِ. . . إلَخْ) كَذَا لَا يَجُوزُ الصُّلْحُ إذَا لَمْ يُعْلَمْ قَدْرُ نَصِيبِهِ لِاحْتِمَالِ الرِّبَا وَقَالَ الْحَاكِمُ الشَّهِيدُ إنَّمَا يَبْطُلُ عَلَى أَقَلَّ مِنْ نَصِيبِهِ فِي مَالِ الرِّبَا حَالَةَ التَّصَادُقِ وَأَمَّا فِي حَالَةِ التَّنَاكُرِ بِأَنْ أَنْكَرُوا وِرَاثَتَهُ فَيَجُوزُ وَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ فِي حَالَةِ التَّكَاذُبِ مَا يَأْخُذُهُ لَا يَكُونُ بَدَلًا لَا فِي حَقِّ الْآخِذِ وَلَا فِي حَقِّ الدَّافِعِ هَكَذَا ذَكَرَ الْمَرْغِينَانِيِّ وَلَا بُدَّ مِنْ التَّقَابُضِ فِيمَا يُقَابِلُ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ مِنْهُ لِكَوْنِهِ صَرْفًا وَلَوْ كَانَ بَدَلُ الصُّلْحِ عَرْضًا فِي الصُّوَرِ كُلِّهَا جَازَ مُطْلَقًا وَإِنْ قَلَّ وَلَمْ يَقْبِضْ فِي الْمَجْلِسِ

(قَوْلُهُ قِيلَ لَا يَصِحُّ) قَائِلُهُ ظَهِيرُ الدِّينِ الْمَرْغِينَانِيُّ وَقِيلَ يَصِحُّ قَائِلُهُ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ وَهُوَ الصَّحِيحُ كَمَا فِي التَّبْيِينِ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ

<<  <  ج: ص:  >  >>