للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمُنْضَبِطِ الظَّاهِرِ فَلَا كَمَا فِي مَبْحَثِنَا فَإِنَّ خُرُوجَ الْقَيْءِ مِنْ الْفَمِ لَا يَتَعَسَّرُ الِاطِّلَاعُ عَلَيْهِ فَكَيْفَ أُقِيمَ مِلْءُ الْفَمِ مَقَامَهُ كَيْفَ وَفِي الصُّورَةِ الَّتِي يَكُونُ الْقَيْءُ مِلْءَ الْفَمِ ثُمَّ مُنِعَ مِنْ الْخُرُوجِ بِالتَّكَلُّفِ عَدَمُ الْخُرُوجِ مُتَيَقَّنٌ فَمِنْ أَيْنَ حُكِمَ بِالِانْتِقَاضِ وَفِي الصُّورَةِ الَّتِي يَكُونُ الْقَيْءُ أَقَلَّ مِنْ مِلْءِ الْفَمِ وَلَكِنْ خَرَجَ مِنْ الْفَمِ الْخُرُوجُ مُتَيَقَّنٌ فَالْقَوْلُ بِعَدَمِ الِانْتِقَاضِ نَقْضٌ لِلْعِلَّةِ قَوْلٌ مَبْنَاهُ جَعْلُ ضَمِيرِ لِأَنَّهُ رَاجِعًا إلَى الْقَيْءِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هُوَ رَاجِعٌ إلَى النَّجَسِ وَقَوْلُهُ لِأَنَّهُ. . . إلَخْ.

دَلِيلٌ لِقَوْلِهِ وَبِمِلْءِ الْفَمِ فِي الْقَيْءِ فَالْمَعْنَى أَنَّ خُرُوجَ النَّجَسِ يَتَحَقَّقُ بِمِلْءِ الْفَمِ فِي الْقَيْءِ لِأَنَّ النَّجَسَ حِينَئِذٍ يَخْرُجُ ظَاهِرًا لِأَنَّ هَذَا الْقَيْءَ لَيْسَ إلَّا مِنْ قَعْرِ الْمَعِدَةِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مُسْتَصْحِبٌ لِلنَّجَسِ بِخِلَافِ الْقَلِيلِ لِأَنَّهُ مِنْ أَعْلَى الْمَعِدَةِ فَلَا يَسْتَصْحِبُهُ هَكَذَا يَجِبُ أَنْ يُعْلَمَ هَذَا الْمَحَلُّ فَإِنَّ شُرَّاحَهُ لَمْ يَتَعَرَّضُوا لِحِلِّهِ مَعَ أَنَّهُ وَاجِبُ الْحِلِّ (كَذَا) أَيْ كَمَا يَنْقُضُ مِلْءُ الْفَمِ فِيمَا ذَكَرَ يَنْقُضُ (دَمٌ) فِي قَيْئِهِ بِلَا شَرْطِ مِلْءِ الْفَمِ لِظُهُورِ كَوْنِهِ نَجَسًا لِكَوْنِهِ مَائِعًا (وَقَيْحٌ وَلَوْ) كَانَا مَخْلُوطَيْنِ (بِبُزَاقٍ) لَكِنْ (غَلَبَاهُ أَوْ سَاوَيَاهُ) أَيْ الدَّمُ، وَالْقَيْحُ سَاوَيَا الْبُزَاقَ حَتَّى لَوْ كَانَا مَغْلُوبَيْنِ لَهُ لَمْ يَنْقُضَا.

(، وَالْبَلْغَمُ لَا يَنْقُضُ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ نَزَلَ مِنْ الرَّأْسِ أَوْ صَعِدَ مِنْ الْجَوْفِ وَسَوَاءٌ كَانَ مِلْءَ الْفَمِ أَوْ لَا لِأَنَّهُ لِلُزُوجَتِهِ لَا تُدَاخِلُهُ النَّجَاسَةُ (إلَّا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ فِي صَاعِدٍ مَلَأَهُ) أَيْ الْفَمَ لِتَنَجُّسِهِ بِالْمُجَاوَرَةِ (وَإِنْ اخْتَلَطَ) الْبَلْغَمُ (بِالطَّعَامِ اُعْتُبِرَ الْغَالِبُ) فَإِنْ غَلَبَ الطَّعَامُ وَمَلَأَ الْفَمَ نَقَضَ وَإِنْ غَلَبَ الْبَلْغَمُ لَا يَنْقُضُ إلَّا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ إذَا مَلَأَ الْفَمَ.

(وَالْمَجْلِسُ يُجْمَعُ مُتَفَرِّقُهُ) أَيْ الْقَيْءِ (عِنْدَهُ) أَيْ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ (وَالسَّبَبُ) يُجْمَعُ مُتَفَرِّقُهُ (عِنْدَ مُحَمَّدٍ) يَعْنِي لَوْ قَاءَ مُتَفَرِّقًا

ــ

[حاشية الشرنبلالي]

لَا يَنْقُضُ اتِّفَاقًا كَمَا ذَكَرَهُ الزَّاهِدِيُّ انْتَهَى.

(قَوْلُهُ: أَقُولُ مَبْنَاهُ جَعْلُ ضَمِيرِ " لِأَنَّهُ " رَاجِعًا إلَى الْقَيْءِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هُوَ رَاجِعٌ إلَى النَّجِسِ) أَقُولُ هَذَا لَا يَدْفَعُ الِاعْتِرَاضَ لِأَنَّهُ إذَا رَجَعَ الضَّمِيرُ إلَى النَّجِسِ فَأُرِيدَ بِهِ نَجَسٌ خَاصٌّ أَوْ مَا يَعُمُّ الْقَيْءَ يُقَالُ إنَّ النَّجَسَ مُنْضَبِطُ الْأَصْلِ وَمَا كَانَ كَذَلِكَ لَا يُجْعَلُ الْغَالِبُ فِيهِ كَالْمُتَحَقِّقِ فَالِاعْتِرَاضُ بَاقٍ، وَالْجَوَابُ أَنْ يُقَالَ إنَّ قَوْلَ الْهِدَايَةِ لِأَنَّهُ أَيْ الْقَيْءَ الَّذِي يَمْلَأُ الْفَمَ يَخْرُجُ ظَاهِرًا أَيْ إلَى الْفَمِ الَّذِي لَهُ حُكْمُ الظَّاهِرِ إذْ يَلْزَمُ غَسْلُهُ فِي الْجَنَابَةِ وَيُسَنُّ فِي الْوُضُوءِ فَاعْتُبِرَ الْقَيْءُ خَارِجًا أَيْ فَعُدَّ خَارِجًا لِأَنَّ مَنْ اعْتَبَرَ شَيْئًا فَقَدْ اعْتَدَّ بِهِ أَيْ فَعُدَّ نَاقِضًا لِكَوْنِهِ نَجَسًا وَصَلَ إلَى مَحَلٍّ يَلْحَقُهُ حُكْمُ التَّطْهِيرِ، وَبِهَذَا سَقَطَ قَوْلُ الْمُعْتَرِضِ، وَفِي الصُّورَةِ الَّتِي يَكُونُ الْقَيْءُ مِلْءَ الْفَمِ ثُمَّ مُنِعَ مِنْ الْخُرُوجِ بِالتَّكَلُّفِ عَدَمُ الْخُرُوجِ مُتَيَقَّنٌ فَمِنْ أَيْنَ حُكِمَ بِالِانْتِقَاضِ، لِمَا عَلِمْت مِنْ أَنَّ الْفَمَ مِمَّا يَلْحَقُهُ حُكْمُ التَّطْهِيرِ، وَقَدْ وَصَلَ إلَيْهِ مَا كَانَ بِالْبَاطِنِ مِنْ النَّجَسِ لِتَحَقُّقِهِ بِمِلْءِ الْفَمِ؛ لِقَوْلِ الْهِدَايَةِ إنَّ الْخُرُوجَ يَتَحَقَّقُ بِالسَّيَلَانِ إلَى مَوْضِعٍ يَلْحَقُهُ حُكْمُ التَّطْهِيرِ وَبِمِلْءِ الْفَمِ فِي الْقَيْءِ أَيْ وَيَتَحَقَّقُ بِمِلْءِ الْفَمِ فِي الْقَيْءِ وَسَقَطَ أَيْضًا قَوْلُ الْمُعْتَرِضِ، وَفِي الصُّورَةِ الَّتِي يَكُونُ الْقَيْءُ أَقَلَّ مِنْ مِلْءِ الْفَمِ وَلَكِنْ خَرَجَ مِنْ الْفَمِ الْخُرُوجُ مُتَيَقَّنٌ لِأَنَّ تَيَقُّنَ خُرُوجِ الْقَلِيلِ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ لِعَدَمِ كَوْنِهِ نَجِسًا لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ نَجِسًا إلَّا إذَا مَلَأَ الْفَمَ فَكَانَ قَوْلُ الْمُعْتَرِضِ فَالْقَوْلُ بِعَدَمِ الِانْتِقَاضِ نَقْضًا لِلْعِلَّةِ قَوْلًا سَاقِطًا لِأَنَّ الْعِلَّةَ النَّجَسُ الْمَوْصُوفُ بِالْخُرُوجِ إلَى مَحَلٍّ يَلْحَقُهُ حُكْمُ التَّطْهِيرِ لَا مُطْلَقُ الْخَارِجِ فَالْعِلَّةُ ذَاتُ وَصْفَيْنِ.

(قَوْلُهُ: كَذَا دَمٌ فِي قَيْئِهِ. . . إلَخْ) هَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ لِمَا قَالَ فِي الْبَحْرِ: إنَّهُ لَوْ كَانَ صَاعِدًا مِنْ الْجَوْفِ مَائِعًا غَيْرَ مَخْلُوطٍ بِشَيْءٍ فَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يَنْقُضُ إنْ مَلَأَ الْفَمَ كَسَائِرِ أَنْوَاعِ الْقَيْءِ، وَعِنْدَهُمَا إنْ سَالَ بِقُوَّةِ نَفْسِهِ نَقَضَ وَإِنْ كَانَ قَلِيلًا وَاخْتَلَفَ التَّصْحِيحُ صَحَّحَ فِي الْبَدَائِعِ قَوْلَهُمَا، قَالَ وَبِهِ أَخَذَ عَامَّةُ الْمَشَايِخِ وَقَالَ الزَّيْلَعِيُّ: إنَّهُ الْمُخْتَارُ وَصَحَّحَ فِي الْمُحِيطِ قَوْلَ مُحَمَّدٍ وَكَذَا فِي السِّرَاجِ مَعْزِيًّا إلَى الْوَجِيزِ وَلَوْ كَانَ مَائِعًا نَازِلًا مِنْ الرَّأْسِ نَقَضَ قَلَّ أَوْ كَثُرَ بِإِجْمَاعِ أَصْحَابِنَا (قَوْلُهُ: حَتَّى لَوْ كَانَا مَغْلُوبَيْنِ لَهُ لَمْ يَنْقُضَا) قَالُوا عَلَامَةُ كَوْنِ الدَّمِ غَالِبًا أَوْ مُسَاوِيًا أَنْ يَكُونَ أَحْمَرَ، وَعَلَامَةُ كَوْنِهِ مَغْلُوبًا أَنْ يَكُونَ أَصْفَرَ فَيَنْظُرُ مَا يَعْلَمُ بِهِ حَالُ الْقَيْحِ.

فَرْعٌ

أَلْحَقُوا بِالْقَيْءِ مَاءً فِي فَمِ النَّائِمِ إذَا صَعِدَ مِنْ الْجَوْفِ بِأَنْ كَانَ أَصْفَرَ أَوْ مُنْتِنًا وَهُوَ مُخْتَارُ أَبِي نَصْرٍ وَصَحَّحَ فِي الْخُلَاصَةِ طَهَارَتَهُ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ نَجَسٌ وَلَوْ نَزَلَ مِنْ الرَّأْسِ فَطَاهِرٌ اتِّفَاقًا،.

وَفِي التَّجْنِيسِ أَنَّهُ طَاهِرٌ كَيْفَمَا كَانَ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَمَا فِي الْبَحْرِ.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ اخْتَلَطَ الْبَلْغَمُ بِالطَّعَامِ اُعْتُبِرَ الْغَالِبُ) قَدْ صَرَّحَ بِالنَّقْضِ إنْ غَلَبَ الطَّعَامُ مُطْلَقًا وَلَمْ يَذْكُرْ مَا إذَا تَسَاوَيَا.

وَقَالَ الْكَمَالُ إنْ كَانَتْ الْغَلَبَةُ لِلطَّعَامِ وَكَانَ بِحَالٍ لَوْ انْفَرَدَ يَبْلُغُ مِلْءَ الْفَمِ تَنْتَقِضُ طَهَارَتُهُ وَإِنْ كَانَ بِحَالٍ لَوْ انْفَرَدَ الْبَلْغَمُ مَلَأَهُ فَعَلَى الْخِلَافِ وَإِنْ كَانَ سَوَاءً لَا يَنْقُضُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَفِي صَلَاةِ الْمُحْسِنِ قَالَ: الْعِبْرَةُ لِلْغَالِبِ وَلَوْ اسْتَوَيَا يُعْتَبَرُ كُلٌّ عَلَى حِدَةٍ وَعَجْزُ هَذَا أَوْلَى مِنْ عَجْزِ مَا فِي الْخُلَاصَةِ هَذَا وَكَانَ الطَّحَاوِيُّ يَمِيلُ إلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ نَجَسٌ لِأَنَّهُ أَحَدُ الْأَرْكَانِ كَالدَّمِ، وَالصَّفْرَاءِ وَيُكْرَهُ أَنْ يَأْخُذَ بِطَرَفِ كُمِّهِ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَالسَّبَبُ يَجْمَعُ مُتَفَرِّقَهُ عِنْدَ مُحَمَّدٍ) أَقُولُ، وَالْأَصَحُّ قَوْلُ مُحَمَّدٍ كَمَا فِي الْكَافِي، وَالْبُرْهَانِ وَقَالَ فِي الْبَحْرِ: قَدْ نَقَلُوا فِي كِتَابِ الْغَصْبِ مَسْأَلَةً اعْتَبَرَ فِيهَا مُحَمَّدٌ الْمَجْلِسَ وَأَبُو يُوسُفَ السَّبَبَ وَهِيَ نَزْعُ خَاتَمٍ مِنْ أُصْبُعِ نَائِمٍ إنْ أَعَادَهَا فِي ذَلِكَ النَّوْمِ يَبْرَأُ إجْمَاعًا وَإِنْ اسْتَيْقَظَ قَبْلَ إعَادَتِهِ ثُمَّ نَامَ فِي مَوْضِعِهِ فَأَعَادَهَا لَا يَبْرَأُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>