للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَمْ يَقُلْ وَسَجْدَةٌ وَجَبَتْ فِي الصَّلَاةِ احْتِرَازٌ عَمَّا وَجَبَتْ فِيهَا وَمَحَلُّ أَدَائِهَا خَارِجَهَا كَمَا إذَا سَمِعَ الْمُصَلِّي مِمَّنْ لَيْسَ مَعَهُ أَوْ سَمِعَ مِنْ إمَامِهِ وَاقْتَدَى بِهِ فِي رَكْعَةٍ أُخْرَى (تَلَا خَارِجَهَا) أَيْ الصَّلَاةِ (فَسَجَدَ وَأَعَادَ فِيهَا سَجَدَ أُخْرَى) لِأَنَّهُ إذَا سَجَدَ قَبْلَ الصَّلَاةِ لَا يَقَعُ عَمَّا وَجَبَ فِي الصَّلَاةِ

(وَإِنْ لَمْ يَسْجُدْ أَوَّلًا كَفَتْهُ وَاحِدَةٌ) لِأَنَّ الصَّلَاتِيَّةَ اسْتَتْبَعَتْ غَيْرَهَا، وَإِنْ لَمْ يَتَّحِدْ الْمَجْلِسُ (كَمَنْ كَرَّرَهَا فِي مَجْلِسٍ) حَيْثُ كَفَتْ وَاحِدَةٌ سَوَاءٌ قَرَأَ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ سَجَدَ أَوْ قَرَأَ وَسَجَدَ ثُمَّ قَرَأَهَا فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ (لَا مَجْلِسَيْنِ) فَإِنَّ تَكْرَارَهَا فِيهِمَا يُوجِبُ سَجْدَتَيْنِ (وَلَوْ بَدَّلَهَا) أَيْ قَرَأَ بَدَلَ الْآيَةِ الْأُولَى آيَةً أُخْرَى (فِي مَجْلِسٍ لَمْ تَكْفِ) وَاحِدَةٌ بَلْ وَجَبَ سَجْدَتَانِ الْأَصْلُ أَنَّ مَبْنَى السَّجْدَةِ عَلَى التَّدَاخُلِ دَفْعًا لِلْحَرَجِ وَهُوَ تَدَاخُلُ السَّبَبِ لَا الْحُكْمِ وَهُوَ أَلْيَقُ بِالْعِبَادَاتِ لِلِاحْتِيَاطِ وَالثَّانِي بِالْعُقُوبَاتِ لِإِظْهَارِ كَرَمِ صَاحِبِ الشَّرْعِ وَإِمْكَانِ التَّدَاخُلِ عِنْدَ اتِّحَادِ الْمَجْلِسِ لِكَوْنِهِ جَامِعًا لِلْمُتَفَرِّقَاتِ، فَإِذَا اخْتَلَفَ عَادَ الْحُكْمُ إلَى الْأَصْلِ

(وَإِسْدَاءُ الثَّوْبِ وَالِانْتِقَالُ مِنْ غُصْنٍ إلَى غُصْنٍ تَبْدِيلٌ) لِوُجُودِ الِاخْتِلَافِ حَقِيقَةً وَعَدَمِ الْجَامِعِ حُكْمًا بِخِلَافِ زَوَايَا الْمَسْجِدِ وَالْبَيْتِ فَإِنَّهَا فِي حُكْمِ مَكَان وَاحِدٍ بِدَلِيلِ صِحَّةِ الِاقْتِدَاءِ (لَا الْفِعْلُ الْقَلِيلُ) يَعْنِي أَنَّهُ لَيْسَ بِتَبْدِيلٍ (كَالْقِيَامِ) حَيْثُ كَفَتْ سَجْدَةٌ وَاحِدَةٌ سَوَاءً وَقَعَتْ بَعْدَ الْفِعْلِ كَأَنْ تَلَا فَقَامَ ثُمَّ ثَنَّى فَسَجَدَ أَوْ قَبْلَهُ كَأَنْ تَلَا فَسَجَدَ ثُمَّ قَامَ فَثَنَّى (وَمَشَى خُطْوَةً أَوْ خُطْوَتَيْنِ وَأَكَلَ لُقْمَةً أَوْ لُقْمَتَيْنِ وَشَرِبَ شَرْبَةَ مَاءٍ وَالتَّكَلُّمُ بِكَلَامٍ يَسِيرٍ وَنَحْوِهَا) مِمَّا لَا يَتَبَدَّلُ بِهِ الْمَجْلِسُ كَالْقُعُودِ وَالِاتِّكَاءِ وَالرُّكُوبِ وَالنُّزُولِ بِخِلَافِ مَا إذَا تَلَا آيَةَ

ــ

[حاشية الشرنبلالي]

لِحُرْمَتِهَا فَيَنْبَغِي أَنْ يُقَيَّدَ قَوْلُهُمْ الصَّلَاتِيَّةُ لَا تُقْضَى خَارِجَهَا بِهَذَا وَأَنْ يُرَادَ بِالْخَارِجِ الْخَارِجُ عَنْ حُرْمَتِهَا قَالَهُ صَاحِبُ الْبَحْرِ (قَوْلُهُ لَمْ يَقُلْ وَسَجْدَةٌ. . . إلَخْ) كَذَا قَالَهُ ابْنُ كَمَالِ بَاشَا وَمَنْ قَالَ وَسَجْدَةٌ وَجَبَتْ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ (قَوْلُهُ تَلَا خَارِجَهَا فَسَجَدُوا عَادَ فِيهَا سَجَدَ أُخْرَى) أَقُولُ: فَإِنْ لَمْ يَسْجُدْ فِي الصَّلَاةِ أَيْضًا لَا يَبْقَى عَلَيْهِ إلَّا الْإِثْمُ لِأَنَّ مَا تَلَاهَا خَارِجَ الصَّلَاةِ صَارَتْ صَلَاتِيَّةً وَهِيَ لَا تُقْضَى خَارِجَهَا وَهِيَ رِوَايَةُ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ كَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ وَفِي رَاوِيَةِ النَّوَادِرِ لَا تَسْقُطُ الْأُولَى بَلْ يُؤَدِّيهَا إذَا فَرَغَ مِنْ الصَّلَاةِ كَذَا فِي الْجَامِعِ الْكَبِيرِ لِلْبَزْدَوِيِّ وَلَوْ عَكَسَ بِأَنْ تَلَا فِي الصَّلَاةِ فَسَجَدَ ثُمَّ سَلَّمَ وَأَعَادَ تِلْكَ الْآيَةَ فَعَلَيْهِ أَنْ يَسْجُدَ أُخْرَى وَفِي نَوَادِرِ الصَّلَاةِ لَا يَجِبُ أُخْرَى وَوَفَّقَ أَبُو اللَّيْثِ بَيْنَهَا فَقَالَ: إنْ تَكَلَّمَ بَعْدَ السَّلَامِ يَجِبُ أُخْرَى لِأَنَّ الْكَلَامَ يَقْطَعُ حُكْمَ الْمَجْلِسِ، وَإِنْ لَمْ يَتَكَلَّمْ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ أُخْرَى وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ

(قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَسْجُدْ أَوَّلًا كَفَتْهُ وَاحِدَةٌ) هَذَا فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَنَوَادِرِ الصَّلَاةِ لِأَبِي حَفْصٍ وَأَمَّا عَلَى رَاوِيَةِ النَّوَادِرِ لِأَبِي سُلَيْمَانَ، فَإِنَّهَا لَا تَسْتَتْبِعُ الْأُولَى الثَّانِيَةَ وَيَسْجُدُ لِلْأُولَى إذَا فَرَغَ كَمَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ (قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَتَّحِدْ الْمَجْلِسُ) أَيْ حُكْمًا وَهَذَا عَلَى تَسْلِيمِ الْوَجْهِ لِمَا رَوَى أَبُو سُلَيْمَانَ وَهُوَ أَنَّ الْمَجْلِسَ يَتَبَدَّلُ حُكْمًا لِأَنَّ مَجْلِسَ التِّلَاوَةِ غَيْرُ مَجْلِسِ الصَّلَاةِ وَأَمَّا عَلَى الظَّاهِرِ فَالْمَجْلِسُ مُتَّحِدٌ حَقِيقَةً وَحُكْمًا أَمَّا حَقِيقَةً فَظَاهِرٌ لِشُرُوعِهِ فِي مَكَانِهِ وَهُوَ عَمَلٌ قَلِيلٌ وَبِهِ لَا يَخْتَلِفُ الْمَجْلِسُ، وَأَمَّا حُكْمًا فَلِأَنَّ التِّلَاوَتَيْنِ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ مِنْ حَيْثُ إنَّ كُلًّا مِنْهُمَا عِبَادَةٌ بِخِلَافِ نَحْوِ الْأَكْلِ وَلَوْ لَمْ يَتَّحِدْ حَقِيقَةً أَوْ تَبَدَّلَ حُكْمًا بِعَمَلِ غَيْرِ الصَّلَاةِ لَا تَكْفِيهِ سَجْدَةُ الصَّلَاةِ عَمَّا وَجَبَ قَبْلَهَا كَمَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ وَالتَّبْيِينِ (قَوْلُهُ الْأَصْلُ أَنَّ مَبْنَى السَّجْدَةِ عَلَى التَّدَاخُلِ) يَعْنِي إذَا أَمْكَنَ كَمَا سَنَذْكُرُهُ وَإِمْكَانُهُ عِنْدَ اتِّحَادِ الْمَجْلِسِ اسْتِحْسَانًا وَالْقِيَاسُ أَنْ يَتَكَرَّرَ لِأَنَّ التِّلَاوَةَ سَبَبٌ لِلْوُجُوبِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ تَدَاخُلٌ فِي السَّبَبِ لَا الْحُكْمِ) أَقُولُ وَالْأَصْلُ هُوَ التَّدَاخُلُ فِي الْحُكْمِ لِأَنَّهُ أَمْرٌ حُكْمِيٌّ ثَبَتَ بِخِلَافِ الْقِيَاسِ إذْ الْأَصْلُ أَنَّ لِكُلِّ سَبَبٍ مُسَبَّبًا فَيَلِيقُ التَّدَاخُلُ بِالْأَحْكَامِ لَا بِالْأَسْبَابِ لِثُبُوتِ الْأَسْبَابِ حِسًّا لَكِنَّا لَوْ قُلْنَا بِالتَّدَاخُلِ فِي الْحُكْمِ فِي الْعِبَادَاتِ لَبَطَلَ التَّدَاخُلُ لِأَنَّهُ بِالنَّظَرِ إلَى الْأَسْبَابِ يَتَعَدَّدُ وَبِالنَّظَرِ إلَى الْحُكْمِ يَتَّحِدُ فَيَتَعَدَّدُ احْتِيَاطًا فِي الْعِبَادَاتِ لِأَنَّ مَبْنَاهَا عَلَى التَّكْثِيرِ بِخِلَافِ الْعُقُوبَاتِ، فَإِنَّ مَبْنَاهَا عَلَى الدَّرْءِ وَالْعَفْوِ كَمَا فِي الْكَافِي وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ التَّدَاخُلَ فِي السَّبَبِ تَنُوبُ فِيهِ الْوَاحِدَةُ عَمَّا قَبْلَهَا وَعَمَّا بَعْدَهَا وَفِي التَّدَاخُلِ فِي الْحُكْمِ لَا تَنُوبُ إلَّا عَمَّا قَبْلَهَا حَتَّى لَوْ زَنَى فَحُدَّ ثُمَّ زَنَى فِي الْمَجْلِسِ يُحَدُّ ثَانِيًا كَمَا فِي الْكَافِي وَالتَّبْيِينِ (قَوْلُهُ: فَإِذَا اخْتَلَفَ عَادَ الْحُكْمُ إلَى الْأَصْلِ) أَيْ تَكَرَّرَ الْحُكْمُ بِتَكَرُّرِ السَّبَبِ

(قَوْلُهُ: وَإِسْدَاءُ الثَّوْبِ. . . إلَخْ) هُوَ الْأَصَحُّ وَكَذَا يَتَكَرَّرُ فِي الدِّيَاسَةِ لِلِاحْتِيَاطِ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ وَقَالَ الْكَمَالُ اعْلَمْ أَنَّ تَكَرُّرَ الْوُجُوبِ فِي التَّسْدِيَةِ بِنَاءً عَلَى الْمُعْتَادِ فِي بِلَادِهِمْ مِنْ أَنَّهَا أَنْ يَغْرِسَ الْحَائِكُ خَشَبًا لِيُسَوِّيَ فِيهَا السُّدَى ذَاهِبًا وَجَائِيًا، وَأَمَّا عَلَى مَا هِيَ فِي بِلَادِ الْإِسْكَنْدَرِيَّة وَغَيْرِهَا بِأَنْ يُدِيرَهُ عَلَى دَائِرَةٍ عُظْمَى وَهُوَ جَالِسٌ فِي مَكَان وَاحِدٍ فَلَا يَتَكَرَّرُ الْوُجُوبُ اهـ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ زَوَايَا الْمَسْجِدِ أَوْ الْبَيْتِ) كَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ وَقِيلَ: إذَا كَانَ الْبَيْتُ كَبِيرًا وَالْمَسْجِدُ عَظِيمًا كَالْجَامِعِ يَخْتَلِفُ الْمَجْلِسُ (قَوْلُهُ: أَوْ أَكَلَ لُقْمَةً أَوْ لُقْمَتَيْنِ) كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَجَعَلَ الْكَثِيرَ مَا فَوْقَ ثِنْتَيْنِ وَكَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَقَالَ التُّمُرْتَاشِيُّ عَنْ الرَّوْضَةِ بِالْأَكْلِ لَا يَخْتَلِفُ الْمَجْلِسُ حَتَّى يَشْبَعَ وَبِالشُّرْبِ حَتَّى يُرْوَى وَبِالْكَلَامِ وَالْعَمَلِ حَتَّى يَكْثُرَ اسْتِحْسَانًا كَمَا فِي الْمِعْرَاجِ وَعَلَى مَا ذَكَرَهُ التُّمُرْتَاشِيُّ صَاحِبُ الْجَوْهَرَةِ (قَوْلُهُ: وَالرُّكُوبِ) يَعْنِي فِي مَحَلِّ قِرَاءَتِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>