للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَمَا سَيَأْتِي (صُدِّقَ بِالْيَمِينِ مَنْ قَالَ لَمْ يَتِمَّ الْحَوْلُ) أَيْ صَدَّقَ الْعَاشِرُ مَنْ أَنْكَرَ تَمَامَ الْحَوْلِ وَحَلَفَ (أَوْ) قَالَ (عَلَيَّ دَيْنٌ أَوْ أَدَّيْته إلَى عَاشِرٍ آخَرَ إنْ كَانَ) أَوْ عَاشِرٍ آخَرَ (فِي تِلْكَ السَّنَةِ) ؛ لِأَنَّهُ ادَّعَى وَضْعَ الْأَمَانَةِ مَوْضِعَهَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَمْ يُصَدَّقْ لِكَذِبِهِ يَقِينًا (كَذَا) أَيْ يُصَدَّقُ بِالْيَمِينِ قَوْلُهُ أَدَّيْت إلَى فَقِيرٍ إلَّا فِي السَّوَائِمِ؛ لِأَنَّ حَقَّ الْأَخْذِ مِنْهَا لِلسُّلْطَانِ كَمَنْ عَلَيْهِ الْجِزْيَةُ أَوْ الْخَرَاجُ إذَا صَرَفَهَا إلَى الْمُقَاتِلَةِ بِنَفْسِهِ وَكَمَنْ أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ لِلْفُقَرَاءِ وَأَوْصَى إلَى رَجُلٍ بِأَنْ يَصْرِفَهُ إلَيْهِمْ فَصَرَفَهُ الْوَارِثُ بِنَفْسِهِ إلَيْهِمْ حَيْثُ لَا يَجُوزُ كَذَا فِي شَرْحِ الْهِدَايَةِ لِتَاجِ الشَّرِيعَةِ

(الْأَمْوَالُ الْبَاطِنَةُ بَعْدَ الْإِخْرَاجِ كَالظَّاهِرَةِ) حَتَّى لَوْ قَالَ أَنَا أَدَّيْتُ زَكَاتَهَا بَعْدَمَا أَخْرَجْتهَا مِنْ الْمَدِينَةِ لَمْ يُصَدَّقْ؛ لِأَنَّهَا بِالْإِخْرَاجِ الْتَحَقَتْ بِالْأَمْوَالِ الظَّاهِرَةِ فَكَانَ الْأَخْذُ مِنْهَا إلَى الْإِمَامِ (فِيمَا صُدِّقَ الْمُسْلِمُ صُدِّقَ الذِّمِّيُّ) ؛ لِأَنَّ مَا يُؤْخَذُ مِنْهُ ضِعْفُ مَا يُؤْخَذُ مِنَّا وَالْحَقُّ مَتَى وَجَبَ تَضْعِيفُهُ لَا يَتَبَدَّلُ شَيْءٌ مِنْهُ فِيمَا وَرَاءَ التَّضْعِيفِ كَمَا فِي التَّضْعِيفِ عَلَى بَنِي تَغْلِبَ (إلَّا فِي قَوْلِهِ أَدَّيْت إلَى فَقِيرٍ) ؛ لِأَنَّ مَا يُؤْخَذُ مِنْ الذِّمِّيِّ جِزْيَةٌ وَفِيهَا لَا يُصَدَّقُ إذَا قَالَ أَدَّيْتُهَا أَنَا؛ لِأَنَّ فُقَرَاءَ أَهْلِ الذِّمَّةِ لَيْسُوا بِمَصَارِفَ لِهَذَا الْحَقِّ وَلَيْسَ لَهُ وِلَايَةُ الصَّرْفِ إلَى مُسْتَحِقِّهِ وَهُوَ مَصَالِحُ الْمُسْلِمِينَ كَذَا قَالَ الزَّيْلَعِيُّ وَلَا بُدَّ مِنْ هَذَا الِاسْتِثْنَاءِ وَالْمُتُونُ خَالِيَةٌ عَنْهُ (لَا الْحَرْبِيِّ) أَيْ لَا يُصَدَّقُ الْحَرْبِيُّ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ (إلَّا فِي أُمِّ وَلَدِهِ) أَيْ جَارِيَةٍ يَقُولُ هِيَ أُمُّ وَلَدِي فَيُصَدَّقُ؛ لِأَنَّ كَوْنَهُ حَرْبِيًّا لَا يُنَافِي الِاسْتِيلَادَ وَإِقْرَارُهُ بِنَسَبِ مَنْ فِي يَدِهِ صَحِيحٌ فَكَذَا

ــ

[حاشية الشرنبلالي]

الْحِمَايَةِ اهـ.

وَيُشْتَرَطُ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ حُرًّا مُسْلِمًا غَيْرَ هَاشِمِيٍّ فَلَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ عَبْدًا لِعَدَمِ الْوِلَايَةِ وَلَا كَافِرًا؛ لِأَنَّهُ لَا يَلِي عَلَى الْمُسْلِمِ وَلَا هَاشِمِيًّا؛ لِأَنَّ فِيمَا يَأْخُذُهُ شُبْهَةَ الزَّكَاةِ كَمَا فِي الْعِنَايَةِ فَكَانَ يَنْبَغِي لِلْمُصَنِّفِ ذِكْرُهُ وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ نَصَّبَهُ الْإِمَامُ عَلَى الطَّرِيقِ السَّاعِي وَهُوَ مَنْ يَسْعَى فِي الْقَبَائِلِ لِأَخْذِ صَدَقَةِ الْمَوَاشِي وَالْمُصَدِّقُ بِتَخْفِيفِ الصَّادِ وَتَشْدِيدِ الدَّالِ اسْمُ جِنْسٍ لَهُمَا كَمَا فِي الْبَدَائِعِ وَمَا وَرَدَ مِنْ ذَمِّهِ فَمَحْمُولٌ عَلَى مَنْ يَظْلِمُ كَزَمَانِنَا وَعُلِمَ مِمَّا ذَكَرْنَاهُ حُرْمَةُ تَوْلِيَةِ الْفَسَقَةِ فَضْلًا عَنْ الْيَهُودِ وَالْكَفَرَةِ (قَوْلُهُ: صُدِّقَ بِالْيَمِينِ) هُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ كَمَا فِي الْمِعْرَاجِ، وَالْعِبَادَاتُ وَإِنْ كَانَ لَا تَحْلِيفَ فِيهَا لَكِنْ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْعَبْدِ هُنَا وَهُوَ الْعَاشِرُ فِي الْأَخْذِ فَهُوَ يَدَّعِي عَلَيْهِ مَعْنًى لَوْ أَقَرَّ بِهِ لَزِمَهُ فَيَحْلِفُ لِرَجَاءِ النُّكُولِ كَمَا فِي الْفَتْحِ وَلَا يُشْتَرَطُ إخْرَاجُ الْبَرَاءَةِ لِاشْتِبَاهِ الْخَطِّ حَتَّى لَوْ خَالَفَ مَا فِيهَا اسْمُ الْمُصَدِّقِ يُقْبَلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَقِيلَ يَدُلُّ عَلَى كَذِبِهِ كَخَطَأِ الْحَدِّ الرَّابِعِ وَيُفَرَّقُ بِأَنَّهَا عِبَادَةٌ ذَكَرَهُ الْمَقْدِسِيُّ وَالْقَوْلُ قَوْلُ التَّاجِرِ بِيَمِينِهِ فِي صِفَةِ مَتَاعِهِ إذَا اتَّهَمَهُ الْعَاشِرُ أَنَّهُ خِلَافُ مَا قَالَ وَلَيْسَ لَهُ إضْرَارُهُ بِتَفْتِيشِهِ كَمَا تَفْعَلُهُ ظَلَمَةُ زَمَانِنَا (قَوْلُهُ: أَوْ قَالَ عَلَيَّ دَيْنٌ) أَطْلَقَ الدَّيْنَ وَقَالَ فِي الْمِعْرَاجِ قَالَ الْحَلْوَانِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَطْلَقَ فِي الْكِتَابِ قَوْلَهُ أَوْ عَلَى دَيْنٍ وَالْأَصَحُّ أَنَّ الْعَاشِرَ يَسْأَلُهُ عَنْ قَدْرِ الدَّيْنِ، فَإِنْ أَخْبَرَهُ بِمَا يَسْتَغْرِقُ النِّصَابَ يُصَدِّقُهُ وَإِلَّا لَا يُصَدِّقُهُ كَذَا فِي الْخَبَّازِيَّةِ وَقِيلَ يَنْبَغِي أَنْ يُصَدِّقَهُ فِيمَا يَنْتَقِصُ بِهِ النِّصَابُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَأْخُذُ مِنْ الْمَالِ الَّذِي يَكُونُ أَقَلَّ مِنْ النِّصَابِ؛ لِأَنَّ مَا يَأْخُذُهُ الْعَاشِرُ زَكَاةً حَتَّى شُرِطَتْ فِيهِ شَرَائِطُ الزَّكَاةِ كَذَا فِي شَرْحِ مُخْتَصَرِ الْكَرْخِيِّ لِلْقُدُورِيِّ اهـ.

وَقَالَ فِي الْبَحْرِ أَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ فِي الدَّيْنِ فَشَمَلَ الْمُسْتَغْرِقَ لِلْمَالِ وَالْمُنَقِّصَ لِلنِّصَابِ وَهُوَ الْحَقُّ وَبِهِ انْدَفَعَ مَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ مِنْ التَّقْيِيدِ بِالْمُحِيطِ بِمَالِهِ وَانْدَفَعَ مَا فِي الْخَبَّازِيَّةِ اهـ وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ مِنْ مُعَارَضَةِ الْمَنْطُوقِ بِالْمَفْهُومِ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ أَوْ أَدَّيْتَ إلَى عَاشِرٍ) أَقُولُ: فَإِنْ ظَهَرَ كَذِبُهُ بَعْدَ سِنِينَ أَخَذَ مِنْهُ بِخِلَافِ مَا إذَا اشْتَغَلَ الْعَاشِرُ عَنْ الْحَرْبِيِّ حَتَّى دَخَلَ دَارَ الْحَرْبِ ثُمَّ خَرَجَ إلَيْنَا لَا يَأْخُذُ لِمَا مَضَى كَمَا فِي مُخْتَصَرِ الظَّهِيرِيَّةِ (قَوْلُهُ: إلَّا فِي السَّوَائِمِ أَطْلَقَهُ) فَشَمَلَ مَا لَوْ ادَّعَى دَفْعَ زَكَاتِهَا فِي الْمِصْرِ أَوْ غَيْرِهِ ثُمَّ إذَا لَمْ يُجِزْ الْإِمَامُ دَفْعَهُ قِيلَ الزَّكَاةُ هُوَ الْأَوَّلُ وَالثَّانِي سِيَاسَةٌ وَقِيلَ هُوَ الثَّانِي وَالْأُولَى تَنْقَلِبُ نَفْلًا هُوَ الصَّحِيحُ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ تَنْقَلِبُ نَفْلًا أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَأْخُذْ مِنْهُ الْإِمَامُ لِعِلْمِهِ بِأَدَائِهِ إلَى الْفُقَرَاءِ، فَإِنَّ ذِمَّتَهُ تَبْرَأُ دِيَانَةً وَفِيهِ اخْتِلَافُ الْمَشَايِخِ كَمَا فِي الْبَحْرِ عَنْ الْمِعْرَاجِ، وَإِنْ أَجَازَ فِعْلَهُ الْإِمَامُ فَلَا بَأْسَ بِهِ كَمَا فِي الْبَحْرِ عَنْ جَامِعِ أَبِي الْيُسْرِ

(قَوْلُهُ: لِأَنَّ مَا يُؤْخَذُ مِنْ الذِّمِّيِّ جِزْيَةٌ) أَيْ حُكْمُهُ حُكْمُهَا فِي كَوْنِهِ يُصْرَفُ فِي مَصَارِفِهَا لَا أَنَّهُ جِزْيَةٌ حَتَّى لَا يُسْقِطُ جِزْيَةَ رَأْسِهِ فِي تِلْكَ السَّنَةِ نَصَّ عَلَيْهِ الْإِسْبِيجَابِيِّ وَاسْتَثْنَى فِي الْبَدَائِعِ نَصَارَى بَنِي تَغْلِبَ؛ لِأَنَّ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - صَالَحَهُمْ مِنْ الْجِزْيَةِ عَلَى الصَّدَقَةِ الْمُضَاعَفَةِ، فَإِذَا أَخَذَ الْعَاشِرُ مِنْهُمْ ذَلِكَ سَقَطَتْ الْجِزْيَةُ اهـ.

(قَوْلُهُ: كَذَا قَالَ الزَّيْلَعِيُّ) نَقَلَ مِثْلَ مَا اسْتَثْنَاهُ فِي الْمِعْرَاجِ عَنْ جَامِعِ الْكَرْدَرِيِّ (قَوْلُهُ: أَيْ لَا يُصَدَّقُ الْحَرْبِيُّ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ) كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَقَالَ الْكَمَالُ الْعِبَارَةُ الْجَيِّدَةُ أَنْ يُقَالَ وَلَا يَلْتَفِتُ أَوْ لَا يَتْرُكُ الْأَخْذَ مِنْهُ لَا وَلَا يُصَدَّقُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ صُدِّقَ بِأَنْ ثَبَتَ صِدْقُهُ بِبَيِّنَةٍ عَادِلَةٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ الْمُسَافِرِينَ مَعَهُ فِي دَارِ الْحَرْبِ أَخَذَ مِنْهُ (قَوْلُهُ: إلَّا فِي أُمِّ وَلَدِهِ قَالَ الزَّيْلَعِيُّ) يَدْخُلُ تَحْتَ عُمُومِهِ جَمِيعُ مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ مِنْ الصُّوَرِ وَهُوَ مُشْكِلٌ فِيمَا إذَا قَالَ أَدَّيْتُ أَنَا إلَى عَاشِرٍ آخَرَ وَفِي تِلْكَ السَّنَةِ عَاشِرٍ آخَرَ، فَإِنَّهُ عَاشِرٌ آخَرُ، فَإِنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يُصَدَّقَ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يُصَدَّقْ يُؤَدِّي إلَى الِاسْتِئْصَالِ وَهُوَ لَا يَجُوزُ اهـ.

وَمِثْلُهُ فِي الْغَايَةِ قُلْت وَيَكُونُ بِالْأَوْلَى مَا إذَا ثَبَتَ إعْطَاؤُهُ لِعَاشِرٍ آخَرَ بِالْبَيِّنَةِ الْعَادِلَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>