للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَمَمْلُوكِهِ الْخَادِمِ) احْتِرَازٌ عَنْ عَبِيدٍ وَإِمَاءٍ لِلتِّجَارَةِ، فَإِنَّهَا لَا تَجِبُ عَلَيْهِ لَهُمْ

(وَلَوْ) كَانَ (مُدَبَّرًا أَوْ أُمَّ وَلَدٍ أَوْ كَافِرًا لَا لِزَوْجَتِهِ) عَطْفٌ عَلَى لِنَفْسِهِ (وَعَبْدِهِ الْآبِقِ إلَّا بَعْدَ عَوْدِهِ) أَيْ إذَا كَانَ الْعَبْدُ آبِقًا وَقْتَ الْفِطْرَةِ لَا يَجِبُ الْأَدَاءُ مَادَامَ آبِقًا، فَإِذَا عَادَ يُؤَدِّي لِمَا مَضَى (وَلَا لِمُكَاتَبِهِ) لِعَدَمِ الْوِلَايَةِ (وَلَا) تَجِبُ (عَلَيْهِ) أَيْ الْمُكَاتَبِ (لِنَفْسِهِ) لِفَقْرِهِ؛ لِأَنَّ مَا فِي يَدِهِ لِمَوْلَاهُ

(وَلَا لِمَمْلُوكٍ) مُشْتَرَكٍ (بَيْنَ اثْنَيْنِ عَلَى أَحَدِهِمَا) لِقُصُورِ الْوِلَايَةِ وَالْمُؤْنَةِ فِي حَقِّ كُلٍّ مِنْهُمَا وَكَذَا الْعَبِيدُ بَيْنَ اثْنَيْنِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ (وَإِنْ بِيعَ) الْمَمْلُوكُ الْمُشْتَرَكُ بَيْنَ اثْنَيْنِ (بِخِيَارِ أَحَدِهِمَا) مَعْنَاهُ إذَا مَضَى يَوْمُ الْفِطْرِ وَالْخِيَارُ بَاقٍ (فَعَلَى مَنْ يَصِيرُ لَهُ) ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ مَوْقُوفٌ، فَإِنَّهُ لَوْ رُدَّ يَعُودُ إلَى قَدِيمِ مِلْكِ الْبَائِعِ وَلَوْ أُجِيزَ ثَبَتَ الْمِلْكُ لِلْمُشْتَرِي مِنْ وَقْتِ الْعَقْدِ فَيَتَوَقَّفُ عَلَى مَا يُبْتَنَى عَلَيْهِ (مِنْ بُرٍّ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ تَجِبُ (أَوْ دَقِيقِهِ أَوْ سَوِيقِهِ) إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالدَّقِيقِ وَالسَّوِيقِ مَا يُتَّخَذُ مِنْ الْبُرِّ أَمَّا دَقِيقُ الشَّعِيرِ فَكَالشَّعِيرِ (أَوْ زَبِيبٍ

ــ

[حاشية الشرنبلالي]

هُوَ أَنَّهُ لَا تَجِبُ فِطْرَةُ الصَّغِيرِ عِنْدَ مُحَمَّدٍ وَزُفَرَ لِاشْتِرَاطِهِمَا الْعَقْلَ وَالْبُلُوغَ وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ لَا يُشْتَرَطُ (قَوْلُهُ: وَمَمْلُوكِهِ الْخَادِمِ) أَيْ الْمُعَدِّ لِلْخِدْمَةِ وَأَطْلَقَهُ فَشَمَلَ الْمَدْيُونَ الْمُسْتَغْرَقَ وَالْمُؤَجَّرَ وَالْمَرْهُونَ إذَا كَانَ فِيهِ وَفَاءٌ بِالدَّيْنِ وَلِمَوْلَاهُ نِصَابٌ غَيْرُهُ كَمَا سَنَذْكُرُهُ وَالْعَبْدَ الْجَانِيَ عَمْدًا كَانَ أَوْ خَطَأً وَالْعَبْدَ الْمَنْذُورَ بِالتَّصَدُّقِ بِهِ وَالْمُعَلَّقَ عِتْقُهُ بِمَجِيءِ يَوْمِ الْفِطْرِ وَالْمُوصَى بِرَقَبَتِهِ لِإِنْسَانٍ وَبِخِدْمَتِهِ لِآخَرَ فِطْرَتُهُ عَلَى الْمُوصَى لَهُ بِالرَّقَبَةِ بِخِلَافِ النَّفَقَةِ، فَإِنَّهَا عَلَى الْمُوصَى لَهُ بِالْخِدْمَةِ كَمَا فِي الْبَحْرِ وَغَيْرِهِ وَقَالَ الْكَمَالُ وَمَا وَقَعَ فِي شَرْحِ الْكَنْزِ مِنْ أَنَّ الْعَبْدَ الْمُوصَى بِرَقَبَتِهِ لِإِنْسَانٍ لَا تَجِبُ فِطْرَتُهُ مِنْ سَهْوِ الْقَلَمِ (قَوْلُهُ: احْتِرَازٌ عَنْ عَبِيدٍ وَإِمَاءٍ لِلتِّجَارَةِ) شَامِلٌ لِمَا كَانَ لِمَأْذُونِهِ إمَاءٌ لَوْ اشْتَرَى الْمَأْذُونُ عَبْدًا لِلْخِدْمَةِ وَلَا دَيْنَ عَلَيْهِ فَعَلَى الْمَوْلَى فِطْرَتُهُ، فَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لَا تَجِبُ وَعِنْدَهُمَا تَجِبُ بِنَاءً عَلَى مِلْكِ الْمَوْلَى لِإِكْسَابِهِ وَعَدَمِهِ كَمَا فِي الْفَتْحِ وَغَيْرِهِ

(قَوْلُهُ: وَعَبْدِهِ الْآبِقِ إلَّا بَعْدَ عَوْدِهِ) أَقُولُ وَكَذَا الْمَغْصُوبُ وَالْمَأْسُورُ وَلَا تَجِبُ عَلَى الْمَوْلَى عَنْ نَفْسِهِ بِسَبَبِهِمْ وَالْمَرْهُونُ تَجِبُ فِطْرَتُهُ وَفِطْرَةُ مَوْلَاهُ إنْ فَضَلَ لَهُ نِصَابٌ بَعْدَ الدَّيْنِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَالْمُرَادُ نِصَابُ غَيْرِ الْعَبْدِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ حَوَائِجِهِ الْأَصْلِيَّةِ حَيْثُ كَانَ لِلْخِدْمَةِ (قَوْلُهُ: لِقُصُورِ الْوِلَايَةِ وَالْمُؤْنَةِ فِي حَقِّ كُلٍّ مِنْهُمَا) أَشَارَ بِهِ إلَى مَا قَالَهُ فِي الْهِدَايَةِ أَنَّ السَّبَبَ رَأْسٌ يَمُونُهُ وَيَلِي عَلَيْهِ قَالَ الْكَمَالُ وَإِعْطَاءُ الضَّابِطِ أَيْ الْمَذْكُورِ يَلْزَمُ عَلَيْهِ تَخَلُّفُ الْحُكْمِ عَنْ السَّبَبِ فِي الْجَدِّ إذَا كَانَتْ لَهُ نَوَافِلُ صِغَارًا فِي عِيَالِهِ، فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْإِخْرَاجُ عَنْهُمْ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَمَا وَرَدَ مِنْ دَفْعِهِ فَهُوَ غَيْرُ قَوِيٍّ وَلَا مُخَلِّصَ إلَّا بِتَرْجِيحِ رِوَايَةِ الْحَسَنِ أَنَّ عَلَى الْجَدِّ صَدَقَةَ فِطْرِهِمْ. اهـ.

قُلْتُ وَقَدَّمْنَا عَنْ الِاخْتِيَارِ اخْتِيَارَهَا. اهـ. وَهَذِهِ مَسَائِلُ يُخَالِفُ فِيهَا الْجَدُّ الْأَبَ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَلَا يُخَالِفُهُ فِي رِوَايَةِ الْحَسَنِ هَذِهِ وَالتَّبَعِيَّةُ فِي الْإِسْلَامِ وَجَرُّ الْوَلَاءِ وَالْوَصِيَّةُ لِقَرَابَةِ فُلَانٍ كَمَا فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ: وَكَذَا الْعَبِيدُ بَيْنَ اثْنَيْنِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ) أَيْ مُطْلَقًا وَأَوْجَبَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ عَنْ الصِّحَاحِ فِي الْمَشْهُورِ عَنْهُمَا حَتَّى لَوْ كَانَ بَيْنَ رَجُلَيْنِ ثَلَاثَةُ أَعْبُدَ أَوْ خَمْسَةٌ يَجِبُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَنْ عَبْدٍ أَوْ عَبْدَيْنِ كَمَا فِي الْبُرْهَانِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ بِيعَ الْمَمْلُوكُ الْمُشْتَرَكُ بَيْنَ اثْنَيْنِ. . . إلَخْ) .

أَقُولُ الصَّوَابُ حَذْفُ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَ اثْنَيْنِ لِمَا أَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْهُ وُجُوبُ الْفِطْرَةِ عَلَى بَائِعِهِ إذَا رَدَّ الْبَيْعَ بِالْخِيَارِ وَأَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ شَرِيكٌ وَالشَّرْطُ الْمِلْكُ التَّامُّ لِلرَّقَبَةِ (قَوْلُهُ: بِخِيَارِ أَحَدِهِمَا) أَقُولُ وَكَذَا بِخِيَارِهِمَا عَلَى مَنْ يَصِيرُ لَهُ وَقَالَ زُفَرُ يَجِبُ عَلَى مَنْ لَهُ الْخِيَارُ كَيْفَمَا كَانَ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ عَلَى مَنْ لَهُ الْمِلْكُ كَالنَّفَقَةِ وَزَكَاةِ التِّجَارَةِ عَلَى هَذَا بِأَنْ اشْتَرَاهُ لِلتِّجَارَةِ بِشَرْطِ الْخِيَارِ فَتَمَّ الْحَوْلُ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ عِنْدَنَا بِضَمٍّ إلَى مَنْ يَصِيرُ لَهُ إنْ كَانَ عِنْدَهُ نِصَابٌ فَيُزْكِيهِ مَعَهُ وَلَوْ كَانَ الْبَيْعُ بَاتًّا فَلَمْ يَقْبِضْهُ حَتَّى مَرَّ يَوْمُ الْفِطْرِ، فَإِنْ قَبَضَهُ بَعْدَ ذَلِكَ فَعَلَيْهِ صَدَقَةُ فِطْرِهِ، وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْهُ حَتَّى هَلَكَ عِنْدَ الْبَائِعِ لَا يَجِبُ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا، فَإِنْ رَدَّهُ قَبْلَ الْقَبْضِ بِخِيَارِ عَيْبٍ أَوْ رُؤْيَةٍ بِقَضَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ فَعَلَى الْبَائِعِ وَبَعْدَ الْقَبْضِ عَلَى الْمُشْتَرِي وَلَوْ اشْتَرَاهُ فَاسِدًا وَقَبَضَهُ قَبْلَ يَوْمِ الْفِطْرِ وَبَاعَهُ بَعْدَهُ أَوْ أَعْتَقَهُ فَعَلَيْهِ صَدَقَتُهُ وَلَوْ قَبَضَهُ بَعْدَ يَوْمِ الْفِطْرِ فَعَلَى بَائِعِهِ كَمَا فِي التَّبْيِينِ (قَوْلُهُ أَوْ دَقِيقِهِ أَوْ سَوِيقِهِ. . . إلَخْ)

قَالَ الْكَمَالُ الْأَوْلَى أَنْ يُرَاعَى فِيهِمَا أَيْ فِي الدَّقِيقِ وَالسَّوِيقِ الْقَدْرُ وَالْقِيمَةُ جَمِيعًا احْتِيَاطًا، وَإِنْ نَصَّ عَلَى الدَّقِيقِ فِي بَعْضِ الْأَخْبَارِ ثُمَّ قَالَ بَعْدَ سِيَاقِ الْخَبَرِ فَوَجَبَ الِاحْتِيَاطُ بِأَنْ يُعْطِيَ نِصْفَ صَاعِ دَقِيقٍ حِنْطَةٍ أَوْ صَاعَ دَقِيقٍ شَعِيرٍ يُسَاوَيَانِ نِصْفَ صَاعِ بُرٍّ وَصَاعَ شَعِيرٍ لَا أَقَلَّ مِنْ نِصْفٍ يُسَاوِي نِصْفَ صَاعِ بُرٍّ أَوْ أَقَلَّ مِنْ صَاعٍ يُسَاوِي صَاعَ شَعِيرٍ وَلَا نِصْفَ لَا يُسَاوِي نِصْفَ صَاعِ بُرٍّ أَوْ صَاعٍ لَا يُسَاوِي صَاعَ شَعِيرٍ. اهـ.

وَأَمَّا الْخُبْزُ فَلَا يَجُوزُ مِنْهُ إلَّا بِطَرِيقِ الْقِيمَةِ عَلَى الصَّحِيحِ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ وَفَتْحِ الْقَدِيرِ (قَوْلُهُ: أَوْ زَبِيبٍ) جَعَلَ الزَّبِيبَ كَالْبُرِّ وَهُوَ رِوَايَةُ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَرَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الزَّبِيبَ كَالشَّعِيرِ وَصَحَّحَهَا أَبُو الْيُسْرِ قَالَهُ الْكَمَالُ وَقَالَ فِي الْبُرْهَانِ الزَّبِيبُ كَالتَّمْرِ فِي رِوَايَةٍ عَنْ الْإِمَامِ وَبِهِ قَالَا وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>