أَوْ اغْتَابَ) مِنْ الْغِيبَةِ (أَوْ دَخَلَ حَلْقَهُ غُبَارٌ أَوْ دُخَانٌ أَوْ ذُبَابٌ، وَلَوْ) كَانَ (ذَاكِرًا) لِلصَّوْمِ (أَوْ أَصْبَحَ جُنُبًا أَوْ صَبَّ فِي إحْلِيلِهِ مَاءً أَوْ دُهْنًا) ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ (أَوْ) فِي (أُذُنِهِ مَاءً) احْتَرَزَ عَنْ الدُّهْنِ فَإِنَّ صَبَّهُ فِيهَا يُفْطِرُ نَقَلَهُ الزَّيْلَعِيُّ عَنْ خِزَانَةِ الْأَكْمَلِ (أَوْ دَخَلَ أَنْفَهُ مُخَاطٌ فَاسْتَشَمَّهُ فَأَدْخَلَهُ حَلْقَهُ، وَلَوْ عَمْدًا) كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ (لَمْ يَفْسُدْ صَوْمُهُ) جَزَاءً لِقَوْلِهِ إنْ أَكَلَ. . . إلَخْ.
وَذَكَرَ الثَّانِيَ بِقَوْلِهِ (وَإِنْ أَفْطَرَ خَطَأً) وَهُوَ أَنْ يَكُونَ ذَاكِرًا لِلصَّوْمِ فَأَفْطَرَ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ لَهُ كَمَا إذَا تَمَضْمَضَ فَدَخَلَ الْمَاءُ فِي حَلْقِهِ (أَوْ
ــ
[حاشية الشرنبلالي]
قَاضِي خَانْ إذَا خَرَجَ الدَّمُ مِنْ بَيْنِ أَسْنَانِهِ، وَالْبُزَاقُ غَالِبٌ فَابْتَلَعَهُ وَلَمْ يَجِدْ طَعْمَهُ لَا يَفْسُدُ صَوْمُهُ وَإِنْ كَانَتْ الْغَلَبَةُ لِلدَّمِ فَسَدَ صَوْمُهُ، وَإِنْ اسْتَوَيَا فَسَدَ احْتِيَاطًا اهـ.
(قَوْلُهُ أَوْ دَخَلَ حَلْقَهُ غُبَارٌ) أَيْ، وَلَوْ غُبَارَ الطَّاحُونِ.
وَقَالَ فِي الْبُرْهَانِ: لَا يُفْطِرُ لَوْ دَخَلَ حَلْقَهُ غُبَارٌ أَوْ أَثَرُ طَعْمِ الْأَدْوِيَةِ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ عَنْهَا اهـ. لِدُخُولِهِ مِنْ الْأَنْفِ إذَا أَطْبَقَ الْفَمَ كَمَا فِي الْفَتْحِ قُلْت فَهَذَا يُفِيدُ أَنَّهُ إذَا وَجَدَ بُدًّا مِنْ تَعَاطِي مَا يَدْخُلُ غُبَارُهُ فِي حَلْقِهِ أَفْسَدَ لَوْ فَعَلَ (قَوْلُهُ أَوْ دُخَانٌ) قَالَ الزَّيْلَعِيُّ إذَا دَخَلَ حَلْقَهُ غُبَارٌ أَوْ ذُبَابٌ وَهُوَ ذَاكِرٌ لِصَوْمِهِ لَا يُفْطِرُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُسْتَطَاعُ الِامْتِنَاعُ عَنْهُ فَأَشْبَهَ الدُّخَانَ، وَهَذَا اسْتِحْسَانٌ وَالْقِيَاسُ أَنْ يُفْطِرَ لِوُصُولِ الْمُفْطِرِ إلَى جَوْفِهِ، وَإِنْ كَانَ لَا يَتَغَذَّى بِهِ وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ مَا بَيَّنَّا أَنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى الِامْتِنَاعِ عَنْهُ فَصَارَ كَبَلَلٍ يَبْقَى فِي فِيهِ بَعْدَ الْمَضْمَضَةِ اهـ. .
وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ: الدُّخَانُ وَالْغُبَارُ إذَا دَخَلَ الْحَلْقَ لَا يُفْسِدُ فَإِنَّهُ لَا يُسْتَطَاعُ الِاحْتِرَازُ عَنْ دُخُولِهِمَا مِنْ الْأَنْفِ إذَا طُبِّقَ الْفَمُ اهـ.
قُلْتُ فَعَلَى هَذَا إذَا أَدْخَلَ الدُّخَانَ حَلْقَهُ فَسَدَ صَوْمُهُ أَيَّ دُخَانٍ كَانَ حَتَّى إنَّ مَنْ تَبَخَّرَ بِبَخُورٍ فَآوَاهُ إلَى نَفْسِهِ وَاشْتَمَّ دُخَانَهُ فَأَدْخَلَهُ حَلْقَهُ ذَاكِرًا لِصَوْمِهِ أَفْطَرَ، سَوَاءٌ كَانَ عُودًا أَوْ عَنْبَرًا أَوْ غَيْرَهُمَا لِإِمْكَانِ التَّحَرُّزِ عَنْ إدْخَالِ الْمُفْطِرِ جَوْفَهُ، وَهَذَا مِمَّا يَغْفُلُ عَنْهُ كَثِيرٌ فَلْيُتَنَبَّهْ لَهُ. وَلَا يُتَوَهَّمُ أَنَّهُ كَشَمِّ الْوَرْدِ وَمَائِهِ وَالْمِسْكِ لِوُضُوحِ الْفَرْقِ بَيْنَ هَوَاءٍ تَطَيَّبَ بِرِيحِ الْمِسْكِ وَشِبْهِهِ وَبَيْنَ جَوْهَرِ دُخَانٍ وَصَلَ إلَى جَوْفِهِ بِفِعْلِهِ (قَوْلُهُ أَوْ صَبَّ فِي إحْلِيلِهِ) قَالَ فِي الْفَتْحِ، وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ يُفْطِرُ وَقَوْلُ مُحَمَّدٍ مُضْطَرِبٌ اهـ.
وَقَالَ الزَّيْلَعِيُّ وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ مَعَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَهَذَا الِاخْتِلَافُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهُ هَلْ بَيْنَ الْمَثَانَةِ وَالْجَوْفِ مَنْفَذُ أَوْ لَا؟ وَهُوَ لَيْسَ بِاخْتِلَافٍ عَلَى التَّحْقِيقِ وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ لَا مَنْفَذَ لَهُ، وَإِنَّمَا يَجْتَمِعُ الْبَوْلُ فِيهَا بِالتَّرَشُّحِ كَذَا تَقُولُ الْأَطِبَّاءُ. اهـ. وَالْإِقْطَارُ فِي أَقْبَالِ النِّسَاءِ قَالُوا أَيْضًا هُوَ عَلَى هَذَا الِاخْتِلَافِ.
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يُفْسِدُ بِلَا خِلَافٍ؛ لِأَنَّهُ شَبِيهٌ بِالْحُقْنَةِ قَالَ فِي الْمَبْسُوطِ وَهُوَ الْأَصَحُّ كَذَا فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ أَوْ فِي أُذُنِهِ مَاءً. . . إلَخْ) أَقُولُ هَذَا قَوْلُ بَعْضِهِمْ وَصَحَّحَهُ فِي الْمُحِيطِ قَالَ لَوْ صَبَّ الْمَاءَ بِنَفْسِهِ فِي أُذُنِهِ فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يُفْطِرُ لِانْعِدَامِ الْفِطْرِ صُورَةً وَمَعْنًى وَهُوَ إصْلَاحُ الْبَدَنِ؛ لِأَنَّ الْمَاءَ بِالدِّمَاغِ اهـ.
وَنَقَلَ فِي الْبَحْرِ عَنْ الْوَلْوَالِجِيِّ أَنَّهُ الْمُخْتَارُ مُعَلِّلًا بِمَا فِي الْمُحِيطِ اهـ.
وَقَالَ قَاضِي خَانْ لَوْ خَاضَ نَهْرًا فَدَخَلَ الْمَاءُ أُذُنَهُ لَا يَفْسُدُ صَوْمُهُ، وَإِنْ صَبَّ الْمَاءَ فِي أُذُنِهِ اخْتَلَفُوا فِيهِ وَالصَّحِيحُ هُوَ الْفَسَادُ؛ لِأَنَّهُ وَصَلَ إلَى الْجَوْفِ بِفِعْلِهِ فَلَا يُعْتَبَرُ فِيهِ صَلَاحُ الْبَدَنِ اهـ. قَالَ الْكَمَالُ وَيَظْهَر أَنَّ الْأَصَحَّ فِي الْمَاءِ التَّفْصِيلُ الَّذِي اخْتَارَهُ الْقَاضِي - رَحِمَهُ اللَّهُ - اهـ.
وَتَبِعَهُ صَاحِبُ الْبُرْهَانِ وَذَكَرَ مِثْلَهُ قَاضِي خَانْ فِي الْبَزَّازِيَّةِ ثُمَّ قَالَ وَأَجْمَعُوا أَنَّهُ لَوْ حَكَّ أُذُنَهُ بِعُودٍ فَأَخْرَجَ الْعُودَ وَعَلَى رَأْسِهِ دَرَنٌ ثُمَّ أَدْخَلَهُ ثَانِيًا وَثَالِثًا كَذَلِكَ أَنَّهُ لَا يَفْسُدُ اهـ.
(قَوْلُهُ أَوْ دَخَلَ أَنْفَهُ مُخَاطٌ. . . إلَخْ) أَطْلَقَهُ فَشَمِلَ مَا لَوْ ظَهَرَ الْمُخَاطُ عَلَى رَأْسِ أَنْفِهِ أَوْ لَمْ يَظْهَرْ كَمَا يُفِيدُهُ مَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَنَقَلَهُ فِي شَرْحِ الْمَنْظُومَةِ مِنْ عَدَمِ الْفِطْرِ بِبُزَاقٍ امْتَدَّ وَلَمْ يَنْقَطِعْ مِنْ فَمِهِ إلَى ذَقَنِهِ ثُمَّ ابْتَلَعَهُ بِجَذْبِهِ. اهـ.
وَكَذَا قَالَ الْكَمَالُ لَوْ اسْتَشَمَّ الْمُخَاطَ مِنْ أَنْفِهِ حَتَّى أَدْخَلَهُ إلَى فَمِهِ وَابْتَلَعَهُ عَمْدًا لَا يُفْطِرُ، وَلَوْ خَرَجَ رِيقُهُ مِنْ فِيهِ فَأَدْخَلَهُ وَابْتَلَعَهُ إنْ كَانَ لَمْ يَنْقَطِعْ مِنْ فِيهِ بَلْ مُتَّصِلٌ بِمَا فِي فِيهِ كَالْخَيْطِ فَاسْتَشْرَبَهُ لَمْ يُفْطِرْ، وَإِنْ كَانَ قَدْ انْقَطَعَ فَأَخَذَهُ وَأَعَادَ أَفْطَرَ وَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ كَمَا لَوْ ابْتَلَعَ رِيقَ غَيْرِهِ اهـ لَكِنَّهُ ذَكَرَ فِي الْكَنْزِ فِي مَسَائِلَ شَتَّى لَوْ بَلَعَ بُزَاقَ صَدِيقِهِ كَفَّرَ اهـ. إلَّا أَنْ يُحْمَلَ مَا فِي الْكَمَالِ عَلَى غَيْرِ الصَّدِيقِ ثُمَّ قَالَ الْكَمَالُ، وَلَوْ اجْتَمَعَ أَيْ الْبُزَاقُ فِي فِيهِ ثُمَّ ابْتَلَعَهُ يُكْرَهُ، وَلَا يُفْطِرُ اهـ.
وَكَذَا مَا نَقَلَهُ فِي الْبَحْرِ عَنْ الْوَلْوَالِجيَّةِ بِقَوْلِهِ الصَّائِمُ إذَا دَخَلَ الْمُخَاطُ أَنْفَهُ مِنْ رَأْسِهِ ثُمَّ اسْتَشَمَّهُ وَدَخَلَ حَلْقَهُ عَلَى تَعَمُّدٍ مِنْهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ رِيقِهِ إلَّا أَنْ يَجْعَلَهُ فِي كَفِّهِ فَيَبْلَعَهُ فَيَكُونُ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ.
وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ، وَكَذَا الْمُخَاطُ وَالْبُزَاقُ يَخْرُجُ مِنْ فِيهِ أَوْ أَنْفِهِ فَاسْتَشَمَّهُ وَاسْتَنْشَقَهُ لَا يَفْسُدُ صَوْمَهُ اهـ.
قُلْتُ لَكِنْ يُخَالِفُهُ مِنْ حَيْثِيَّةِ التَّقْيِيدِ بِعَدَمِ الظُّهُورِ مَا نَقَلَهُ ابْنُ الشِّحْنَةِ عَنْ الْقُنْيَةِ بِقَوْلِهِ نَزَلَ الْمُخَاطُ إلَى رَأْسِ أَنْفِهِ لَكِنْ لَمْ يَظْهَرْ ثُمَّ جَذَبَهُ فَوَصَلَ إلَى جَوْفِهِ لَمْ يَفْسُدْ ثُمَّ قَالَ ابْنُ الشِّحْنَةِ وَذَكَر فِي الْبَزَّازِيَّةِ مَسْأَلَةَ الْمُخَاطِ وَعَقَّبَهَا بِكَلَامِ الشَّافِعِيَّةِ فَقَالَ: وَيَبْطُلُ الصَّوْمُ بِجَرْيِ النُّخَامَةِ مِنْ فَضَاءِ الْفَمِ فِي جَوْفِهِ، وَإِنْ جَرَتْ فِيهِ مِنْ مَجْرَاهَا وَقَدَرَ عَلَى مَجِّهَا أَفْطَرَ فِي أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ فَعَلَى هَذَا يَنْبَغِي أَنْ يَحْتَاطَ فِي النُّخَامَةِ حَتَّى لَا يَفْسُدَ صَوْمُهُ عَلَى قَوْلِ مُجْتَهِدٍ قَالَ ابْنُ الشِّحْنَةِ أَحْبَبْت التَّنَبُّهَ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ مُهِمٌّ اهـ.
وَلَمْ أَرَ حُكْمَ الْبَلْغَمِ إذَا ابْتَلَعَهُ بَعْدَ مَا تَخَلَّصَ بِالتَّنَحْنُحِ مِنْ حَلْقِهِ إلَى فَمِهِ وَلَعَلَّهُ كَالْمُخَاطِ فَلْيُنْظَرْ ثُمَّ وَجَدْتهَا بِحَمْدِ اللَّهِ فِي التَّتَارْخَانِيَّة سُئِلَ إبْرَاهِيمُ عَمَّنْ ابْتَلَعَ الْبَلْغَمَ قَالَ: إنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ مِلْءِ فِيهِ لَا يُنْقَضُ إجْمَاعًا، وَإِنْ كَانَ مِلْءَ فِيهِ يَنْتَقِضُ صَوْمُهُ عِنْدَ