فَصَلَّى بِأَذَانٍ وَإِقَامَتَيْنِ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ وَقْتَ الظُّهْرِ بِشَرْطِ الْإِمَامِ وَالْإِحْرَامِ لِلْحَجِّ) أَيْ الْإِحْرَامِ الْمَخْصُوصِ بِالْحَجِّ ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ (فَلَوْ صَلَّى الظُّهْرَ مُنْفَرِدًا أَوْ بِجَمَاعَةٍ) هَذَا التَّفْرِيعُ أَحْسَنُ مِنْ تَفْرِيعِ الْوِقَايَةِ كَمَا لَا يَخْفَى عَلَى أَهْلِ الدِّرَايَةِ (ثُمَّ أَحْرَمَ لَا يَجْمَعُ) أَيْ لَا يَجُوزُ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ فِي وَقْتٍ بَلْ لَا يَجُوزُ الْعَصْرُ إلَّا فِي وَقْتِهِ (ثُمَّ ذَهَبَ إلَى الْمَوْقِفِ بِغُسْلٍ سُنَّ وَوَقَفَ الْإِمَامُ عَلَى نَاقَتِهِ بِقُرْبِ جَبَلِ الرَّحْمَةِ مُسْتَقْبِلًا، وَدَعَا بِجُهْدٍ وَعَلَّمَ الْمَنَاسِكَ وَوَقَفَ النَّاسُ خَلْفَهُ بِقُرْبِهِ مُسْتَقْبِلِينَ سَامِعِينَ قَوْلَهُ فَبَعْدَ الْغُرُوبِ أَتَى الْمُزْدَلِفَةِ وَكُلُّهَا مَوْقِفٌ إلَّا وَادِيَ مُحَسِّرٍ
ــ
[حاشية الشرنبلالي]
قَوْلُهُ فَيُصَلِّي بِأَذَانٍ) أَيْ بَعْدَ صُعُودِ الْمِنْبَرِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَقِيلَ يَرَاهُ أَبُو يُوسُفَ قَبْلَ الصُّعُودِ فِي رِوَايَةٍ، وَفِي أُخْرَى بَعْدَ الْخُطْبَةِ وَيَقْرَأُ فِي الصَّلَاتَيْنِ سِرًّا، وَلَا يَفْصِلُ بَيْنَهُمَا بِنَفْلٍ فَإِنْ فَعَلَ سُنَّ الْأَذَانُ لِلْعَصْرِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، وَعَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ لَا يُعَادُ؛ لِأَنَّ الْوَقْتَ قَدْ جَمَعَهُمَا كَذَا فِي الْبُرْهَانِ وَالْمُرَادُ بِالنَّفْلِ مَا يَشْمَلُ النِّيَّةَ الرَّاتِبَةَ كَمَا سَنَذْكُرُهُ وَقَالَ فِي الْبَحْرِ لَا يُصَلِّي سُنَّةَ الظُّهْرِ الْبَعْدِيَّةَ وَهُوَ الصَّحِيحُ فَبِالْأَوْلَى أَنْ لَا يَتَنَفَّلَ بَيْنَهُمَا فَلَوْ فَعَلَ كُرِهَ وَأَعَادَ الْأَذَانَ لِلْعَصْرِ اهـ.
وَقَالَ الْكَمَالُ مَا فِي الذَّخِيرَةِ وَالْمُحِيطِ مِنْ أَنَّهُ يُصَلِّي بِهِمْ الْعَصْرَ فِي وَقْتِ الظُّهْرِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَشْتَغِلَ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ بِالنَّافِلَةِ غَيْرَ سُنَّةِ الظُّهْرِ يُنَافِي حَدِيثَ جَابِرٍ إذْ قَالَ فَصَلَّى أَيْ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الظُّهْرَ ثُمَّ أَقَامَ فَصَلَّى الْعَصْرَ وَلَمْ يُصَلِّ بَيْنَهُمَا شَيْئًا، وَكَذَا بَاقِي إطْلَاقِ الْمَشَايِخِ - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - فِي قَوْلِهِمْ، وَلَا يَتَطَوَّعُ بَيْنَهُمَا فَإِنَّ التَّطَوُّعَ يُقَالُ عَلَى السُّنَّةِ اهـ.
قُلْتُ يُؤَيِّدُهُ مَا نَقَلَهُ ابْنُ الشِّحْنَةِ وَتَاجُ الشَّرِيعَةِ عَنْ التَّجْنِيسِ لِصَاحِبِ الْهِدَايَةِ لَا يَأْتِي بِسُنَّةِ الظُّهْرِ حَتَّى لَوْ أَتَى بِهَا أَعَادَ الْأَذَانَ لِلْعَصْرِ عِنْدَهُمَا اهـ. أَيْ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ فَقَوْلُ صَاحِبِ الْهِدَايَةِ فِيهَا، وَلَا يَتَطَوَّعُ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ فَلَوْ أَنَّهُ فَعَلَ فَعَلَ مَكْرُوهًا وَأَعَادَ الْأَذَانَ لِلْعَصْرِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ خِلَافًا لِمَا رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ اهـ.
فَسَّرَهُ نَفْسُهُ بِمَا يَشْمَلُ الرَّاتِبَةَ فَمَا نَقَلَهُ صَاحِبُ الْجَوْهَرَةِ عَنْ الذَّخِيرَةِ خِلَافُ الظَّاهِرِ حَيْثُ قَالَ: أَمَّا سُنَّةُ الظُّهْرِ الرَّاتِبَةُ إذَا صَلَّاهَا لَا تَفْصِلُ وَلَا يُعَادُ الْأَذَانُ إذَا اشْتَغَلَ بِهَا. اهـ.
وَكَذَا يُكْرَهُ التَّطَوُّعُ بَعْدَ صَلَاةِ الْعَصْرِ يَوْمئِذٍ وَإِنْ كَانَتْ فِي وَقْتِ الظُّهْرِ نَقَلَهُ فِي شَرْحِ الْمَنْظُومَةِ لِابْنِ الشِّحْنَةِ (قَوْلُهُ وَالْإِحْرَامُ) أَقُولُ: وَلَوْ أَحْرَمَ بَعْدَ الزَّوَالِ عَلَى الصَّحِيحِ وَقِيلَ لَا بُدَّ مِنْ تَقْدِيمِهِ عَلَى الزَّوَالِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ (قَوْلُهُ أَيْ الْإِحْرَامُ الْمَخْصُوصُ بِالْحَجِّ ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ) أَيْ ذَكَرَهُ الْمُفَسِّرُ وَهُوَ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مَتْنًا بِقَوْلِهِ وَالْإِحْرَامُ لِلْحَجِّ، اهـ. لِيَحْتَرِزَ بِهِ عَنْ إحْرَامِ الْعُمْرَةِ اهـ.
وَاعْلَمْ أَنَّ شَرَائِطَ جَوَازِ الْجَمْعِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ خَمْسَةٌ: الْوَقْتُ وَالْمَكَانُ وَالْإِحْرَامُ وَالْإِمَامُ وَالْجَمَاعَةُ، وَعِنْدَهُمَا الْإِمَامُ وَالْجَمَاعَةُ لَيْسَا شَرْطًا اهـ.
وَيُزَادُ سَادِسٌ وَهُوَ صِحَّةُ الظُّهْرِ حَتَّى لَوْ تَبَيَّنَ فَسَادُ الظُّهْرِ أَعَادَهُ وَالْعَصْرَ جَمِيعًا كَمَا فِي التَّبْيِينِ وَيُشْتَرَطُ إدْرَاكُ شَيْءٍ مِنْ كُلٍّ مِنْ الصَّلَاتَيْنِ مَعَ الْإِمَامِ فَإِنْ أَدْرَكَ إحْدَى الصَّلَاتَيْنِ فَقَطْ لَا يَجُوزُ لَهُ الْجَمْعُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ كَمَا فِي الْجَوْهَرَةِ، وَلَا يَجُوزُ لِلْإِمَامِ الْجَمْعُ وَحْدَهُ عِنْدَ الْإِمَامِ، وَعِنْدَهُمَا يَجُوزُ، وَلَوْ نَفَرُوا عَنْهُ بَعْدَ الشُّرُوعِ جَازَ لَهُ الْجَمْعُ وَاخْتَلَفُوا فِيمَا إذَا نَفَرُوا قَبْلَ الشُّرُوعِ عَلَى قَوْلِهِ فَوَجْهُ الْجَوَازِ الضَّرُورَةُ إذْ لَا يَقْدِرُ أَنْ يَجْعَلَ غَيْرَهُ مُقْتَدِيًا بِهِ ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ لَكِنْ قَالَ فِي الْبُرْهَانِ وَالْإِمَامُ وَالْإِحْرَامُ فِي الصَّلَاتَيْنِ شَرْطٌ لِلْجَوَازِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَهُمَا اقْتَصَرَا عَلَى الْإِحْرَامِ وَهُوَ الْأَظْهَرُ اهـ فَيَسْقُطُ شَرْطُ الْإِمَامِ وَالْجَمَاعَةِ عَلَى الْأَظْهَرِ (قَوْلُهُ ثُمَّ ذَهَبَ إلَى الْمَوْقِفِ) هَذَا عَلَى جِهَةِ السُّنَّةِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ الذَّهَابُ إلَى الْمَوْقِفِ مِنْ ابْتِدَاءِ الزَّوَالِ بَلْ لَوْ أَخَّرَهُ جَازَ كَمَا فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ بِغُسْلٍ سُنَّ) وَيَغْتَسِلُ بَعْدَ الزَّوَالِ بِعَرَفَاتٍ (قَوْلُهُ وَوَقَفَ النَّاسُ خَلْفَهُ) قَالَ فِي الْهِدَايَةِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَقِفُوا وَرَاءَ الْإِمَامِ لِيَكُونَ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ، وَهَذَا بَيَانُ الْأَفْضَلِيَّةِ اهـ.
وَالْوُقُوفُ عَلَى الرَّاحِلَةِ، وَهِيَ الْمَرْكَبُ مِنْ الْإِبِلِ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى أَفْضَلُ وَالْوُقُوفُ قَائِمًا أَفْضَلُ مِنْ الْوُقُوفِ قَاعِدًا كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ وَيَجْتَهِدُ عَلَى أَنْ يَقْطُرَ مِنْ عَيْنَيْهِ قَطَرَاتٍ مِنْ الدَّمْعِ فَإِنَّهُ دَلِيلُ الْقَبُولِ وَيَدْعُو لِأَبَوَيْهِ وَأَهْلِهِ وَإِخْوَانِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَعَارِفِهِ وَجِيرَانِهِ وَيُلِحُّ فِي الدُّعَاءِ مَعَ قُوَّةِ الرَّجَاءِ لِلْإِجَابَةِ، وَلَا يُقَصِّرُ فِيهِ فَإِنَّ هَذَا الْيَوْمَ لَا يُمْكِنُهُ تَدَارُكُهُ لَا سِيَّمَا إذَا كَانَ مِنْ الْآفَاقِ عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ أَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - قَالَ «أَفْضَلُ الْأَيَّامِ يَوْمُ عَرَفَةَ إذَا وَافَقَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَهُوَ أَفْضَلُ مِنْ سَبْعِينَ حِجَّةٍ فِي غَيْرِ جُمُعَةٍ» رَوَاهُ رَزِينٌ عَنْ مُعَاوِيَةَ فِي تَجْرِيدِ الصِّحَاحِ قَالَهُ الزَّيْلَعِيُّ، وَكَذَا نَقَلَهُ فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ بِقَوْلِهِ، وَقَدْ صَحَّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ «أَفْضَلُ الْأَيَّامِ يَوْمُ عَرَفَةَ إذَا وَافَقَ يَوْمَ جُمُعَةٍ وَهُوَ أَفْضَلُ مِنْ سَبْعِينَ حِجَّةٍ» ذَكَرَهُ فِي تَجْرِيدِ الصِّحَاحِ بِعَلَامَةِ الْمُوَطَّإِ اهـ.
(قَوْلُهُ وَبَعْدَ الْغُرُوبِ أَتَى مُزْدَلِفَةَ) أَقُولُ وَالْأَفْضَلُ أَنْ يَمْشِيَ عَلَى هِينَتِهِ وَإِذَا وَجَدَ فُرْجَةٍ يُسْرِعُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُؤْذِيَ أَحَدًا وَدُعَاءُ الدَّفْعِ وَالْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ وَكُلُّهَا مَوْقِفٌ إلَّا وَادِيَ مُحَسِّرٍ) بِكَسْرِ السِّينِ وَتَشْدِيدِهَا هُوَ بَيْنَ مَكَّةَ وَعَرَفَاتٍ كَذَا فِي الْعِنَايَةِ عَنْ يَسَارٍ الْمَوْقِفُ كَمَا فِي الْمِعْرَاجِ وَقَالَ فِي الْبَحْرِ وَادِي مُحَسِّرٍ مَوْضِعٌ فَاصِلٌ بَيْنَ مِنًى وَمُزْدَلِفَةَ لَيْسَ