للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَرَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ مِنْ بَطْنِ الْوَادِي سَبْعًا) أَيْ سَبْعَ حَصَيَاتٍ (خَذْفًا) بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ رَمْيُ الْحَصَى بِالْأَصَابِعِ وَفِي الْمُغْرِبِ هُوَ أَنْ يَضَعَ طَرَفَ الْإِبْهَامِ عَلَى طَرَفِ السَّبَّابَةِ فِي الرَّمْيِ (وَكَبَّرَ لِكُلِّ حَصَاةٍ) فَيَقُولُ بِسْمِ اللَّهِ وَاَللَّهُ أَكْبَرُ رَغْمًا لِلشَّيْطَانِ وَحِزْبِهِ اللَّهُمَّ

ــ

[حاشية الشرنبلالي]

حَصَاةً وَلَيْسَ مَذْهَبَنَا اهـ.

قُلْت يُعَارِضُهُ قَوْلُ الْجَوْهَرَةِ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَأْخُذَ حَصَى الْجِمَارِ مِنْ الْمُزْدَلِفَةِ أَوْ مِنْ الطَّرِيقِ. اهـ.

وَكَذَا قَالَ فِي الْهِدَايَةِ يَأْخُذُ الْحَصَى مِنْ أَيِّ مَوْضِعٍ شَاءَ اهـ فَالنَّفْيُ لَيْسَ إلَّا عَلَى التَّعْيِينِ أَيْ لَا يَتَعَيَّنُ الْأَخْذُ مِنْ الْمُزْدَلِفَةِ لَنَا مَذْهَبًا وَمَا قَالَهُ فِي الْهِدَايَةِ يَقْتَضِي خِلَافَ مَا قِيلَ: إنَّهُ يَلْتَقِطُهَا مِنْ الْجَبَلِ الَّذِي عَلَى الطَّرِيقِ فِي الْمُزْدَلِفَةِ قَالَ بَعْضُهُمْ: جَرَى التَّوَارُثُ بِذَلِكَ وَمَا قِيلَ: يَأْخُذُ مِنْ الْمُزْدَلِفَةِ سَبْعًا رَمْيَ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ مِنْ الْيَوْمِ الْأَوَّلِ فَأَفَادَ أَنَّهُ لَا سُنَّةَ فِي ذَلِكَ يُوجِبُ خِلَافُهَا الْإِسَاءَةَ، وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَأْخُذُهَا مِنْ جَمْعٍ اهـ.

وَلَا يَأْخُذُهَا مِنْ مَوْضِعِ الرَّمْيِ؛ لِأَنَّ السَّلَفَ كَرِهُوهُ؛ لِأَنَّهُ الْمَرْدُودُ وَمَعَ هَذَا لَوْ رَمَى بِهِ جَازَ مَعَ الْكَرَاهَةِ، وَمَا هِيَ إلَّا كَرَاهَةُ تَنْزِيهٍ وَيَلْتَقِطُ الْحَصَيَاتِ، وَيُكْرَهُ أَنْ يَكْسِرَ حَجَرًا وَاحِدًا سَبْعِينَ صَغِيرًا كَمَا يَفْعَلُهُ كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ الْآنَ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَغْسِلَ الْحَصَيَاتِ قَبْلَ أَنْ يَرْمِيَهَا لِيَتَيَقَّنَ طَهَارَتَهَا فَإِنَّهُ يُقَامُ بِهَا قُرْبَةٌ، وَلَوْ رَمَى بِمُتَنَجِّسَةٍ بِيَقِينٍ كُرِهَ وَأَجْزَأَهُ كَذَا فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ وَرَمْيُ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ مِنْ بَطْنِ الْوَادِي) أَقُولُ هَذَا هُوَ الْأَفْضَلُ وَيَجْعَلُ الْبَيْتَ عَنْ يَسَارِهِ وَمِنًى عَنْ يَمِينِهِ كَمَا فَعَلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَانَ رَاكِبًا، وَلَوْ رَمَاهَا مِنْ فَوْقِ الْعَقَبَةِ أَجْزَأَ اهـ.

وَلَا يَقِفُ بَعْدَ هَذَا الرَّمْيِ حَتَّى يَأْتِيَ مَنْزِلَهُ قَالَهُ قَاضِي خَانْ (قَوْلُهُ خَذْفًا بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ) أَيْ وَالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ نُصِبَ عَلَى الْمَصْدَرِ وَالْخَذْفُ صِغَارُ الْحَصَى قِيلَ: مِقْدَارُ الْحِمَّصَةِ، وَقِيلَ مِقْدَارُ النَّوَاةِ وَقِيلَ مِقْدَارُ الْأُنْمُلَةِ، وَلَوْ رَمَى بِأَكْبَرَ أَوْ أَصْغَرَ أَجْزَأَهُ إلَّا أَنَّهُ لَا يَرْمِي بِالْكِبَارِ خَشْيَةَ أَنْ يَتَأَذَّى بِهِ غَيْرُهُ كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ (قَوْلُهُ رَمْيُ الْحَصَى بِالْأَصَابِعِ) أَيْ بِرُءُوسِ الْأَصَابِعِ قَالَهُ ابْنُ كَمَالٍ بَاشَا وَصَاحِبُ الْجَوْهَرَةِ تَبَعًا لِمَا صَحَّحَهُ صَاحِبُ النِّهَايَةِ خِلَافًا لِمَا مَشَى عَلَيْهِ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ كَمَا نَذْكُرُهُ (قَوْلُهُ وَفِي الْمُغْرِبِ. . . إلَخْ) عَلَيْهِ مَشَى فِي الْهِدَايَةِ فَقَالَ وَكَيْفِيَّةُ الرَّمْيِ أَنْ يَضَعَ الْحَصَاةَ عَلَى ظَهْرِ إبْهَامِهِ الْيُمْنَى وَيَسْتَعِينَ بِالْمُسَبِّحَةِ اهـ.

وَقَالَ الْكَمَالُ هَذَا التَّفْسِيرُ يَحْتَمِلُ كُلًّا مِنْ تَفْسِيرَيْنِ قِيلَ بِهِمَا: أَحَدُهُمَا أَنْ يَضَعَ طَرَفَ إبْهَامِهِ الْيُمْنَى عَلَى وَسَطِ السَّبَّابَةِ وَيَضَعَ الْحَصَاةَ عَلَى ظَاهِرِ الْإِبْهَامِ كَأَنَّهُ عَاقِدُ سَبْعِينَ فَيَرْمِيَهَا وَعُرِفَ مِنْهُ أَنَّ الْمَسْنُونَ فِي كَوْنِ الرَّمْيِ بِالْيَدِ الْيُمْنَى، وَالْآخَرُ أَنْ يُحَلِّقَ سَبَّابَتَهُ وَيَضَعَهَا عَلَى مَفْصِلِ إبْهَامِهِ كَأَنَّهُ عَاقِدٌ عَشَرَةً، وَهَذَا فِي التَّمَكُّنِ مِنْ الرَّمْيِ بِهِ مَعَ الزَّحْمَةِ وَالْوَهْجَةِ عُسْرٌ وَقِيلَ يَأْخُذُهَا بِطَرَفَيْ إبْهَامِهِ وَسَبَّابَتِهِ، وَهَذَا هُوَ الْأَصَحُّ؛ لِأَنَّهُ الْأَيْسَرُ الْمُعْتَادُ اهـ.

وَذَكَرَ فِي الْجَوْهَرَةِ كَلَامَ الْهِدَايَةِ ثُمَّ قَالَ وَصَحَّحَ فِي النِّهَايَةِ الْوَجْهَ الْأَوَّلَ أَيْ الَّذِي بِطَرَفِ الْإِبْهَامِ وَالْمُسَبِّحَةِ اهـ.

وَصَحَّحَهُ أَيْضًا فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ وَقَالَ؛ لِأَنَّهُ أَكْثَرُ إهَانَةً لِلشَّيْطَانِ وَمَا تَقَدَّمَ بَيَانُ السُّنَّةِ فَلَوْ رَمَى كَيْفَمَا أَرَادَ جَازَ كَذَا فِي الْبَحْرِ وَلَمْ يُبَيِّنْ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - مِقْدَارَ مَوْضِعِ الرَّمْيِ وَقَالَ فِي الْهِدَايَةِ مِقْدَارُ الرَّمْيِ أَنْ يَكُونَ بَيْنَ الرَّامِي وَبَيْنَ مَوْضِعِ السُّقُوطِ خَمْسَةُ أَذْرُعٍ كَذَا رَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَ الْكَمَالُ وَمَقَامُ الرَّامِي بِحَيْثُ يَرَى مَوْقِعَ حَصَاهُ وَمَا قُدِّرَ بِهِ بِخَمْسَةِ أَذْرُعٍ فِي رِوَايَةِ الْحَسَنِ فَذَاكَ تَقْدِيرُ أَقَلِّ مَا يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَكَانِ فِي الْمَسْنُونِ، أَلَا تَرَى إلَى تَعْلِيلِهِ فِي الْكِتَابِ أَيْ الْهِدَايَةِ بِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّ مَا دُونَ ذَلِكَ يَكُونُ طَرْحًا، وَلَوْ طَرَحَهَا طَرْحًا أَجْزَأَهُ؛ لِأَنَّهُ رَمَى إلَى قَدَمَيْهِ إلَّا أَنَّهُ مُسِيءٌ لِمُخَالَفَتِهِ السُّنَّةَ، وَلَوْ وَضَعَهَا وَضْعًا لَمْ يُجْزِهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِرَمْيٍ، وَلَوْ رَمَاهَا فَوَقَعَتْ قَرِيبًا مِنْ الْجَمْرَةِ يَكْفِيهِ لِعَدَمِ الِاحْتِرَازِ عَنْهُ، وَلَوْ وَقَعَتْ بَعِيدًا مِنْهَا لَا يُجْزِئُهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُعْرَفْ قُرْبُهُ إلَّا فِي مَكَان مَخْصُوصٍ وَالْقُرْبُ قَدْرُ ذِرَاعٍ، وَنَحْوِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ يُقَدِّرْهُ كَأَنَّهُ اعْتَمَدَ عَلَى اعْتِبَارِ الْقُرْبِ، وَضِدُّهُ الْبُعْدُ فِي الْعُرْفِ، وَهَذَا بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَا وَاسِطَةَ بَيْنَ الْقُرْبِ وَالْبُعْدِ اهـ.

وَقَالَ فِي الْجَوْهَرَةِ الثَّلَاثَةُ الْأَذْرُعِ فِي حَدِّ الْبَعِيدِ وَمَا دُونَهُ قَرِيبٌ اهـ.

وَلَوْ وَقَعَتْ الْحَصَاةُ عَلَى ظَهْرِ رَجُلٍ أَوْ عَلَى مَحْمَلٍ وَثَبَتَتْ عَلَيْهِ أَعَادَهَا، وَإِنْ سَقَطَتْ عَلَى سَنَنِهَا ذَلِكَ أَجْزَأَهُ، وَلَوْ رَمَى بِسَبْعٍ جُمْلَةً أَجْزَأَهُ عَنْ حَصَاةٍ وَالتَّقْيِيدُ بِالْحَصَى لِبَيَانِ الْأَكْمَلِ وَإِلَّا فَيَجُوزُ الرَّمْيُ بِكُلِّ مَا كَانَ مِنْ جِنْسِ الْأَرْضِ كَالْحَجَرِ وَالْمَدَرِ وَمَا يَجُوزُ بِهِ التَّيَمُّمُ، وَلَوْ كَفًّا مِنْ تُرَابٍ، وَلَا يَجُوزُ بِالْخَشَبِ وَالْعَنْبَرِ وَاللُّؤْلُؤِ وَالْجَوْهَرِ وَالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ؛ لِأَنَّهُ يُسَمَّى نِثَارًا كَمَا فِي الْكَافِي وَغَيْرِهِ وَلَا يَصِحُّ بِالْبَعْرِ كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ.

(تَنْبِيهٌ) : قَدَّمْنَا جَوَازَ الرَّمْيِ بِكُلِّ مَا كَانَ مِنْ جِنْسِ الْأَرْضِ وَمِمَّنْ صَرَّحَ بِهِ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ فَشَمِلَ كُلَّ الْأَحْجَارِ النَّفِيسَةِ كَالْيَاقُوتِ وَالزَّبَرْجَدِ وَالزُّمُرُّدِ وَالْبَلْخَشِ وَالْفَيْرُوزَجِ وَالْبِلَّوْرِ وَالْعَقِيقِ وَبِهَذَا صَرَّحَ الزَّيْلَعِيُّ إلَّا أَنَّ الشَّيْخَ أَكْمَلَ الدِّينِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - قَالَ فِي الْعِنَايَةِ اُعْتُرِضَ عَلَى صَاحِبِ الْهِدَايَةِ فِي قَوْلِهِ وَيَجُوزُ الرَّمْيُ بِكُلِّ مَا كَانَ مِنْ أَجْزَاءِ الْأَرْضِ بِالْفَيْرُوزَجِ وَالْيَاقُوتِ فَإِنَّهُمَا مِنْ أَجْزَاءِ الْأَرْضِ حَتَّى جَازَ التَّيَمُّمُ بِهِمَا وَمَعَ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ الرَّمْيُ بِهِمَا حَتَّى لَمْ يَقَعْ مُعْتَدًّا بِهِمَا فِي الرَّمْيِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْجَوَازَ مَشْرُوطٌ بِالِاسْتِهَانَةِ بِرَمْيِهِ وَذَلِكَ لَا يَحْصُلُ بِهِمَا اهـ.

فَقَدْ أَثْبَتَ تَخْصِيصَ الْعُمُومِ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِنَصِّ الزَّيْلَعِيِّ، وَخُصِّصَ بِالْفَيْرُوزَجِ وَالْيَاقُوتِ دُونَ غَيْرِهِمَا فَلْيُتَأَمَّلْ وَيُحَرَّرْ.

(قَوْلُهُ وَكَبَّرَ لِكُلِّ حَصَاةٍ)

<<  <  ج: ص:  >  >>