للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِلْإِحْرَامِ (اللَّهُمَّ إنِّي أُرِيدُ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ فَيَسِّرْهُمَا لِي وَتَقَبَّلْهُمَا مِنِّي وَطَافَ لِلْعُمْرَةِ سَبْعَةٌ يَرْمُلُ فِي الثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ وَيَسْعَى بِلَا حَلْقٍ) بِخِلَافِ الْمُتَمَتِّعِ الَّذِي لَمْ يَسُقْ الْهَدْيَ (ثُمَّ يَحُجُّ) أَيْ يَبْدَأُ بِأَفْعَالِ الْحَجِّ فَيَطُوفُ طَوَافَ الْقُدُومِ وَيَسْعَى (كَمَا مَرَّ) فِي الْمُفْرِدِ (وَكُرِهَ طَوَافَانِ وَسَعْيَانِ لَهُمَا) بِأَنْ طَافَ أَرْبَعَةَ عَشَرَ شَوْطًا سَبْعَةً لِلْعُمْرَةِ وَسَبْعَةً لِطَوَافِ الْقُدُومِ لِلْحَجِّ ثُمَّ سَعَى لَهُمَا، وَإِنَّمَا كُرِهَ؛ لِأَنَّهُ أَخَّرَ سَعْيَ الْعُمْرَةِ وَقَدَّمَ طَوَافَ الْقُدُومِ (وَذَبَحَ لِلْقِرَانِ بَعْدَ رَمْيِ يَوْمِ النَّحْرِ، وَإِنْ عَجَزَ) عَنْ الذَّبْحِ (صَامَ ثَلَاثَةَ) أَيَّامٍ (آخِرُهَا يَوْمُ عَرَفَةَ وَسَبْعَةَ) أَيَّامٍ (بَعْدَ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ أَيْنَ شَاءَ) أَيْ سَوَاءٌ صَامَ بِمَكَّةَ أَوْ غَيْرِهَا (فَإِنْ فَاتَتْ الثَّلَاثَةُ تَعَيَّنَ الدَّمُ وَبِالْوُقُوفِ قَبْلَ الْعُمْرَةِ بَطَلَتْ وَقُضِيَتْ) أَيْ الْعُمْرَةُ (وَوَجَبَ دَمُ الرَّفْضِ وَسَقَطَ دَمُ الْقِرَانِ) .

قَوْلُهُ (وَالتَّمَتُّعُ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ الْقِرَانُ (الْجَمْعُ بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ فِي أَشْهُرِهِ فِي سَنَةٍ وَاحِدَةٍ بِلَا إلْمَامٍ بِأَهْلِهِ

ــ

[حاشية الشرنبلالي]

مُتَعَلِّقٌ بِيَقُولُ وَيُهِلُّ فَيَكُونَانِ بَعْدَ الصَّلَاةِ عَلَى الْوَجْهِ الْأَكْمَلِ وَيُسْتَحَبُّ تَقْدِيمُ الْعُمْرَةِ عَلَى الْحَجِّ فِي الذِّكْرِ عِنْدَ الْإِهْلَالِ وَدُعَاءِ التَّيْسِيرِ وَإِنْ أَخَّرَهَا فِيهِمَا جَازَ كَمَا فِي الْبَحْرِ وَالْكَافِي وَقَالَ فِي الْجَوْهَرَةِ قَدَّمَ فِي بَعْضِ نُسَخِ الْقُدُورِيِّ ذِكْرَ الْحَجِّ تَبَرُّكًا بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} [البقرة: ١٩٦] فَمَنْ مَالَ إلَى الْأَوَّلِ قَالَ؛ لِأَنَّ أَفْعَالَ الْعُمْرَةِ مُقَدَّمَةٌ عَلَى أَفْعَالِ الْحَجِّ اهـ.

وَالْآيَةُ، وَإِنْ وَرَدَتْ فِي التَّمَتُّعِ لَكِنَّ الْقِرَانَ فِي مَعْنَاهُ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ تَرَفَّقَ بِالنُّسُكَيْنِ كَذَا فِي الْكَافِي (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْمُتَمَتِّعِ) أَيْ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ الْحَلْقُ بَعْدَ سَعْيِهِ إنْ لَمْ يَسُقْ الْهَدْيَ كَمَا سَنَذْكُرُهُ (قَوْلُهُ ثُمَّ يَحُجُّ) عَبَّرَ بِحَرْفِ التَّرْتِيبِ وَالتَّرَاخِي لِيُفِيدَ أَنَّهُ لَوْ اشْتَغَلَ بَيْنَ الطَّوَافَيْنِ بِأَكْلٍ أَوْ نَوْمٍ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ (قَوْلُهُ أَيْ يَبْدَأُ. . . إلَخْ) هَذَا التَّرْتِيبُ أَعْنِي تَقْدِيمَ الْعُمْرَةِ عَلَى أَفْعَالِ الْحَجِّ وَاجِبٌ فَلَوْ طَافَ أَوَّلًا لِحَجَّتِهِ وَسَعَى لَهَا ثُمَّ طَافَ لِعُمْرَتِهِ وَسَعَى لَهَا فَطَوَافُهُ الْأَوَّلُ وَسَعْيُهُ يَكُونُ لِلْعُمْرَةِ وَنِيَّتُهُ لَغْوٌ كَذَا فِي الْبَحْرِ، وَلَا يَلْزَمُهُ دَمٌ لِقَوْلِهِ فِي الْبَحْرِ التَّقْدِيمُ وَالتَّأْخِيرُ فِي الْمَنَاسِكِ لَا يُوجِبُ الدَّمَ عِنْدَهُمَا،.

وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ طَوَافُ التَّحِيَّةِ سُنَّةٌ وَتَرْكُهُ لَا يُوجِبُ الدَّمَ فَتَقْدِيمُهُ أَوْلَى اهـ.

(تَنْبِيهٌ) : هَلْ يُشْتَرَطُ فِي الْقِرَانِ الْإِتْيَانُ بِأَكْثَرِ أَشْوَاطِ الْعُمْرَةِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ كَالتَّمَتُّعِ ذَكَرَ فِي الْمُحِيطِ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ وَالْحَقُّ اشْتِرَاطُ فِعْلِ أَكْثَرِ الْعُمْرَةِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ قَالَهُ الْكَمَالُ فِي بَابِ التَّمَتُّعِ (قَوْلُهُ وَذَبَحَ لِلْقِرَانِ) أَيْ شَاةً أَوْ سُبُعَ بَدَنَةٍ وَالِاشْتِرَاكُ فِي الْبَقَرَةِ أَفْضَلُ مِنْ الشَّاةِ وَالْجَزُورُ أَفْضَلُ مِنْ الْبَقَرَةِ كَمَا فِي الْأُضْحِيَّةِ كَذَا فِي الْبَحْرِ وَيُقَيَّدُ بِمَا إذَا كَانَتْ حِصَّتُهُ مِنْ الْبَقَرَةِ أَكْثَرَ قِيمَةً مِنْ الشَّاةِ كَمَا هُوَ فِي مَنْظُومَةِ ابْنِ وَهْبَانَ (قَوْلُهُ صَامَ ثَلَاثَةً آخِرُهَا يَوْمُ عَرَفَةَ) بَيَانٌ لِلْأَفْضَلِ لِمَا قَالَ فِي الْهِدَايَةِ الْأَفْضَلُ أَنْ يَصُومَ قَبْلَ التَّرْوِيَةِ بِيَوْمٍ وَيَوْمَ التَّرْوِيَةِ وَيَوْمَ عَرَفَةَ؛ لِأَنَّ الصَّوْمَ بَدَلٌ عَنْ الْهَدْيِ فَيُسْتَحَبُّ تَأْخِيرُهُ إلَى آخِرِ وَقْتِهِ رَجَاءَ أَنْ يَقْدِرَ عَلَى الْأَصْلِ اهـ.

وَعَلَى هَذَا يُسْتَثْنَى عَدَمُ كَرَاهَةِ صَوْمِ عَرَفَةَ لِلْحَاجِّ عَنْ الْهَدْيِ مِنْ إطْلَاقِهِ كَرَاهَةَ صَوْمِهِ لِلْحَاجِّ، وَالْعِبْرَةُ لِأَيَّامِ النَّحْرِ فِي الْعَجْزِ وَالْقُدْرَةِ أَيْ مَا لَمْ يَحْلِقْ، وَكَذَا لَوْ قَدَرَ عَلَى الْهَدْيِ قَبْلَ أَنْ يُكْمِلَ صَوْمَ الثَّلَاثَةِ أَوْ بَعْدَمَا أَكْمَلَ قَبْلَ أَنْ يَحْلِقَ وَيَحِلَّ وَهُوَ فِي أَيَّامِ الذَّبْحِ بَطَلَ صَوْمُهُ وَلَا يَحِلُّ إلَّا بِالْهَدْيِ، وَلَوْ وَجَدَ الْهَدْيَ بَعْدَ الْحَلْقِ قَبْلَ صَوْمِ السَّبْعَةِ أَيَّامٍ صَحَّ صَوْمُهُ، وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ ذَبْحُ الْهَدْيِ، وَلَوْ صَامَ الثَّلَاثَةَ وَلَمْ يَحْلِقْ وَلَمْ يَحِلَّ حَتَّى مَضَتْ أَيَّامُ الذَّبْحِ ثُمَّ وَجَدَ الْهَدْيَ فَصَوْمُهُ مَاضٍ، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ كَذَا فِي الْبَحْرِ عَنْ الْإِسْبِيجَابِيِّ ثُمَّ بَعْدَ ثَلَاثِينَ سَنَةً مَنَّ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيَّ فَحَقَّقْت لُزُومَ ذَبْحِ الْهَدْيِ لِوُجُودِهِ فِي أَيَّامِ النَّحْرِ بَعْدَ الْحَلْقِ كَمَا لَوْ وَجَدَهُ فِيهَا قَبْلَ الْحَلْقِ وَأَنَّهُ لَا يَتَحَلَّلُ بِذَبْحِ الْهَدْيِ، وَلَا الرَّمْيِ وَلَيْسَ التَّحَلُّلُ إلَّا بِالْحَلْقِ لَكِنْ لَا يَظْهَرُ عَمَلُهُ فِي حِلِّ النِّسَاءِ قَبْلَ الطَّوَافِ وَلَنَا فِيهِ رِسَالَةٌ سَمَّيْتهَا بَدِيعَةَ الْهَدْيِ لِمَا اسْتَيْسَرَ مِنْ الْهَدْيِ (قَوْلُهُ وَسَبْعَةً بَعْدَ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ) احْتَرَزَ بِهِ عَمَّا لَوْ صَامَ أَيَّامَ التَّشْرِيقِ فَإِنَّهُ لَا يُجْزِيهِ عَنْ الْوَاجِبِ لِلنَّهْيِ عَنْ صِيَامِهَا كَذَا فِي الْكَافِي (قَوْلُهُ وَبِالْوُقُوفِ قَبْلَ الْعُمْرَةِ) أَيْ قَبْلَ إتْيَانِهِ بِأَكْثَرِ طَوَافِ الْعُمْرَةِ فَإِنْ أَتَى بِأَكْثَرِ الطَّوَافِ بِقَصْدِهَا أَوْ بِقَصْدِ الْقُدُومِ أَوْ التَّطَوُّعِ لَمْ تَبْطُلْ وَيَأْتِي بِبَاقِيهَا يَوْمَ النَّحْرِ، وَهُوَ قَارِنٌ عَلَى حَالِهِ وَتَلْغُو نِيَّةُ الطَّوَافِ لِغَيْرِهَا، وَإِنْ أَتَى بِأَقَلِّهَا بَطَلَتْ بِالْوُقُوفِ وَقُيِّدَ بُطْلَانُهَا بِالْوُقُوفِ فَلَا تَبْطُلُ بِالذَّهَابِ وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ مَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ وَرَوَى الْحَسَنُ رَفْضَهَا بِمُجَرَّدِ التَّوَجُّهِ كَالْجُمُعَةِ وَالْفَرْقُ عَلَى الصَّحِيحِ أَنَّ الْأَمْرَ هُنَاكَ بِالتَّوَجُّهِ مُتَوَجِّهٌ بَعْدَ أَدَاءِ الظُّهْرِ وَالتَّوَجُّهُ فِي الْقِرَانِ وَالتَّمَتُّعِ مَنْهِيٌّ عَنْهُ قَبْلَ أَدَاءِ الْعُمْرَةِ كَمَا فِي الْبَحْرِ وَغَيْرِهِ

(قَوْلُهُ وَالتَّمَتُّعُ الْجَمْعُ بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ) أَيْ بَيْنَ أَفْعَالِهِمَا وَهُمَا صَحِيحَانِ بِإِحْرَامَيْنِ وَأَكْثَرُ طَوَافِهِمَا فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ بِإِحْرَامٍ بِهَا قَبْلَهَا كَفِعْلِهَا فِيهَا كَمَا سَيَذْكُرُهُ الْمُصَنِّفُ وَفَسَّرْنَا قَوْلَ الْمُصَنِّفِ بِالْأَفْعَالِ؛ لِأَنَّهَا الشَّرْطُ لَا الْإِحْرَامُ إذْ لَوْ أَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ فِي رَمَضَانَ وَأَقَامَ عَلَى إحْرَامِهِ إلَى شَوَّالٍ مِنْ قَابِلٍ وَأَتَى بِهَا فِيهِ وَحَجَّ مِنْ عَامِهِ ذَلِكَ كَانَ مُتَمَتِّعًا وَقَوْلُنَا عَنْ إحْرَامٍ بِهَا قَبْلَهَا احْتِرَازٌ عَمَّنْ وَجَبَ عَلَيْهِ التَّحَلُّلُ بِالْعُمْرَةِ كَفَائِتِ الْحَجِّ فَلَمْ يَتَحَلَّلْ مِنْ إحْرَامِهِ فِي عَامِهِ بَلْ أَخَّرَ إلَى قَابِلٍ فَتَحَلَّلَ بِهَا فِي شَوَّالٍ وَحَجَّ مِنْ عَامِهِ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ مُتَمَتِّعًا كَمَا فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ فِي سَنَةٍ وَاحِدَةٍ) احْتِرَازٌ عَمَّا لَوْ أَتَى بِهِمَا فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ لَكِنْ مِنْ عَامَيْنِ فَإِنَّهُ لَيْسَ بِمُتَمَتِّعٍ كَمَا سَيَذْكُرُهُ الْمُصَنِّفُ عَنْ الْعِنَايَةِ (قَوْلُهُ بِلَا إلْمَامٍ بِأَهْلِهِ) الْإِلْمَامُ النُّزُولُ يُقَالُ أَلَمَّ بِأَهْلِهِ إذَا نَزَلَ

<<  <  ج: ص:  >  >>