للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ضَمِيرِ غَرِمَ وَجَازَ لِلْفَصْلِ

(وَلَدَتْ ظَبْيَةٌ أُخْرِجَتْ مِنْ الْحَرَمِ وَمَاتَا غَرِمَهُمَا) أَيْ الظَّبْيَةَ وَالْوَلَدَ؛ لِأَنَّ الصَّيْدَ بَعْدَ الْإِخْرَاجِ مِنْ الْحَرَمِ بَقِيَ مُسْتَحِقَّ الْأَمْنِ شَرْعًا وَلِهَذَا وَجَبَ رَدُّهُ إلَى مَأْمَنِهِ وَهَذِهِ صِفَةٌ شَرْعِيَّةٌ فَتَسْرِي إلَى الْأَوْلَادِ كَمَا فِي الْحُرِّيَّةِ وَالرِّقِّيَّةِ وَالْكِتَابَةِ وَنَحْوِهَا (وَإِنْ أَدَّى جَزَاءَهَا، ثُمَّ وَلَدَتْ لَمْ يُجْزِهِ) أَيْ لَيْسَ عَلَيْهِ جَزَاءُ الْوَلَدِ إذْ بَعْدَ أَدَاءِ جَزَاءِ الْأُمِّ لَمْ تَبْقَ آمِنَةً؛ لِأَنَّ وُصُولَ الْخَلَفِ كَوُصُولِ الْأَصْلِ

(آفَاقِيّ أَرَادَ الْحَجَّ أَوْ الْعُمْرَةَ) قَيَّدَ بِإِرَادَتِهِمَا إذْ لَوْ لَمْ يُرِدْ شَيْئًا مِنْهُمَا لَا يَجِبُ عَلَيْهِ شَيْءٌ بِمُجَاوَزَةِ الْمِيقَاتِ (وَجَاوَزَ مِيقَاتَهُ لَزِمَهُ دَمٌ فَإِنْ عَادَ فَأَحْرَمَ أَوْ مُحْرِمًا) أَيْ إنْ عَادَ إلَى الْمِيقَاتِ حَالَ كَوْنِهِ مُحْرِمًا فِي الطَّرِيقِ (لَمْ يَشْرَعْ فِي نُسُكٍ) وَإِنَّمَا قَالَ (وَلَبَّى) احْتِرَازًا عَنْ قَوْلِهِمَا فَإِنَّ الْعَوْدَ إلَى الْمِيقَاتِ مُحْرِمًا كَافٍ لِسُقُوطِ الدَّمِ عِنْدَهُمَا، وَأَمَّا عِنْدَهُ فَلَا بُدَّ مِنْ الْعَوْدِ مُحْرِمًا مُلَبِّيًا (سَقَطَ) أَيْ الدَّمُ اللَّازِمُ (وَإِلَّا فَلَا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَعُدْ إلَى الْمِيقَاتِ أَوْ عَادَ

ــ

[حاشية الشرنبلالي]

الْفَرْقُ لِأَبِي حَنِيفَةَ وَبَيْنَ الْمُحْرِمِ الَّذِي قَتَلَهُ أَنَّ حُرْمَتَهُ عَلَى الْقَاتِلِ مِنْ جِهَتَيْنِ لِكَوْنِهِ مَيْتَةً وَتَنَاوَلَهُ مَحْظُورُ إحْرَامِهِ، وَأَمَّا الَّذِي لَمْ يَذْبَحْهُ فَإِنَّمَا هُوَ حَرَامٌ عَلَيْهِ بِجِهَةٍ وَاحِدَةٍ وَهُوَ كَوْنُهُ مَيْتَةً فَإِنْ لَمْ يَتَنَاوَلْ مَحْظُورَ إحْرَامِهِ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ بِأَكْلِ الْمَيْتَةِ سِوَى التَّوْبَةِ وَالِاسْتِغْفَارِ كَذَا فِي الْبَحْرِ

(قَوْلُهُ: غَرِمَهُمَا) أَيْ الْمُخْرِجُ سَوَاءٌ كَانَ مُحْرِمًا أَوْ حَلَالًا (قَوْلُهُ: وَهَذِهِ صِفَةٌ شَرْعِيَّةٌ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ) وَقَالَ الْكَمَالُ هَذِهِ أَيْ كَوْنُهَا مُسْتَحِقَّةَ الْأَمْنِ بِالرَّدِّ إلَى الْمَأْمَنِ صِفَةٌ شَرْعِيَّةٌ فَالتَّأْنِيثُ هُوَ بِاعْتِبَارِ الْخَبَرِ مِثْلُ زَيْدٍ هُوَ هَدِيَّةٌ إلَيْك وَلَا يَصِحُّ عَلَى اعْتِبَارِ اكْتِسَابِ الْكَوْنِ لِلتَّأْنِيثِ مِنْ الْمُضَافِ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ هُنَا مِمَّا لَا يَصِحُّ حَذْفُهُ وَإِقَامَةُ الْمُضَافِ إلَيْهِ مُقَامَهُ لِفَسَادِ الْمَعْنَى؛ لِأَنَّهُ ضَمِيرُ الظَّبْيَةِ وَلَا يَصِحُّ الظَّبْيَةُ صِفَةٌ شَرْعِيَّةٌ بِخِلَافِ نَحْوِ شَرِقَتْ صَدْرُ الْقَنَاةِ مِنْ الدَّمِ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ أَدَّى جَزَاءَهَا فَوَلَدَتْ لَمْ يُجْزِهِ) كَذَلِكَ كُلُّ زِيَادَةٍ فِيهَا مِنْ سِمَنٍ أَوْ شَعْرٍ إنْ كَانَ قَبْلَ التَّكْفِيرِ يَضْمَنُ الزِّيَادَةَ وَيَضْمَنُ الْأَصْلَ وَإِنْ كَانَ بَعْدَهُ لَا يَضْمَنُهَا، وَلَوْ ذَبَحَ الْأُمَّ أَوْ الْأَوْلَادَ يَحِلُّ؛ لِأَنَّهُ صَيْدُ الْحِلِّ لِلْحَلَالِ وَيُكْرَهُ كَذَا فِي التَّبْيِينِ (قَوْلُهُ: إذْ بَعْدَ جَزَاءِ الْأُمِّ لَمْ تَبْقَ أَمِنَةً) الضَّمِيرُ فِي تَبْقَ لِلْأُمِّ أَيْ انْتَفَى عَنْهَا اسْتِحْقَاقُ الْأَمْنِ بِأَدَاءِ ضَمَانِهَا؛ لِأَنَّ وُصُولَ الْخَلَفِ وَهُوَ جَزَاؤُهَا إلَى مَا أَمَرَ بِهِ الشَّارِعُ كَوُصُولِ الْأَصْلِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ، وَذَكَرَ الْكَمَالُ بَحْثًا مِنْهُ، وَقَالَ هَذَا أَدْيَنُ لِلَّهِ بِهِ وَمُحَصِّلُهُ أَنَّهُ إنْ أَعْطَى الْجَزَاءَ وَكَانَ يَقْدِرُ عَلَى إعَادَتِهَا إلَى الْحَرَمِ لَا يَقَعُ كَفَّارَةً وَلَا يَحِلُّ بَعْدَهُ التَّعَرُّضُ لَهَا وَإِنْ كَانَ حَالَ الْعَجْزِ عَنْهُ بِأَنْ هَرَبَتْ فِي الْحِلِّ بَعْدَمَا أَخْرَجَهَا إلَيْهِ خَرَجَ بِالْجَزَاءِ عَنْ عُهْدَتِهَا وَيُكْرَهُ اصْطِيَادُهَا بَعْدَ أَدَاءِ الْجَزَاءِ وَالْهَرَبِ إذَا ظَفِرَ بِهَا لِشُبْهَةِ كَوْنِ دَوَامِ الْعَجْزِ شَرْطَ إجْزَاءِ الْكَفَّارَةِ إلَّا إذَا اصْطَادَهَا لِيَرُدَّهَا إلَى الْحَرَمِ اهـ، وَنَاقَشَهُ فِيهِ صَاحِبُ الْبَحْرِ

(قَوْلُهُ: أَفَاقِيٌّ أَرَادَ الْحَجَّ أَوْ الْعُمْرَةَ) لَيْسَ قَيْدُهُ مُعْتَبَرَ الْمَفْهُومِ لِمَا نَذْكُرُهُ قَرِيبًا (قَوْلُهُ: قَيَّدَ بِإِرَادَتِهِمَا) إذْ لَوْ لَمْ يُرِدْ شَيْئًا مِنْهُمَا لَا يَجِبُ عَلَيْهِ شَيْءٌ بِمُجَاوَزَةِ الْمِيقَاتِ كَذَا قَالَهُ صَدْرُ الشَّرِيعَةِ وَتَبِعَهُ ابْنُ كَمَالٍ بَاشَا وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ لِمَا نَذْكُرُ، وَمَنْشَأُ ذَلِكَ مَا تُوُهِّمَ مِنْ الْهِدَايَةِ حَيْثُ قَالَ فِيهَا، وَهَذَا الَّذِي ذَكَرْنَاهُ أَيْ مِنْ لُزُومِ الدَّمِ بِالْمُجَاوَزَةِ إنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَجَّ أَوْ الْعُمْرَةَ فَإِنْ دَخَلَ الْبُسْتَانُ لِحَاجَةٍ فَلَهُ أَنْ يَدْخُلَ مَكَّةَ بِغَيْرِ إحْرَامٍ اهـ، وَهَذَا الْوَهْمُ مَدْفُوعٌ لِمَا قَالَ الْكَمَالُ قَوْلُهُ: أَيْ فِي الْهِدَايَةِ، وَهَذَا إذَا أَرَادَ الْحَجَّ أَوْ الْعُمْرَةَ يُوهِمُ ظَاهِرُهُ أَنَّ مَا ذَكَرْنَا مِنْ أَنَّهُ إذَا جَاوَزَ غَيْرَ مُحْرِمٍ وَجَبَ الدَّمُ إلَّا أَنْ يَتَلَافَاهُ مَحَلُّهُ مَا إذَا كَانَ الْكُوفِيُّ قَاصِدًا النُّسُكَ فَإِنْ لَمْ يَقْصِدْهُ، بَلْ التِّجَارَةَ أَوْ السِّيَاحَةَ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ بَعْدَ الْإِحْرَامِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ يَجِبُ أَنْ يُحْمَلَ عَلَى أَنَّهُ إنَّمَا ذَكَرَهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْغَالِبَ فِي قَاصِدِي مَكَّةَ مِنْ الْآفَاقِيِّينَ قَصْدُ النُّسُكِ فَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ إذَا أَرَادَ الْحَجَّ أَوْ الْعُمْرَةَ إذَا أَرَادَ مَكَّةَ، ثُمَّ قَالَ بَعْدَ تَوْجِيهِهِ وَمُوجِبُ هَذَا الْحَمْلِ أَنَّ جَمِيعَ الْكُتُبِ نَاطِقَةٌ بِلُزُومِ الْإِحْرَامِ عَلَى مَنْ قَصَدَ مَكَّةَ سَوَاءٌ قَصَدَ النُّسُكَ أَمْ لَا، وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ الْمُصَنِّفُ أَيْ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ فِي فَصْلِ الْمَوَاقِيتِ، ثُمَّ قَالَ الْكَمَالُ بَعْدَ سِيَاقِهِ وَلَا أَصْرَحُ مِنْ هَذَا شَيْءٌ، بَلْ يَنْبَغِي أَنْ يُعْلَمَ قَصْدُ الْحَرَمِ فِي كَوْنِهِ مُوجِبًا لِلْإِحْرَامِ لِقَصْدِهِ مَكَّةَ اهـ فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ آفَاقِيٌّ مُسْلِمٌ بَالِغٌ أَرَادَ دُخُولَ مَكَّةَ وَجَاوَزَ مِيقَاتَهُ لَزِمَهُ دَمٌ. . . إلَخْ وَلَمْ يُقَيِّدْ بِالْحُرِّ لِشُمُولِ الرَّقِيقِ فَإِذَا تَجَاوَزَ بِلَا إحْرَامٍ، ثُمَّ أَذِنَ لَهُ مَوْلَاهُ فَأَحْرَمَ مِنْ مَكَّةَ لَزِمَهُ دَمٌ يُؤْخَذُ بِهِ بَعْدَ الْعِتْقِ وَإِنْ جَاوَزَهُ صَبِيٌّ أَوْ كَافِرٌ فَأَسْلَمَ وَبَلَغَ لَا شَيْءَ عَلَيْهِمَا كَمَا فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ عَادَ فَأَحْرَمَ) أَيْ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ وَسَوَاءٌ عَادَ إلَى الْمِيقَاتِ الَّذِي تَجَاوَزَهُ أَوْ عَادَ إلَى غَيْرِهِ أَقْرَبَ أَوْ أَبْعَدَ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ إنْ كَانَ الَّذِي رَجَعَ إلَيْهِ مُحَاذِيًا لِمَا فَاتَهُ أَوْ أَبْعَدَ وَإِلَّا لَمْ يَسْقُطْ الدَّمُ بِالرُّجُوعِ إلَيْهِ وَالصَّحِيحُ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ كَمَا فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ: لَمْ يَشْرَعْ فِي نُسُكٍ) سَيُبَيِّنُ الْمُصَنِّفُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الطَّوَافَ، وَلَوْ شَرْطًا (قَوْلُهُ: أَوْ مُحْرِمًا لَمْ يَشْرَعْ فِي نُسُكٍ وَلَبَّى) أَيْ عِنْدَهُ وَالتَّقْيِيدُ بِالظَّرْفِ لِبَيَانِ أَنَّ التَّلْبِيَةَ لَوْ حَصَلَتْ دَاخِلَ الْمِيقَاتِ لَا عِنْدَهُ لَا تَكْفِي لِمَا قَالَ فِي الْبَحْرِ قَيَّدَ أَيْ فِي الْكَنْزِ بِقَوْلِهِ، ثُمَّ عَادَ مُحْرِمًا مُلَبِّيًا أَيْ فِي الْمِيقَاتِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ عَادَ مُحْرِمًا وَلَمْ يُلَبِّ فِي الْمِيقَاتِ فَإِنَّهُ لَا يَسْقُطُ عَنْهُ الدَّمُ وَأَشَارَ إلَى أَنَّهُ لَوْ عَادَ مُحْرِمٌ وَلَمْ يُلَبِّ فِيهِ لَكِنْ لَبَّى بَعْدَمَا جَاوَزَهُ، ثُمَّ رَجَعَ وَمَرَّ بِهِ سَاكِتًا فَإِنَّهُ يَسْقُطُ عَنْهُ بِالْأَوْلَى؛ لِأَنَّهُ فَوْقَ الْوَاجِبِ عَلَيْهِ فِي تَعْظِيمِ الْبَيْتِ اهـ.

وَمِثْلُهُ فِي الْفَتْحِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ التَّلْبِيَةَ فِي الْعَوْدِ إنَّمَا تُسْقِطُ الدَّمَ إذَا حَصَلَتْ عِنْدَ الْمِيقَاتِ أَوْ خَارِجَهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَا أَيْ وَإِنْ لَمْ يَعُدْ إلَى الْمِيقَاتِ. . . إلَخْ) لَمْ يَذْكُرْ مَا يَحْتَمِلُهُ الْمَتْنُ مِنْ تَصَوُّرِ الْعَوْدِ بِلَا إحْرَامٍ لِانْفِهَامِ

<<  <  ج: ص:  >  >>