كَانَ فِي الْمَفَازَةِ بُعْدٌ يَثْبُتُ فِيهِ الْحُرْمَةُ اتِّفَاقًا وَالْمُحْرَزُ فِي بَيْتِهِ يَحْرُمُ عِنْدَهُ خِلَافًا لَهُمَا
(وَشُرِطَ لِلْحِلِّ بِالرَّمْيِ التَّسْمِيَةُ) وَعَدَمُ تَرْكِهَا عَمْدًا (وَالْجَرْحُ) لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِعَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ «إذَا رَمَيْت بِسَهْمِك فَاذْكُرْ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ فَإِنْ وَجَدْته قَدْ قَتَلَ فَكُلْ إلَّا أَنْ تَجِدَهُ قَدْ وَقَعَ فِي مَاءٍ فَإِنَّك لَا تَدْرِي الْمَاءُ قَتَلَهُ أَوْ سَهْمُك» (وَعَدَمُ الْقُعُودِ عَنْ طَلَبِهِ لَوْ غَابَ مُتَحَامِلًا سَهْمَهُ) أَيْ رَمَى فَغَابَ عَنْ بَصَرِهِ مُتَحَامِلًا سَهْمَهُ فَإِنْ أَدْرَكَهُ مَيِّتًا فَإِنْ لَمْ يَقْعُدْ عَنْ طَلَبِهِ حَلَّ أَكْلُهُ لِبَذْلِهِ وُسْعَهُ وَإِنْ قَعَدَ عَنْهُ حَرُمَ إذَا كَانَ فِي وُسْعِهِ أَنْ يَطْلُبَهُ، وَقَدْ قَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لَعَلَّ هَوَامَّ الْأَرْضِ قَتَلَتْهُ
(فَإِنْ أَدْرَكَهُ الْمُرْسِلُ أَوْ الرَّمْيُ حَيًّا بِحَيَاةٍ أَقْوَى مِمَّا لِلْمَذْبُوحِ حَلَّ بِالذَّكَاةِ، وَلَوْ مِثْلَهَا حَلَّ بِدُونِهَا) أَيْ لَوْ كَانَ حَيَاتُهُ مِثْلَ حَيَاةِ الْمَذْبُوحِ لَا تَجِبُ تَذْكِيَتُهُ، بَلْ يَحِلُّ بِدُونِهَا وَلَا عِبْرَةَ بِتِلْكَ الْحَيَاةِ، وَأَمَّا الْمُتَرَدِّيَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا بَقَرَ ذِئْبٌ بَطْنَهُ وَبِهِ حَيَاةٌ وَالشَّاةُ الْمَرِيضَةُ فَالْفَتْوَى عَلَى أَنَّ الْحَيَاةَ وَإِنْ قَلَّتْ مُعْتَبَرَةٌ حَتَّى لَوْ ذَكَّاهَا وَفِيهَا حَيَاةٌ قَلِيلَةٌ يَحِلُّ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِلا مَا ذَكَّيْتُمْ} [المائدة: ٣] (وَحَرُمَ) عَطْفٌ عَلَى حَلَّ بِالذَّكَاةِ أَيْ حَرُمَ الصَّيْدُ (إنْ تَرَكَهَا) أَيْ الذَّكَاةَ (عَمْدًا مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهَا فَمَاتَ) لِأَنَّ حَيَاتَهُ لَمَّا كَانَتْ أَقْوَى مِمَّا لِلْمَذْبُوحِ كَانَ ذَكَاتُهُ وَاجِبَةً فَإِذَا تُرِكَتْ حَرُمَ (كَذَا) أَيْ يَحْرُمُ أَيْضًا (إذَا عَجَزَ) عَنْ التَّذْكِيَةِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ؛ لِأَنَّ الْعَجْزَ فِي مِثْلِ هَذَا لَا يُحِلُّ الْحَرَامَ (وَقِيلَ حَلَّ) وَهُوَ رِوَايَةُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ وَقَوْلُ الشَّافِعِيِّ (أَوْ أَرْسَلَ) عَطْفٌ عَلَى تَرَكَهَا (مَجُوسِيٌّ كَلْبَهُ فَزَجَرَهُ مُسْلِمٌ فَانْزَجَرَ) أَيْ أَغْرَاهُ بِالصِّيَاحِ فَاسْتَدَّ (أَوْ قَتَلَهُ مِعْرَاضٌ بِعَرْضِهِ) وَهُوَ سَهْمٌ لَا رِيشَ لَهُ سُمِّيَ بِهِ؛ لِأَنَّهُ يُصِيبُ الشَّيْءَ بِعَرْضِهِ فَإِذَا كَانَ فِي رَأْسِهِ حِدَّةٌ فَأَصَابَ بِحَدِّهِ يَحِلُّ (أَوْ بُنْدُقَةٌ ثَقِيلَةٌ ذَاتُ حِدَّةٍ) إنَّمَا حَرُمَ لِاحْتِمَالِ قَتْلِهَا بِثِقَلِهَا حَتَّى لَوْ كَانَتْ خَفِيفَةً بِهَا حِدَّةٌ يَحِلُّ لِتَيَقُّنِ الْمَوْتِ بِالْجَرْحِ (أَوْ رَمَى صَيْدًا فَوَقَعَ فِي مَاءٍ) لِاحْتِمَالِ أَنَّ الْمَاءَ قَتَلَهُ كَمَا وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ (أَوْ) وَقَعَ (عَلَى سَطْحٍ) أَوْ جَبَلٍ (فَتَرَدَّى مِنْهُ إلَى الْأَرْضِ) لِأَنَّهُ الْمُتَرَدِّيَةُ (وَأَكَلَ إنْ وَقَعَ ابْتِدَاءً عَلَى الْأَرْضِ) لِامْتِنَاعِ الِاحْتِرَازِ عَنْهُ، وَكَذَا الْوَاقِعُ عَلَى السَّطْحِ أَوْ الْجَبَلِ أَوْ الصَّخْرَةِ إنْ لَمْ يَتَرَدَّ (أَوْ أَرْسَلَ مُسْلِمٌ
ــ
[حاشية الشرنبلالي]
مَعَ مَا قَدَّمَهُ مِنْ قَوْلِهِ وَلَا يُؤْكَلُ مَا أَكَلَ الْكَلْبُ أَوْ الْفَهْدُ (قَوْلُهُ: وَالْمُحْرِزُ فِي بَيْتِهِ يَحْرُمُ عِنْدَهُ خِلَافًا لَهُمَا) أَطْلَقَ الْخِلَافَ فَشَمِلَ مَا لَوْ طَالَ زَمَنُ بَقَاءِ الصَّيْدِ أَوْ قَصُرَ وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْخِلَافِ لِمَا قَالَ فِي التَّبْيِينِ وَفَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَالذَّخِيرَةِ قَالَ بَعْضُ الْمَشَايِخِ إنَّمَا تَحْرُمُ تِلْكَ الصَّيُودُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ إذَا كَانَ الْعَهْدُ قَرِيبًا، أَمَّا إذَا تَطَاوَلَ الْعَهْدُ بِأَنْ أَتَى عَلَيْهِ شَهْرٌ فَأَكْثَرُ وَصَاحِبُهُ قَدَّدَ تِلْكَ الصَّيُودَ لَا تَحْرُمُ فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا.
وَقَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ الصَّحِيحُ أَنَّ الْخِلَافَ فِي الْفَصْلَيْنِ. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَعَدَمُ الْقُعُودِ عَنْ طَلَبِهِ) أَيْ فَيَطْلُبُهُ بِنَفْسِهِ أَوْ نَائِبِهِ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا الْمُتَرَدِّيَةُ. . . إلَخْ) كَذَا قَالَ ابْنُ كَمَالٍ بَاشَا وَصَدْرُ الشَّرِيعَةِ وَهُوَ الصَّحِيحُ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ.
وَفِي الِاخْتِيَارِ هُوَ الْمُخْتَارُ
(قَوْلُهُ: وَكَذَا) أَيْ يَحْرُمُ أَيْضًا إذَا عَجَزَ عَنْ التَّذْكِيَةِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ كَذَا فِي عَامَّةِ الْكُتُبِ (قَوْلُهُ: أَوْ بُنْدُقَةٍ ثَقِيلَةٍ. . . إلَخْ) كَذَا قَالَهُ صَدْرُ الشَّرِيعَةِ وَابْنُ كَمَالٍ بَاشَا وَفِي الْمُسْتَصْفَى الْبُنْدُقَةُ طِينَةٌ مُدَوَّرَةٌ يَرْمِي بِهَا.
وَفِي الْجَوْهَرَةِ الْبُنْدُقَةُ إذَا كَانَ لَهَا حِدَّةٌ تَجْرَحُ بِهَا أُكِلَ.
وَقَالَ قَاضِي خَانْ لَا يَحِلُّ صَيْدُ الْبُنْدُقَةِ وَالْحَجَرِ وَالْمِعْرَاضِ وَالْعَصَا وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ وَإِنْ جَرَحَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَخْرِقُ إلَّا أَنْ يَكُونَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ قَدْ حَدَّهُ وَطُولُهُ كَالسَّهْمِ وَأَمْكَنَ أَنْ يَرْمِيَ بِهِ فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ وَخَرَقَهُ يَحُدُّهُ حَلَّ أَكْلُهُ فَأَمَّا الْجَرْحُ الَّذِي يُدَقُّ فِي الْبَاطِنِ وَلَا يَخْرُجُ فِي الظَّاهِرِ لَا يَحِلُّ؛ لِأَنَّهُ لَا يَحْصُلُ بِهِ إنْهَارُ الدَّمِ اهـ.
(قَوْلُهُ: أَوْ رَمَى صَيْدًا فَوَقَعَ فِي مَاءٍ. . . إلَخْ) كَذَا أَطْلَقَهُ صَدْرُ الشَّرِيعَةِ وَابْنُ كَمَالٍ بَاشَا.
وَقَالَ الزَّيْلَعِيُّ هَذَا فِيمَا إذَا كَانَ فِيهِ حَيَاةٌ مُسْتَقِرَّةٌ يَحْرُمُ بِالِاتِّفَاقِ؛ لِأَنَّ مَوْتَهُ يُضَافُ إلَى غَيْرِ الرَّمْيِ وَإِنْ كَانَتْ حَيَاتُهُ دُونَ ذَلِكَ فَهُوَ عَلَى الِاخْتِلَافِ الَّذِي مَرَّ فِي إرْسَالِ الْكَلْبِ، وَقَالَ قَبْلَهُ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ وَقَعَ فِي الْمَاءِ وَهُوَ بِهَذِهِ الْحَالَةِ لَا يَحْرُمُ كَمَا إذَا وَقَعَ بَعْدَ مَوْتِهِ؛ لِأَنَّ مَوْتَهُ لَا يُضَافُ إلَيْهِ اهـ.
وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ الطَّيْرُ إذَا وَقَعَ فِي الْمَاءِ إنْ بَرِّيًّا لَا يَحِلُّ كَانَتْ الْجِرَاحَةُ فَوْقَ الْمَاءِ أَوْ كَانَ مُنْغَمِسًا فِي الْمَاءِ إلَّا أَنْ تَكُونَ الْجِرَاحَةُ بِحَالٍ لَا يُتَوَهَّمُ نَجَاةُ الصَّيْدِ كَمَا إذَا ذَكَّاهُ فَوَقَعَ فِي الْمَاءِ وَإِنْ كَانَ مَائِيًّا أَنَّ الْجِرَاحَةَ فَوْقَ الْمَاءِ يَحِلُّ؛ لِأَنَّهُ عُلِمَ أَنَّهُ مَاتَ مِنْ الْجِرَاحَةِ وَإِنْ كَانَتْ الْجِرَاحَةُ بِحَالٍ يُتَوَهَّمُ نَجَاةُ الصَّيْدِ مِنْهَا لَوْلَا الْوُقُوعُ لَا يَحِلُّ اهـ.
وَفِي قَاضِي خَانْ إنْ وَقَعَ فِي مَاءٍ فَمَاتَ لَا يُؤْكَلُ لَعَلَّ أَنَّ وُقُوعَهُ فِي الْمَاءِ قَتَلَهُ وَيَسْتَوِي فِي ذَلِكَ طَيْرُ الْمَاءِ؛ لِأَنَّ طَيْرَ الْمَاءِ إنَّمَا يَعِيشُ فِي الْمَاءِ غَيْرَ مَجْرُوحٍ اهـ.
وَنَقَلَهُ فِي الذَّخِيرَةِ مَا قَالَهُ قَاضِي خَانْ عَنْ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيِّ بَعْدَمَا ذَكَرَ مِثْلَ مَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ، ثُمَّ قَالَ فَلْيُتَأَمَّلْ عِنْدَ الْفَتْوَى.
وَفِي الْقُنْيَةِ عَنْ شَرْحِ السَّرَخْسِيِّ رَمَى صَيْدًا فَجَرَحَ ظَهْرَهُ وَمَاتَ فِي الْمَاءِ لَا يَحِلُّ.
وَفِي شَرْحِ بَكْرٍ خُوَاهَرْ زَادَهْ يَحِلُّ وَإِنْ أَصَابَ بَطْنَهُ أَوْ جَنْبَهُ لَا يَحِلُّ اهـ.
(قَوْلُهُ: أَوْ وَقَعَ عَلَى سَطْحٍ أَوْ جَبَلٍ. . . إلَخْ) قَالَ الزَّيْلَعِيُّ هَذَا فِيمَا إذَا كَانَ فِيهِ حَيَاةٌ مُسْتَقِرَّةٌ يَحْرُمُ بِالِاتِّفَاقِ؛ لِأَنَّ مَوْتَهُ مُضَافٌ إلَى غَيْرِ الرَّمْيِ وَإِنْ كَانَتْ حَيَاتُهُ دُونَ ذَلِكَ فَهُوَ عَلَى الِاخْتِلَافِ الَّذِي ذَكَرَهُ فِي إرْسَالِ الْكَلْبِ اهـ.
(قَوْلُهُ: أَوْ الصَّخْرَةِ إنْ لَمْ يَتَرَدَّ) وَاضِحٌ فِيمَا إذَا لَمْ تَنْشَقَّ بَطْنُهُ، وَأَمَّا إذَا