للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَيْسَتْ مِنْ عَمَلِ الْجِهَادِ فَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ التَّسْوِيَةُ فِي الْجِهَادِ إذْ مَا يَأْخُذُهُ فِي الدَّلَالَةِ بِمَنْزِلَةِ الْأُجْرَةِ فَيُعْطَى بَالِغًا مَا بَلَغَ.

(الْخُمُسُ لِلْيَتِيمِ وَالْمِسْكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَقُدِّمَ فُقَرَاءُ ذَوِي الْقُرْبَى عَلَيْهِمْ وَلَا شَيْءَ لِغَنِيِّهِمْ وَذَكَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى) فِي قَوْلِهِ جَلَّ جَلَالُهُ {فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ} [الأنفال: ٤١] (لِلتَّبَرُّكِ) أَيْ لِافْتِتَاحِ الْكَلَامِ تَبَرُّكًا بِاسْمِهِ تَعَالَى؛ لِأَنَّ الْكُلَّ لَهُ وَهُوَ غَيْرُ مُحْتَاجٍ إلَى شَيْءٍ (وَسَهْمُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَقَطَ بَعْدَهُ) لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَسْتَحِقُّهُ بِالرِّسَالَةِ وَلَا رَسُولَ بَعْدَهُ كَالصَّفِيِّ وَهُوَ مَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَصْطَفِيهِ لِنَفْسِهِ مِنْ الْغَنِيمَةِ وَيَسْتَعِينُ بِهِ عَلَى أُمُورِ الْمُسْلِمِينَ (مَنْ دَخَلَ دَارَهُمْ فَأَغَارَ خُمُسٌ إلَّا مَنْ لَا مَنَعَةَ لَهُ وَلَا إذْنَ) فَإِنَّ الْخُمُسَ إنَّمَا يُؤْخَذُ مِنْ الْغَنِيمَةِ وَهِيَ مَا يُؤْخَذُ مِنْ الْكُفَّارِ قَهْرًا وَهُوَ إمَّا بِالْمَنَعَةِ أَوْ بِإِذْنِ الْإِمَامِ فَإِنَّهُ فِي حُكْمِ الْمَنَعَةِ؛ لِأَنَّهُ بِالْإِذْنِ الْتَزَمَ نُصْرَتَهُ (وَلِلْإِمَامِ أَنْ يَنْفُلَ) التَّنْفِيلُ إعْطَاءُ شَيْءٍ زَائِدٍ عَلَى سَهْمِ الْغَنِيمَةِ (وَقْتَ الْقِتَالِ حَثًّا) . أَيْ إغْرَاءً (فَيَقُولُ «مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ» ) وَسَيَأْتِي مَعْنَى السَّلَبِ وَهُوَ مَنْدُوبٌ إلَيْهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ} [الأنفال: ٦٥] (أَوْ) يَقُولُ (مَنْ أَخَذَ شَيْئًا فَهُوَ لَهُ وَيَسْتَحِقُّ الْإِمَامُ) النَّفَلَ اسْتِحْسَانًا فِي قَوْلِهِ «مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ» (إذَا قَتَلَ) الْإِمَامُ (قَتِيلًا) لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ بَابِ الْقَضَاءِ، وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ بَابِ اسْتِحْقَاقِ الْغَنِيمَةِ وَلِهَذَا يَدْخُلُ فِيهِ كُلُّ مَنْ يَسْتَحِقُّ الْغَنِيمَةَ سَهْمًا أَوْ رَضْخًا فَلَا يُتَّهَمُ بِهِ (لَا مَنْ) أَيْ لَا يَسْتَحِقُّ الْإِمَامُ النَّفَلَ إذَا قَالَ مَنْ (قَتَلْته أَنَا فَلِي سَلَبُهُ) ؛ لِأَنَّهُ خَصَّ نَفْسَهُ فَصَارَ مُتَّهَمًا (وَلَا) أَيْ لَا يَسْتَحِقُّ الْإِمَامُ النَّفَلَ أَيْضًا إذَا قَالَ (مَنْ قَتَلَ مِنْكُمْ) لِأَنَّهُ مَيَّزَ نَفْسَهُ مِنْهُمْ (وَذَا) أَيْ اسْتِحْقَاقُ السَّلَبِ إنَّمَا يَكُونُ (إذَا كَانَ الْقَتِيلُ مُبَاحَ الْقَتْلِ) حَتَّى لَا يَسْتَحِقَّهُ بِقَتْلِ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ وَالْمَجَانِينِ؛ لِأَنَّ التَّنْفِيلَ تَحْرِيضٌ عَلَى الْقِتَالِ، وَإِنَّمَا يَتَحَقَّقُ ذَلِكَ فِي الْمَقَاتِلِ حَتَّى لَوْ قَاتَلَ الصَّبِيُّ فَقَتَلَهُ مُسْلِمٌ اُسْتُحِقَّ سَلَبُهُ لِكَوْنِهِ بِالْقِتَالِ مُبَاحَ الدَّمِ وَيُسْتَحَقُّ السَّلَبُ بِقَتْلِ الْمَرِيضِ وَالْأَجِيرِ مِنْهُمْ وَالتَّاجِرِ فِي عَسْكَرِهِمْ وَالذِّمِّيِّ الَّذِي نَقَضَ الْعَهْدَ وَخَرَجَ؛ لِأَنَّ بُنْيَتَهُمْ صَالِحَةٌ لِلْقِتَالِ أَوْ هُمْ مُقَاتِلُونَ بِرَأْيِهِمْ.

(أَوْ يَقُولُ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ فَيَقُولُ أَيْ يَقُولُ الْإِمَامُ (لِسَرِيَّةٍ)

ــ

[حاشية الشرنبلالي]

لَوْ أُكْرِهَ عَلَى غَيْرِ الْبَيْعِ مِنْ الرَّهْنِ وَنَحْوِهِ اسْتَحَقَّ سَهْمَ فَارِسٍ لِمَا ذُكِرَ مِنْ الْعِلَّةِ. اهـ. وَإِذَا بَاعَهُ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الْقِتَالِ لَمْ يَسْقُطْ سَهْمُ الْفَارِسِ كَمَا فِي الْجَوْهَرَةِ وَالتَّبْيِينِ.

(قَوْلُهُ الْخُمُسُ لِلْيَتِيمِ وَالْمِسْكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ) مُفِيدٌ أَنَّهُ يُقْسَمُ الْخُمُسُ ثَلَاثَةَ أَقْسَامٍ عَلَى الثَّلَاثَةِ الْأَصْنَافِ.

وَقَالَ قَاضِي خَانْ إنْ صَرْفَ الْخُمُسِ إلَى صِنْفٍ وَاحِدٍ مِنْ الْأَصْنَافِ الثَّلَاثَةِ جَازَ عِنْدَنَا. اهـ.

وَمِثْلُهُ فِي الْبَحْرِ عَنْ فَتْحِ الْقَدِيرِ وَعَلَّلَهُ فِي الْبَدَائِعِ بِأَنْ ذَكَرَ هَؤُلَاءِ الْأَصْنَافَ لِبَيَانِ الْمَصَارِفِ لَا لِإِيجَابِ الصَّرْفِ إلَى كُلِّ صِنْفٍ مِنْهُمْ شَيْئًا بَلْ لِتَعْيِينِ الْمَصْرِفِ حَتَّى لَا يَجُوزَ الصَّرْفُ إلَى غَيْرِ هَؤُلَاءِ كَمَا فِي الصَّدَقَاتِ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَقُدِّمَ فُقَرَاءُ ذَوِي الْقُرْبَى) إشَارَةٌ إلَى دُخُولِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَأَبْنَاءِ السَّبِيلِ فِي الْأَصْنَافِ الثَّلَاثَةِ إذَا كَانُوا فُقَرَاءَ لَكِنَّهُ يُبْدَأُ بِهِمْ وَثُبُوتُ اسْتِحْقَاقِهِمْ هُوَ الْأَصَحُّ.

وَقَالَ الطَّحَاوِيُّ بِسُقُوطِهِ كَمَا فِي الْكَافِي لِلنَّسَفِيِّ وَقَالَ فِي الْجَوْهَرَةِ سَهْمُ ذَوِي الْقُرْبَى يَسْتَحِقُّونَهُ بَعْدَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْفَقْرِ يُقْسَمُ بَيْنَهُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ وَيَكُونُ لِبَنِي هَاشِمٍ وَبَنِي الْمُطَّلِبِ دُونَ غَيْرِهِمْ مِنْ بَنِي عَبْدِ شَمْسٍ وَبَنِي نَوْفَلٍ. اهـ. .

وَفِي الْبَدَائِعِ تُعْطَى الْقَرَابَةُ كِفَايَتَهُمْ. (قَوْلُهُ: وَلَا شَيْءَ لِغَنِيِّهِمْ) فَإِنْ قِيلَ فَلَا فَائِدَةَ حِينَئِذٍ فِي ذِكْرِ اسْمِ الْيَتِيمِ حَيْثُ كَانَ اسْتِحْقَاقُهُ بِالْفَقْرِ وَالْمَسْكَنَةِ لَا بِالْيُتْمِ، أُجِيبَ بِأَنَّ فَائِدَتَهُ دَفْعُ تَوَهُّمِ أَنَّ الْيَتِيمَ لَا يَسْتَحِقُّ مِنْ الْغَنِيمَةِ شَيْئًا؛ لِأَنَّ اسْتِحْقَاقَهَا بِالْجِهَادِ وَالْيَتِيمُ صَغِيرٌ فَلَا يَسْتَحِقُّهَا، كَذَا فِي الْبَحْرِ. (قَوْلُهُ: كَالصَّفِيِّ) قَالَ فِي طُلْبَةِ الطَّلَبَةِ وَكَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا يَسْتَأْثِرُ بِالصَّفِيِّ زِيَادَةً عَلَى سَهْمِهِ.

(قَوْلُهُ: أَوْ بِإِذْنِ الْإِمَامِ) سَوَاءٌ كَانَ لِلْمُسْتَأْذِنِ مَنَعَةٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ قَالَ فِي الْجَوْهَرَةِ إذَا دَخَلَ وَاحِدٌ أَوْ اثْنَانِ بِإِذْنِ الْإِمَامِ فَفِيهِ رِوَايَتَانِ الْمَشْهُورُ أَنَّهُ يُخْمَسُ وَالْبَاقِي لِمَنْ أَصَابَهُ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا أَذِنَ لَهُمْ فَقَدْ الْتَزَمَ نُصْرَتَهُمْ. اهـ. وَمِثْلُهُ فِي الْكَافِي.

(قَوْلُهُ: وَلِلْإِمَامِ أَنْ يَنْفُلَ أَيْ نُدِبَ لَهُ كَمَا سَيَذْكُرُهُ الْمُصَنِّفُ، وَإِذَا نَفَلَ) فَلَا خُمُسَ فِيمَا أَصَابَهُ أَحَدٌ وَيُورَثُ عَنْهُ وَلَوْ مَاتَ بِدَارِ الْحَرْبِ وَإِنْ لَمْ يَحِلَّ وَطْؤُهَا مَعَ اسْتِبْرَائِهَا بِدَارِ الْحَرْبِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لَوْ كَانَتْ أَمَةً نَفَلَ بِهَا خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ كَمَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.

(قَوْلُهُ: أَوْ يَقُولُ مَنْ أَخَذَ شَيْئًا فَهُوَ لَهُ) يَدْخُلُ فِيهِ الْإِمَامُ كَمَا فِي مُنْيَةِ الْمُفْتِي (قَوْلُهُ لَا يَسْتَحِقُّ الْإِمَامُ النَّفَلَ إذَا قَالَ مَنْ قَتَلْته أَنَا) قَالَ فِي الظَّهِيرِيَّةِ إلَّا إذَا عُمِّمَ بَعْدَهُ وَيَقَعُ التَّنْفِيلُ عَلَى كُلِّ قِتَالٍ فِي تِلْكَ السَّفْرَةِ مَا لَمْ يَرْجِعُوا وَلَا يَبْطُلُ بِمَوْتِ الْوَالِي وَعَزْلِهِ مَا لَمْ يَمْنَعْهُ الثَّانِي، كَذَا فِي الْبَحْرِ.

(قَوْلُهُ أَوْ يَقُولُ لِسَرِيَّةٍ. . . إلَخْ) ظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ مَتْنًا مُسْتَنَدُهُ مَا نَقَلَهُ عَنْ السِّيَرِ التَّسْوِيَةُ بَيْنَ الْعَسْكَرِ فَاقْتَضَى صِحَّتَهُ لِلسَّرِيَّةِ دُونَ الْعَسْكَرِ، وَقَدْ نُقِلَ فِي الْبَحْرِ عَنْ الْكَمَالِ عَنْ السِّيَرِ التَّسْوِيَةُ بَيْنَ الْعَسْكَرِ وَالسَّرِيَّةِ فِي عَدَمِ الصِّحَّةِ حَيْثُ قَالَ لَوْ قَالَ لِلْعَسْكَرِ كُلُّ مَا أَخَذْتُمْ فَهُوَ لَكُمْ بِالسَّوِيَّةِ بَعْدَ الْخُمُسِ أَوْ لِلسَّرِيَّةِ لَمْ يَجُزْ لِأَنَّ فِيهِ إبْطَالَ السَّهْمَيْنِ اللَّذَيْنِ أَوْجَبَهُمَا الشَّرْعُ إذْ فِيهِ تَسْوِيَةُ الْفَارِسِ بِالرَّاجِلِ وَكَذَا لَوْ قَالَ مَا أَصَبْتُمْ فَهُوَ لَكُمْ وَلَمْ يَقُلْ بَعْدَ الْخُمُسِ؛ لِأَنَّ فِيهِ إبْطَالَ الْخُمُسِ الثَّابِتِ بِالنَّصِّ ذَكَرَهُ فِي السِّيَرِ الْكَبِيرِ

<<  <  ج: ص:  >  >>