للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

زَوْجِهَا فَلَهَا التَّزَوُّجُ بِآخَرَ بَعْدَ الْعِدَّةِ) كَمَا فِي الْإِخْبَارِ بِمَوْتِهِ وَتَطْلِيقِهِ.

(لَا تُقْتَلُ مُرْتَدَّةٌ) خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ، وَإِنْ قَتَلَهَا أَحَدٌ لَا يَضْمَنُ شَيْئًا حُرَّةً كَانَتْ أَوْ أَمَةً قَالَ فِي النِّهَايَةِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ (وَتُحْبَسُ حَتَّى تُسْلِمَ) ؛ لِأَنَّهَا امْتَنَعَتْ عَنْ إيفَاءِ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى بَعْدَ الْإِقْرَارِ فَتُجْبَرُ عَلَى إيفَائِهِ بِالْحَبْسِ كَمَا فِي حُقُوقِ الْعِبَادِ حُرَّةً كَانَتْ أَوْ أَمَةً، وَالْأَمَةُ يُجْبِرُهَا مَوْلَاهَا وَيُرْوَى تُضْرَبُ فِي كُلِّ يَوْمٍ مُبَالَغَةً فِي الْحَمْلِ عَلَى الْإِسْلَامِ (وَصَحَّ تَصَرُّفُهَا وَكَسْبَاهَا لِوَرَثَتِهَا) أَيْ كَسْبُ الْإِسْلَامِ وَكَسْبُ الرِّدَّةِ.

(وَلَدَتْ أَمَتُهُ) مُسْلِمَةً كَانَتْ أَوْ نَصْرَانِيَّةً (فَادَّعَاهُ فَهُوَ ابْنُهُ حُرًّا يَرِثُهُ فِي الْمُسْلِمَةِ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ بَيْنَ الِارْتِدَادِ وَالْوِلَادَةِ أَقَلُّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ أَوْ أَكْثَرُ لِأَنَّ الْوَلَدَ يَتْبَعُ خَيْرَ الْأَبَوَيْنِ دِينًا فَيَتْبَعُ الْأُمَّ فَكَانَ مُسْلِمًا وَالْمُسْلِمُ يَرِثُ الْمُرْتَدَّ (إنْ مَاتَ أَوْ لَحِقَ) بِدَارِ الْحَرْبِ (كَذَا) أَمَتُهُ (النَّصْرَانِيَّةُ) يَعْنِي إذَا وَلَدَتْ فَادَّعَاهُ فَهُوَ ابْنُهُ حُرًّا يَرِثُهُ (إلَّا إذَا جَاءَتْ بِهِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ أَوْ أَكْثَرَ مُنْذُ ارْتَدَّ) فَإِنَّهُ إذَا جَاءَتْ بِهِ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ كَانَ الْعُلُوقُ فِي حَالَةِ الْإِسْلَامِ فَيَكُونُ مُسْلِمًا يَرِثُ الْمُرْتَدَّ، وَإِنْ جَاءَتْ لِأَكْثَرَ مِنْهُ كَانَ الْعُلُوقُ مِنْ مَاءِ الْمُرْتَدِّ فَيَتْبَعُ الْمُرْتَدَّ؛ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى الْإِسْلَامِ مِنْ الْأُمِّ؛ لِأَنَّهُ يُجْبَرُ عَلَيْهِ فَالظَّاهِرُ مِنْ حَالِهِ أَنْ يُسْلِمَ فَإِذَا كَانَ مُرْتَدًّا لَا يَرِثُ؛ لِأَنَّ الْمُرْتَدَّ لَا يَرِثُ الْمُرْتَدَّ.

(لَحِقَ) بِدَارِ الْحَرْبِ (بِمَالِهِ) أَيْ مَعَ مَالِهِ (وَظَهَرَ عَلَيْهِ فَمَالُهُ فَيْءٌ) أَيْ لَا نَفْسُهُ لِأَنَّ الْمُرْتَدَّ لَا يُسْتَرَقُّ وَلَيْسَ عَلَيْهِ إلَّا الْإِسْلَامُ أَوْ السَّيْفُ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمَالُ فَيْئًا دُونَ النَّفْسِ كَمُشْرِكِي الْعَرَبِ (وَلَحِقَ بِدُونِهِ) أَيْ بِدُونِ مَالِهِ (وَحَكَمَ الْقَاضِي) بِلَحَاقِهِ (فَرَجَعَ) إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ (فَلَحِقَ) بِدَارِ الْحَرْبِ ثَانِيًا (بِهِ) أَيْ مَعَ مَالِهِ فَظَهَرَ عَلَيْهِ فَهُوَ لِوَارِثِهِ قَبْلَ قِسْمَتِهِ بَيْنَ الْغَانِمِينَ؛ لِأَنَّ

ــ

[حاشية الشرنبلالي]

زَوْجِهَا) لَمْ يُبَيِّنْ شَرْطَ الْمُخْبِرِ وَلَمْ يَذْكُرْ إخْبَارَ الزَّوْجِ بِارْتِدَادِهَا.

وَقَالَ فِي الْمَبْسُوطِ لَوْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً فَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا حَتَّى غَابَ فَأَخْبَرَهُ مُخْبِرٌ أَنَّهَا قَدْ ارْتَدَّتْ عَنْ الْإِسْلَامِ وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ وَالْمُخْبِرُ ثِقَةٌ عِنْدَهُ وَهُوَ حُرٌّ أَوْ مَمْلُوكٌ أَوْ مَحْدُودٌ فِي قَذْفٍ وَسِعَهُ أَنْ يُصَدِّقَهُ وَيَتَزَوَّجَ أَرْبَعًا سِوَاهَا؛ لِأَنَّهُ أَخْبَرَهُ بِأَمْرٍ دِينِيٍّ وَهُوَ حَلَّ نِكَاحُ الْأَرْبَعِ لَهُ وَهَذَا أَمْرٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَبِّهِ وَكَذَا إذَا كَانَ غَيْرَ ثِقَةٍ وَكَانَ أَكْبَرُ رَأْيِهِ أَنَّهُ صَادِقٌ؛ لِأَنَّ خَبَرَ الْفَاسِقِ يَتَأَيَّدُ بِأَكْبَرِ الرَّأْيِ وَإِنْ كَانَ أَكْبَرُ رَأْيِهِ أَنَّهُ كَاذِبٌ لَمْ يَتَزَوَّجْ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثٍ؛ لِأَنَّ خَبَرَهُ يَسْقُطُ بِمُعَارَضَةِ أَكْبَرِ الرَّأْيِ بِخِلَافِهِ وَلَوْ كَانَ الْمُخْبِرُ أَخْبَرَ الْمَرْأَةَ أَنَّ زَوْجَهَا قَدْ ارْتَدَّ فَلَهَا أَنْ تَتَزَوَّجَ بِزَوْجٍ آخَرَ فِي رِوَايَةِ هَذَا الْكِتَابِ أَيْضًا،.

وَفِي السِّيَرِ الْكَبِيرِ يَقُولُ لَيْسَ لَهَا ذَلِكَ حَتَّى يَشْهَدَ عِنْدَهَا بِذَلِكَ رَجُلَانِ أَوْ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ قَالَ؛ لِأَنَّ رِدَّةَ الزَّوْجِ أَغْلَظُ حَتَّى يَتَعَلَّقَ بِهَا اسْتِحْقَاقُ الْقَتْلِ، بِخِلَافِ رِدَّةِ الْمَرْأَةِ وَمَا ذُكِرَ هُنَا أَصَحُّ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ الْإِخْبَارُ بِوُقُوعِ الْفُرْقَةِ لَا إثْبَاتُ الرِّدَّةِ. اهـ. وَمِثْلُهُ فِي قَاضِي خَانْ.

(قَوْلُهُ: كَمَا فِي الْإِخْبَارِ بِمَوْتِهِ وَتَطْلِيقِهِ) وَيُشْتَرَطُ فِيهِ مَا قَالَ فِي الْمَوَاهِبِ لَوْ أَخْبَرَهَا ثِقَةٌ أَنَّ زَوْجَهَا الْغَائِبَ مَاتَ أَوْ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا أَوْ غَيْرُ ثِقَةٍ وَمَعَهُ كِتَابٌ بِطَلَاقِهَا وَلَمْ تَدْرِ أَنَّهُ مِنْهُ إلَّا أَنَّهَا تَحَرَّتْ فَتَرَجَّحَ صِدْقُهُ جَازَ لَهَا الِاعْتِدَادُ وَالتَّزَوُّجُ. اهـ.

(قَوْلُهُ: لَا تُقْتَلُ مُرْتَدَّةٌ) قَالَ فِي الْبَحْرِ إلَّا إذَا كَانَتْ سَاحِرَةً تَعْتَقِدُ أَنَّهَا هِيَ الْخَالِقَةُ لِذَلِكَ فَتُقْتَلُ فِي الْأَصَحِّ. اهـ. أَيْ مَا لَمْ تَتُبْ.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ قَتَلَهَا أَحَدٌ لَا يَضْمَنُ شَيْئًا حُرَّةً كَانَتْ أَوْ أَمَةً. . . إلَخْ) يُخَالِفُهُ فِي ضَمَانِ الْأَمَةِ مَا قَالَ فِي التَّتَارْخَانِيَّة عَنْ الْغِيَاثِيَّةِ يَضْمَنُ لِمَوْلَاهَا كَمَا فِي الْبَحْرِ.

(قَوْلُهُ: وَالْأَمَةُ يُجْبِرُهَا مَوْلَاهَا) أَيْ تُدْفَعُ لِمَوْلَاهَا فَيُجْعَلُ حَبْسُهَا فِي بَيْتِ السَّيِّدِ سَوَاءٌ طَلَبَ ذَلِكَ أَمْ لَا فِي الصَّحِيحِ جَمْعًا بَيْنَ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى وَحَقِّ السَّيِّدِ فِي الِاسْتِخْدَامِ لَكِنَّهُ لَا يَطَؤُهَا صَرَّحَ بِهِ الْإِسْبِيجَابِيُّ، بِخِلَافِ الْعَبْدِ الْمُرْتَدِّ لِأَنَّهُ يُقْتَلُ، كَذَا فِي الْبَحْرِ.

(قَوْلُهُ: وَيُرْوَى تُضْرَبُ فِي كُلِّ يَوْمٍ) إنَّمَا قَالَهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ ضَرْبَهَا فِي الْجَامِعِ الْكَبِيرِ وَلَا فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَة وَيُرْوَى عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهَا تُضْرَبُ فِي كُلِّ أَيَّامٍ وَقَدَّرَهَا بَعْضُهُمْ بِثَلَاثَةٍ، وَعَنْ الْحَسَنِ تُضْرَبُ كُلَّ يَوْمٍ تِسْعَةً وَثَلَاثِينَ سَوْطًا إلَى أَنْ تَمُوتَ أَوْ تُسْلِمَ وَلَمْ يَخُصَّهُ بِحُرَّةٍ وَلَا أَمَةٍ وَهَذَا قَتْلٌ مَعْنًى؛ لِأَنَّ مُوَالَاةَ الضَّرْبِ تُفْضِي إلَيْهِ، كَذَا فِي الْفَتْحِ.

وَقَالَ الزَّيْلَعِيُّ: تُضْرَبُ فِي كُلِّ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مُبَالَغَةً فِي الْحَمْلِ عَلَى الْإِسْلَامِ اهـ فَقَدْ مَشَى عَلَى مَا قَدَّرَهُ الْبَعْضُ جَازَ مَا بِهِ أَنَّهُ الْمَذْهَبُ لِعَدَمِ حِكَايَةِ غَيْرِهِ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْكَمَالِ عَدَمُ ارْتِضَاعِهِ.

(قَوْلُهُ: وَكَسْبَاهَا لِوَرَثَتِهَا) وَلَا يَرِثُ الزَّوْجُ إذَا ارْتَدَّتْ فِي صِحَّتِهَا، وَأَمَّا إذَا ارْتَدَّتْ وَهِيَ مَرِيضَةٌ فَمَاتَتْ مِنْ ذَلِكَ الْمَرَضِ وَرِثَ الزَّوْجُ مِنْهَا لِأَنَّهَا قَصَدَتْ الْفِرَارَ وَالزَّوْجُ إذَا ارْتَدَّ وَهُوَ صَحِيحٌ فَإِنَّهَا تَرِثُ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ يُقْتَلُ أَشْبَهَ الطَّلَاقَ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ، كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ.

(قَوْلُهُ: كَذَا أَمَتُهُ النَّصْرَانِيَّةُ) أَرَادَ بِهِ مَنْ يَحِلُّ لَهُ وَطْؤُهَا مِنْ الْكِتَابِيَّاتِ.

(قَوْلُهُ: فَظُهِرَ عَلَيْهِ) أَيْ غُلِبَ عَلَيْهِ قَالَ فِي الْمُغْرِبِ ظَهَرَ غَلَبَ وَظَهَرَ عَلَى اللِّصِّ غَلَبَ وَهُوَ مِنْ قَوْلِهِمْ ظَهَرَ فَلِأَنَّ السَّطْحَ إذَا عَلَاهُ وَحَقِيقَتُهُ صَارَ عَلَى ظَهْرِهِ. اهـ. كَذَا فِي الْبَحْرِ.

(قَوْلُهُ: وَحَكَمَ الْقَاضِي بِلَحَاقِهِ) قَيَّدَ الْمَسْأَلَةَ بِحُكْمِ الْقَاضِي وَلَيْسَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ كَمَا سَنَذْكُرُهُ، وَقَدْ أَطْلَقَهَا فِي الْكَنْزِ وَالْهِدَايَةِ عَنْهُ تَبَعًا لِظَاهِرِ الرِّوَايَةِ كَالْجَامِعِ الصَّغِيرِ.

(قَوْلُهُ: فَهُوَ لِوَارِثِهِ قَبْلَ الْقِسْمَةِ بَيْنَ الْغَانِمِينَ) أَيْ بِغَيْرِ شَيْءٍ وَإِنْ وَجَدَهُ بَعْدَهَا أَخَذَهُ بِقِيمَتِهِ إنْ شَاءَ وَلَوْ كَانَ مِثْلِيًّا فَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ لَا يُؤْخَذُ لِعَدَمِ الْفَائِدَةِ كَمَا فِي الْفَتْحِ

<<  <  ج: ص:  >  >>