مَعْلُومًا كَمَا فِي الْأُمُورِ الْمَعْدُودَةِ، فَإِنَّ حِكْمَةَ الْحُكْمِ تُرَاعَى فِي الْجِنْسِ لَا فِي كُلِّ فَرْدٍ فَرْدٍ، فَإِنْ قِيلَ: إذَا عُلِمَ عَدَمُ وَطْءِ الْمَوْلَى كَيْفَ يُتَوَهَّمُ شَغْلُ الرَّحِمِ لِيَلْزَمَ اخْتِلَاطُ الْمَاءِ وَاشْتِبَاهُ النَّسَبِ قُلْنَا الشَّغْلُ لَا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ مِنْ الْمَوْلَى لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ مِنْ غَيْرِهِ وَكَذَا التَّوَهُّمُ فِي الْبِكْرِ ثَابِتٌ؛ لِأَنَّ الشَّغْلَ يُتَصَوَّرُ بِدُونِ زَوَالِ الْعُذْرَةِ، كَذَا فِي الْكَافِي أَقُولُ يُرَدُّ عَلَيْهِ أَنَّ الشَّغْلَ إذَا كَانَ مِنْ غَيْرِ الْمَوْلَى كَانَ مِنْ الزِّنَا وَقَدْ تَقَرَّرَ أَنَّ نِكَاحَ الْمُزَنِيَّة وَوَطْأَهَا جَائِزٌ بِلَا اسْتِبْرَاءٍ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ فَكَيْفَ يُوجِبُ تَوَهُّمُ الشَّغْلِ مِنْ الزِّنَا الِاسْتِبْرَاءَ وَيُمْكِنُ دَفْعُهُ بِأَنَّ الشَّغْلَ إذَا كَانَ مِنْ غَيْرِ الْمَوْلَى لَا يَجِبُ كَوْنُهُ مِنْ الزِّنَا لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ الْمَوْلَى زَوَّجَهَا بِآخَرَ كَمَا سَيَأْتِي وَاعْتَرَضَ صَدْرُ الشَّرِيعَةِ عَلَى قَوْلِهِمْ حِكْمَةُ الْحُكْمِ تُرَاعَى فِي الْجِنْسِ لَا فِي كُلِّ فَرْدٍ فَرْدٍ بِأَنَّ الْحِكْمَةَ لَا تُرَاعَى فِي كُلِّ فَرْدٍ فَرْدٍ لَكِنْ تُرَاعَى فِي الْأَنْوَاعِ الْمَضْبُوطَةِ، فَإِنْ كَانَتْ الْأَمَةُ بِكْرًا أَوْ مَشْرِيَّةً مِمَّنْ لَا يَثْبُتُ نَسَبُ وَلَدِهَا مِنْهُ بِأَنْ يَكُونَ الْوَلَدُ ثَابِتَ النَّسَبِ مِنْ غَيْرِهِ بِأَنْ زَوَّجَ الْمَوْلَى أَمَتَهُ مِنْ رَجُلٍ فَحَبِلَتْ مِنْهُ ثُمَّ طَلَّقَهَا وَبَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا بَاعَهَا مِنْ رَجُلٍ فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَجِبَ الِاسْتِبْرَاءُ عَلَى الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّ الْحَمْلَ ثَابِتُ النَّسَبِ فَلَا يَلْزَمُ اخْتِلَاطُ الْمِيَاهِ وَاشْتِبَاهُ الْأَنْسَابِ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ إنَّمَا يَثْبُتُ بِالْحَدِيثِ فِي سَبَايَا أَوْطَاسٍ كَمَا عَرَفْت وَلَا يَخْفَى أَنَّهَا لَمْ تَخْلُ مِنْ أَنْ يَكُونَ فِيهَا بِكْرٌ أَوْ مَسْبِيَّةٌ مِنْ امْرَأَةٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَمَعَ هَذَا حَكَمَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حُكْمًا عَامًّا فَلَا يَخْتَصُّ بِالْحِكْمَةِ كَمَا أَنَّهُ تَعَالَى بَيَّنَ الْحِكْمَةَ فِي حُرْمَةِ الْخَمْرِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ} [المائدة: ٩١] الْآيَةَ فَلَا يُمْكِنُ أَنْ يَقُولَ أَحَدٌ إنِّي أَشْرَبُهَا بِحَيْثُ لَا تُوقِعُ الْعَدَاوَةَ وَلَا تَصُدُّنِي عَنْ الصَّلَاةِ فَإِذَا كَانَتْ الْمَصْلَحَةُ غَالِبَةً فِي تَحْرِيمِهَا فَالشَّرْعُ حَرَّمَهَا عَلَى الْعُمُومِ لِمَا أَنَّ فِي التَّخْصِيصِ مَا لَا يَخْفَى مِنْ الْخَبْطِ وَتَجَاسَرَ النَّاسُ بِحَيْثُ تَرْتَفِعُ الْحِكْمَةَ، فَإِذَا ثَبَتَ الْحُكْمُ فِي السَّبْيِ عَلَى الْعُمُومِ ثَبَتَ فِي سَائِرِ أَسْبَابِ الْمِلْكِ كَذَلِكَ قِيَاسًا، فَإِنَّ الْعِلَّةَ مَعْلُومَةٌ ثُمَّ تَأَيَّدَ ذَلِكَ بِالْإِجْمَاعِ.
(وَلَمْ تَكْفِ حَيْضَةٌ مَلَكَهَا فِيهَا) ، فَإِنَّ الْوَاجِبَ عَلَيْهَا الْحَيْضَةُ وَهِيَ اسْمٌ لِلْكَامِلَةِ (وَلَا الَّتِي بَعْدَ الْمِلْكِ وَقِيلَ الْقَبْضُ) ؛ لِأَنَّهَا وُجِدَتْ قَبْلَ عِلَّتِهِ وَهِيَ الْمِلْكُ وَالْيَدُ جَمِيعًا فَلَا يُعْتَبَرُ أَحَدُهُمَا (أَوْ بَعْدَ الْبَيْعِ وَقَبْلَ الْإِجَازَةِ فِي بَيْعِ الْفُضُولِيِّ، وَإِنْ كَانَتْ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي أَوْ بَعْدَ الْقَبْضِ فِي الشِّرَاءِ الْفَاسِدِ قَبْلَ أَنْ يَشْتَرِيَهَا صَحِيحًا أَوْ لَا) أَيْ وَلَمْ تَكْفِ أَيْضًا (وِلَادَةٌ كَذَلِكَ) أَيْ حَصَلَتْ بَعْدَ سَبَبِ الْمِلْكِ وَقَبْلَ الْقَبْضِ لِانْتِفَاءِ الْعِلَّةِ كَمَا سَبَقَ.
(وَكَفَتْ حَيْضَةٌ بَعْدَ الْقَبْضِ وَهِيَ مَجُوسِيَّةٌ أَوْ مُكَاتَبَةٌ ثُمَّ أَسْلَمَتْ أَوْ عَجَزَتْ) يَعْنِي اشْتَرَى أَمَةً مَجُوسِيَّةً أَوْ مُسْلِمَةً فَكَاتَبَهَا قَبْلَ أَنْ يَسْتَبْرِئَهَا ثُمَّ حَاضَتْ الْمُكَاتَبَةُ حَالَ كِتَابَتِهَا أَوْ حَاضَتْ الْمَجُوسِيَّةُ حَالَ مَجُوسِيَّتِهَا حَيْضَةً ثُمَّ عَجَزَتْ الْمُكَاتَبَةُ أَوْ أَسْلَمَتْ الْمَجُوسِيَّةُ أَجْزَأَتْ تِلْكَ الْحَيْضَةُ عَنْ الِاسْتِبْرَاءِ؛ لِأَنَّهَا وُجِدَتْ بَعْدَ سَبَبِهِ وَحُرْمَةُ الْوَطْءِ لِمَانِعٍ كَمَا فِي حَالَةِ الْحَيْضِ. .
(اشْتَرَى مِنْ عَبْدِهِ الْمَأْذُونِ مَنْ حَاضَتْ عِنْدَهُ) أَيْ عِنْدَ الْعَبْدِ (إنْ لَمْ يَسْتَغْرِقْ دَيْنُهُ كَفَتْ) تِلْكَ الْحَيْضَةُ عَنْ الِاسْتِبْرَاءِ لِأَنَّهَا دَخَلَتْ فِي مِلْكِ الْمَوْلَى وَقَبْضِهِ مِنْ وَقْتِ الشِّرَاءِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ اسْتَغْرَقَ دَيْنُهُ (فَلَا) أَيْ لَا تَكْفِي تِلْكَ الْحَيْضَةُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ خِلَافًا لَهُمَا.
(وَيَجِبُ) الِاسْتِبْرَاءُ (بِشِرَاءِ حِصَّةِ شَرِيكِهِ مِنْ) الْجَارِيَةِ
ــ
[حاشية الشرنبلالي]
رَجَعَ، وَقَالَ يَسْتَبْرِئُهَا بِشَهْرَيْنِ وَخَمْسَةِ أَيَّامٍ وَالْفَتْوَى عَلَيْهِ اهـ.
(قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْحَمْلَ ثَابِتُ النَّسَبِ فَلَا يَلْزَمُ اخْتِلَاطُ الْمِيَاهِ. . . إلَخْ) لَا مَعْنَى لِهَذَا؛ لِأَنَّهُ مُصَرَّحٌ بِأَنَّهَا قَدْ بِيعَتْ بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا بِالْوِلَادَةِ بَعْدَ الطَّلَاقِ.
(تَنْبِيهٌ) لَوْ وَطِئَهَا قَبْلَ الِاسْتِبْرَاءِ أَثِمَ وَلَا اسْتِبْرَاءَ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَيْهِ كَمَا فِي السِّرَاجِيَّةِ وَالْمُبْتَغَى. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْوَاجِبَ عَلَيْهَا) الْأَنْسَبُ تَذْكِيرُ الضَّمِيرِ.
(قَوْلُهُ: وَلَمْ تَكْفِ أَيْضًا وِلَادَةٌ كَذَلِكَ) فِيهِ خِلَافٌ لِأَبِي يُوسُفَ. (قَوْلُهُ: أَوْ مُسْلِمَةً فَكَاتَبَهَا) لَوْ قَالَ أَوْ غَيْرَ مَجُوسِيَّةٍ كَانَ أَوْلَى لِيَتَنَاوَلَ الْكِتَابِيَّةَ وَالْمُرَادُ أَنَّهُ كَاتَبَهَا بَعْدَ قَبْضِهَا مِنْ بَائِعِهَا إذْ لَوْ كَانَتْ الْكِتَابَةُ سَابِقَةً عَلَى الْقَبْضِ لَا يُحْتَاجُ لِلِاسْتِبْرَاءِ وَهِيَ مِنْ جُمْلَةِ الْحِيَلِ الَّتِي سَنَذْكُرُهَا
(قَوْلُهُ: اشْتَرَى مِنْ مَأْذُونِهِ مَنْ حَاضَتْ عِنْدَهُ) قُيِّدَ بِحَيْضِهَا عِنْدَ الْمَأْذُونِ إذْ لَوْ بَاعَهَا لِمَوْلَاهُ قَبْلَ حَيْضِهَا كَانَ عَلَى الْمَوْلَى اسْتِبْرَاؤُهَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمَأْذُونُ مَدْيُونًا كَمَا فِي قَاضِي خَانْ.
(قَوْلُهُ: خِلَافًا لَهُمَا) هُوَ الْقِيَاسُ وَقَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ اسْتِحْسَانٌ، كَذَا فِي قَاضِي خَانْ.