للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَانَ الْأَبُ صَاحِيًا، وَلَوْ كَانَ سَكْرَانَ لَا يَصِحُّ اتِّفَاقًا، وَكَذَا لَوْ عُرِفَ مِنْهُ سُوءُ الِاخْتِيَارِ لِطَمَعِهِ أَوْ سَفَهِهِ لَا يَصِحُّ اتِّفَاقًا، لَهُمَا أَنَّ وِلَايَتَهُمَا نَظَرِيَّةٌ فَإِذَا تَضَمَّنَ ضَرَرًا لَا يَجُوزُ وَلَهُ أَنَّ شَفَقَتَهُمَا وَافِرَةٌ فَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا الضَّرَرَ يَضْمَحِلُّ فِي مُقَابَلَةِ فَوَائِدَ أُخَرَ مِنْ كَوْنِ الزَّوْجِ حَسَنَ الْخُلُقِ وَالْأُلْفَةِ وَوَاسِعَ النَّفَقَةِ وَالْعِفَّةِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُمَا قَصَدَاهَا بِالْعَقْدِ فَلَا ضَرَرَ (وَإِلَّا) ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْوَلِيُّ أَبًا أَوْ جَدًّا (فَلَا) أَيْ لَا يَصِحُّ إنْكَاحُهُ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ أَوْ لِغَيْرِ كُفْءٍ اتِّفَاقًا لِفَقْدِ عِلَّةِ الصِّحَّةِ فِي الْغَيْرِ (فَفِي عَقْدِهِمَا) أَيْ عَقْدِ الْأَبِ وَالْجَدِّ (إذَا كَانَ) ذَلِكَ الْعَقْدُ (بِمَهْرِ الْمِثْلِ أَوْ كُفْءٍ لَزِمَ) أَيْ الْعَقْدُ وَلَا خِيَارَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا بَعْدَ الْبُلُوغِ (وَفِي) عَقْدِ (غَيْرِهِمَا) مِنْ الْأَوْلِيَاءِ (خِيَارُ فَسْخٍ بِالْبُلُوغِ أَوْ الْعِلْمِ بِالنِّكَاحِ بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ الْبُلُوغِ يَعْنِي إذَا كَانَا عَالِمَيْنِ قَبْلَ الْبُلُوغِ بِالْعَقْدِ فَلِكُلٍّ مِنْهُمَا الْفَسْخُ عِنْدَ الْبُلُوغِ إنْ شَاءَ أَقَامَ عَلَى النِّكَاحِ، وَإِنْ شَاءَ فَسَخَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ وَإِلَّا فَلِكُلٍّ مِنْهُمَا الْفَسْخُ إذَا عَلِمَ بَعْدَ الْبُلُوغِ قَوْلُهُ غَيْرُهُمَا يَتَنَاوَلُ الْقَاضِيَ وَالْأُمَّ حَتَّى إذَا زَوَّجَ أَحَدُهُمَا ثَبَتَ الْخِيَارُ هُوَ الصَّحِيحُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، كَذَا فِي الْكَافِي (بِشَرْطِ الْقَضَاءِ) يَعْنِي إذَا اخْتَارَ الصَّغِيرَةُ أَوْ الصَّغِيرُ الْفُرْقَةَ بَعْدَ الْبُلُوغِ لَا تَثْبُتُ الْفُرْقَةُ مَا لَمْ يَفْسَخْ الْقَاضِي النِّكَاحَ بَيْنَهُمَا (بِخِلَافِ خِيَارِ الْعِتْقِ) حَيْثُ لَا يَحْتَاجُ فِيهِ إلَى الْقَضَاءِ.

(وَ) بِخِلَافِ (خِيَارِ الْمُخَيَّرَةِ) فَإِنَّهَا إذَا اخْتَارَتْ نَفْسَهَا وَقَعَتْ الْفُرْقَةُ بِلَا قَضَاءٍ (فَيَتَوَارَثَانِ قَبْلَهُ) أَيْ إذَا اشْتَرَطَ الْفُرْقَةَ بِالْقَضَاءِ وَمَاتَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ الْقَضَاءِ بَلَغَ أَوْ لَا وَرِثَهُ الْآخَرُ لِبَقَاءِ النِّكَاحِ قَبْلَ الْقَضَاءِ (وَسُكُوتُ الْبِكْرِ هَاهُنَا) أَيْ عِنْدَ الْبُلُوغِ أَوْ الْعِلْمِ بِالنِّكَاحِ بَعْدَ الْبُلُوغِ (رِضًا وَخِيَارُهَا لَا يَمْتَدُّ إلَى آخِرِ الْمَجْلِسِ، وَإِنْ جَهِلَتْ بِهِ) أَيْ بِالْخِيَارِ فَإِنَّ الْبِكْرَ إذَا سَكَتَتْ هَا هُنَا بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا لَمْ تَعْلَمْ أَنَّ لَهَا الْخِيَارَ يَبْطُلُ خِيَارُهَا وَلَا تُعْذَرُ بِالْجَهْلِ فَيَنْبَغِي أَنْ تَخْتَارَ نَفْسَهَا مَعَ رُؤْيَةِ الدَّمِ، وَإِنْ رَأَتْهُ بِاللَّيْلِ تَخْتَارُ بِلِسَانِهَا فَتَقُولُ فَسَخْتُ نِكَاحِي وَتُشْهِدُ إذَا أَصْبَحَتْ وَتَقُولُ رَأَيْتُ الدَّمَ الْآنَ فَإِنْ قَالَتْ الْحَمْدُ لِلَّهِ اخْتَرْت فَهِيَ عَلَى اخْتِيَارِهَا، وَإِنْ بَعَثَتْ خَادِمَهَا حِينَ حَاضَتْ فَدَعَا شُهُودًا فَلَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِمْ وَهِيَ فِي مَكَان مُنْقَطِعٍ لَزِمَهَا النِّكَاحُ وَلَمْ تُعْذَرْ، وَلَوْ سَأَلَتْ عَنْ اسْمِ الزَّوْجِ أَوْ عَنْ الْمَهْرِ الْمُسَمَّى أَوْ سَلَّمَتْ عَلَى الشُّهُودِ بَطَلَ خِيَارُهَا، وَلَوْ اخْتَارَتْ وَأَشْهَدَتْ وَلَمْ تَتَقَدَّمْ إلَى الْقَاضِي بِشَهْرَيْنِ فَهِيَ عَلَى خِيَارِهَا كَخِيَارِ الْعَيْبِ ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ (بِخِلَافِ الْمُعْتَقَةِ) أَيْ إذَا أُعْتِقَتْ أَمَةٌ وَلَهَا زَوْجٌ ثَبَتَ لَهَا الْخِيَارُ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمْ أَنَّ لَهَا الْخِيَارَ فَجَهْلُهَا عُذْرٌ؛ لِأَنَّ خِدْمَةَ الْمَوْلَى تَمْنَعُ التَّعَلُّمَ بِخِلَافِ الْحَرَائِرِ فَإِنَّ طَلَبَ الْعِلْمِ فَرِيضَةٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ وَمُسْلِمَةٍ، وَأَمَّا الصَّبِيُّ وَالصَّبِيَّةُ إذَا رَاهَقَا يَجِبُ عَلَيْهِمَا تَعَلُّمُ الْإِيمَانِ وَأَحْكَامِهِ أَوْ وَجَبَ عَلَى وَلِيِّهِمَا التَّعْلِيمُ وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُتْرَكَا سُدًى قَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «مُرُوا صِبْيَانَكُمْ بِالصَّلَاةِ إذَا بَلَغُوا سَبْعًا وَاضْرِبُوهُمْ إذَا بَلَغُوا عَشْرًا»

(وَخِيَارُ الصَّغِيرِ) أَيْ خِيَارُ الْمَجْلِسِ لِلصَّغِيرِ (وَالثَّيِّبِ) إذَا بَلَغَا (لَا يَبْطُلُ بِلَا صَرِيحِ رِضًا) بِأَنْ يَقُولَ رَضِيتُ أَوْ قَبِلْتُ (أَوْ دَلَالَةً) بِأَنْ يَفْعَلَ مَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا كَالْقُبْلَةِ وَالْمَسِّ وَإِعْطَاءِ الْغُلَامِ الْمَهْرَ وَقَبُولِ الثَّيِّبِ الْمَهْرَ (وَلَا بِقِيَامِهِمَا عَنْ الْمَجْلِسِ) ؛ لِأَنَّ خِيَارَ الْبُلُوغِ ثَبَتَ بِعَدَمِ الرِّضَا لِتَوَهُّمِ الْخَلَلِ وَمَا ثَبَتَ بِعَدَمِ الرِّضَا يَبْطُلُ بِالرِّضَا إلَّا أَنَّ

ــ

[حاشية الشرنبلالي]

(قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ سَكْرَانَ لَا يَصِحُّ اتِّفَاقًا) أَيْ لَا يَصِحُّ النِّكَاحُ وَهُوَ الصَّحِيحُ حَتَّى لَوْ زَوَّجَ بِنْتَه مِنْ فَقِيرٍ أَوْ مُحْتَرِفٍ حِرْفَةً دَنِيَّةً وَلَمْ يَكُنْ كُفُؤًا فَالْعَقْدُ بَاطِلٌ، كَذَا فِي الْبَحْرِ.

(قَوْلُهُ: بِشَرْطِ الْقَضَاءِ، كَذَا يُشْتَرَطُ الْقَضَاءُ) فِي سِتَّةٍ أُخْرَى.

(قَوْلُهُ: الْفُرْقَةِ) بِالْجَبِّ وَالْعُنَّةِ وَعَدَمِ الْكَفَاءَةِ وَنَقْضِ الْمَهْرِ وَالْإِبَاءِ عَنْ الْإِسْلَامِ وَاللِّعَانِ.

(قَوْلُهُ: بِخِلَافِ خِيَارِ الْعِتْقِ وَالْمُخَيَّرَةِ) بَقِيَ مِنْ هَذَا الْقِسْمِ الَّذِي لَا يَحْتَاجُ إلَى الْقَضَاءِ الْفُرْقَةُ بِالْإِيلَاءِ وَالرِّدَّةِ وَتَبَايُنِ الدَّارَيْنِ وَمِلْكِ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ صَاحِبَهُ وَالنِّكَاحِ الْفَاسِدِ كَمَا فِي الْبَحْرِ.

(قَوْلُهُ: أَيْ إذَا اشْتَرَطَ الْفُرْقَةَ بِالْقَضَاءِ وَمَاتَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ الْقَضَاءِ بَلَغَ أَوْ لَا وَرِثَهُ الْآخَرُ) اقْتَصَرَ عَلَى بَعْضِ مُفَادِ الْمَتْنِ الْوِرَاثَةَ فِيمَا ذَكَرَهُ؛ لِأَنَّ إفَادَتَهُ الْوِرَاثَةَ قَبْلَ فُرْقَةٍ لَا تَحْتَاجُ إلَى الْقَضَاءِ ظَاهِرٌ.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ بَعَثَتْ خَادِمَهَا. . . إلَخْ) مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا لَمْ تَفْسَخْ بِلِسَانِهَا حَتَّى فَعَلَتْهُ، كَذَا فِي الْبَحْرِ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ سَأَلَتْ عَنْ اسْمِ الزَّوْجِ أَوْ عَنْ الْمَهْرِ الْمُسَمَّى أَوْ سَلَّمَتْ عَلَى الشُّهُودِ بَطَلَ خِيَارُهَا) قَالَ الْكَمَالُ هَذَا تَعَسُّفٌ لَا دَلِيلَ عَلَيْهِ غَايَةُ الْأَمْرِ كَوْنُ هَذِهِ الْحَالَةِ كَحَالَةِ ابْتِدَاءِ النِّكَاحِ، وَلَوْ سَأَلَتْ الْبِكْرُ عَنْ اسْمِ الزَّوْجِ لَا يَنْفُذُ عَلَيْهَا النِّكَاحُ، وَكَذَا عَنْ الْمَهْرِ، وَإِنْ كَانَ عَدَمُ ذِكْرِهِ مِنْهَا لَا يُبْطِلُ كَوْنَ سُكُوتِهَا رِضًا عَلَى الْخِلَافِ، فَإِنَّ ذَاكَ إذَا لَمْ تَسْأَلْ عَنْهُ لِظُهُورِ أَنَّهَا رَاضِيَةٌ بِكُلِّ مَهْرٍ وَالسُّؤَالُ يُفِيدُ نَفْيَ ظُهُورِهِ فِي ذَلِكَ وَإِنَّمَا يَتَوَقَّفُ رِضَاهَا عَلَى مَعْرِفَةِ كَمِّيَّتِهِ، وَكَذَا السَّلَامُ عَلَى الْقَادِمِ لَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا كَيْفَ وَإِنَّمَا أَرْسَلَتْ لِغَرَضِ الْإِشْهَادِ عَلَى الْفَسْخِ اهـ. وَفِيهِ بَحْثٌ لِصَاحِبِ الْبَحْرِ فِيهِ تَأَمُّلٌ.

(قَوْلُهُ: وَأَمَّا الصَّبِيُّ وَالصَّبِيَّةُ إذَا رَاهَقَا يَجِبُ عَلَيْهِمَا تَعَلُّمُ الْإِيمَانِ وَأَحْكَامِهِ) فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْمُرَاهِقَ صَبِيٌّ وَلَا وُجُوبَ عَلَيْهِ مَا لَمْ يَبْلُغْ

<<  <  ج: ص:  >  >>