للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خَدَمَتْ الْمَوْلَى بِلَا اسْتِخْدَامِهِ بَعْدَ التَّبْوِئَةِ لَا تَسْقُطُ النَّفَقَةُ عَنْ الزَّوْجِ

(وَلَهُ إجْبَارُ عَبْدِهِ وَأَمَتِهِ عَلَى النِّكَاحِ) مَعْنَى الْإِجْبَارِ هُنَا نَفَاذُ نِكَاحِهِ عَلَيْهِمَا بِلَا رِضَاهُمَا، وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ لَا إجْبَارَ فِي الْعَبْدِ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ وَإِنَّمَا جَازَ؛ لِأَنَّهُ مَمْلُوكُهُ رَقَبَةً وَيَدًا فَيَمْلِكُ عَلَيْهِ كُلَّ تَصَرُّفٍ فِيهِ صِيَانَةُ مِلْكِهِ

(وَيَسْقُطُ الْمَهْرُ بِقَتْلِهِ) أَيْ الْمَوْلَى (أَمَتَهُ قَبْلَ الْوَطْءِ) مُتَعَلِّقٌ بِالْقَتْلِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَقَالَا لَا يَسْقُطُ اعْتِبَارًا بِمَوْتِهَا حَتْفَ أَنْفِهَا فَإِنَّ الْمَقْتُولَ مَيِّتٌ بِأَجَلِهِ وَلِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الْمَوْلَى أَتْلَفَ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ قَبْلَ تَقَرُّرِهِ بِوُصُولِ الزَّوْجِ إلَيْهَا فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ شَيْءٌ لِيَأْخُذَهُ الْمَوْلَى كَمَا لَوْ بَاعَهَا وَذَهَبَ بِهَا الْمُشْتَرِي مِنْ الْمِصْرِ أَوْ أَعْتَقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ فَاخْتَارَتْ الْفُرْقَةَ أَوْ غَيَّبَهَا بِمَوْضِعٍ لَا يَصِلُ إلَيْهَا الزَّوْجُ وَالْقَتْلُ جُعِلَ إتْلَافًا فِي حَقِّ أَحْكَامِ الدُّنْيَا حَتَّى وَجَبَ الْقِصَاصُ وَالدِّيَةُ وَالْحِرْمَانُ مِنْ الْإِرْثِ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْكَافِي وَغَيْرِهِمَا.

وَقَالَ صَدْرُ الشَّرِيعَةِ: لِأَنَّهُ عَجَّلَ بِالْقَتْلِ أَخْذَ الْمَهْرِ فَجُوزِيَ بِالْحِرْمَانِ أَقُولُ فِيهِ بَحْثٌ؛ لِأَنَّ عِلَّةَ سُقُوطِ الْمَهْرِ لَوْ كَانَ حِرْمَانَ الْمَوْلَى مِنْ الْإِرْثِ لِكَوْنِهِ قَاتِلًا لَزِمَ أَنْ لَا يَأْخُذَ الْمَهْرَ إذَا قَتَلَهَا بَعْدَ الدُّخُولِ، وَقَدْ قَالَ بَعْدَ هَذَا وَإِنَّمَا قَالَ قَبْلَ الْوَطْءِ؛ لِأَنَّ بَعْدَ الْوَطْءِ الْمَهْرُ وَاجِبٌ فِي الصُّورَتَيْنِ

(لَا) أَيْ لَا يَسْقُطُ الْمَهْرُ (بِقَتْلِ الْحُرَّةِ نَفْسَهَا قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ الْوَطْءِ خِلَافًا لِزُفَرَ هُوَ يَقُولُ إنَّهَا فَوَّتَتْ الْمُبْدَلَ قَبْلَ التَّسْلِيمِ فَيَفُوتُ الْبَدَلُ كَقَتْلِ الْمَوْلَى أَمَتَهُ وَلَنَا أَنَّ جِنَايَةَ الْمَرْءِ عَلَى نَفْسِهِ غَيْرُ مُعْتَبَرَةٍ أَصْلًا فِي أَحْكَامِ الدُّنْيَا وَلِهَذَا إذَا قَتَلَ نَفْسَهُ يُغَسَّلُ وَيُصَلَّى عَلَيْهِ (وَلَهُ) أَيْ لِلْمَوْلَى (الْإِذْنُ فِي الْعَزْلِ) لَا لِلْأَمَةِ؛ لِأَنَّهُ مَنْعٌ عَنْ حُدُوثِ الْوَلَدِ وَهُوَ حَقُّ مَوْلَاهَا (وَخُيِّرَتْ أَمَةٌ وَمُكَاتَبَةٌ) ، وَكَذَا مُدَبَّرَةٌ وَأُمُّ وَلَدٍ (عَتَقَتْ، وَلَوْ) كَانَتْ (تَحْتَ حُرٍّ) سَوَاءٌ كَانَ النِّكَاحُ بِرِضَاهَا أَوْ لَا فَإِنْ كَانَتْ تَحْتَ الْعَبْدِ فَلَهَا الْخِيَارُ اتِّفَاقًا دَفْعًا لِلْعَارِ وَهُوَ كَوْنُ الْحُرَّةِ فِرَاشًا لِلْعَبْدِ، وَإِنْ كَانَتْ تَحْتَ الْحُرِّ فَفِيهِ خِلَافٌ لِلشَّافِعِيِّ

(نَكَحَ عَبْدٌ بِلَا إذْنٍ فَعَتَقَ نَفَذَ النِّكَاحُ) ، وَكَذَا لَوْ بَاعَهُ فَأَجَازَ

ــ

[حاشية الشرنبلالي]

لِلْمَوْلَى فِي اسْتِخْدَامِهَا اهـ.

وَهَذَا إذَا لَمْ تَخْرُجْ بِغَيْرِ إذْنِ الزَّوْجِ وَإِلَّا فَهِيَ نَاشِزَةٌ

(قَوْلُهُ: وَلَهُ إجْبَارُ عَبْدِهِ وَأَمَتِهِ عَلَى النِّكَاحِ) الْمُرَادُ بِهِمَا غَيْرُ الْمُكَاتَبِ، وَإِنْ صَدَقَ عَلَيْهِ لَفْظُ الْعَبْدِ وَالْأَمَةِ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ وَإِنَّمَا جَازَ؛ لِأَنَّهُ مَمْلُوكُهُ رَقَبَةً وَيَدًا اهـ. أَيْ بِخِلَافِ الْمُكَاتَبِ فَلَا يَنْفُذُ تَصَرُّفُ الْمَوْلَى عَلَيْهِ إلَّا بِرِضَاهُ، وَعَنْ هَذَا اسْتَظْرَفْت مَسْأَلَةً نُقِلَتْ مِنْ الْمُحِيطِ هِيَ تَوَقُّفُ نِكَاحِ الْمَوْلَى مُكَاتَبَتَهُ الصَّغِيرَةَ عَلَى إجَازَتِهَا حَالَ كِتَابَتِهَا لِالْتِحَاقِهَا بِالْبَالِغَةِ فِيمَا يُبْنَى عَلَى الْكِتَابَةِ فَلَوْ لَمْ تُرَدَّ حَتَّى عَتَقَتْ تَوَقَّفَ عَلَى إجَازَةِ الْمَوْلَى لَا عَلَى إجَازَتِهَا؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَبْقَ مُكَاتَبَةً وَهِيَ صَغِيرَةٌ لَيْسَتْ مِنْ أَهْلِ الْإِجَازَةِ فَاعْتُبِرَ التَّوَقُّفُ عَلَى إجَازَتِهَا حَالَ رِقِّهَا وَلَمْ يُعْتَبَرْ بَعْدَ عِتْقِهَا، وَهَذَا مِنْ أَعْجَبِ الْمَسَائِلِ، وَلَوْ رَضِيَتْ قَبْلَ الْعِتْقِ، ثُمَّ عَتَقَتْ لَا خِيَارَ لَهَا لِلْحَالِ؛ لِأَنَّهَا صَغِيرَةٌ وَلَهَا خِيَارُ الْعِتْقِ إذَا بَلَغَتْ لِزِيَادَةِ الْمِلْكِ لَا خِيَارُ الْبُلُوغِ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ كَانَ قَائِمًا لِلْمَوْلَى وَامْتِنَاعُ النَّفَاذِ لِحَقِّهَا فَإِذَا رَضِيَتْ نَفَذَ بِالْوِلَايَةِ الْأَصْلِيَّةِ وَهِيَ وِلَايَةُ الْمَوْلَى فَلَوْ عَجَزَتْ عَنْ أَدَاءِ بَدَلِ الْكِتَابَةِ بَطَلَ النِّكَاحُ؛ لِأَنَّهُ طَرَأَ عَلَى الْحِلِّ الْمَوْقُوفِ حِلٌّ نَافِذٌ وَفِي الْمُكَاتَبِ الصَّغِيرِ لَا يَبْطُلُ النِّكَاحُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَعْرِضْ عَلَى الْحِلِّ الْمَوْقُوفِ حِلٌّ بَاقٍ فَبَقِيَ ذَلِكَ الْمَوْقُوفُ فَيَجُوزُ بِإِجَازَةِ الْمَوْلَى، كَذَا فِي الْكَافِي وَمَا بَحَثَهُ الْكَمَالُ فِي التَّوَقُّفِ عَلَى إجَازَةِ الْمَوْلَى ذَكَرَ جَوَابَهُ فِي الْبَحْرِ

(قَوْلُهُ: وَيَسْقُطُ الْمَهْرُ بِقَتْلِهِ) أَيْ الْمَوْلَى قَالُوا لَوْ كَانَ الْمَوْلَى الْقَاتِلُ صَبِيًّا يَجِبُ أَنْ لَا يَسْقُطَ الْمَهْرُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، كَذَا فِي الْكَافِي، وَذَكَرَ فِي الْبَحْرِ مَا يُرَجِّحُهُ.

(قَوْلُهُ: أَمَتَهُ) أَيْ غَيْرَ الْمُكَاتَبَةِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ الْمَهْرَ لَهَا.

(قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ بَاعَهَا وَذَهَبَ بِهَا الْمُشْتَرِي. . . إلَخْ) فِيهِ تَسَامُحٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يَسْقُطُ الْمَهْرُ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى وَالثَّالِثَةِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ أَحْضَرَهَا بَعْدَهُ لَهُ الْمَهْرُ وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْبَحْرِ عَنْ الْمُحِيطِ وَالظَّهِيرِيَّةِ فَلَا يَسْقُطُ فِيهِمَا إلَّا الْمُطَالَبَةُ

(قَوْلُهُ: لَا بِقَتْلِ الْحُرَّةِ نَفْسَهَا قَبْلَهُ) كَذَا الْأَمَةُ فِي الصَّحِيحِ؛ لِأَنَّ الْمَهْرَ لِمَوْلَاهَا وَلَمْ يُوجَدْ مِنْهُ مَنْعٌ فَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ لَا بِقَتْلِ الْمَرْأَةِ نَفْسَهَا قَبْلَهُ لَكَانَ أَوْلَى، وَكَذَا لَا يَسْقُطُ بِقَتْلِ وَارِثِ الْحُرَّةِ إيَّاهَا قَبْلَ الدُّخُولِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ وَارِثًا فَصَارَ كَالْأَجْنَبِيِّ كَمَا فِي الْبَحْرِ.

(قَوْلُهُ: وَخُيِّرَتْ أَمَةٌ وَمُكَاتَبَةٌ عَتَقَتْ سَوَاءٌ كَانَ النِّكَاحُ بِرِضَاهَا أَوْ لَا) أَقُولُ، كَذَا قَالَ الزَّيْلَعِيُّ، وَلَوْ أُعْتِقَتْ أَمَةٌ أَوْ مُكَاتَبَةٌ خُيِّرَتْ، وَلَوْ زَوْجُهَا حُرًّا وَلَا فَرْقَ فِي هَذَا بَيْنَ أَنْ يَكُونَ النِّكَاحُ بِرِضَاهَا أَوْ بِغَيْرِ رِضَاهَا اهـ.

وَنَفْيُ رِضَا الْمُكَاتَبَةِ بِتَزْوِيجِهَا مَنْفِيٌّ؛ لِأَنَّهُ صَرَّحَ فِي بَابِ الْمُكَاتَبِ بِأَنَّهَا بِعَقْدِ الْكِتَابَةِ خَرَجَتْ مِنْ يَدِ الْمَوْلَى فَصَارَ كَالْأَجْنَبِيِّ وَصَارَتْ أَحَقَّ بِنَفْسِهَا وَيَغْرَمُ الْمَوْلَى الْعُقْرَ إنْ وَطِئَهَا اهـ.

وَقَوْلُهُ: وَصَارَتْ أَحَقَّ بِنَفْسِهَا لَيْسَ عَلَى إطْلَاقِهِ لِبَقَاءِ مِلْكِ الْمَوْلَى رَقَبَتَهَا فَلَا يَنْفُذُ تَزْوِيجُهَا نَفْسَهَا بِدُونِ إذْنِ مَوْلَاهَا كَمَا لَا يَنْفُذُ تَزْوِيجُهُ إيَّاهَا بِدُونِ رِضَاهَا لِمُوجِبِ الْكِتَابَةِ، وَإِذَا تَزَوَّجَتْ بِدُونِ إذْنِهِ وَلَمْ يَرُدَّهُ حَتَّى عَتَقَتْ نَفَذَ عَلَيْهَا وَلَا خِيَارَ لَهَا؛ لِأَنَّ النَّفَاذَ بَعْدَ الْعِتْقِ فَلَمْ يَزْدَدْ مِلْكُ الطَّلَاقِ عَلَيْهَا وَالْخِيَارُ بِاعْتِبَارِ زِيَادَةِ الْمِلْكِ وَعِبَارَةُ كَافِي النَّسَفِيِّ الْمُكَاتَبَةُ إذَا تَزَوَّجَتْ بِإِذْنِ مَوْلَاهَا، ثُمَّ عَتَقَتْ خُيِّرَتْ اهـ.

فَلْيُتَنَبَّهْ لِذَلِكَ، وَقَدْ نَبَّهَنِي اللَّهُ لَهُ بَعْدَ تَأْلِيفِ هَذَا الْمَحَلِّ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثِينَ سَنَةً فِي مُسْتَهَلِّ سَنَةِ ثَمَانٍ وَسِتِّينَ وَأَلْفٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>